سفيرة الاسلام
11-01-2011, 11:48 AM
:slaam:
أشعة: لا إله إلا اللهه
قال الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله ;
اعلم أن أشعة ((لا إله إلا الله)) تبدد من ضباب الذنوب وغيومها بقدر قوة ذلك الشعاع وضعفه، فلها نور، وتفاوت أهلها في ذلك النور - قوة وضعفا - لا يحصيه إلا الله تعالى.
فمن الناس : من نور هذه الكلمة في قلبه كالشمس.
ومنهم : من نورها في قلبه كالكوكب الدري.
ومنهم : من نورها في قلبه كالمشعل العظيم.
وآخر : كالسراج المضيء وآخر كالسراج الضعيف.
ولهذا تظهر الأنوار يوم القيامة بأيمانهم، وبين أيديهم، على هذا المقدار بحسب ما في قلوبهم من نور هذه الكلمة، علماً وعملاً، ومعرفةً وحالاً.
:fasel3:
وكلما عظم نور هذه الكلمة واشتد : أحرق من الشبهات والشهوات بحسب قوته وشدته، حتى إنه ربما وصل إلى حال لا يصادف معها شبهة ولا شهوة ولا ذنبا إلا أحرقه، وهذا حال الصادق في توحيده الذي لم يشرك بالله شيئا، فأي ذنب أو شهوة أو شبهة دنت من هذا النور أحرقها، فسماء إيمانه قد حُرست بالنجوم من كل سارق لحسناته، فلا ينال منها السارق إلا على غرة وغفلة لا بد منها للبشر، فإذا استيقظ وعلم ما سُرق منه استنقذه من سارقه، أو حصل أضعافه بكسبه، فهو هكذا أبداً مع لصوص الجن والإنس، ليس كمن فتح لهم خزانته وولَّى الباب ظهره.
وليس التوحيد مجرد إقرار العبد بأنه لا خالق إلا الله، وأن الله رب كل شيء ومليكه، كما كان عباد الأصنام مقرين بذلك وهم مشركون، بل التوحيد يتضمن من محبة الله، والخضوع له، والذل، وكمال الانقياد لطاعته، وإخلاص العبادة له، وإرادة وجهة الأعلى بجميع الأقوال والأعمال، والمنع والعطاء، والحب والبغض، ما يحول بين صاحبه وبين الأسباب الداعية إلى المعاصي والإصرار عليها، ومن عرف هذا عرف قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (( إن الله حرم على النار من قال : لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله )). وقوله: (( لا يدخل النار من قال : لا إله إلا الله )) وما جاء من هذا الضرب من الأحاديث التي أشكلت على كثير من الناس، حتى ظنها بعضهم منسوخة، وظنها بعضهم قيلت قبل ورود الأوامر والنواهي واستقرار الشرع، وحملها بعضهم على نار المشركين والكفار، وأوّلَ بعضهم الدخول بالخلود وقال : المعنى لا يدخلها خالداً، ونحو ذلك من التأويلات المستكرهة.
:fasel3:
والنبي -صلوات الله وسلامه عليه- لم يجعل ذلك حاصلاً بمجرد قول اللسان فقط، فإن هذا خلاف المعلوم بالاضطرار من دين الإسلام، فإن المنافقين يقولونها بألسنتهم وهم تحت الجاحدين لها في الدرك الأسفل من النار، فلا بد من قول القلب، وقول اللسان. وقول القلب : يتضمن من معرفتها والتصديق بها، ومعرفة حقيقة ما تضمنته من النفي والإثبات، ومعرفة حقيقة الإلهية المنفية عن غير الله المختصة به التي يستحيل ثبوتها لغيره، وقيام هذا المعنى بالقلب : علماً ومعرفةً ويقيناً وحالاً : ما يوجب تحريم قائلها على النار.
وكلُّ قولٍ رَتَّبَ الشارع ما رتب عليه من الثواب فإنما هو القول التام، كقوله -صلى الله عليه وسلم- : (( من قال في يوم : سبحان الله وبحمده مائة مرة حطت عنه خطاياه -أو غفرت ذنوبه- ولو كانت مثل زبد البحر )) وليس هذا مرتَّباً على مجرد قول اللسان.
نعم من قالها بلسانه غافلا عن معناها، معرضا عن تدبرها، ولم يواطىء قلبه لسانه، ولا عرف قدرها وحقيقتها، راجياً مع ذلك ثوابها، حُطّت من خطاياه بحسب ما في قلبه، فإن الأعمال لا تتفاضل بصورها وعددها وإنما تتفاضل بتفاضل ما في القلوب، فتكون صورة العملين واحدة وبينهما في التفاضل كما بين السماء والأرض، والرجلان يكون مقامهما في الصف واحداً وبين صلاتيهما كما بين السماء والأرض.
من كتاب مدارج السالكين
أشعة: لا إله إلا اللهه
قال الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله ;
اعلم أن أشعة ((لا إله إلا الله)) تبدد من ضباب الذنوب وغيومها بقدر قوة ذلك الشعاع وضعفه، فلها نور، وتفاوت أهلها في ذلك النور - قوة وضعفا - لا يحصيه إلا الله تعالى.
فمن الناس : من نور هذه الكلمة في قلبه كالشمس.
ومنهم : من نورها في قلبه كالكوكب الدري.
ومنهم : من نورها في قلبه كالمشعل العظيم.
وآخر : كالسراج المضيء وآخر كالسراج الضعيف.
ولهذا تظهر الأنوار يوم القيامة بأيمانهم، وبين أيديهم، على هذا المقدار بحسب ما في قلوبهم من نور هذه الكلمة، علماً وعملاً، ومعرفةً وحالاً.
:fasel3:
وكلما عظم نور هذه الكلمة واشتد : أحرق من الشبهات والشهوات بحسب قوته وشدته، حتى إنه ربما وصل إلى حال لا يصادف معها شبهة ولا شهوة ولا ذنبا إلا أحرقه، وهذا حال الصادق في توحيده الذي لم يشرك بالله شيئا، فأي ذنب أو شهوة أو شبهة دنت من هذا النور أحرقها، فسماء إيمانه قد حُرست بالنجوم من كل سارق لحسناته، فلا ينال منها السارق إلا على غرة وغفلة لا بد منها للبشر، فإذا استيقظ وعلم ما سُرق منه استنقذه من سارقه، أو حصل أضعافه بكسبه، فهو هكذا أبداً مع لصوص الجن والإنس، ليس كمن فتح لهم خزانته وولَّى الباب ظهره.
وليس التوحيد مجرد إقرار العبد بأنه لا خالق إلا الله، وأن الله رب كل شيء ومليكه، كما كان عباد الأصنام مقرين بذلك وهم مشركون، بل التوحيد يتضمن من محبة الله، والخضوع له، والذل، وكمال الانقياد لطاعته، وإخلاص العبادة له، وإرادة وجهة الأعلى بجميع الأقوال والأعمال، والمنع والعطاء، والحب والبغض، ما يحول بين صاحبه وبين الأسباب الداعية إلى المعاصي والإصرار عليها، ومن عرف هذا عرف قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (( إن الله حرم على النار من قال : لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله )). وقوله: (( لا يدخل النار من قال : لا إله إلا الله )) وما جاء من هذا الضرب من الأحاديث التي أشكلت على كثير من الناس، حتى ظنها بعضهم منسوخة، وظنها بعضهم قيلت قبل ورود الأوامر والنواهي واستقرار الشرع، وحملها بعضهم على نار المشركين والكفار، وأوّلَ بعضهم الدخول بالخلود وقال : المعنى لا يدخلها خالداً، ونحو ذلك من التأويلات المستكرهة.
:fasel3:
والنبي -صلوات الله وسلامه عليه- لم يجعل ذلك حاصلاً بمجرد قول اللسان فقط، فإن هذا خلاف المعلوم بالاضطرار من دين الإسلام، فإن المنافقين يقولونها بألسنتهم وهم تحت الجاحدين لها في الدرك الأسفل من النار، فلا بد من قول القلب، وقول اللسان. وقول القلب : يتضمن من معرفتها والتصديق بها، ومعرفة حقيقة ما تضمنته من النفي والإثبات، ومعرفة حقيقة الإلهية المنفية عن غير الله المختصة به التي يستحيل ثبوتها لغيره، وقيام هذا المعنى بالقلب : علماً ومعرفةً ويقيناً وحالاً : ما يوجب تحريم قائلها على النار.
وكلُّ قولٍ رَتَّبَ الشارع ما رتب عليه من الثواب فإنما هو القول التام، كقوله -صلى الله عليه وسلم- : (( من قال في يوم : سبحان الله وبحمده مائة مرة حطت عنه خطاياه -أو غفرت ذنوبه- ولو كانت مثل زبد البحر )) وليس هذا مرتَّباً على مجرد قول اللسان.
نعم من قالها بلسانه غافلا عن معناها، معرضا عن تدبرها، ولم يواطىء قلبه لسانه، ولا عرف قدرها وحقيقتها، راجياً مع ذلك ثوابها، حُطّت من خطاياه بحسب ما في قلبه، فإن الأعمال لا تتفاضل بصورها وعددها وإنما تتفاضل بتفاضل ما في القلوب، فتكون صورة العملين واحدة وبينهما في التفاضل كما بين السماء والأرض، والرجلان يكون مقامهما في الصف واحداً وبين صلاتيهما كما بين السماء والأرض.
من كتاب مدارج السالكين