المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كرامات الأولياء بين أهل السنة ومخالفيهم - عبد اللطيف بن محمد الحسن


جروح بارده
22-12-2010, 06:45 PM
http://www.islamdor.com/vb/images/bsm-allah3.gif
السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كرامة الوليّ بمفهوم أهل السّنّة والجماعة

كرامة الولي...هي صفة خارقة للعادة...وهي تأتي بعد معجزات الأنبياء والرّسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين...وبهذه الصّفة يتميّز الشخص عن باقي النّاس العاديّين ..وتطبعه بطابع الصّلاح والخير...بما حباه الله سبحانه من جمال هذه الصّفة وتفوّق القدرة عن تصوّرها في تجاوز عقبات ومخاطر لايخطر لِبَالِ إنسان أن يتجاوزها في الحالة العاديّة...
وقد عرّفها المختصّون في الشّريعة بما يوافق طريق أهل السّنّة والجماعة...وميّزوها عمّا يعتقده فيها مخالفو السّلف الصّالح ...
وسوف أنقلكم الآن...في هذه الصّفحة المتواضعة إلى تفسير الظّاهرة
تفسيرًا شرعيًّا ...يوافق طريق أهل السّنّة...وإليكموه...إن شاء الله..:

كرامات الأوليــاء

بقلم ؛ فضيلة الشيخ / صفوت الشوادفي

الحمدلله وحده . والصـلاة و السلام علي من لا نبي بعده ... وبعد :
فإن أهل السنة و الجماعة - وهم أسوتنا و قدوتنا - يؤمنون بوقوع الكرامات علي أيدي الصالحين ؛ وهم المؤمنون المتقون .
والكرامة - عند علماء الشريعة - أمـر خارق للعادة ، يظهره الله عز و جل علي أيدي أوليـائه .
والكرامات للأوليـاء تشبه معجزات الأنبيـاء في نقضها للعادة المعروفة ، وبينهما فروق كثيرة ؛ من أهمها أن الكرامة غير مقرونة بدعوى النبوة ، وليست إرهاصاً لها ، و غير مقرونة كذلك بالتحدي ، ويمكن للعبد الصالح أن تقع له كرامة أو كرامات ، و هو لا يعلم بها !!؟
و أهم الفروق بينهما ؛ أن الكرامة - علي القول الراجح - لا يمكن أن تبلغ إلى مثل معجزات الأنبيـاء و المرسلين ، و لا تكون مساوية لها علي الإطلاق ، فكل ما وقع معجزة لنبي لا يمكن أن يقع كرامة لولي !

ضوابط الكرامة و شروطها (1) :
ليس كل ما يظهر علي أيدي الصالحين - أو غيرهـم - يكون كرامة من الله عز و جل ، بل قد تكون غواية من الشيطان ، أو إضـلالاً من بعض الجان ، من أجـل هـذا وضع العلماء شـروطاً تعرف بها الكرامة التي هي منحة إلهيّة ، وتتميز عن الخوارق التي هي حيلة شيطانية !

ومن أهم تلك الشروط :
1- أن يكون صاحب الكرامة مؤمناً تقياً ، لقوله تعالى : " ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم و لا هم يحزنون * الذين ءامنوا و كانوا يتقون " [ يونس : 63،62 ]
وهـذا يعني : أن كلّ مؤمن تقي فهو لله وليّ ، وعلامته أداء الفراض والواجبات ، وترك المحرمات ، ثم التقرب إلي الله بفعل المستحبات وترك المكروهات .

2- ألا يدعي صاحب الكرامة الولاية .
لأنّ ادّعاء العبد الولاية لنفسه أو لغيره رجم بالغيب ! وذلك لأنّ المؤمن لا يدري ما الذي قبله الله من أعماله ، وما الذي رده من غير قبول ! والله يقول : " إنما يتقبل الله من المتقين " [ المائدة : 27 ].
ولأنّ ادّعـاء الولاية - كذلك - تزكية للنفس قد نهى عنها القرآن الكريم في قوله تعالى:" فـلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن أتقى "[ النجم : 32 ]

3- أن لا تكون الكرامة سبباً في ترك شئ من الواجبات .

4- أن لا تخالف الكرامة أمراً من أمور الدين .

قال الشاطبي - رحمه الله - : ( إن الشريعة كما أنها عامة في جميع المكلفين ، وجارية علي مختلف أحوالهم ، فهي عامة أيضاً بالنسبة إلى عالم الغيب ،وعالم الشهادة من جهة كلّ مكلف ، فإليها نردّ كلّ ما جاءنا من جهة الباطن كما نرد إليها كل ما في الظاهر ) .
فمن أخبر أن رسول الله http://www.islamdor.com/vb/images/smilies/sala.gif قد جاءه يقظة بعد موته ، فهذا من الكذب و كيد الشيطان .
هـذا وقد وردت أمثلة كثيرة لكرامات الأوليـاء في الكتاب و السنة الصحيحة نذكر بعضها لتأكيد وتثبيت هذه العقيدة الصحيحة ، و إقامة الحجة الدامغة على منكري الكرامات من أهل الزيغ و الضلال .

? كرامات وردت في القرآن الكريم :
* قوله تعالى في قصة مريم ، عليها السلام : " كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا مريم أني لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب "[ آل عمران : 37 ]
وقـد ذكر المفسرون في بيان هذة الكرامة أقوالاً كثيرة يرجع إليها في كتب التفسير .
وكذلك قوله تعالى في نفس القصة : " وهزّي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطباً جنيا " [ مريم : 25 ]
ومن المعلوم أن النخلة لا يقدر على هزّها لإسقاط الرطب عصبة من الرجال الأقوياء ، فكيف تفعل ذلك امرأة في حال الولادة و الضعف ؟!! فهي كرامة ظاهرة .

* ومنها قوله تعالى عن زوجة إبراهيم الخليل عليه السلام : " وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها بإسحاق و من وراء إسحق يعقوب * قالت يا ويلتى أألد و أنا عجوز وهذا بعلي شيخاً إن هذا لشيئٌ عجيب "[ هود : 71،72 ] قال المفسرون : ضحكت أي: حاضت ، و هي في سن الشيخوخة .
* ومن الكرامات في القرآن أيضاً ما جاء في قصة سليمان عليه السلام : " قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك "[ النمل : 40 ] و كان الحديث عن عرش بلقيس .

? كرامات وردت في السنة الصحيحة :
* منها ما ورد في (( صحيح البخاري )) من ح عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : (( وافقت ربي في ثلاث !! فقلت : يا رسول الله لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى فنزلت : ( واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى ) [ البقـرة : 125 ] ؛ و آية الحجاب ، قلت : يا رسول الله لو أمرت نساءك أن يحتجبن فإنه يكلمهن البر و الفاجر فنزلت آية الحجاب ؛ واجتمع نساء النبي صلي الله عليه و سلم في الغيرة عليه فقلت لهن :" عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجاً خيراً منكن ، فنزلت هذه الآية " .
و هي كرامات ظاهرة لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، وقد حدث له غيرها كثير من الموافقات

* ومن الكرامات الواردة في السنة الصحيحة حديث الثلاثة الذين آواهم المبيت إلى غار ، فنزلت صخرة عظيمة فسدت عليهم باب الغار ، فدعا كل منهم ربه وتوسل إليه بأعظم عمل صالح فعله في حياته ، حتى فرج الله عنهم وفتح باب الغار . وهو حديث صحيح (( رواة البخاري و مسلم )) .

* وقـد ورد في السنة كرامات كثيرة لأوليـاء الله الصالحين أصحاب رسول الله http://www.islamdor.com/vb/images/smilies/sala.gif كأسيد بن حضير ، و عباد بن بشير ، وعاصم بن ثابت ، وغير هؤلاء كثير . وعلى رأسهم الخلفاء الراشدون و بقية العشرة المبشرين . وكذلك ثبتت كرامات كثيرة للصالحين من التابعين رضي الله عنهم .

ومن أراد أن يقف على هذه الكرامات بشئ من التفصيل فليرجع إلي المجلد الخامس من كتاب (( أصول الإعتقـاد )) لللالكائي ، وكتاب (( سيف الله على من كذب على أوليـاء الله )) تأليف صـنع الله الحنفي .

هـذا و ينبغي التنبيـه على مسألتين عظيمتين تتعلقان بموضوع كرامات الأوليـاء :
الأولـى : لا توجد علاقة شرعية بين الولاية و الضريح ، فليس كل مدفون في ضريح يكون من أوليـاء الله ، فقد يدفن في الضريح فاسق أو فاجر ، وقد يدفن ولي الله في شق أو لحد لا يعرف أحد مكانه .
وقد تعلق بأذهان العوام و الجهال هذه العلاقة الوهمية ، لكن الحقيقة أن الولاية إيمان و تقوى ، و الضريح قبر مـبتدع مخالف للسنة الصحيحة ، و إنما وقعت المخالفة ممن بناه و شيده وليست ممن دُفن فيه إلا إذا أوصــى بذلك أو رضي به حال حياته .

و أما المسألة الثانية : فهي الخلط الذي يقع عند بعض الناس بين الكرامة الربانية و الخوارق الشيطانية
و هـذا مثال يوضح هذا الفرق المهم :
قال ابن الحاج - رحمه الله - حكي عن بعض المريدين أنه كان يحضر مجلس شيخه ، ثم انقطع فسأل الشيخ عنه فقالوا له : هو في عافية فأرسل إليه فحضر فسأله ما الموجب لإنقطاعك ؟!
فقال : يا سيدي كنت أجئ لكي أصل ، و الآن قد وصلت فلا حاجة تدعو إلى الحضور . فسأله عن كيفية وصوله !! فأخبره : أنه في كل ليلة يصلي ورده في الجنة . فقال له الشيخ : يا بني ، والله ما دخلتها أبداً ، فلعلك أن تتفضل علي فتأخذني معك لعلي أن أدخلها كما دخلتها أنت . قال : نعم . فبات الشيخ عند المريد ، فلما أن كان بعد العشاء جاء طائر فنزل عند الباب فقال المريد للشيخ : هذا الطائر الذي يحملني في كل ليلة علي ظهره إلى الجنة .
فركب الشيخ و المريد على ظهر الطائر بهما ساعة ثم نزل بهما في موضع كثير الشجر ، فقام المريد ليصلي وقعد الشيخ ، فقال له المريد : يا سيدي ، أما تقوم الليلة ؟! فقال الشيخ : يا بني الجنة هذه و ليس في الجنة صـلاة . فبقي المريد يصلي والشيخ قاعد .
فلما طلع الفجر جاء الطائر و نزل ، فقال المريد للشيخ : قم بنا نرجع إلى موضعنا . فقال له الشيخ : اجلس ، ما رأيت أحدا يدخل الجنة و يخرج منها . فجعل الطائر يضرب بأجنحته ويصيح حتى أراهم أن الأرض تتحرك بهم . فبقي المريد يقول للشيخ : قم بنا لئلا يجري علينا منه شئ . فقال له الشيخ : هذا يضحك عليك ، يريد أن يخرجك من الجنة ، فاستفتح الشيخ يقرأ القرآن ، فذهب الطائر و بقيا كذلك إلى أن تبين الضوء ، وإذا هما على مزبلة و العذرة و النجاسات حولهما ، فصفع الشيخ المريد و قال له : هذه الجنة التي أوصلك الشيطان إليها .

إن الصوفية تعيش بين الأوهـام و الأحـلام ! وتستمد معظم عقيدتها من الخيال الذي أورثه الخبال !

والله أعلم ... وصلى الله وسلم وبارك علي نبينا محمد و آله و صحبه..

جروح بارده
22-12-2010, 06:46 PM
السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كرامات الأولياء بين أهل السنة ومخالفيهم - عبد اللطيف بن محمد الحسن

كرامات الأولياء بين أهل السنة ومخالفيهم
(1/2)
عبد اللطيف بن محمد الحسن

الحمد لله، وصلى الله وسلم على نبيه ومصطفاه، وآله وصحبه، وبعد:
فإنه لما صحت أفهام سلـف الأمـة - من الصحابة ومن اتبعهم بإحسان - وأحسنوا العبادة وما أراد الله منهم، انصرفت عنايتهم لما كُلّفوا به، فحرصوا على ما ينفعهم غاية الحرص، ولم يأبهوا بما يشغلهم عــن ذلـــك ويلفت قلوبهم إلى سواه، فقلّ كلامهم، وبلغوا من العمل منتهاه.
ولما كثر الكلام، وقل العمل، وزاد الانحراف حدة عظمت المخالفة في أمور؛ منها ما حصل في مفهوم الأولياء وكراماتهم، وشـــرّق الناس في أمر الكرامات وغربوا، حتى صارت تشكو من الأحوال الآتية:
1- اسـتـفـحال أمر الصوفية في المبالغة في الكرامات، وما يسمونه بالكشف والإلهام، حتى أتوا فيها بمـــــــا ينافي الشرع والعقل؛ ويظهر هذا جلياً لمن نظر في كتبهم مثل: (الطبقات الكبرى) للشعراني، و(جــامـع كرامات الأولياء) لابن الملقّن، و (كرامات الأولياء) للنبهاني ونحوها. والخـطـيـر فـي الأمــر تصديق عامة الناس من السذج والبسطاء والمغفلين لمثل هذه الخــرافات المنكرة، حـتـى صــــــــارت تـصـــوغ عقول كثير من الناس، وأصبحت معياراً للاستدلال، وطريقاً للتعبد.

2- توسّــع أهل الكلام (الأشــاعرة والماتريدية) من وجه آخر، وتجويزهم أن تصل كرامات الأولياء إلى حدّ معجزات الأنبياء.
3- إنكار معتزلة الأمس، ومعتزلة اليوم (العقلانيين) للكرامات.
4- تلبيس أهل السحر والشعوذة بخوارقهم على العامة، وادعاؤهم أنها كرامة!
ويبقى أهل السنة بوسطيتهم يقفون في أمر الكرامات موقفاً وسطاً يتميزون به، سيراه القارئ الكريم مدعّماً بالأدلة، محلىً بالأمثلة والضوابط والفوائد.
ولا بد من الكلام أولاً عن مفهوم الأولياء. والله المعين.
معنى الولاية:
قال ابن فارس: (الواو واللام والـيـاء أصل صحيح يدل على قرب. من ذلك الولْي: القرب. يقال: تباعـــــد بـعـــد ولْي، أي: بـعـد قرب. ومن الباب المولى: المعتِق والمعتَق والصاحب والحليف وابن العم والصاحب والجــار، كل هؤلاء من الولْي وهو القرب، وكل من ولي أمر آخر فهو وليه)(1).
(والوَلاية: النصرة، والوِلاية: تولي الأمـر. وقيل: الولاية والولاية نحو: الدّلالة والدّلالة، وحقيقته: تولي الأمر، والولي والمولى يستعملان في ذلك)(2).
أما الولاية الشرعية فأمرها غاية في الوضوح، قال الله - تبارك وتعالى -: ((أَلا إنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ البُشْرَى فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الفَوْزُ العَظِيمُ)) [يونس: 62 - 64] فكل مؤمن تقي هو ولي لله - تعالى - بالمعنى الشرعي، ويدخل في ذلك الأنبياء - صلوات ربي وسلامه عليهم - فهم سادة الأولياء. لكن الأولياء في الاصطلاح يراد بهم مَنْ سوى الأنبياء، فيمكن أن يقال إن الولي هو: كل مؤمن تقي ليس بِنَبِيّ.
والإيمان عند أهل الـسـنـة قــــول وعـمــل، وهو قول القلب وعمله، وقول اللسان، وعمل الجوارح.
وقــــــول القلب هو الاعتقاد الجازم، وعمله قيامه بالعبادات القلبية كالإخلاص والمحبة والخوف والرجاء.
والتقـوى: فـعــــل ما أمر الله به ورسوله، وترك ما نهى عنه، وإذا قرنت مع البرّ (كانت التقوى اسماً لتوقي جميع المعاصي، والبرّ اسماً لفعل الخيرات)(3).
قال ابن رجب: (فـظـهـــر بذلك أنه لا طريق توصل إلى التقرب إلى الله - تعالى - وولايته ومحبته سوى طاعته التي شـرعـها على لسان رسوله -http://www.islamdor.com/vb/images/smilies/sala.gif-؛ فمن ادعى ولايته والتقرب إليه ومحبته بغير هذه الطريق تبين أنه كاذب في دعواه، كما كان المشركون يتقربون إلى الله - تعالى - بعبادة مــن يعبدون من دونه)(4). وقال ابن حجر: (المراد بولي الله المواظـب على طاعته، المخلص في عبادته)(5).
وأولياء الله على مرتبتين:
إحداهما: مرتبة من تقرب إلى الله بأداء الفرائض، وهذه درجة المقتصدين أصحاب اليمين.
وثانيتهما: من تقرب إليه بعد الفرائض بالنوافل، وهذه درجة السابقين المقربين، وقد ذكر الله تلكما الدرجتين ودليل الصنفين في سورة الواقعة والرحمن والإنسان والمطففين وفاطر(6) فقال: ((فَأَصْحَابُ المَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ المَيْمَنَةِ)) [ الـواقـعــة: 8]. ثـم قـــــال: ((وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُوْلَئِكَ المُقَرَّبُونَ)) [الواقعة: 10، 11].
والحاصل أن الولاية مرتبة في الدين عظيمة لا يبلغها إلا من قام بالدين ظاهراً وباطناً بفعل المأمورات وترك المنهيات؛ فهي درجة عالية لا يُصعد إليها إلا بسلّم الشريـعـــــة؛ بل من اعتقد ولاية من يترك الواجبات ويفعل المحرمات فهو كافر مرتد؛ لتكذيبه الآية(7).
والولاية لها جانبان:1- جانب يتعلق بالعبد: وهو القيام بالأوامر، واجتناب النواهـي، ثــم الـتـدرج فـي مـراقي العبودية بالنوافل،
2-وجانب يتعلق بالرب - تعالى -: وهو محـبة هذا العبد ونصرته وتـثـبـيـتـه على الاستقامة، أما الكرامات فهي أمر إضافي وليست شـرطـاً في الولاية(8) - كما سيأتي -.
فضل الولاية والأولياء:
يـكـفـي الأولـيـاء مـا جاء في الآية من تولي الله لهم، ونصرتهم وتأييدهم ومعونتهم وإصلاح أحوالهم، وأنـه لا خوف عليهم مما أمامهم في الآخرة، ولا هم يحزنون على ما خلفهم من الدنيا، وأن لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة.
هنيئاً لهم، يوفقهم الله بهدايته وتسديده، ويحوطهم بحمايته ونصرته. قال رسول الله -http://www.islamdor.com/vb/images/smilies/sala.gif-: (إن الله قال: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إليّ عبدي بشيءٍ أحـــب إليّ مما افـتـرضــتـه عليه، وما يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطـيـنه، ولئن استعاذ بي لأعيذنه، وما ترددت عن شيءٍ أنا فاعله ترددي عن نفس عبدي المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته)(9). (وهذا أصح حديث يروى في الأولياء)(10). وقد ذُكــر فــيــه المـقـتـصدون والسابقون، أما الظالم لنفسه بالإصرار على الذنوب فلا يكون ولياً حتى يتوب.
الولاية لا تستلزم العصمة:
الولي بَشَرٌ يجوز عليه ما يجوز على الناس من الغلط والسـهـــو والظن الخاطئ ونحو ذلك، ولا يقدح ذلك في ولايته خلاف ما زعمت الصوفية من أن الـقـلــب إذا كان محفوظاً كانت خواطره معـصـومة من الخطأ! فإنه ليس في النصوص ما يدل أو يشير إلى ذلك، بل نصوص الـشـريعة وإجـماع العلماء على خلاف ذلك، قال - تعالى -: ((وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَـئـِـكَ هُمُ المُتَّقُونَ * لَهُم مَّا يَشَاءُونَ عِندَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ المُحْسِنِينَ * لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْـــوَأََ الَـذِي عَمـِـلُـوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ الَذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ)) [الزمر: 33 - 35]، فـأثــبـت لـهــؤلاء المـتـقـيـن المحسنين ذنـوباً، وأنه يغفرها لهم، ولم تكن تقواهم مستلزمة لعصمتهم من الذنوب.
وأيضاً: فـ (إن الله جـعل الحق على لسان عمر وقلبه)(11)، وهو من سادات الأولياء، ومع ذلك لم يكن يركن إلى ما يلقى في قلبه؛ بل يعرضه على الكتاب والسنة، ويدع ما خالفهما، وعلى هذا النهج مـشـى الركب. قال أبو سليمان الدارانـي: (إنه يقـع في قلبـي النكتة مـن نكت القـوم، فلا أقبلها إلا بشاهدين: الكتاب والسنة)(12).
وخطأ الولي في اجـتهاده العلمي ليس نقصاً في ولايته إذا كان ممن استفرغ جهده في البحث والاستدلال، وخـطـؤه مـغـفـور له، وهو مأجور غير مأزور. قال رسول الله -http://www.islamdor.com/vb/images/smilies/sala.gif-: (إذا حـكـم الـحـاكم فأصاب فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر)(13).

الولاية عند الصوفية:
اخـتــص الصـوفية بمفهوم آخــر للولاية؛ حيث زادوا على الحدّ الشرعي فقال أبو القاسم القشيري: (الـولـي له معنيان: أحدهما: فعيل بمعنى مفعول، وهو من يتولى الله - سبحانه - أمره. والثاني: فـعـيل، مبالغة من الفاعل، وهو الذي يتولى عبادة الله وطاعته، فعبادته تجري على التوالي من غـيـر أن يتخللها عصيان، وكلا الوصفين واجب حتى يكون الـولـي ولـيــاً)(14). وقــولــه هــذا تـأســيـس للقول بعصمة الولي. وعرفه الجرجاني بمثل تعريف الـقــشــيري، وقــال الـجـرجــانــي أيضاً: (الولاية هي: قيام العبد بالحق عند الفناء عن نفسه)(15). وهذا يشير إلى الفناء أو الحلول.
ويمكن تلخيص انحرافات الصوفية - التي خالفوا بها الكتاب والسنة - في مفهوم الولي في نقاط عدة(16):
1- زعمهم أن الولي يتطور ويـتـشكل ويتواجد في أماكن مختلفة في آن واحد. قال الشعراني فـي تـرجـمة الشيخ حسين أبي علي: (كان هذا الشيخ من كُمّل العارفين وأصحاب الدوائر الكبرى، وكان كثير التطورات: تدخل عليه الأوقات تجده جندياً، ثم تدخل عليه فتجده سبعاً، ثم تدخل فتجده فيلاً، ثم تدخل عليه فتجده صبياً، وهكذا)(17).
2- أن مــــا يتخيله الولي ويتصوره في خياله فإنه يقع كما تخيّل. كما حكى الشعراني عما حصل للجوهري، حين غطس في البحر وتخيل أنه تزوج عراقية فأنجبت له أولاداً، فأتته بعد مدة بأولادها منه(18).
3- دعواهم عصمة الولي وأنه لا يجوز الإنكار عليه ولو خالف الشريعة. فقد نقل الشعراني عن علي الخواص قوله: (إياك أن تصغي لقول منكر على أحد من طائفة العلماء أو الفقراء، فتسقط من عـيـن رعــايــة الله - عز وجل -) ثم قال: (وإنما نهى القوم عن المنازعة؛ لأن علومهم مواجيد لا نقل فيها) ثم وصفها بكونها (وراثة نبوية)(19).
4- أن الولاية تكون بـــأيــدي الأولياء الكبار يهبونها لمن شاؤوا. يقول الدباغ: (يقدر الولي عـلـى أن يــكـلـم أحـداً في أذنــه، ولا يقوم عنه حتى يكون هو والولي في المعارف على حد سواء)(20). وهذا يبين وجهاً من مخالفتهم في كيفية اكتساب الولاية، كما قالوا باكتسابها بالتخلي والرياضة ونحو ذلك.
5- زعمهم أنـهـم يـقـابـلــون النبي -http://www.islamdor.com/vb/images/smilies/sala.gif- يقظة، ويتلقون عنه التشريع، ويسألونه عن الحلال والحرام، وصحة الحديث وضعفه(21).
6- ادعاؤهم أن للـولايــة خـاتـمــــاً كما للنبوة خاتم، وهي فكرة صوفية اخترعها الحكيم الترمذي، وطورها الصوفية بـعـــده حـتـى جعلوا لكل زمان خاتماً، ومنهم من جعل لولاية الخصوص خاتماً، وخاتماً لولاية العموم، فلا ولي بعده!(22).
7- نسبتهم إلى الأولياء صفات الربوبية من علم الغيب، والتصرف في الكون. وانظر مثلاً ما حكاه الشعراني عن إبراهيم الجــعـبري من اطلاعه على خفايا من أحوال الناس(23). وقد حكى الشعراني عن الجعبري أنــه كان يُضْحِك ويُبْكِي من حوله إذا شاء، وأنه حبس بول ناس ثم أطلقه!(24). ونقل عن محمد الحضري أنه يقول: (الأرض بين يدي كالإناء الذي آكل منه، وأجساد الخلائق كالـقــواريـر أرى ما في بواطنهم)(25). ونقل عن الشربيني أنه كان يقول للعصا التي كانت معه: (كوني إنساناً فتكون إنساناً، ويرسلها تقضي الحوائج ثم تعود كما كانت)(26).

كرامات الأولياء:
تـعــد الــكـرامة نوعاً من خوارق العادات. والعادة هي: (الحالة المتكررة على نهج واحد، كعادة الحيض في المرأة)(27). وخـرق العادة إنمـا يكـون بتمزيقهـا ووقـوعـها علـى خلاف الحال المعهودة المألوفـة التي استقر وقوعهـا عليـه(28).
وخوارق العادات قد تـكـون باستغناء الإنسان عن الحاجات البشرية كالطعام والشراب بأن تحصل له بـســبـب غــير معتاد، أو تكون بأن يعلم شيئاً فيراه أو يسمعه، وليس في إمكان البشر سماعه أو رؤيته عادة، وهذا المسمى: الكشف أو المكاشفة، وقد تكون بحصول الأثــر في الأشياء مما ليس في قــدرة البشر فعله في العادة، كوجود ضوء من غير مصدره، ومن هذا إجابة الدعوة.
إن تـمــام الـغـنــى والعلم والقدرة - التي تكون الخوارق من جنسها - إنما هو لله - تعالى - وهو الذي يخرق العادة لمن شاء، ولذا نفاها نوح - عليه السلام - عن نفسه، وأمر الله نبيه محمداً -http://www.islamdor.com/vb/images/smilies/sala.gif- أن ينفيها عن نفسه، فقال - تعالى -: ((قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إنِّي مَلَكٌ)) [الأنعام: 50] (29).
كــمــا أن تــلـك الـخـــوارق مـنـهـا ما يكون محموداً إذا أعان صاحبه على البر والتقوى، كمعجزات الأنبياء وكرامات الصالحين لحجة في الدين أو حاجة بالمسلمين، ومنها ما يكون مذموماً حيث كان عوناً على الـظـلـم والفـجور، كخوارق السحرة والفجرة، وما لم يكن من هذا ولا ذاك كأن كان عوناً لصاحبه على قـضــاء حاجته فإنه المباح، ثم إن استُغل في خير أو شر صار محموداً أو مذموماً(30).
[

أبو يوسف
22-12-2010, 07:00 PM
جزاك الله خيرا اخت جروح

فنحن أمة وسطا ؛ ووسط الشيء أفضله

جروح بارده
24-12-2010, 08:48 PM
الف شكر على المرور

تحيتي:abc_152:

المغربي الجديد
25-12-2010, 03:30 AM
جزاك الله خيرا
وبارك الله بك وفيك الى يوم الدين
موضوع مهم جدا
جعل الله عملك في ميزان حسناتك
تسلم الايادي
:abc_152:

جروح بارده
25-12-2010, 04:11 AM
الف شكر على المرور

تحيتي

سيرين ملكة زماني
25-12-2010, 05:42 AM
جزاااك الله خيرااا جروووح على النقل المميز

جروح بارده
29-12-2010, 06:03 PM
http://img510.imageshack.us/img510/4176/52557416.gif

الحمد لله الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم والصلاة والسلام على نبي الأمــم
سيدنا محمد الأجل الأكرم وعلـى آله وصحبه ومن تبعهــم بإحسان إلى اليوم الأعظم

الف شكر عالمرور

اسعدني تواجدكم المميز

تحيتي العطرة

http://img510.imageshack.us/img510/4176/52557416.gif

فلسطيني
29-12-2010, 06:07 PM
جزاك الله خيرا اخت جروح