مرام الاميرة
15-09-2010, 05:43 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الاسلام.. واختلاط الجنسين
* د. يوسف القرضاوي
كثرت الأقوال والفتاوى حول موضوع (الاختلاط) ويقصد به اختلاط الجنسين، الرجال والنساء.
وقد رأينا من علماء الدين، مَن يوجب على المرأة ألا تخرج من بيتها إلا إلى قبرها، حتى المساجد كرهوا خروجها إليها، وبعضهم حرمه، خوفاً من الفتنة، وفساد الزمان.
ويستندون في ذلك إلى قول لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: ((لو علم رسول الله (ص) ما أحدث النساء بعده لمنعهن من المساجد))!
ولا يخفى أن المرأة في حاجة إلى أن تخرج للمجتمع لتتعلم، ولتعمل، ولتشارك في أتراح الحياة وأفراحها، وكل هذا يفرض عليها قدراً يكبر أو يصغر من الاختلاط بالرجل، الذي قد يكون زميلاً في الدراسة، أو معلماً في المدرسة، أو أستاذاً في الجامعة، أو جاراً في الوظيفة، أو رئيساً في العمل، أو مرؤوساً أيضاً، أو طبيباً في العلاج، أو .. أو .. الخ.
فهل يعد كل اختلاط بين المرأة والرجل ممنوعاً أو حراماً؟ وكيف يمكن أن تعيش المرأة بغير الرجل في عصر تشابكت فيه العلاقات وتعقدت؟ ولم يعد ممكناً أن تسجن المرأة في قفص المنزل، حتى ولو كان هذا القفص من ذهب، فلن يعدو كونه سجناً!
ولماذا يباح للرجال ما لا يباح للنساء؟ لماذا يستمتع الرجل بالهواء الطلق، وتحرم المرأة منه؟ وملاذا نسيء الظن بالمرأة، وهي ليست دون الرجل ديناً وعقلاً وضميراً؟.. فلها ـ كما له ـ دين يمنعها، وعقل يردعها، وضمير يحاسبها (النفس اللوامة)، كما أن لها ـ بغير شك ـ غريزة قد تغريها بالهبوط فتهبط، وهي (النفس الأمارة بالسوء)، كما أن لها شيطاناً قد يزين لها ويغويها، كما يزين للرجل ويغويه.
فما سر هذا التشديد على المرأة، الذي ينسب ـ للأسف ـ إلى الاسلام ويذكره مَن يذكره ممن ينتمون إلى بعض المدارس أو التيارات الدينية على أنه حكم الشرع، وموقف الدين.
مشكلتنا أننا في أكثر القضايا الاجتماعية والفكرية، نقف بين طرفي الإفراط والتفريط، وقلما نهتدي إلى (التوسط) الذي يمثل إحدى الخصائص العامة والبارزة لمنهج الاسلام ولأمة الاسلام.
وهذا أوضح ما يكون في قضيتنا هذه وقضايا المرأة المسلمة المعاصرة بصفة عامة.
فقد ظلم المرأة صنفان من الناس متقابلان بل متناقضان:
1 ـ صنف المستغربين الذين يريدون أن يفرضوا عليها التقاليد الغربية، بما فيها من فساد وتحلل من القيم ـ وأعظمها الدين ـ وانحراف عن سواء الفطرة، وبعد عن الصراط المستقيم، الذي بعث الله الرسل، وأنزل الكتب لبيانه، ودعوة الناس إليه.
وهؤلاء يغفلون ما تشكو منه المرأة الغربية اليوم، وما جر عليها الاختلاف (المفتوح) من سوء العاقبة على المرأة وعلى الرجل، وعلى الأسرة، وعلى المجتمع كله، ويسدون آذانهم عن صيحات الاستنكار التي تجاوبت بها الآفاق في داخل العالم الغربي نفسه، وعن كتابات العلماء والأدباء، ومخاوف المفكرين والمصلحين على الحضارة كلها من جراء إلغاء القيود في الاختلاط بين الجنسين.
كما ينسى هؤلاء أن لكل أمة شخصيتها التي تكونها عقائدها وتصورها للكون والحياة والوجود ورب الوجود، وقيمها وتراثها وتقاليدها. ولا يجوز أن يغدو مجتمع صورة مكررة من مجتمع آخر.
2 ـ والصنف الثاني هم الذين يفرضون على المرأة تقاليد أخرى، ولكنها تقاليد الشرق لا تقاليد الغرب، وإن صبغت في كثير من الأحيان بصبغة الدين، ونسبها من نسبها إلى ساحته، بناءً على فهم فهمه، أو رأي قلده، أو رجحه، لأنه يوافق رأيه في المرأة، وسوء ظنه بها، بدينها وبعقلها وسلوكها.
ولكنه على أية حال لا يخرج عن كونه رأياً لبشر غير معصوم، متأثر بمكانه وزمانه، وشيوخه ومدرسته، تعارضه آراء أخرى، تستمد حجيتها من صريح القرآن العظيم، ومن هدي النبي الكريم، ومن مواقف الصحابة وخير القرون.
وأود أن أبادر هنا فأقول: إن كلمة (الاختلاط) في مجال العلاقة بين الرجل والمرأة، كلمة دخيلة على (المعجم الاسلامي) لم يعرفها تراثنا الطويل العريض طوال القرون الماضية، ولم تعرف إلا في هذا العصر، ولعلها ترجمة لكلمة (أجنبية) في هذا المعنى، ومدلولها له إيحاء غير مريح بالنظر لحس الانسان المسلم.
وربما كان أولى منها كلمة (لقاء) أو (مقابلة) أو (مشاركة) الرجال للنساء، ونحو ذلك.
وعلى كل حال، فإن الاسلام لا يصدر حكماً عاماً في مثل هذا الموضوع، وإنما ينظر فيه على ضوء الهدف منه، أي المصلحة التي يحققها، والضرر الذي يخشى منه، والصورة التي يتم بها، والشروط التي تراعى فيه.. الخ.
وخير الهَدى في ذلك هدى محمد (ص) وهدى خلفائه الراشدين، وأصحابه المهديين.
والناظر في هذا الهدى يرى أن المرأة لم تكن مسجونة ولا معزولة كما حدث ذلك في عصور تخلف المسلمين.
فقد كانت المرأة تشهد الجماعة والجمعة، في مسجد رسول الله (ص)، وكان عليه الصلاة والسلام يحثهن على أن يتخذن مكانهن في الصفوف الأخيرة خلف صفوف الرجال، وكلما كان الصف أقرب إلى المؤخرة كان أفضل، خشية أن يظهر من عورات الرجال شيء، وكان أكثرهم لا يعرفون السراويل. ولم يكن بين الرجال والنساء أي حائل من بناء أو خشب أو نسيج، أو غيره...
وكانوا في أول الأمر يدخل الرجال والنساء من أي باب اتفق لهم، فيحدث نوع من التزاحم عند الدخول والخروج، فقال (ص): ((لو أنكم جعلتم هذا الباب للنساء)). فخصصوه بعد ذلك لهن، وصار يعرف إلى اليوم باسم (باب النساء).
وكان النساء في عصر النبوة يحضرن الجمعة، ويسمعن الخطبة، حتى إن إحداهن حفظت سورة (ق) مَن في رسول الله (ص) من طول ما سمعتها من فوق منبر الجمعة.
وكان النساء يحضرن كذلك صلاة العيدين، ويشاركن في هذا المهرجان الاسلامي الكبير، الذي يضم الكبار والصغار، والرجال والنساء، في الخلاء مهللين مكبرين.
روى مسلم: عن أم عطية قالت: ((كنا نؤمر بالخروج في العيدين، والمخبأة والبكر)).
وهذه سنة أماتها المسلمون في جل البلدان أو في كلها، إلا ما قام به مؤخراً شباب الصحوة الاسلامية الذين أحيوا بعض ما مات من السنن، مثل سنة الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان، وسنة شهود النساء صلاة العيد.
وكان النساء يحضرن دروس العلم، مع الرجال عند النبي (ص)، ويسألن عن أمر دينهن مما قد يستحي منه الكثيرات اليوم. حتى أثنت عائشة على نساء الأنصار، أنهن لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين، فطالما سألن عن الجنابة والاحتلام والاغتسال والحيض والاستحاضة ونحوها.
ولم يشبع ذلك نهمهن لمزاحمة الرجال واستئثارهم برسول الله (ص)، فطلبن أن يجعل لهن يوماً يكون لهن خاصة، لا يغالبهن الرجال ولا يزاحمونهن وقلن في ذلك صراحة: ((يا رسول الله، قد غلبنا عليك الرجال، فاجعل لنا يوماً من نفسك)) فوعدهن يوماً، فلقيهن فيه ووعظهن وأمرهن.
وتجاوز هذا النشاط النسائي إلى المشاركة في المجهود الحربي في خدمة الجيش والمجاهدين، بما يقدرن عليه ويحسنّ القيام به، من التمريض والإسعاف ورعاية الجرحى والمصابين، بجوار الخدمات الأخرى من الطهي والسقي وإعداد ما يحتاج إليه المجاهدون من أشياء مدنية.
وروى مسلم عن أنس: ((أن عائشة وأم سليم، كانتا في يوم أحد مشمرتين، تنقلان القرب على متونهما ـ ظهورهما ـ ثم تفرغانها في أفواه القوم، ثم ترجعان فتملآنها)) ووجود عائشة هنا ـ وهي في العقد الثاني من عمرها ـ يرد على الذين ادعوا أن الاشتراك في الغزوات والمعارك كان مقصوراً على العجائز والمتقدمات في السن، فهذا غير مسلّم. وماذا تغني العجائز في مثل هذه المواقف التي تتطلب القدرة البدنية والنفسية معاً؟
وروى الإمام أحمد: أن ست نسوة من نساء المؤمنين كن مع الجيش الذي حاصر خيبر: يتناولن السهام، ويسقين السويق، ويداوين الجرحى، ويغزلن الشعر، ويعنّ في سبيل الله، وقد أعطاهن النبي (ص) نصيباً من الغنيمة.
بل صح أن نساء بعض الصحابة شاركن في بعض الغزوات والمعارك الاسلامية بحمل السلاح، عندما أتيحت لهن الفرصة. ومعروف ما قامت به أم عمارة نسيبة بنت كعب يوم أحد، حتى قال عنها (ص): ((لمقامها خير من مقام فلان وفلان)).
وكذلك اتخذت أم سليم خنجراً يوم حنين، تبقر به بطن مَن يقترب منها.
ولم يقف طموح المرأة المسلمة في عهد النبوة والصحابة للمشاركة في الغزو عند المعارك المجاورة والقريبة في الأرض العربية كخيبر وحنين. بل طمحن إلى ركوب البحار، والإسهام في فتح الأقطار البعيدة لإبلاغها رسالة الاسلام.
ففي صحيح البخاري ومسلم عن أنس: أن رسول الله (ص) قال (نام قبل الظهر) عند أم حرام بنت ملحان ـ خالة أنس ـ يوماً، ثم استيقظ وهو يضحك، فقالت: ما يضحكك يا رسول الله؟ قال: ((ناس من أمتي عرضوا عليّ غزاة في سبيل الله، يركبون ثبج هذا البحر، ملوكاً على الأسرة، أو مثل الملوك على الأسرة))، قالت: فقلت: يا رسول الله، ادع الله أن يجعلني منهم فدعا لها.. فركبت أم حرام البحر في زمن عثمان، مع زوجها عبادة بن الصامت إلى قبرص، فصرعت عن دابتها هناك، فتوفيت ودفنت هناك، كما ذكر أهل السير والتاريخ.
وفي الحياة الاجتماعية شاركت المرأة داعية إلى الخير، آمرة بالمعروف، ناهية عن المنكر، كما قال تعالى: (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر...).
ومن الوقائع المشهورة رد إحدى المسلمات على عمر في المسجد في قضية المهور، ورجوعه إلى رأيها علناً، وقوله: ((أصابت المرأة وأخطأ عمر)). وقد ذكرها ابن كثير في تفسير سورة النساء، وقال: إسنادها جيد.
وقد عين عمر في خلافته الشفاء بنت عبدالله العدوية محتسبة على السوق. والمتأمل في القرآن الكريم وحديثه عن المرأة في مختلف العصور، وفي حياة الرسل والأنبياء لا يشعر بهذا الستار الحديدي الذي وضعه بعض الناس بين الرجل والمرأة.
فنجد موسى ـ وهو في ريعان شبابه وقوته ـ يحادث الفتاتين ابنتي الشيخ الكبير، ويسألهما وتجيبانه بلا تأثم ولا حرج، ويعاونهما في شهامة ومروءة، وتأتيه إحداهما بعد ذلك مرسلة من أبيها تدعوه أن يذهب معها إلى والدها، ثم تقترح إحداهما على أبيها بعد ذلك أن يستخدمه عنده، لما لمست فيه من قوة وأمانة.
لنقرأ في ذلك ما جاء في سورة القصص: (ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان قال ما خطبكما قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير. فسقى لهما ثم تولى إلى الظل فقال رب غني لما أنزلت إليّ من خير فقير. فجاءته إحداهما تمشي على استحياء قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا فلما جاءه وقص عليه القصص قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين. قالت إحداهما يا أبت استأجره إن خير مَن استأجرت القوي الأمين).
ولا يقال: إن هذا شرع من قبلنا فلا يلزمنا، فإن القرآن لم يذكره لنا إلا لأن فيه هداية وذكرى وعبرة لأولي الألباب، ولهذا كان القول الصحيح: أن شرع من قبلنا المذكور في القرآن والسنة هو شرع لنا ما لم يرد في شرعنا ما ينسخه. وقد قال تعالى لرسوله: (أولئك الذين هَدَى الله فبهداهم اقتده).
إن إمساك المرأة في البيت، وإبقاءها بين جدرانه الأربعة لا تخرج منه اعتبره القرآن ـ في مرحلة من مراحل تدرج التشريع قبل النص على حد الزنى المعروف ـ عقوبة بالغة لمن ترتكب الفاحشة من نساء المسلمين، وفي هذا يقول تعالى في سورة النساء: (واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلاً).
وقد جعل الله لهن سبيلاً بعد ذلك حينما شرع الحد، وهو العقوبة المقدرة في الشرع حقاً لله تعالى، وهي الجلد الذي جاء به القرآن لغير المحصن، والرجم الذي جاءت به السنة للمحصن.
فكيف يستقيم في منطق القرآن والاسلام أن يجعل الحبس في البيت صفة ملازمة للمسلمة الملتزمة المحتشمة، كأننا بهذا نعاقبها عقوبة دائمة وهي لم تقترف إثماً؟
والخلاصة:
أن اللقاء بين الرجال والنساء في ذاته إذن ليس محرماً، بل هو جائز أو مطلوب إذا كان القصد منه المشاركة في هدف نبيل، من علم نافع أو عمل صالح، أو مشروع خير، أو جهاد لازم، أو غير ذلك مما يتطلب جهوداً متضافرة من الجنسين، ويتطلب تعاوناً مشتركاً بينهما في التخطيط والتوجيه والتنفيذ.
ولا يعني ذلك أن تذوب الحدود بينهما، وتنسى القيود الشرعية الضابطة لكل لقاء بين الطرفين، ويزعم قوم أنهم ملائكة مطهرون لا يخشى منهم ولا عليهم، يريدون أن ينقلوا مجتمع الغرب إلينا.
إنما الواجب في ذلك هو الاشتراك في الخير، والتعاون على البر والتقوى، في إطار الحدود التي رسمها الاسلام، ومنها:
1 ـ الالتزام بغض البصر من الفريقين، فلا ينظر إلى عورة، ولا ينظر بشهوة، ولا يطيل النظر في غير حاجة، قال تعالى: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون. وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن).
2 ـ الالتزام من جانب المرأة باللباس الشرعي المحتشم، الذي يغطي البدن ما عدا الوجه والكفين، ولا يشف ولا يصف، قال تعالى: (ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن).
وقد صحّ عن عدد من الصحابة أن ما ظهر من الزينة هو الوجه والكفان.
وقال تعالى في تعليل الأمر بالاحتشام: (ذلك أدنى أن يُعرفن فلا يؤذين) أي أن هذا الزيّ يميز المرأة الحرة العفيفة الجادة من المرأة اللعوب المستهترة، فلا يتعرض أحد للعفيفة بأذى، لأن زيها وأدبها يفرض على كل مَن يراها احترامها.
3 ـ الالتزام بأدب المسلمة في كل شيء، وخصوصاً في التعامل مع الرجال:
أ ـ في الكلام، بحيث يكون بعيداً عن الإغراء والإثارة، وقد قال تعالى: (فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولاً معروفاً).
ب ـ في المشي، كما قال تعالى: (ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن)، وأن تكون كالتي وصفها الله بقوله: (فجاءته إحداهما تمشي على استحياء).
ج ـ في الحركة، فلا تتكسر ولا تتمايل، كأولئك اللائي وصفهن الحديث الشريف بـ ((المميلات المائلات)) ولا يصدر عنها ما يجعلها من صنف المتبرجات تبرج الجاهلية الأولى أو الأخيرة.
4 ـ أن تتجنب كل ما شأنه أن يثير ويغري من الروائح العطرية، وألوان الزينة التي ينبغي أن تكون للبيت لا للطريق ولا للقاء مع الرجال.
5 ـ الحذر من أن يختلي الرجل بامرأة وليس معهما محرم، فقد نهت الأحاديث الصحيحة عن ذلك، وقالت: ((إن ثالثهما الشيطان)) إذ لا يجوز أن يخلى بين النار والحطب.
وخصوصاً إذا كانت الخلوة مع أحد أقارب الزوج، وفيه جاء الحديث: ((إياكم والدخول على النساء))، قالوا: يا رسول الله، أرأيت الحمو؟! قال: ((الحمو الموت))! أي هو سبب الهلاك، لأنه قد يجلس ويطيل الجلوس، وفي هذا خطر شديد.
6 ـ أن يكون اللقاء في حدود ما تفرضه الحاجة، وما يوجبه العمل المشترك دون إسراف أو توسع يخرج المرأة عن فطرتها الأنثوية، أو يعرضها للقيل والقال، أو يعطلها عن واجبها المقدس في راعية البيت وتربية الأجيال.
الاسلام.. واختلاط الجنسين
* د. يوسف القرضاوي
كثرت الأقوال والفتاوى حول موضوع (الاختلاط) ويقصد به اختلاط الجنسين، الرجال والنساء.
وقد رأينا من علماء الدين، مَن يوجب على المرأة ألا تخرج من بيتها إلا إلى قبرها، حتى المساجد كرهوا خروجها إليها، وبعضهم حرمه، خوفاً من الفتنة، وفساد الزمان.
ويستندون في ذلك إلى قول لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: ((لو علم رسول الله (ص) ما أحدث النساء بعده لمنعهن من المساجد))!
ولا يخفى أن المرأة في حاجة إلى أن تخرج للمجتمع لتتعلم، ولتعمل، ولتشارك في أتراح الحياة وأفراحها، وكل هذا يفرض عليها قدراً يكبر أو يصغر من الاختلاط بالرجل، الذي قد يكون زميلاً في الدراسة، أو معلماً في المدرسة، أو أستاذاً في الجامعة، أو جاراً في الوظيفة، أو رئيساً في العمل، أو مرؤوساً أيضاً، أو طبيباً في العلاج، أو .. أو .. الخ.
فهل يعد كل اختلاط بين المرأة والرجل ممنوعاً أو حراماً؟ وكيف يمكن أن تعيش المرأة بغير الرجل في عصر تشابكت فيه العلاقات وتعقدت؟ ولم يعد ممكناً أن تسجن المرأة في قفص المنزل، حتى ولو كان هذا القفص من ذهب، فلن يعدو كونه سجناً!
ولماذا يباح للرجال ما لا يباح للنساء؟ لماذا يستمتع الرجل بالهواء الطلق، وتحرم المرأة منه؟ وملاذا نسيء الظن بالمرأة، وهي ليست دون الرجل ديناً وعقلاً وضميراً؟.. فلها ـ كما له ـ دين يمنعها، وعقل يردعها، وضمير يحاسبها (النفس اللوامة)، كما أن لها ـ بغير شك ـ غريزة قد تغريها بالهبوط فتهبط، وهي (النفس الأمارة بالسوء)، كما أن لها شيطاناً قد يزين لها ويغويها، كما يزين للرجل ويغويه.
فما سر هذا التشديد على المرأة، الذي ينسب ـ للأسف ـ إلى الاسلام ويذكره مَن يذكره ممن ينتمون إلى بعض المدارس أو التيارات الدينية على أنه حكم الشرع، وموقف الدين.
مشكلتنا أننا في أكثر القضايا الاجتماعية والفكرية، نقف بين طرفي الإفراط والتفريط، وقلما نهتدي إلى (التوسط) الذي يمثل إحدى الخصائص العامة والبارزة لمنهج الاسلام ولأمة الاسلام.
وهذا أوضح ما يكون في قضيتنا هذه وقضايا المرأة المسلمة المعاصرة بصفة عامة.
فقد ظلم المرأة صنفان من الناس متقابلان بل متناقضان:
1 ـ صنف المستغربين الذين يريدون أن يفرضوا عليها التقاليد الغربية، بما فيها من فساد وتحلل من القيم ـ وأعظمها الدين ـ وانحراف عن سواء الفطرة، وبعد عن الصراط المستقيم، الذي بعث الله الرسل، وأنزل الكتب لبيانه، ودعوة الناس إليه.
وهؤلاء يغفلون ما تشكو منه المرأة الغربية اليوم، وما جر عليها الاختلاف (المفتوح) من سوء العاقبة على المرأة وعلى الرجل، وعلى الأسرة، وعلى المجتمع كله، ويسدون آذانهم عن صيحات الاستنكار التي تجاوبت بها الآفاق في داخل العالم الغربي نفسه، وعن كتابات العلماء والأدباء، ومخاوف المفكرين والمصلحين على الحضارة كلها من جراء إلغاء القيود في الاختلاط بين الجنسين.
كما ينسى هؤلاء أن لكل أمة شخصيتها التي تكونها عقائدها وتصورها للكون والحياة والوجود ورب الوجود، وقيمها وتراثها وتقاليدها. ولا يجوز أن يغدو مجتمع صورة مكررة من مجتمع آخر.
2 ـ والصنف الثاني هم الذين يفرضون على المرأة تقاليد أخرى، ولكنها تقاليد الشرق لا تقاليد الغرب، وإن صبغت في كثير من الأحيان بصبغة الدين، ونسبها من نسبها إلى ساحته، بناءً على فهم فهمه، أو رأي قلده، أو رجحه، لأنه يوافق رأيه في المرأة، وسوء ظنه بها، بدينها وبعقلها وسلوكها.
ولكنه على أية حال لا يخرج عن كونه رأياً لبشر غير معصوم، متأثر بمكانه وزمانه، وشيوخه ومدرسته، تعارضه آراء أخرى، تستمد حجيتها من صريح القرآن العظيم، ومن هدي النبي الكريم، ومن مواقف الصحابة وخير القرون.
وأود أن أبادر هنا فأقول: إن كلمة (الاختلاط) في مجال العلاقة بين الرجل والمرأة، كلمة دخيلة على (المعجم الاسلامي) لم يعرفها تراثنا الطويل العريض طوال القرون الماضية، ولم تعرف إلا في هذا العصر، ولعلها ترجمة لكلمة (أجنبية) في هذا المعنى، ومدلولها له إيحاء غير مريح بالنظر لحس الانسان المسلم.
وربما كان أولى منها كلمة (لقاء) أو (مقابلة) أو (مشاركة) الرجال للنساء، ونحو ذلك.
وعلى كل حال، فإن الاسلام لا يصدر حكماً عاماً في مثل هذا الموضوع، وإنما ينظر فيه على ضوء الهدف منه، أي المصلحة التي يحققها، والضرر الذي يخشى منه، والصورة التي يتم بها، والشروط التي تراعى فيه.. الخ.
وخير الهَدى في ذلك هدى محمد (ص) وهدى خلفائه الراشدين، وأصحابه المهديين.
والناظر في هذا الهدى يرى أن المرأة لم تكن مسجونة ولا معزولة كما حدث ذلك في عصور تخلف المسلمين.
فقد كانت المرأة تشهد الجماعة والجمعة، في مسجد رسول الله (ص)، وكان عليه الصلاة والسلام يحثهن على أن يتخذن مكانهن في الصفوف الأخيرة خلف صفوف الرجال، وكلما كان الصف أقرب إلى المؤخرة كان أفضل، خشية أن يظهر من عورات الرجال شيء، وكان أكثرهم لا يعرفون السراويل. ولم يكن بين الرجال والنساء أي حائل من بناء أو خشب أو نسيج، أو غيره...
وكانوا في أول الأمر يدخل الرجال والنساء من أي باب اتفق لهم، فيحدث نوع من التزاحم عند الدخول والخروج، فقال (ص): ((لو أنكم جعلتم هذا الباب للنساء)). فخصصوه بعد ذلك لهن، وصار يعرف إلى اليوم باسم (باب النساء).
وكان النساء في عصر النبوة يحضرن الجمعة، ويسمعن الخطبة، حتى إن إحداهن حفظت سورة (ق) مَن في رسول الله (ص) من طول ما سمعتها من فوق منبر الجمعة.
وكان النساء يحضرن كذلك صلاة العيدين، ويشاركن في هذا المهرجان الاسلامي الكبير، الذي يضم الكبار والصغار، والرجال والنساء، في الخلاء مهللين مكبرين.
روى مسلم: عن أم عطية قالت: ((كنا نؤمر بالخروج في العيدين، والمخبأة والبكر)).
وهذه سنة أماتها المسلمون في جل البلدان أو في كلها، إلا ما قام به مؤخراً شباب الصحوة الاسلامية الذين أحيوا بعض ما مات من السنن، مثل سنة الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان، وسنة شهود النساء صلاة العيد.
وكان النساء يحضرن دروس العلم، مع الرجال عند النبي (ص)، ويسألن عن أمر دينهن مما قد يستحي منه الكثيرات اليوم. حتى أثنت عائشة على نساء الأنصار، أنهن لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين، فطالما سألن عن الجنابة والاحتلام والاغتسال والحيض والاستحاضة ونحوها.
ولم يشبع ذلك نهمهن لمزاحمة الرجال واستئثارهم برسول الله (ص)، فطلبن أن يجعل لهن يوماً يكون لهن خاصة، لا يغالبهن الرجال ولا يزاحمونهن وقلن في ذلك صراحة: ((يا رسول الله، قد غلبنا عليك الرجال، فاجعل لنا يوماً من نفسك)) فوعدهن يوماً، فلقيهن فيه ووعظهن وأمرهن.
وتجاوز هذا النشاط النسائي إلى المشاركة في المجهود الحربي في خدمة الجيش والمجاهدين، بما يقدرن عليه ويحسنّ القيام به، من التمريض والإسعاف ورعاية الجرحى والمصابين، بجوار الخدمات الأخرى من الطهي والسقي وإعداد ما يحتاج إليه المجاهدون من أشياء مدنية.
وروى مسلم عن أنس: ((أن عائشة وأم سليم، كانتا في يوم أحد مشمرتين، تنقلان القرب على متونهما ـ ظهورهما ـ ثم تفرغانها في أفواه القوم، ثم ترجعان فتملآنها)) ووجود عائشة هنا ـ وهي في العقد الثاني من عمرها ـ يرد على الذين ادعوا أن الاشتراك في الغزوات والمعارك كان مقصوراً على العجائز والمتقدمات في السن، فهذا غير مسلّم. وماذا تغني العجائز في مثل هذه المواقف التي تتطلب القدرة البدنية والنفسية معاً؟
وروى الإمام أحمد: أن ست نسوة من نساء المؤمنين كن مع الجيش الذي حاصر خيبر: يتناولن السهام، ويسقين السويق، ويداوين الجرحى، ويغزلن الشعر، ويعنّ في سبيل الله، وقد أعطاهن النبي (ص) نصيباً من الغنيمة.
بل صح أن نساء بعض الصحابة شاركن في بعض الغزوات والمعارك الاسلامية بحمل السلاح، عندما أتيحت لهن الفرصة. ومعروف ما قامت به أم عمارة نسيبة بنت كعب يوم أحد، حتى قال عنها (ص): ((لمقامها خير من مقام فلان وفلان)).
وكذلك اتخذت أم سليم خنجراً يوم حنين، تبقر به بطن مَن يقترب منها.
ولم يقف طموح المرأة المسلمة في عهد النبوة والصحابة للمشاركة في الغزو عند المعارك المجاورة والقريبة في الأرض العربية كخيبر وحنين. بل طمحن إلى ركوب البحار، والإسهام في فتح الأقطار البعيدة لإبلاغها رسالة الاسلام.
ففي صحيح البخاري ومسلم عن أنس: أن رسول الله (ص) قال (نام قبل الظهر) عند أم حرام بنت ملحان ـ خالة أنس ـ يوماً، ثم استيقظ وهو يضحك، فقالت: ما يضحكك يا رسول الله؟ قال: ((ناس من أمتي عرضوا عليّ غزاة في سبيل الله، يركبون ثبج هذا البحر، ملوكاً على الأسرة، أو مثل الملوك على الأسرة))، قالت: فقلت: يا رسول الله، ادع الله أن يجعلني منهم فدعا لها.. فركبت أم حرام البحر في زمن عثمان، مع زوجها عبادة بن الصامت إلى قبرص، فصرعت عن دابتها هناك، فتوفيت ودفنت هناك، كما ذكر أهل السير والتاريخ.
وفي الحياة الاجتماعية شاركت المرأة داعية إلى الخير، آمرة بالمعروف، ناهية عن المنكر، كما قال تعالى: (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر...).
ومن الوقائع المشهورة رد إحدى المسلمات على عمر في المسجد في قضية المهور، ورجوعه إلى رأيها علناً، وقوله: ((أصابت المرأة وأخطأ عمر)). وقد ذكرها ابن كثير في تفسير سورة النساء، وقال: إسنادها جيد.
وقد عين عمر في خلافته الشفاء بنت عبدالله العدوية محتسبة على السوق. والمتأمل في القرآن الكريم وحديثه عن المرأة في مختلف العصور، وفي حياة الرسل والأنبياء لا يشعر بهذا الستار الحديدي الذي وضعه بعض الناس بين الرجل والمرأة.
فنجد موسى ـ وهو في ريعان شبابه وقوته ـ يحادث الفتاتين ابنتي الشيخ الكبير، ويسألهما وتجيبانه بلا تأثم ولا حرج، ويعاونهما في شهامة ومروءة، وتأتيه إحداهما بعد ذلك مرسلة من أبيها تدعوه أن يذهب معها إلى والدها، ثم تقترح إحداهما على أبيها بعد ذلك أن يستخدمه عنده، لما لمست فيه من قوة وأمانة.
لنقرأ في ذلك ما جاء في سورة القصص: (ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان قال ما خطبكما قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير. فسقى لهما ثم تولى إلى الظل فقال رب غني لما أنزلت إليّ من خير فقير. فجاءته إحداهما تمشي على استحياء قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا فلما جاءه وقص عليه القصص قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين. قالت إحداهما يا أبت استأجره إن خير مَن استأجرت القوي الأمين).
ولا يقال: إن هذا شرع من قبلنا فلا يلزمنا، فإن القرآن لم يذكره لنا إلا لأن فيه هداية وذكرى وعبرة لأولي الألباب، ولهذا كان القول الصحيح: أن شرع من قبلنا المذكور في القرآن والسنة هو شرع لنا ما لم يرد في شرعنا ما ينسخه. وقد قال تعالى لرسوله: (أولئك الذين هَدَى الله فبهداهم اقتده).
إن إمساك المرأة في البيت، وإبقاءها بين جدرانه الأربعة لا تخرج منه اعتبره القرآن ـ في مرحلة من مراحل تدرج التشريع قبل النص على حد الزنى المعروف ـ عقوبة بالغة لمن ترتكب الفاحشة من نساء المسلمين، وفي هذا يقول تعالى في سورة النساء: (واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلاً).
وقد جعل الله لهن سبيلاً بعد ذلك حينما شرع الحد، وهو العقوبة المقدرة في الشرع حقاً لله تعالى، وهي الجلد الذي جاء به القرآن لغير المحصن، والرجم الذي جاءت به السنة للمحصن.
فكيف يستقيم في منطق القرآن والاسلام أن يجعل الحبس في البيت صفة ملازمة للمسلمة الملتزمة المحتشمة، كأننا بهذا نعاقبها عقوبة دائمة وهي لم تقترف إثماً؟
والخلاصة:
أن اللقاء بين الرجال والنساء في ذاته إذن ليس محرماً، بل هو جائز أو مطلوب إذا كان القصد منه المشاركة في هدف نبيل، من علم نافع أو عمل صالح، أو مشروع خير، أو جهاد لازم، أو غير ذلك مما يتطلب جهوداً متضافرة من الجنسين، ويتطلب تعاوناً مشتركاً بينهما في التخطيط والتوجيه والتنفيذ.
ولا يعني ذلك أن تذوب الحدود بينهما، وتنسى القيود الشرعية الضابطة لكل لقاء بين الطرفين، ويزعم قوم أنهم ملائكة مطهرون لا يخشى منهم ولا عليهم، يريدون أن ينقلوا مجتمع الغرب إلينا.
إنما الواجب في ذلك هو الاشتراك في الخير، والتعاون على البر والتقوى، في إطار الحدود التي رسمها الاسلام، ومنها:
1 ـ الالتزام بغض البصر من الفريقين، فلا ينظر إلى عورة، ولا ينظر بشهوة، ولا يطيل النظر في غير حاجة، قال تعالى: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون. وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن).
2 ـ الالتزام من جانب المرأة باللباس الشرعي المحتشم، الذي يغطي البدن ما عدا الوجه والكفين، ولا يشف ولا يصف، قال تعالى: (ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن).
وقد صحّ عن عدد من الصحابة أن ما ظهر من الزينة هو الوجه والكفان.
وقال تعالى في تعليل الأمر بالاحتشام: (ذلك أدنى أن يُعرفن فلا يؤذين) أي أن هذا الزيّ يميز المرأة الحرة العفيفة الجادة من المرأة اللعوب المستهترة، فلا يتعرض أحد للعفيفة بأذى، لأن زيها وأدبها يفرض على كل مَن يراها احترامها.
3 ـ الالتزام بأدب المسلمة في كل شيء، وخصوصاً في التعامل مع الرجال:
أ ـ في الكلام، بحيث يكون بعيداً عن الإغراء والإثارة، وقد قال تعالى: (فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولاً معروفاً).
ب ـ في المشي، كما قال تعالى: (ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن)، وأن تكون كالتي وصفها الله بقوله: (فجاءته إحداهما تمشي على استحياء).
ج ـ في الحركة، فلا تتكسر ولا تتمايل، كأولئك اللائي وصفهن الحديث الشريف بـ ((المميلات المائلات)) ولا يصدر عنها ما يجعلها من صنف المتبرجات تبرج الجاهلية الأولى أو الأخيرة.
4 ـ أن تتجنب كل ما شأنه أن يثير ويغري من الروائح العطرية، وألوان الزينة التي ينبغي أن تكون للبيت لا للطريق ولا للقاء مع الرجال.
5 ـ الحذر من أن يختلي الرجل بامرأة وليس معهما محرم، فقد نهت الأحاديث الصحيحة عن ذلك، وقالت: ((إن ثالثهما الشيطان)) إذ لا يجوز أن يخلى بين النار والحطب.
وخصوصاً إذا كانت الخلوة مع أحد أقارب الزوج، وفيه جاء الحديث: ((إياكم والدخول على النساء))، قالوا: يا رسول الله، أرأيت الحمو؟! قال: ((الحمو الموت))! أي هو سبب الهلاك، لأنه قد يجلس ويطيل الجلوس، وفي هذا خطر شديد.
6 ـ أن يكون اللقاء في حدود ما تفرضه الحاجة، وما يوجبه العمل المشترك دون إسراف أو توسع يخرج المرأة عن فطرتها الأنثوية، أو يعرضها للقيل والقال، أو يعطلها عن واجبها المقدس في راعية البيت وتربية الأجيال.