سيرين ملكة زماني
27-11-2010, 07:34 PM
:slaam:
هَم البنات !
قبل أن أبلغ رشد التجربة كنت أتصدى لمقولة "هم البنات للممات"، لماذا البنات؟ أليس الأولاد أكثر همَاً وتسبباً بالمشكلات لأهاليهم؟ لم تزل والدتي لا تجرؤ على ترديد هذا المثل في حضوري؛ لأنني أتخمتها بنظريات وشعارات حقوق المرأة؛ كما أتخمت الموروث الشعبي تعنيفاً؛ لأنه لم ينصف المرأة.
لكن لنكن واقعيين ونعترف بأن الخلل ليس فيما يقال؛ وإنما بما هو حاصل، فالأمثال الشعبية والتراث الشفاهي هي نتيجة تجربة إنسانية وخلاصة واقع.
أجدادنا لم يأتوا بالمقولة من كوكب آخر، وهم فعلياً عايشوا "الهم النسوي الخاص" في مجتمع يكاد الذكر فيه يصبح بمرتبة الإله، كانت أمهاتنا وانصياعاً لاشتراطات ثقافة ذكورية يربين الذكر على التمرد و"الزعرنة" في حين تعد الإناث لممارسة دور الجواري، وزمن الجواري لم ينته بالمناسبة؛ وقد كان آخر كتاب قرأته لإحدى الكاتبات العربيات بهذا الخصوص بعنوان "جواري 2002"، وسيمضي الزمن وسيكتب عن جواري 2100، ما دامت المعطيات هي ذاتها المعطيات، والبنات... ألم يزلن هماً في مجتمعنا، ما يتعرضن له من مشكلات؛ وما هو محتمل أن يتعرضن له، ضحايا العنف المسجلة وضحايا العنف المحتملة أليست هماً؟ تغير شكل الهم لأن بعض المنظمات الخاصة بحقوق المرأة أصبحت تقاسم الأسر مشكلات "بناتها"؛ لكنه أصبح هماً أكبر، وبالمناسبة تزداد مشكلات المرأة كلما تناقصت قيم الرجولة في مجتمعنا؛ أو كلما أسيء فهم الرجولة على مستوى الوعي والسلوك، ومثال ذلك أن الزوجة التي كانت تترك بيت زوجها في "زمن الرجولة" كان والدها يبادر لإرجاعها، وكان الزوج يقدر ذاك الموقف بافتراضه موقف شهامة، أما الآن فالزوجة التي تعتاد الرجوع بقدميها وبرضى أهلها فإن أقل ما قد يسجل من نقاط في ميزان سيئات أهلها هو أنهم "يرخصون بها"؛ كما أن وصايا أمهاتنا العشر -مع بالغ الأسف-لم تعد صالحة في مرحلة انقلبت فيها الموازين، فالطاعة أصبحت ضعفاً، والتكتم على المشكلات الزوجية أصبح ذريعة لتغول بعض الأزواج، وطلب "الستيرة" والمهادنة أصبحت من وجهة نظر بعضهم تفسر بعدم وجود معتقل "بديل" أفضل .
بصدق أنا بشكل شخصي في غاية الحيرة وأدرك تماماً بأن الحياة الزوجية هي مهارة إتقان فن القدرة على البقاء، وعلى التسامح وأدرك ويدركن بنات جنسي بأن الطلاق أبغض الحلال وأبغض ما تتمناه امرأة؛ لكن حين تنفجر إحداهن بأثر رجعي في عرض مأساة ابتلعتها على جرعات ولمدة سنوات وحين تردد في الدقيقة الواحدة عبارة"كنت أسكت عشان أولادي" لأكثر من مرة، ماذا بوسعك أن تقول لها؟ -الصمت أبلغ-، بالتأكيد أنت تتعاطف معها؛ لكنك لا تبرئها من كونها شريكة في تعنيف ذاتها.
أفكر بالمستقبل، أفكر حينما تصبح ابنتي في سن مناسبة للزواج ، بماذا أوصيها؟ لا لن أكرر مهزلة الوصايا العشر؛ لأن مدة صلاحيتها قد انتهت منذ عاد الضرب عادة يجد لها الأزواج ألف مبرر منها ما هو ديني ، ولن أوصيها بالتمرد؛ لأنني لست هكذا؛ ولأن التمرد بحد ذاته ليس هدفاً؛ ولكنه في بعض الأحيان وسيلة للخلاص،لن أوصيها بتقديس أهل زوجها-لأن هذا أيضاً أصبح يفهم ضعفاً- وسأبقى على حياد متمنية لها أن تبقى على حياد في علاقاتها أيضاً،
يوماً ما ستلبس ابنتي ثوب الزفاف الأبيض، يوماً ما سأقع في فخ علاقات النسب والمصاهرة، يوماً ما قد أرى ابنتي تعنف من قبل مجموعة لا من قبل فرد بعينه، وقد يكون جمالها مدخلاً لممارسة العنف النسوي وليس الذكوري فقط عليها فلم يزل مثل: "ما أجمل العروس لولا الشامة التي على خدها" مثلاً متداولاً سلوكياً على الرغم من أن الشامة قد تكون أجمل ما في وجهها
قد أقول لها: كوني شريكة ولا ترض أبداً أن تكوني جارية، علّمي زوجك وتعلّمي معه النصوص الدينية التي تحترم المرأة وإياك أن تدعي له مجالاً للتحايل على النص الديني أو تعنيفك باسم الدين كي لا تكوني همّاً إضافياً.
منقول لـ د. ميساء عبدالله قرعان .
هَم البنات !
قبل أن أبلغ رشد التجربة كنت أتصدى لمقولة "هم البنات للممات"، لماذا البنات؟ أليس الأولاد أكثر همَاً وتسبباً بالمشكلات لأهاليهم؟ لم تزل والدتي لا تجرؤ على ترديد هذا المثل في حضوري؛ لأنني أتخمتها بنظريات وشعارات حقوق المرأة؛ كما أتخمت الموروث الشعبي تعنيفاً؛ لأنه لم ينصف المرأة.
لكن لنكن واقعيين ونعترف بأن الخلل ليس فيما يقال؛ وإنما بما هو حاصل، فالأمثال الشعبية والتراث الشفاهي هي نتيجة تجربة إنسانية وخلاصة واقع.
أجدادنا لم يأتوا بالمقولة من كوكب آخر، وهم فعلياً عايشوا "الهم النسوي الخاص" في مجتمع يكاد الذكر فيه يصبح بمرتبة الإله، كانت أمهاتنا وانصياعاً لاشتراطات ثقافة ذكورية يربين الذكر على التمرد و"الزعرنة" في حين تعد الإناث لممارسة دور الجواري، وزمن الجواري لم ينته بالمناسبة؛ وقد كان آخر كتاب قرأته لإحدى الكاتبات العربيات بهذا الخصوص بعنوان "جواري 2002"، وسيمضي الزمن وسيكتب عن جواري 2100، ما دامت المعطيات هي ذاتها المعطيات، والبنات... ألم يزلن هماً في مجتمعنا، ما يتعرضن له من مشكلات؛ وما هو محتمل أن يتعرضن له، ضحايا العنف المسجلة وضحايا العنف المحتملة أليست هماً؟ تغير شكل الهم لأن بعض المنظمات الخاصة بحقوق المرأة أصبحت تقاسم الأسر مشكلات "بناتها"؛ لكنه أصبح هماً أكبر، وبالمناسبة تزداد مشكلات المرأة كلما تناقصت قيم الرجولة في مجتمعنا؛ أو كلما أسيء فهم الرجولة على مستوى الوعي والسلوك، ومثال ذلك أن الزوجة التي كانت تترك بيت زوجها في "زمن الرجولة" كان والدها يبادر لإرجاعها، وكان الزوج يقدر ذاك الموقف بافتراضه موقف شهامة، أما الآن فالزوجة التي تعتاد الرجوع بقدميها وبرضى أهلها فإن أقل ما قد يسجل من نقاط في ميزان سيئات أهلها هو أنهم "يرخصون بها"؛ كما أن وصايا أمهاتنا العشر -مع بالغ الأسف-لم تعد صالحة في مرحلة انقلبت فيها الموازين، فالطاعة أصبحت ضعفاً، والتكتم على المشكلات الزوجية أصبح ذريعة لتغول بعض الأزواج، وطلب "الستيرة" والمهادنة أصبحت من وجهة نظر بعضهم تفسر بعدم وجود معتقل "بديل" أفضل .
بصدق أنا بشكل شخصي في غاية الحيرة وأدرك تماماً بأن الحياة الزوجية هي مهارة إتقان فن القدرة على البقاء، وعلى التسامح وأدرك ويدركن بنات جنسي بأن الطلاق أبغض الحلال وأبغض ما تتمناه امرأة؛ لكن حين تنفجر إحداهن بأثر رجعي في عرض مأساة ابتلعتها على جرعات ولمدة سنوات وحين تردد في الدقيقة الواحدة عبارة"كنت أسكت عشان أولادي" لأكثر من مرة، ماذا بوسعك أن تقول لها؟ -الصمت أبلغ-، بالتأكيد أنت تتعاطف معها؛ لكنك لا تبرئها من كونها شريكة في تعنيف ذاتها.
أفكر بالمستقبل، أفكر حينما تصبح ابنتي في سن مناسبة للزواج ، بماذا أوصيها؟ لا لن أكرر مهزلة الوصايا العشر؛ لأن مدة صلاحيتها قد انتهت منذ عاد الضرب عادة يجد لها الأزواج ألف مبرر منها ما هو ديني ، ولن أوصيها بالتمرد؛ لأنني لست هكذا؛ ولأن التمرد بحد ذاته ليس هدفاً؛ ولكنه في بعض الأحيان وسيلة للخلاص،لن أوصيها بتقديس أهل زوجها-لأن هذا أيضاً أصبح يفهم ضعفاً- وسأبقى على حياد متمنية لها أن تبقى على حياد في علاقاتها أيضاً،
يوماً ما ستلبس ابنتي ثوب الزفاف الأبيض، يوماً ما سأقع في فخ علاقات النسب والمصاهرة، يوماً ما قد أرى ابنتي تعنف من قبل مجموعة لا من قبل فرد بعينه، وقد يكون جمالها مدخلاً لممارسة العنف النسوي وليس الذكوري فقط عليها فلم يزل مثل: "ما أجمل العروس لولا الشامة التي على خدها" مثلاً متداولاً سلوكياً على الرغم من أن الشامة قد تكون أجمل ما في وجهها
قد أقول لها: كوني شريكة ولا ترض أبداً أن تكوني جارية، علّمي زوجك وتعلّمي معه النصوص الدينية التي تحترم المرأة وإياك أن تدعي له مجالاً للتحايل على النص الديني أو تعنيفك باسم الدين كي لا تكوني همّاً إضافياً.
منقول لـ د. ميساء عبدالله قرعان .