المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل يجوز مس المصحف من دون طهارة ؟


abohmam
15-09-2008, 09:50 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هل يجوز مس المصحف من دون طهارة ؟

الجواب/ قراءة المُحـدِث للقرآن

لا يوجد دليل صحيح صريح في منع المُحدِث من قراءة القرآن ، ولا من مسّ المصحف ، سواء كان حدثا أصغر أم أكبر .

أما الاستدلال بعموم قوله تعالى : ( لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ ) فليس بصواب – والله أعلم – ذلك أن الآية مرتبطة بما قبلها

فإن الله تبارك وتعالى قال في سياق الآيات : ( إِنَّهُ لَقُرْآَنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ (78) لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ )

فالذي في الكتاب المكنون هو ما في اللوح المحفوظ ، وقد تكرر وصف القرآن بذلك .قال الله جل جلاله : (بَلْ هُوَ قُرْآَنٌ مَجِيدٌ (21) فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ )

هذا من ناحية .

ومن ناحية أخرى فإن المقصود بـ (الْمُطَهَّرُونَ) هم الملائكة . وأما البشر فإنهم لا يُطلق عليهم ( مطهّرون ) لأنهم يتطهرون ولذا قال الله عز وجل في شأن البشر (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)

وقال في أهل قباء : (فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ) وقال في شأن النساء : (فَإِذَا تَطَهَّرْنَ) فالناس يتطهّرون ، ولا يُوصفون بأنهم ( مُطهّرون )

قال ابن عباس : ( لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ ) قال : الكتاب الذي في السماء .

وقال مرة : يعني الملائكة . وكذا ورد عن ابن مسعود حيث قال : هو الذكر الذي في السماء لا يمسه إلا الملائكة

قال قتادة : ( لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ ) قال : لا يمسه عند الله إلا المطهرون ، فأما في الدنيا فإنه يمسه المجوسي النجس ، والمنافق الرجس ، وقال : وهي في قراءة ابن مسعود ( ما يمسه إلا المطهرون ) وقال أبو العالية ( لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ ) قال : ليس أنتم . أنتم أصحاب الذنوب .

قال الإمام مالك أحسن ما سمعت في هذه الآية : ( لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ ) إنما هي بمنـزلة هذه الآية التي في عبس وتولى ؛ قول الله تبارك وتعالى : (كَلاَّ إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ (11) فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (12) فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (13) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (14) بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (15) كِرَامٍ بَرَرَةٍ) .

إذاً سقط الاستدلال بالآية على منع المُحدث حدثا أصغر أو أكبر من مس المصحف.

وهنا مسألة ، وهي : ينبغي التفريق بين مس المصحف ، وبين قراءة القرآن .

وبقي الاستدلال ببعض الأحاديث التي استدل بها مَن منع الحائض أو الجُـنُـب من قراءة القرآن ، أو منع غير المتوضئ من مسّ المصحف .

فقد استدلوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقضي حاجته ثم يخرج فيقرأ القرآن ، ولا يحجزه - وربما قال - ولا يحجبه عن ذلك شيء ليس الجنابة . رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن خزيمة والحاكم وقال : هذا حديث صحيح الإسناد والشيخان لم يحتجا بعبد الله بن سلمة فمدار الحديث عليه ، وعبد الله مطعون فيه .

ورواه ابن الجارود في المنتقى ، وقال : قال يحيى : وكان شعبة يقول في هذا الحديث : نعرف وننكر . يعني أن عبد الله بن سلمة كان كبر حيث أدركه عمرو .

وأطال الشيخ أبو إسحاق الحويني في تخريجه وذكر طُرقه ، وذلك في غوث المكدود بتخريج منقى ابن الجارود ( ح 94 ) ، ورجّح ضعفه .

ومن قبله الشيخ الألباني – رحمه الله – فقد أطال في تخريجه والكلام عليه في الإرواء ( ح 485 ) ثم إن هذا الحديث لو صـح فإنه لا يدل على المنع ؛ لأنه حكاية فعل ، وحكاية الفعل المُجرّد لا يدل على المنع ولا يدل على الوجوب .

قال ابن حجر : قال ابن خزيمة : لا حجة في هذا الحديث لمن منع الجنب من القراءة ؛ لأنه ليس فيه نهي ، وإنما هي حكاية فعل . اهـ .

ومع أنه حكاية فعل إلا أنه حديث ضعيف لا تقوم به حُجّـة .

ومما استدلوا به أيضا حديث علي رضي الله عنه قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ، ثم قرأ شيئا من القرآن ، ثم قال : هكذا لمن ليس بجُـنب ، فأما الجنب فلا ولا آية . رواه الإمام أحمد وأبو يعلى والضياء في المختارة ، وضعفه الشيخ الألباني في الإرواء . الموضع السابق .

إذا ليس هناك حديث صحيح صريح في منع المُحدِث من قراءة القرآن ، سواء كان حدثا أكبر أو أصغر .

ثم إن البراءة الأصلية تقتضي عدم منع الجنب أو الحائض من مس المصحف أو من قراءة القرآن ، إذ الأصل عدم التكليف .

وهذه المسألة مما تعمّ به البلوى ، أعني الجنابة والحيض ، ومع ذلك لم يرد حديث واحد صحيح في منع الجنب أو الحائض في قراءة القرآن .

قال الإمام الشوكاني - رحمه الله - : وليس من أثبت الأحكام المنسوبة إلى الشرع بدون دليل بأقل إثماً ممن أبطل ما قد ثبت دليله من الأحكام ، فالكل إما من التقوّل على الله تعالى بما لم يَـقـُـل ، أو من إبطـال مـا قـد شرعـه لعباده بلا حُجـة . اهـ .

ومذهب جماعة من السلف جواز قراءة الجُنب للقرآن ، إذ أن الجنابة والحيض مما تعمّ به البلوى ، ومع ذلك لم يرِد النهي عن القراءة في هذه الأحوال ، فعُلِم أنه مما عُفيَ عنه ، وبقي على أصله من عدم تأثيم قارئ القرآن في هذه الأحوال .

ولذا بوّب البخاري - رحمه الله - باباً في الصحيح فقال : تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت . وقال إبراهيم : لا بأس أن تقرأ الآية ، ولم يَــرَ ابن عباس بالقراءة للجنب بأسا .

قال ابن حجر في توجيه التبويب : والأحسن ما قاله ابن رشيد تبعا لابن بطال وغيره : إن مراده الاستدلال على جواز قراءة الحائض والجنب بحديث عائشة رضي الله عنها ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لم يَستثن من جميع مناسك الحج إلا الطواف ، وإنما استثناه لكونه صلاة مخصوصة ، وأعمال الحج مشتملة على ذكر وتلبية ودعاء ، ولم تمنع الحائض من شيء من ذلك ، فكذلك الجنب لأن حدثها أغلظ من حدثه .انتهى .

ولما سُئل سعيد بن جبير : يقرأ الحائض والجنب ؟ قال : الآية والآيتين .

وهذا الذي رجّحه الشيخ الألباني - رحمه الله - ومن قبله الشوكاني . بل إن الشيخ الألباني - رحمه الله - يرى جواز قراءة الجنب للقرآن ، وأنه لا يوجد دليل صحيح يمنع الجنب من قراءة القرآن ، وإن كان الأولى أن يُقرأ القرآن على طهارة كاملة .

وقد ناقش الشيخ الألباني - رحمه الله - هذه المسألة في تمام المنة . ص 107 - 118 ورجّح أن المراد بقوله صلى الله عليه وسلم في حديث عمرو بن حزم : لا يمس القرآن إلا طاهر .

أن المقصود بـ ( الطاهر ) المؤمن . والمشرك نجس بنص القرآن ، والمؤمن طاهر بنص قوله صلى الله عليه وسلم : المؤمن لا ينجس . متفق عليه .

قال - رحمه الله - : والمراد عدم تمكين المشرك من مسِّـه . ويُراجع قوله - رحمه الله – وتفصيله في المسألة في تمام المنة في التعليق على فقه السنة

ثم إن النبي صلى الله عليه على آله وسلم ثبت عنه أنه كان لا ينام حتى يقرأ : ألم تنـزيل (السجدة) ، وتبارك الذي بيده الملك . رواه الإمام أحمد والترمذي .

ولم يُنقل عنه عليه الصلاة والسلام أنه تركهما لأجل الجنابة ، أو أنه قرأ بهما قبل أن يُجنِب .مع أنه عليه الصلاة والسلام كان ينام ولا يمسّ ماء .

قالت عائشة – رضي الله عنها – عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام وهو جنب ولا يمس ماء . رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه والنسائي في الكبرى .

ولا شك أن قراءة القرآن على طهارة كاملة أنه هو الأولى والأفضل ، لقوله – عليه الصلاة والسلام – : إني كرهت أن أذكر الله عز وجل إلا على طهر - أو قال - على طهارة . رواه الإمام أحمد وأبو داود .

والله سبحانه وتعالى أعلى وأعلم .

الدمشقي
16-09-2008, 02:13 AM
اللهم صلي وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آل بيته وصحبه أجمعين

شكراً لك أخي أبو همام على الطرح وعلى التوضيح المهم
وجزاك الله خيراً

رائد ابو فيصل
16-09-2008, 11:49 PM
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

مشكور على الجهد الله يعطيك العافيه وجعله في ميزان حسناتك

تقبل مرري

أبو يوسف
20-02-2009, 07:26 PM
جزاك الله خيرا أخي الكريم أبو همام


وبارك الله فيك

الوردة الجورية
02-12-2009, 04:40 AM
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
جزك الله كل خير

ارتقاء
02-12-2009, 11:56 AM
حيّاك الله اًخونا الفاضل اًبو همام

تشكر على هذا الطرح وعلى التوضيح المهم

كثير من اًمر ديننا نحن بحاجة الى اًن توضح لتُطبق على ما يفرضه ربَ العزة

كتبه الله حسنة لك واًثقل به ميزان حسناتك اٍنْ شاء الله

تحياتي الطيبة واًحترامي

http://www13.0zz0.com/thumbs/2009/11/21/21/826306646.jpg (http://www.0zz0.com/realpic.php?s=13&pic=2009/11/21/21/826306646.jpg)



اًختكم اًرتقاء