ميرال حردان
19-01-2011, 03:05 AM
وَإِلَيْكُمْ مُقَدِّمَةَ الأُسْتَاذِ الغَالِي يَاسِر مُحَمَّد مُطْره جِي لِكِتَابِهِ:
أَثَرُ الاخْتِلاَفِ فِي الأَوْجُهِ الإِعْرَابِيَّةِ فِي تَفْسِيرِ الآيَاتِ القُرْآنِيَّةِ
الَّذِي هُوَ فِي الأَصْلِ عِبَارَةٌ عَنْ رِسَالَةِ مَاجِسْتِيرِ نُوقِشَتْ بِتَارِيخِ 13/5/2007م
فِي جَامِعَةِ تَشْرِينَ فِي اللاَّذِقِيَّةِ-سُورية، بِإِشْرَافِ الأُسْتَاذ الدُّكْتُور سَامِي عَوَض، وَقَدْ نَالَ البَاحِثُ فِيهَا تَقْدِيرَ مُمْتَاز
وَطُبِعَ كِتَابَاً فِي دَارِالبَشَائِرِ: دِمَشْقُ – شَارِع 29 أَيَّار – جادة كرجية حداد، هاتِف: 2316668-2316669
ص.ب: 4926 سُورية، فاكس: 2316196
المَوْقِعُ: www.daralbashaer.net، وَالبَرِيدُ الإِلْكِتْرُونِيُّ: info@daralbashaer.net
وَإِلَيْكُمْ مُقَدِّمَةَ الكِتَابِ:
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
الحَمْدُ للهِ الَّذِي بِالْقُلُوْبِ مَعْرِفَتُهُ بَيْنَ العَالَمِيْنَ، وَبِالْعُقُوْلِ حُجَّتُهُ بَيْنَ العَالِمِيْنَ، وَالصَّلاَةُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَإِخْوَتِهِ مِنَ الأَنْبِيَاءِ وَالمُرْسَلِيْنَ، وَالسَّلاَمُ عَلَى آلِ كُلٍّ، وَصَحْبِ كُلٍّ، وَتَابِعِ كُلٍّ أَجْمَعِيْنَ، وَبَعْدُ:
فَإِنَّ عِلْمَ النَّحْوِ مِنْ أَجَلِّ العُلُومِ فَائِدةً، وَأَكْثِرِها بِالعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ رَابِطَةً، وَأَفْضَلِهَا عَلَيْهَا عَائِدَةً.
وَلَمَّا كَانَ عِلْمُ التَّفْسِيْرِ وَاحِدَاً مِنَ العُلُوْمِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي يُفْهَمُ بِهَا القُرْآنُ الكَرِيْمُ، وَتَنْكَشِفُ مَعَانِيْهِ، وَتُسْتَخْرَجُ أَحْكَامُهُ، كَانَ عِلْمُ النَّحْوِ -بِمَفْهُوْمِهِ الوَاسِعِ- وَاحِدَاً مِنْ أَهَمِّ العُلُومِ الَّتِي تُسَاعِدُ عَلَى ذَلِكَ؛ لأَهَمِّيَّتِهِ وَاِرْتِبَاطِهِ الشَّدِيْدِ بِتَوْجِيْهِ المَعَانِي، وَتَنَوُّعِ الأَفْهَامِ.
وَلَعَلَّ قَوْلَ ابْنِ عَطِيَّةَ: «إِعْرَابُ القُرْآنِ أَصْلٌ فِي الشَّرِيْعَةِ»(1 )، مَا هُوَ إِلاَّ تَرْسِيْخٌ لِقَوْلِ النَّبِيِّ : «أَعْرِبُوا القُرْآنَ، وَالْتَمِسُوا غَرَائِبَهُ»(2)؛ لأَنَّهُ بِذَلِكَ تُقَوَّمُ مَعَانِيْهِ الَّتِي يَتَّخِذُهَا الشَّرْعُ دُسْتُوْرَاً، وَالدِّيْنُ مِنْهَاجَاً، وَلاَ يَتَأَتَّى ذَلِكَ إِلاَّ مِنْ دِرَاسَةٍ مُتَعَمِّقَةٍ لأَسْرَارِ هَذِهِ اللُّغَةِ، وَخَفَايَاهَا، وَقَوَاعِدِهَا، وَأَنْظِمَتِهَا.
وَمِنْ هُنَا، فَإِنَّ مُنْطَلَقَ الدِّرَاسَةِ النَّحْوِيَّةِ الَّتِي اِعْتَمَدْتُهَا فِي هَذَا البَحْثِ -فِي بَيَانِ أَثَرِ الاِخْتِلاَفِ بَيْنَ النَّحْوِيِّيْنَ فِي الأَوْجُهِ الإِعْرَابِيَّةِ فِي تَفْسِيْرِ الآيَاتِ القُرْآنِيَّةِ- إِنَّمَا هُوَ اِكْتِنَاهٌ لِمَعَانِي النَّحْوِ فِي الإِفْصَاحِ عَنْ تَفْسِيْرِ العَدِيْدِ مِنْ آيِ الذِّكْرِ الحَكِيْمِ؛ إِذْ لاَ يَخْفَى عَلَى دَارِسِ العَرَبِيَّةِ الاِرْتِبَاطُ الوَثِيْقُ بَيْنَ المَعْنَى وَالحَالَةِ الإِعْرَابِيَّةِ؛ إِذْ كُلَّمَا تَعَدَّدَ إِعْرَابُ الكَلِمَةِ الوَاحِدَةِ، تَعَدَّدَ المَعْنَى الوَاحِدُ، وَالعَكْسُ.
وَلِذَلِكَ كَانَ حَافِزِي إِلَى اِخْتِيَارِ هَذَا البَحْثِ أَهَمِّيَّةَ النَّحْوِ وَمَكَانَتَهُ فِي تَفْسِيْرِ النَّصِّ الدِّيْنِيِّ وَجَلاَءِ أَحْكَامِهِ مِنْ نَاحِيَةٍ، وَحَاجَةَ المَكْتَبَةِ العَرَبِيَّةِ وَالإِسْلاَمِيَّةِ إِلَى مِثْلِ هَذِهِ الدِّرَاسَةِ مِنْ نَاحِيَةٍ أُخْرَى؛ لأَنَّ المَصَادِرَ المُتَوَافِرَةَ فِيْهَا تَفْتَقِرُ إِلَى دِرَاسَاتٍ تَتَّبِعُ مَنْهَجَاً جَدِيْدَاً، يَكْشِفُ أَهَمِّيَّةَ النَّحْوِ، وَيُحَلِّلُ اللُّغَةَ بِنَاءً عَلَى أُسُسٍ جَدِيٍْدَةٍ، تَتَنَاوَلُ الأَحْوَالَ البَلاغِيَّةَ وَالنَّحْوِيَّةَ لِعَنَاصِرِ التَّرْكِيْبِ وَعَلاَقَاتِهَا، وَآملُ أَنْ يَكُوْنَ مَا تَوَصَّلْتُ إِلَيْهِ مِنْ نَتَائِجَ، جَدِيْدَاً وَمُفِيْدَاً.
وَهَدَفِي بَيَانُ كَيْفِيَّةِ اسْتِخْدَامِ هَذِهِ اللُّغَةِ، لِتَحْقِيْقِ أَهْدَافِ النَّصِّ القُرْآنِيِّ، وَغَايَتِهِ، بِدِرَاسَةٍ تَرْبِطُ النِّظَامَ النَّحْوِيَّ بِالطَّرِيْقَةِ الَّتِي وُظِّفَ فِيْها هَذَا النِّظَامُ لأَدَاءِ المَعَانِي؛ لذَلِكَ فَقَدْ رَأَيْتُ أَنْ أَخْتَارَ مَوْضُوْعَاً يُبْرِزُ دَوْرَ النَّحْوِ فِي تَنَوِّعِ مَعَانِي آيِ القُرآنِ الكَرِيْمِ وَاتِّسَاعِهَا، وَاضِعَاً فِي حِسْبَانِي أَنَّ النَّحْوَ -شَأْنَ العُلُوْمِ الإِسْلاَمِيَّةِ الأُخْرَى- نَشَأَ لِفَهْمِ القُرْآنِ، وَالبَحْثِ عَنْ كُلِّ مَا يُفيدُ فِي اسْتِنْطَاقِ نُصُوْصِهِ، بِوَصْفِهِ أَعْلَى مَا فِي العَرَبِيَّةِ مِنْ بَيَانٍ، وَأَنَّ النَّصَّ القُرْآنِيَّ نَصٌّ تَشْرِيْعِيٌّ نَزَلَ لِيُنَظِّمَ شُؤُوْنَ المُجْتَمَعِ القَبَلِيِّ، وَيَنْقُلَهُ مِنَ البَدَاوَةِ إِلَى المَدَنِيَّةِ المُتَحَضِّرَةِ؛ وَكَانَ مِنْ أَهمِّ أَسْبَابِ نَجَاحِهِ فِي تَحْقِيْقِ أَغْرَاضِهِ، أَنَّهُ وَظَّفَ اللُّغَةَ العَرَبِيَّةَ تَوْظِيْفَاً مُنَاسِبَاً لأَدَاءِ غَايَتِهِ، وَمُتَمثَِّلاً بِذَلِكَ قَوْلَ مَكِّيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيِّ، فِي مُقَدِّمَةِ كِتَابِهِ: "مُشْكِلُ إِعْرَابِ القُرْآنِ": «وَرَأَيْتُ مِنْ أَعْظَمِ مَا يَجِبُ عَلَى طَالِبِ عُلُوْمِ القُرْآنِ، الرَّاغِبِ فِي تَجْوِيْدِ أَلْفَاظِهِ، وَفَهْمِ مَعَانِيْهِ، وَمَعْرِفَةِ قِرَاءَاتِهِ وَلُغَاتِهِ، وَأَفْضَلِ مَا القَارِئُ إِلَيْهِ مُحْتَاجٌ، مَعْرِفَة إِعْرَابِهِ وَالوُقُوف عَلَى تَصَرُّفِ حَرَكَاتِهِ وَسَوَاكِنِهِ؛ لِيَكُوْنَ بِذَلِكَ سَالِمَاً مِنَ اللَّحْنِ فِيْهِ، مُسْتَعِيْنَاً عَلَى إِحْكَامِ اللَّفْظِ بِهِ، مُطَّلِعَاً عَلَى المَعَانِي الَّتِي قَدْ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلاَفِ الحَرَكَاتِ، مُتَفَهِّمَاً لِمَا أَرَادَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- بِهِ مِنْ عِبَادِهِ؛ إِذْ بِمَعْرِفَةِ حَقَائِقِ الإِعْرَابِ تُعْرَفُ أَكْثَرُ المَعَانِي، وَيَنْجَلِي الإِشْكَالُ، وَتَظْهَرُ الفَوَائِدُ، وَيُفْهَمُ الخِطَابُ، وَتَصِحُّ مَعْرِفَةُ حَقِيْقَةِ المُرَادِ»( 3).
فَالنَّحْوُ أَخَصُّ مَا يُخْدَمُ بِهِ نَصُّ القُرْآنِ، وَيُحَافَظُ بِهِ عَلَيْهِ، فَلاَ عَجَبَ إِنْ كَانَ هَذَا الكِتَابُ الخَالِدُ هُوَ البَاعِثَ الأَوَّلَ عَلَى نَشْأَتِهِ، وَأَنْ يُوضَعَ هَذَا العِلْمُ فِي رِحَابِهِ اِبْتِغَاءَ القُدْرَةِ عَلَى النُّطْقِ بِهِ سَلِيْمَاً صَحِيْحَاً مِنَ اللَّحْنِ، وَالقُدْرَةِ عَلَى فَهْمِهِ، وَابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ بِخِدْمَتِهِ، وَخِدْمَةِ عُلُوْمِهِ.
وَمِمَّا تَقَدَّمَ تولَّدَتْ لَدَيَّ فِكْرَةُ البَحْثِ الَّذِي يُكَمِّلُ جُهُوْدَ العُلَمَاءِ القُدَمَاءِ وَالمُحْدَثِيْنَ، فِي هَذَا المَجَالِ، وَيُحَقِّقُ الأَغْرَاضَ وَالأَهْدَافَ وَالغَايَاتِ وَالمَقَاصِدَ الَّتِي أَشَرْتُ إِلَيْهَا، وَفِي سَبِيْلِ ذَلِكَ حَصَرْتُ الدِّرَاسَةَ فِي القُرْآنِ الكَرِيْمِ؛ لأَنَّهُ المَصْدَرُ الأَوَّلُ وَالرَّئِيْسُ لِلنَّحْوِ العَرَبِيِّ الَّذِي اِشْتَقَّ مِنْهُ العُلَمَاءُ عُلُوْمَ العَرَبِيَّةِ كَافَّةً.
وَقَدْ جَعَلْتُ عُنْوَانَهُ: "أَثَرُ الاِخْتِلافِ فِي الأَوْجُهِ الإِعْرَابِيَّةِ فِي تَفْسِيْرِ الآيَاتِ القُرْآنِيَّةِ".
وَرَأَيْتُ أَنْ يَكُوْنَ فِي أَرْبَعَةِ فُصُوْلٍ، يَسْبِقُهَا مُقَدِّمَةٌ، وَيَتْلُوْهَا خَاتِمَةٌ، بَعْدَهَا فَهَارِسُ البَحْثِ.
أَمَّا الفَصْلُ الأَوَّلُ: "الاِخْتِلاَفُ فِي التَّوْجِيْهَاتِ النَّحْوِيَّةِ، وَأَثَرُهُ فِي اِتِّسَاعِ المَعَانِي"، فَفِيْهِ مَبْحَثَانِ:
تَنَاوَلْتُ فِي الأَوَّلِ مِنْهُمَا أَهَمَّ الأَسْبَابِ الَّتِي أَدَّتْ إِلَى وَضْعِ النَّحْوِ، وَبَيَّنْتُ اِرْتِبَاطَ هَذِهِ الأَسْبَابِ بِإِرَادَةِ الفَهْمِ، مُتَجَاوِزَاً بِذَلِكَ الاِقْتِصَارَ عَلَى مُحَارَبَةِ اللَّحْنِ، وَلاَ سِيَّمَا أَنَّ أَهَمَّ سَبَبٍ لِوَضْعِ النَّحْوِ هُوَ خِدْمَةُ القُرْآنِ الكَرِيْمِ وَالحِفَاظُ عَلَيْهِ وَحِمَايَتُهُ، مِمَّا يُعَمِّقُ دَوْرَ النَّحْوِ وأَهَمِّيَّتَهُ فِي جَلاَءِ المَعْنَى وَتَوْضِيْحِهِ، عَلَى مَرَاحِلِ نُمُوِّهِ وَتَطَوُّرِهِ جَمِيْعِهَا.
وَتَنَاوَلْتُ فِي المَبْحَثِ الثَّانِي أَهَمَّ الأَسْبَابِ الَّتِي أَدَّتْ إِلى اِخْتِلاَفِ النَّحْوِيِّيْنَ، بَعْدَ أَنْ عَرَّفْتُ بِمَفْهُومَيِ الاِخْتِلاَفِ وَالخِلاَفِ، وبنوعَي الاختلاف المحمودِ والمذمومِ، مُبَيِّنَاً الفَرْقَ بَيْنَ كُلٍّ مِنَ الاِخْتِلاَفَيْنِ، وَلَمَّا بَحَثْتُ عَنْ مَوَادِّ هَذَا المَبْحَثِ أَيْقَنْتُ أَنَّهَا غَيْرُ مُجَلاَّةٍ فِي مَظَانِّ النَّحْوِ المُخْتَلِفَةِ -قَدِيْمِهَا، وَحَدِيْثِهَا- فَهِيَ مُتَفَرِّقَةٌ فِي هَذِهِ الكُتُبِ لَمْ يَحْصُرْها كِتَابٌ وَاحِدٌ حَصْرَاً دَقِيْقَاً، فَنَدَبْتُ نَفْسِي لِذَلِكَ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُوْنَ قَدْ أَصَبْتُ فِي جَمْعِها، وَتَصْنِيْفِهَا، وَتَبْوِيْبِهَا عَلَى الشَّكْلِ الَّذِي اِنْتَهَيْتُ إِلَيْهِ.
فَقَدْ رَأَيْتُ أَنَّ هُنَاكَ أَسْبَابَاً لِلاِخْتِلاَفِ تَعُوْدُ إِلَى بِدَايَةِ تَقْعِيْدِ النَّحْوِ وَضَبْطِ القَوَاعِدِ؛ وَذَلِكَ لاِخْتِلاَفِ المَعَايِيْرِ وَالمَقَايِيْسِ الَّتِي اِعْتَمَدَهَا النَّحْوِيُّونَ عَلَى اِخْتِلاَفِ مَذَاهِبِهِمْ وَمَدَارِسِهِمْ وَمَشَارِبِهِمْ، وَمِنْهَا: "التَّعْلِيْلُ، وَالعَامِلُ، وَالقِيَاسُ، وَالسَّمَاعُ، وَالاِجْتِهَادُ"، فَمَنْ غَلَّبَ مِعْيَارَاً مِنْ هَذِهِ المَعَايِيْرِ عَلَى آخَرَ، وَقَعَ فِي اِخْتِلاَفٍ مَعَ مَنْ غَلَّبَ مِعْيَارَاً غَيْرَهُ، وَهَكَذَا.
وَأَسْبَابَاً أُخْرَى تَعُوْدُ إِلَى التَّحَوُّلِ عَنْ ذَلِكَ الأَصْلِ وَتِلْكَ القواعدِ؛ وذَلِكَ لأَسْبَابٍ تَتَعَلَّقُ بِالأَصْوَاتِ وَطَبِيْعَةِ اللُّغَةِ، كَـ "التَّنْغِِيْمِ، وَكَيْفِيَّةِ الأَدَاءِ، وَالوَصْلِ، وَالوَقْفِ، وَتَعَدُّدِ اللَّهَجَاتِ، وَتَعَذُّرِ ظُهُوْرِ الحَرَكَاتِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ"، وَأَسْبَابٍ أُخْرَى غَيْرِ صَوْتِيَّةٍ، كَـ "اِطِّرَادِ البَابِ، وَأَمْنِ اللَّبْسِ، وَالمَعْنَى، وَالقِرَاءَاتِ القُرْآنِيَّةِ، وَالتَّضْمِيْنِ النَّحْوِيِّ، وَالإِجْمَاعِ، وَاسْتِصْحَابِ الحَالِ، وَغَيْرِهَا".
مُبَيِّنَاً فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مَدَى رُقِيِّ العَقْلِ العَرَبِيِّ، وَنُمُوِّ طَاقَتِهِ الذِّهْنِيَّةِ نُمُوَّاً أَعَدَّهُ لِلنُّهُوضِ وَتَسْجِيْلِ الرُّسُوْمِ النَّحْوِيَّةِ، تَسْجِيْلاً تَطَّرِدُ فِيْهِ القَوَاعِدُ، وَتَنْتَظِمُ الأَقْيِسَةُ انْتِظَامَاً يُهَيِّئُ لِوَضْعِ القَوَانِيْنِ، وَتَصْنِيْفِهَا، وَتَمْحِيْصِهَا، وَالحُكْمِ عَلَيْهَا بِالقَبُوْلِ، أَوْ بِالشُّذُوْذِ، أَوْ بِالرَّفْضِ.
وَأَمَّا الفَصْلُ الثَّانِي: "أَثَرُ تَعَدُّدِ الآرَاءِ النَّحْوِيَّةِ فِي خِدْمَةِ المَعْنَى الدِّيْنِيِّ فِي القُرْآنِ الكَرِيْمِ"، فَفِيْهِ أَيْضَاً مَبْحَثَانِ:
تَنَاوَلْتُ فِي الأَوَّلِ مِنْهُمَا دَوْرَ النَّحْوِ، وَمَكَانَتَهُ فِي فَهْمِ التَّرْكِيْبِ القُرْآنِيِّ وَاسْتِنْبَاطِ أَحْكَامِهِ؛ لأَنَّ صِنَاعَةَ الإِعْرَابِ تَقْتَضِي مِمَّنْ يَتَصَدَّى لَهَا، أَنْ يَتَدَبَّرَ مَعْنَى النَّصِّ الَّذِي هُوَ بِصَدَدِهِ، وَيُوَفِّيَ قَوَاعِدَ النَّحْوِ حَقَّهَا. وَيَدْخُلُ فِي تَدَبُّرِ المَعْنَى الاِعْتِدَادُ بِالمَقَامِ الَّذِي قِيْلَ فِيْهِ النَّصُّ؛ إِذْ مُجَافَاةُ مَقَامِ النَّصِّ تُؤَدِّي إِلَى بَخْسِهِ حَقَّهُ، والنَّأْيِ بِهِ عَنِ المُرَادِ مِنْهُ، هَذَا مَعَ المُحَافَظَةِ عَلَى صِحَّةِ القَاعِدَةِ النَّحْوِيَّةِ وَسَلاَمَتِهَا وَالرُّجُوْعِ إِلَيْهَا، وَتَأْوِيْلِ الكلامِ -إِذَا دَعَتِ الحَاجَةُ إِلَيْهِ- تَأْوِيْلاً يَتَّفِقُ وَالأُصُوْلَ النَّحْوِيَّةَ، وَيَنْبَثِقُ مِنْ رُوْحِ اللُّغَةِ وَحَيَوِيَّتِهَا، وَلاَ يَخْرُجُ عَنْ طَبِيْعَتِهَا وَرَوْنَقِهَا.
وَتَنَاوَلْتُ فِي المَبْحَثِ الثَّانِي دَوْرَ الاِخْتِلاَفَاتِ فِي الأَوْجُهِ الإِعْرَابِيَّةِ فِي تَوْجِيْهِ المَعَانِي فِي القُرْآنِ الكَرِيْمِ، فِي ضَوْءِ الاِعْتِمَادِ عَلَى دِرَاسَةِ بَعْضِ آيِ القُرْآنِ الكَرِيْمِ وَتَحْلِيْلِهَا، وَعَرْضِ أَهَمِّ الآرَاءِ النَّحْوِيَّةِ الَّتِي تُوَجِّهُهَا، فِي أَثْنَاءِ التَّحْلِيْلِ النَّحْوِيِّ لَهَا؛ إِذْ إِنَّ الاِخْتِلاَفَ فِي إِعْرَابِ كَلِمَةٍ مَا فِي آيَةٍ مَا، يُؤَدِّي إِلَى اِخْتِلاَفٍ فِي مَعْنَاهَا، وَتَفَرُّعٍ فِي غَايَاتِهَا، وَتَعَدُّدٍ فِي مَقَاصِدِهَا.
مِمَّا يُؤكِّدُ أَنَّ مُرَاعَاةَ الصِّنَاعَةِ النَّحْوِيَّةِ بِمَنْأَى عَنِ المَعْنَى هَدْمٌ لِرُوْحِ النَّصِّ، وَبُعْدٌ بِهِ عَنْ مَعْنَاهُ المَقْصُوْدِ؛ لأَنَّ الإِعْرَابَ تَذَوُّقٌ لِلْمَعْنَى، وَحُكْمٌ عَلَيْهِ بِالرِّفْعَةِ أَوِ الضِّعَةِ، وَمِنْ هُنَا تَبْدُو أَهَمِّيَّةُ المَعْنَى فِي تَوَخِّي الوَجْهِ الإِعْرَابِيِّ الَّذِي يُبَيِّنُ هَذَا المَعْنَى وَيُوَضِّحُهُ.
وَأَمَّا الفَصْلُ الثَّالِثُ: "أَهَمِّيَّةُ القِرَاءَاتِ القُرْآنِيَّةِ فِي تَوْظِيْفِ العَنَاصِرِ النَّحْوِيَّةِ لأَدَاءِ مَعَانِيْهَا"، فَفِيْهِ مَبْحَثَانِ كَذَلِكَ:
تَنَاوَلْتُ فِي المَبْحَثِ الأَوَّلِ مَفْهُوْمَ القِرَاءَاتِ، وَالمَرَاحِلَ الأُوْلَى الَّتِي تَلَقَّى فِيْهَا النَّبِيُّ آيَاتِ التَّنْزِيلِ، وَمِنْ ثَمَّ تَبْلِيْغهَا لِلصَّحَابةِ ، وَجُهُودهُمْ فِي نَشْرِهَا مَعَ العِنَايَةِ بِدِقَّةِ رِوَايَتِهَا، عَنْ طَرِيْقِ التَّواتُرِ، وَبَيَّنْتُ الفَرْقَ بَيْنَ "القِرَاءَاتِ، وَالرِّوايَاتِ، وَالطُّرُقِ، وَالخِلاَفِ الوَاجِبِ وَالجَائِزِ"، وَذَكَرْتُ أَقْسَامَ القِرَاءَاتِ مِنْ حَيْثُ السَّنَدُ، وَرَأْيَ العُلَمَاءِ فِي عَدَدِهَا، وَعَرَضْتُ أَقْوَالَ العُلَمَاءِ فِي الكَلاَمِ عَلَى الأَحْرُفِ السَّبْعَةِ، وَمَعْنَاهَا المُخْتَارِ، مُوَضِّحَاً مَفْهُوْمَ الاِخْتِيَارِ، وَالحِكْمَةَ مِنَ الاِخْتِلاَفِ فِي القِرَاءَاتِ القُرْآنِيَّةِ وَتَعَدُّدِهَا، مُنْتَهِيَاً إِلَى أَنَّ الخِلاَفَ هُنَا خِلاَفُ تَنَوُّعٍ وَتَغَايُرٍ، وَلَيْسَ خِلاَفَ تَضَادٍّ وَتَبَايُنٍ.
وَتَنَاوَلْتُ فِي المَبْحَثِ الثَّانِي دَوْرَ القِرَاءَاتِ القُرْآنِيَّةِ فِي تَنَوُّعِ المَعَانِي، وَتَعَدُّدِ الأَوْجُهِ الإِعْرَابِيَّةِ، مُشِيْرَاً إِلَى تَفَاوُتِ المَذَاهِبِ النَّحْوِيَّةِ فِي الاِحْتِجَاجِ بِالقِرَاءَاتِ، وَمُبيِّنَاً أَثَرَ القِرَاءَاتِ القُرْآنِيَّةِ فِي تَعَدُّدِ التَّحْلِيلاَتِ النَّحْوِيَّةِ لَهَا، وَمَا يَنتجُ عَنْهُ مِنْ تَوْجِيْهٍ لِلْمَعَانِي، وَتَنَوُّعٍ فِي الدَّلاَلاَتِ، فِي ضَوْءِ الوُقُوْفِ عَلَى عَدَدٍ مِنَ الآيَاتِ الَّتِي تَعَدَّدَتْ قِرَاءَاتُها، فَاخْتَلَفَ إِعْرَابُهَا، فَتَنَوَّعَتْ مَعَانِيْهَا، تِبْيَانَاً لِرَوْعَةِ البَيَانِ القُرْآنِيِّ، وَقُوَّتِهِ فِي إِعْطَاءِ المَعْنَى سُبُلاً مُتَعَدِّدَةً، تُبَيِّنُ أَهَمِّيَّةَ النَّحْوِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ؛ لأَنَّ هَذِهِ القِرَاءَاتِ كَانَتِ السَّنَدَ الأَقْوَى لِلدِّرَاسَاتِ اللُّغَوِيَّةِ، خِدْمَةً للقُرْآنِ الكَرِيْمِ، وَصِيَانَةً لِلأَلْسُنِ مِنَ اللَّحْنِ وَالتَّحْرِيْفِ، كَمَا أَنَّهَا مَصْدَرٌ مِنْ المَصَادِرِ المُهِمَّةِ لِلْوُقُوْفِ عَلَى وُجُوْهِ الاِخْتِلاَفِ بَيْنَ اللَّهَجَاتِ العَرَبِيَّةِ؛ لأَنَّ القِرَاءَاتِ هِيَ المَصْدَرُ الصَّحِيْحُ الَّذِي حَفِظَ لَنَا اللُّغَةَ العَرَبِيَّةَ مُمَثَّلَةً فِيْهَا هَذِهِ اللَّهَجَاتُ؛ لِمَا عُرِفَ بِهِ القُرَّاءُ فِي العُصُوْرِ المُخْتَلِفَةِ، مِنْ دِقَّةٍ فِي التَّلَقِّي وَالتَّلْقِِيْنِ، وَمِنْ ضَبْطٍ وَإِتْقَانٍ فِي الرِّوَايَةِ.
وَأَمَّا الفَصْلُ الرَّابِعُ: "التَّضْمِينُ النَّحْوِيُّ، وَأَثَرُهُ فِي تَوْصِيْلِ المَعْنَى، وَتَفْعِيْلِ اللُّغَةِ فِي المُجْتَمَعِ"، فَفِيْهِ ثَلاَثَةُ مَبَاحِثَ:
تَنَاوَلْتُ فِي الأَوَّلِ مِنْهَا تَعْرِيْفَ التَّضْمِيْنِ عِنْدَ القُدَمَاءِ وَالمُحْدَثِيْنَ، وَبَيَّنْتُ آرَاءَ العُلَمَاءِ فِي أَنْوَاعِهِ، وَشُرُوْطِهِ، وَالاِخْتِلاَفَ فِي قِيَاسِيَّتِهِ عِنْدَ القُدَمَاءِ وَالمُحْدَثِيْنَ، وَفَصَّلْتُ الحَدِيْثَ عَنْ إِشْكَالِيَّةِ القَوْلِ بِالتَّضْمِيْنِ فِي الحُرُوْفِ أَوْ فِي الأَفْعَالِ عِنْدَ العُلَمَاءِ.
وَتَنَاوَلْتُ فِي المَبْحَثِ الثَّانِي دَوْرَ التَّضْمِيْنِ فِي إِبْرَازِ المَعْنَى الحَقِيْقِيِّ وَالمَجَازِيِّ وَالجَمْعِ بَيْنَهُمَا، فِي ضَوْءِ الوُقُوْفِ عَلَى بَعْضِ آيِ الذِّكْرِ الكَرِيْمِ؛ لأَنَّهُ لاَ مَعْنَى لإِرَادَةِ مَعْنَيَيْنِ، إِلاَّ بِطَرِيْقِ الجَمْعِ بَيْنَ الحَقِيْقَةِ وَالمَجَازِ، مِمَّا أَثَّرَ تَأْثِيْرَاً كَبِيْرَاً فِي تَنَوُّعِ المَعَانِي فِي القُرْآنِ الكَرِيْمِ وَاتِّسَاعِهَا وَحَمْلِهَا عَلَى غَيْرِ وَجْهٍ مُحْتَمَلٍ لَهَا.
وَتَنَاوَلْتُ فِي المَبْحَثِ الثَّالِثِ أَهَمِّيَّةَ التَّضْمِيْنِ النَّحْوِيِّ فِي رَفْدِ اللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ بِدَلاَلاَتٍ مُتَنَوِّعَةٍ، مُتَجَدِّدَةٍ، لِلاِحْتِرَازِ عَنِ الخَطَأِ فِي مُطَابَقَةِ الكَلاَمِ لِتَمَامِ المُرَادِ مِنْهُ؛ إِذْ لِلتَّضْمِيْنِ دَلاَلَةٌ كَبِيْرَةٌ عَلَى إِعْطَاءِ الأَلْفَاظِ مَعَانِيَ مُخْتَلِفَةً، بِاليَسِيْرِ مِنَ اللَّفْظِ، مِمَّا يَجْعَلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عِلْمِ البَلاَغَةِ سَبَبَاً، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ عِلْمِ اللُّغَةِ الحَدِيْثِ نَسَبَاً؛ إِذْ إِنَّ البَلاَغَةَ العَرَبِيَّةَ، وَاللُّغَوِيَّاتِ الحَدِيْثَةَ، وَالنَّحْوَ العَرَبِيَّ، كُلَّهَا تُعَوِّلُ عَلَى التَّضْمِيْنِ -عَلَى اِخْتِلاَفِ المُصْطَلَحِ الَّذِي تُطْلِقُهُ عَلَيْهِ- فِي تَوْجِيْهِ المَعَانِي، وَالوُقُوْفِ عَلَى أَغْرَاضِ المُتَكَلِّمِيْنَ.
وَأَمَّا الخَاتِمَةُ، فَضَمَّنْتُهَا أَهَمَّ مَا انْتَهَيْتُ إِلَيْهِ فِي هَذَا البَحْثِ.
وَأَمَّا فَهَارِسُ البَحْثِ، فَقَدْ قَسَّمْتُهَا إِلَى سَبْعَةٍ: الفَهْرَسُ الأَوَّلُ لِلآيَاتِ القُرْآنِيَّةِ، وَالثَّانِي لِلْقِرَاءَاتِ القُرْآنِيَّةِ، وَالثَّالِثُ لِلأَحَادِيْثِ النَّبَوِيَّةِ، وَالرَّابِعُ لِلأَعْلاَمِ، وَالخَامِسُ لِلأَبْيَاتِ الشِّعْرِيَّةِ، وَالسَّادِسُ لِلْمَصَادِرِ وَالمَرَاجِعِ الَّتِي تَنَوَّعَتْ بِتَنَوُّعِ فُصُولِ البَحْثِ، وَالسَّابِعُ فَهْرَسُ مَوضُوعَاتِ البَحْثِ.
وَاِخْتَرْتُ أَنْ أَعْرِضَ أَسْبَابَ اِخْتِلاَفِ النَّحْوِيِّيْنَ فِي الفَصْلِ الأَوَّلِ وفقَ مَنْهَجٍ وَصْفِيٍّ، تَارِكَاً الأَحْكَامَ المِعْيَارِيَّةَ الَّتِي تُبَيِّنُ التَّفَاوُتَ بَيْنَ الأَوْجُهِ، وَمَا يَنتجُ عَنْهَا مِنْ تَعَدُّدٍ فِي المَعَانِي، وَتَنَوُّعٍ فِي الدَّلاَلاَتِ؛ لأَتَحَدَّثَ عَنْهَا بِشَيءٍ مِنَ التَّفْصِيْلِ، وَعُمْقٍ فِي التَّحْلِيْلِ، فِي فُصُوْلِ البَحْثِ الثَّلاثَةِ اللاَّحِقَةِ.
وَلَقَدْ حَرَصْتُ عَلَى نَقْلِ الآيَاتِ القُرْآنِيَّةِ بِرَسْمِهَا العُثْمَانِيِّ، تَعْظِيْمَاً لِلْقُرْآنِ الكَرِيْمِ، وَتلاَفِيَاً لِلأَخْطَاءِ الَّتِي قَدْ تَقَعُ فِي أَثْنَاءِ النَّسْخِ وَالطِّبَاعَةِ.
وَكَذَلِكَ قُمْتُ بِتَرْجَمَةٍ مُقْتَضَبَةٍ لِلأَعْلاَمِ الَّذِيْنَ ذُكِرَتْ أَسْمَاؤُهُمْ فِي البَحْثِ، مِنَ القُدَمَاءِ وَالمُحْدَثِيْنَ -مَا عَدَا المُعاصِرِيْنَ- مُشِيْرَاً إِلى تَارِيْخِ وَفِيَّاتِهِمْ، وَأَهَمِّ مَا صَنَّفُوا مِنْ تَآلِيْفَ، بِمَا يَسْمَحُ بِالإِحَاطَةِ بِمَعْرِفَةِ صَاحِبِ القَوْلِ أَوِ الذِّكْرِ، وَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مِنْ رَأْيٍ أَوْ قَوْلٍ أَوْ نَقْلٍ أَوْغَيْرِهَا، وَيُسَاعِدُ عَلَى مُحَاكَمَةِ الأُمُوْرِ بِفَهْمٍ أَكْثَرَ، وَوَعْيٍ أَكْبَرَ.
وَمِنَ الصُّعُوبَاتِ الَّتِي وَاجَهَتْنِي فِي الفَصْلِ الأَوَّلِ الحَدِيْثُ عَنْ أَسْبَابِ الاِخْتِلاَفِ بَيْنَ النَّحْوِيِّيْنَ؛ لأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ مَجْمُوْعَةً فِي كِتَابٍ وَاحِدٍ كَمَا ذَكَرْتُ، وَلأَنَّ مُعْظَمَ الكُتُبِ تَذْكُرُ الخِلافَ فِي المَسَائِلِ وَتَعْرِضُ وَتُحَلِّلُ وَتُناقشُ، دُونَ أَنْ تَذْكرَ أَسْبَابَهُ، فَتَطَلَّبَ ذَلِك مِنِّي كَثِيْرَاً مِنَ البَحْثِ وَالتَّنْسِيْقِ وَالتَّرْتِيْبِ، وَجُرْأَةً فِي الاِخْتِيَارِ وَالعَرْضِ وَالتَّبْويبِ.
وَفِي الفُصُولِ المُتَبَقِّيَةِ كَانَتِ الصُّعُوبَةُ فِي القِسْمِ العَمَلِيِّ مِنْهَا؛ لأَنَّ مُعْظَمَ الكُتُبِ المُتَوَافِرَةِ تُعْطِي وُجُوهَ إِعْرَابِ الكَلِمَةِ المُخْتَلِفَةَ دُوْنَ الوُقُوْفِ عَلَى المَعْنَى المُتَأَتِّي مِنْ كُلِّ وَجْهٍ عَلَى حِدَةٍ، وَهَذَا مَا حَاوَلَتْ هَذِهِ الدِّرَاسَةُ أَنْ تُلْقِيَ الضَّوْءَ عَلَيْهِ، بَعْدَ عَرْضِ الوُجُوهِ الإِعْرَابِيَّةِ، وَنِسْبةِ كُلٍّ مِنْهَا إِلَى صَاحِبِهِ، وَبَيَانِ حُجَّةِ كُلٍّ، ثُمَّ ذِكْرِ المَعَانِي النَّاتِجَةِ عَنْهَا، ثُمَّ اخْتِيَارِ الوَجْهِ الأَنْسَبِ الَّذِي يَتَوَافَقُ مَعَ مَقَامِ النَّصِّ، وَيَسْتَنِدُ إِلَى قَاعِدَةٍ مُطَّردَةٍ، وَدَلِيْلٍ قَاطِعٍ.
وَأُنَوِّهُ أَخِيْرَاً إِلَى أَنَّ هَذَا المَوْضُوْعَ حَسَّاسٌ شَائِكٌ، وَدَقِيْقٌ عَمِيْقٌ، وَوَاسِعٌ مُتَشَعِّبٌ، وَأَنَّنِي لَمْ أُحْصِ شواهدَ الاختلافِ فِي الإِعْرَابِ، وَالاختلافِ فِي القِرَاءَاتِ، وَالاختلافِ فِي التَّضْمِيْنِ جميعَها، فَإِنَّ هَذَا يَحْتَاجُ إِلى مُجَلَّدَاتٍ، وَمَا زَالَ المَيْدَانُ رَحْبَاً لِلْعُكُوْفِ عَلَى مِثْلِ هَذِهِ الدِّرَاسَاتِ التَّطْبِيْقِيَّةِ العَمَلِيَّةِ، الَّتِي تُوَضِّحُ دَوْرَ النَّحْوِ فِي تَوْجِيْهِ المَعَانِي فِي القُرْآنِ الكَرِيْمِ، وَتَنَوُّعِهَا، وَتَعَدُّدِهَا، وَتَفَرُّعِهَا، وَاتِّسَاعِهَا.
وَحَسْبِي مَا ذَكَرْتُ لِلإِبَانَةِ وَالإِفْصَاحِ عَنْ ذَلِكَ مِنْ شَوَاهِدَ مُتَنَوِّعَةٍ، وَمُتَعَدِّدَةٍ، لَعَلَّ فِيْهَا مَا يُشَوِّقُ البَاحِثِيْنَ، وَيَسْتَحِثُّهُمْ لِلْكَشْفِ بِأَنفسِهِمْ عَنْ هَذِهِ الخَصَائِصِ، وَالدَّورِ الَّذِي تُؤَدِّيْهِ فِي صِنَاعَةِ الكَلاَمِ، وَأَثَرِهَا فِي بُلُوْغِ المَعْنَى المُرَامِ؛ إِذْ مَا تَزَالُ الكِتَابَاتُ حَوْلَ هَذَا المَوْضُوْعِ قَلِيْلَةً، لَمْ تُوَفِّهِ حَقَّهُ مِنَ الدِّرَاسَةِ وَالتَّحْلِيْلِ وَالعَرْضِ وَالمُنَاقَشَةِ.
وَمَعَ اخْتِصَارِي لِكَثِيْرٍ مِنَ الشِّوَاهِدِ، وَاقْتِصَارِي عَلَى عَدَدٍ مِنَهَا، فَإِنِّي لأَرْجُو أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الدِّرَاسَةُ قَدْ قَارَبَتِ الشُّمُولِيَّةَ، وَآثَرَتِ المَوضُوعِيَّةَ عُنوانَاً لَهَا، وَإِنْ كُنْتُ قَدْ أَصَبْتُ أَوْ قَارَبْتُ، وَوُفِّقْتُ أَوْ شَارَفْتُ، فَهُوَ غَايَةُ المَرَامِ، وَنِهَايَةُ المَقْصَدِ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ قَدْ سَاهَمْتُ -وَلَوْ بِلَبِنَةٍ صَغِيْرَةٍ- فِي خِدْمَةِ هَذِهِ اللُّغَةِ، لُغَةِ القُرْآنِ وَالعَرَبِ، وَبِنَائِهَا وَتَطَوُّرِهَا، فَأَزْدَادَ شَرَفَاً وَقُرْبَةً مِنَ اللهِ، وَخِدْمَةً لِلنَّاسِ.
وَلاَ يَسَعُنِي فِي هَذَا المَقَامِ، إِلاَّ أَنْ أَشْكُرَ للهِ تَعَالَى، وَأَحْمَدَهُ، عَلَى إِنْجَازِ هَذَا البَحْثِ، ثُمَّ أَتَقَدَّمَ بِخَالِصِ الشُّكْرِ، وَجَمِيْلِ العِرْفَانِ إِلَى "جَامِعَةِ تَشْرِيْنَ"، أَسَاتِذَةً، وَإِدَارِيِّيْنَ، وَعَامِلِيْنَ.
وَكَذَلِكَ أَشْكُرُ لِعِضْوَي لجْنَةِ التَّحْكِيْمِ: الأُستاذِ الدُّكتورِ محمَّد بَصَل عَمِيْدِ كُلِّيَّةِ الآدَابِ وَالعُلُومِ الإِنْسَانِيَّةِ فِي "جَامِعَة تَشْرِيْنَ"، وَأُسْتَاذِ عِلْمِ اللُّغَةِ فِي قِسْمِ اللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ فِيْهَا، وَالدُّكْتُورِ إِبْرَاهِيْم الببّ أُسْتَاذِ النَّحْوِ المُسَاعِدِ فِي قِسْمِ اللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ بِكُلِّيَّةِ الآدَابِ وَالعُلُومِ الإِنْسَانِيَّةِ فِي "جَامِعَةِ تَشْرِيْنَ"، وَعَمِيدِ كُلِّيَّةِ الآدَابِ وَالعُلُومِ الإِنْسَانِيَّةِ فِي "جَامِعَة طَرْطُوسَ"، عَلَى مَا بَذَلاَهُ مِنْ جَهْدٍ مَشْكُورٍ فِي تَقْوِيْمِ هَذَا البَحْثِ، وَالتَّقْدِيْمِ الكَرِيْمِ لَهُ، سَائِلاً اللهَ -تَعَالَى- أَنْ يَجْزِيَهُمَا عَنِ العِلْمِ الَّذِي حَمَلاَ أَمَانَتَهُ خَيْرَ الجَزَاءِ.
كَمَا أَتَوَجَّهُ بِالشُّكْرِ إِلَى كُلِّ مَنْ أَسْهَمَ فِي إِغْنَاءِ هَذَا البَحْثِ، وَكُلِّ مَنْ كَانَتْ لَهُ يَدٌ بَيْضَاءُ فِيْهِ، وَكُلِّ مَنْ أَمَدَّنِي بِمَادَّةٍ، وَأَرْشَدَنِي إِلَى ضَالَّةٍ، وَقَادَنِي إِلَى دَالَّةٍ.
وَاللهَ أَسْأَلُ أَنْ يُوَفِّقَنَا عَالِمِيْنَ وَمُتَعَلِّمِيْنَ
وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ
يَاسِر مُحَمَّد مُطْرَه جِي
(1 ) ابن عَطِيَّة، أبو محمّد عبد الحقّ، المحرّر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، ط1، دار ابن حزم، بيروت-لبنان، 1423هـ-2002م، ص18.
( 2) النِّيْسَابُورِيّ، محمّد بن عبد الله الحاكم، المستدرك على الصّحيحين، ج2، دار الكتب العلمِيَّة، بيروت-لبنان، 1411هـ-1990م، رقم (3644)، ص477.
( 3) القيسيّ، مكّيّ بن أبي طالب، مشكل إعراب القرآن، تحـ. ياسين محمّد السّواس، ج1، ط2، دار المأمون للتراث، دمشق، د.ت، ص1-2.
وَهَذَا شكرُ الأُسْتَاذ الدّكتور سامي عَوَض قَبل المُقَدِّمَةِ
شُـكْـر وَتَقْـدِيْـر
إِنَّهُ لَيُشَرِّفُنِي أَنْ أَتَوَجَّهَ بِجَزِيْلِ الشُّكْرِ، وَعَظِيْمِ الاِمْتِنَانِ، إِلَى مَنْ شَمَلَتْنِي أَيَادِيْهِ الكَرِيْمَةُ بِالرِّعَايَةِ وَالعِنَايةِ وَالاِهْتِمَامِ، ذَلِكُمْ هُوَ أُسْتَاذِي الدُّكْتُور "سَامِي عَوَض" الَّذِي مَا فَتِئَ يُقَدِّمُ لِيَ الإِرْشَادَ السَّدِيْدَ، وَالعَوْنَ المَدِيْدَ، وَالتَّوْجِيْهَ الرَّشِيْدَ، طَوَالَ مُدَّةِ إِعْدَادِ هَذَا البَحْثِ.
وَإِنَّهُ لَمِنَ الحَقِّ عَلَيَّ تُجَاهَهُ، أَنْ أَشْهَدَ أَنَّنِي قَدْ أَثْقلْتُ عَلَيْهِ؛ لأَنَّ هَذَا البَحْثَ قَدِ اسْتَغْرَقَ زَمَنَاً لَيْسَ بِالقَصِيْرِ، وَهُوَ يَلْقَانِي فِي رِعَايَةِ الآبَاءِ، وَتَوَاضُعِ العُلَمَاءِ.
وَاللهَ أَسْأَلُ أَنْ يَنْفَعَهُ بِعِلْمِهِ، وَيَمُدَّ بِعُمْرِهِ، وَيَجْزِيَهُ عَنِ العِلْمِ الَّذِي حَمَلَ أَمَانَتَهُ خَيْرَ الجَزَاءِ.
منقول من موقع الإسلام نور على هذا الرّابط
http://www.alislamnoor.com/vb/showthread.php?t=11352
أَثَرُ الاخْتِلاَفِ فِي الأَوْجُهِ الإِعْرَابِيَّةِ فِي تَفْسِيرِ الآيَاتِ القُرْآنِيَّةِ
الَّذِي هُوَ فِي الأَصْلِ عِبَارَةٌ عَنْ رِسَالَةِ مَاجِسْتِيرِ نُوقِشَتْ بِتَارِيخِ 13/5/2007م
فِي جَامِعَةِ تَشْرِينَ فِي اللاَّذِقِيَّةِ-سُورية، بِإِشْرَافِ الأُسْتَاذ الدُّكْتُور سَامِي عَوَض، وَقَدْ نَالَ البَاحِثُ فِيهَا تَقْدِيرَ مُمْتَاز
وَطُبِعَ كِتَابَاً فِي دَارِالبَشَائِرِ: دِمَشْقُ – شَارِع 29 أَيَّار – جادة كرجية حداد، هاتِف: 2316668-2316669
ص.ب: 4926 سُورية، فاكس: 2316196
المَوْقِعُ: www.daralbashaer.net، وَالبَرِيدُ الإِلْكِتْرُونِيُّ: info@daralbashaer.net
وَإِلَيْكُمْ مُقَدِّمَةَ الكِتَابِ:
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
الحَمْدُ للهِ الَّذِي بِالْقُلُوْبِ مَعْرِفَتُهُ بَيْنَ العَالَمِيْنَ، وَبِالْعُقُوْلِ حُجَّتُهُ بَيْنَ العَالِمِيْنَ، وَالصَّلاَةُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَإِخْوَتِهِ مِنَ الأَنْبِيَاءِ وَالمُرْسَلِيْنَ، وَالسَّلاَمُ عَلَى آلِ كُلٍّ، وَصَحْبِ كُلٍّ، وَتَابِعِ كُلٍّ أَجْمَعِيْنَ، وَبَعْدُ:
فَإِنَّ عِلْمَ النَّحْوِ مِنْ أَجَلِّ العُلُومِ فَائِدةً، وَأَكْثِرِها بِالعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ رَابِطَةً، وَأَفْضَلِهَا عَلَيْهَا عَائِدَةً.
وَلَمَّا كَانَ عِلْمُ التَّفْسِيْرِ وَاحِدَاً مِنَ العُلُوْمِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي يُفْهَمُ بِهَا القُرْآنُ الكَرِيْمُ، وَتَنْكَشِفُ مَعَانِيْهِ، وَتُسْتَخْرَجُ أَحْكَامُهُ، كَانَ عِلْمُ النَّحْوِ -بِمَفْهُوْمِهِ الوَاسِعِ- وَاحِدَاً مِنْ أَهَمِّ العُلُومِ الَّتِي تُسَاعِدُ عَلَى ذَلِكَ؛ لأَهَمِّيَّتِهِ وَاِرْتِبَاطِهِ الشَّدِيْدِ بِتَوْجِيْهِ المَعَانِي، وَتَنَوُّعِ الأَفْهَامِ.
وَلَعَلَّ قَوْلَ ابْنِ عَطِيَّةَ: «إِعْرَابُ القُرْآنِ أَصْلٌ فِي الشَّرِيْعَةِ»(1 )، مَا هُوَ إِلاَّ تَرْسِيْخٌ لِقَوْلِ النَّبِيِّ : «أَعْرِبُوا القُرْآنَ، وَالْتَمِسُوا غَرَائِبَهُ»(2)؛ لأَنَّهُ بِذَلِكَ تُقَوَّمُ مَعَانِيْهِ الَّتِي يَتَّخِذُهَا الشَّرْعُ دُسْتُوْرَاً، وَالدِّيْنُ مِنْهَاجَاً، وَلاَ يَتَأَتَّى ذَلِكَ إِلاَّ مِنْ دِرَاسَةٍ مُتَعَمِّقَةٍ لأَسْرَارِ هَذِهِ اللُّغَةِ، وَخَفَايَاهَا، وَقَوَاعِدِهَا، وَأَنْظِمَتِهَا.
وَمِنْ هُنَا، فَإِنَّ مُنْطَلَقَ الدِّرَاسَةِ النَّحْوِيَّةِ الَّتِي اِعْتَمَدْتُهَا فِي هَذَا البَحْثِ -فِي بَيَانِ أَثَرِ الاِخْتِلاَفِ بَيْنَ النَّحْوِيِّيْنَ فِي الأَوْجُهِ الإِعْرَابِيَّةِ فِي تَفْسِيْرِ الآيَاتِ القُرْآنِيَّةِ- إِنَّمَا هُوَ اِكْتِنَاهٌ لِمَعَانِي النَّحْوِ فِي الإِفْصَاحِ عَنْ تَفْسِيْرِ العَدِيْدِ مِنْ آيِ الذِّكْرِ الحَكِيْمِ؛ إِذْ لاَ يَخْفَى عَلَى دَارِسِ العَرَبِيَّةِ الاِرْتِبَاطُ الوَثِيْقُ بَيْنَ المَعْنَى وَالحَالَةِ الإِعْرَابِيَّةِ؛ إِذْ كُلَّمَا تَعَدَّدَ إِعْرَابُ الكَلِمَةِ الوَاحِدَةِ، تَعَدَّدَ المَعْنَى الوَاحِدُ، وَالعَكْسُ.
وَلِذَلِكَ كَانَ حَافِزِي إِلَى اِخْتِيَارِ هَذَا البَحْثِ أَهَمِّيَّةَ النَّحْوِ وَمَكَانَتَهُ فِي تَفْسِيْرِ النَّصِّ الدِّيْنِيِّ وَجَلاَءِ أَحْكَامِهِ مِنْ نَاحِيَةٍ، وَحَاجَةَ المَكْتَبَةِ العَرَبِيَّةِ وَالإِسْلاَمِيَّةِ إِلَى مِثْلِ هَذِهِ الدِّرَاسَةِ مِنْ نَاحِيَةٍ أُخْرَى؛ لأَنَّ المَصَادِرَ المُتَوَافِرَةَ فِيْهَا تَفْتَقِرُ إِلَى دِرَاسَاتٍ تَتَّبِعُ مَنْهَجَاً جَدِيْدَاً، يَكْشِفُ أَهَمِّيَّةَ النَّحْوِ، وَيُحَلِّلُ اللُّغَةَ بِنَاءً عَلَى أُسُسٍ جَدِيٍْدَةٍ، تَتَنَاوَلُ الأَحْوَالَ البَلاغِيَّةَ وَالنَّحْوِيَّةَ لِعَنَاصِرِ التَّرْكِيْبِ وَعَلاَقَاتِهَا، وَآملُ أَنْ يَكُوْنَ مَا تَوَصَّلْتُ إِلَيْهِ مِنْ نَتَائِجَ، جَدِيْدَاً وَمُفِيْدَاً.
وَهَدَفِي بَيَانُ كَيْفِيَّةِ اسْتِخْدَامِ هَذِهِ اللُّغَةِ، لِتَحْقِيْقِ أَهْدَافِ النَّصِّ القُرْآنِيِّ، وَغَايَتِهِ، بِدِرَاسَةٍ تَرْبِطُ النِّظَامَ النَّحْوِيَّ بِالطَّرِيْقَةِ الَّتِي وُظِّفَ فِيْها هَذَا النِّظَامُ لأَدَاءِ المَعَانِي؛ لذَلِكَ فَقَدْ رَأَيْتُ أَنْ أَخْتَارَ مَوْضُوْعَاً يُبْرِزُ دَوْرَ النَّحْوِ فِي تَنَوِّعِ مَعَانِي آيِ القُرآنِ الكَرِيْمِ وَاتِّسَاعِهَا، وَاضِعَاً فِي حِسْبَانِي أَنَّ النَّحْوَ -شَأْنَ العُلُوْمِ الإِسْلاَمِيَّةِ الأُخْرَى- نَشَأَ لِفَهْمِ القُرْآنِ، وَالبَحْثِ عَنْ كُلِّ مَا يُفيدُ فِي اسْتِنْطَاقِ نُصُوْصِهِ، بِوَصْفِهِ أَعْلَى مَا فِي العَرَبِيَّةِ مِنْ بَيَانٍ، وَأَنَّ النَّصَّ القُرْآنِيَّ نَصٌّ تَشْرِيْعِيٌّ نَزَلَ لِيُنَظِّمَ شُؤُوْنَ المُجْتَمَعِ القَبَلِيِّ، وَيَنْقُلَهُ مِنَ البَدَاوَةِ إِلَى المَدَنِيَّةِ المُتَحَضِّرَةِ؛ وَكَانَ مِنْ أَهمِّ أَسْبَابِ نَجَاحِهِ فِي تَحْقِيْقِ أَغْرَاضِهِ، أَنَّهُ وَظَّفَ اللُّغَةَ العَرَبِيَّةَ تَوْظِيْفَاً مُنَاسِبَاً لأَدَاءِ غَايَتِهِ، وَمُتَمثَِّلاً بِذَلِكَ قَوْلَ مَكِّيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيِّ، فِي مُقَدِّمَةِ كِتَابِهِ: "مُشْكِلُ إِعْرَابِ القُرْآنِ": «وَرَأَيْتُ مِنْ أَعْظَمِ مَا يَجِبُ عَلَى طَالِبِ عُلُوْمِ القُرْآنِ، الرَّاغِبِ فِي تَجْوِيْدِ أَلْفَاظِهِ، وَفَهْمِ مَعَانِيْهِ، وَمَعْرِفَةِ قِرَاءَاتِهِ وَلُغَاتِهِ، وَأَفْضَلِ مَا القَارِئُ إِلَيْهِ مُحْتَاجٌ، مَعْرِفَة إِعْرَابِهِ وَالوُقُوف عَلَى تَصَرُّفِ حَرَكَاتِهِ وَسَوَاكِنِهِ؛ لِيَكُوْنَ بِذَلِكَ سَالِمَاً مِنَ اللَّحْنِ فِيْهِ، مُسْتَعِيْنَاً عَلَى إِحْكَامِ اللَّفْظِ بِهِ، مُطَّلِعَاً عَلَى المَعَانِي الَّتِي قَدْ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلاَفِ الحَرَكَاتِ، مُتَفَهِّمَاً لِمَا أَرَادَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- بِهِ مِنْ عِبَادِهِ؛ إِذْ بِمَعْرِفَةِ حَقَائِقِ الإِعْرَابِ تُعْرَفُ أَكْثَرُ المَعَانِي، وَيَنْجَلِي الإِشْكَالُ، وَتَظْهَرُ الفَوَائِدُ، وَيُفْهَمُ الخِطَابُ، وَتَصِحُّ مَعْرِفَةُ حَقِيْقَةِ المُرَادِ»( 3).
فَالنَّحْوُ أَخَصُّ مَا يُخْدَمُ بِهِ نَصُّ القُرْآنِ، وَيُحَافَظُ بِهِ عَلَيْهِ، فَلاَ عَجَبَ إِنْ كَانَ هَذَا الكِتَابُ الخَالِدُ هُوَ البَاعِثَ الأَوَّلَ عَلَى نَشْأَتِهِ، وَأَنْ يُوضَعَ هَذَا العِلْمُ فِي رِحَابِهِ اِبْتِغَاءَ القُدْرَةِ عَلَى النُّطْقِ بِهِ سَلِيْمَاً صَحِيْحَاً مِنَ اللَّحْنِ، وَالقُدْرَةِ عَلَى فَهْمِهِ، وَابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ بِخِدْمَتِهِ، وَخِدْمَةِ عُلُوْمِهِ.
وَمِمَّا تَقَدَّمَ تولَّدَتْ لَدَيَّ فِكْرَةُ البَحْثِ الَّذِي يُكَمِّلُ جُهُوْدَ العُلَمَاءِ القُدَمَاءِ وَالمُحْدَثِيْنَ، فِي هَذَا المَجَالِ، وَيُحَقِّقُ الأَغْرَاضَ وَالأَهْدَافَ وَالغَايَاتِ وَالمَقَاصِدَ الَّتِي أَشَرْتُ إِلَيْهَا، وَفِي سَبِيْلِ ذَلِكَ حَصَرْتُ الدِّرَاسَةَ فِي القُرْآنِ الكَرِيْمِ؛ لأَنَّهُ المَصْدَرُ الأَوَّلُ وَالرَّئِيْسُ لِلنَّحْوِ العَرَبِيِّ الَّذِي اِشْتَقَّ مِنْهُ العُلَمَاءُ عُلُوْمَ العَرَبِيَّةِ كَافَّةً.
وَقَدْ جَعَلْتُ عُنْوَانَهُ: "أَثَرُ الاِخْتِلافِ فِي الأَوْجُهِ الإِعْرَابِيَّةِ فِي تَفْسِيْرِ الآيَاتِ القُرْآنِيَّةِ".
وَرَأَيْتُ أَنْ يَكُوْنَ فِي أَرْبَعَةِ فُصُوْلٍ، يَسْبِقُهَا مُقَدِّمَةٌ، وَيَتْلُوْهَا خَاتِمَةٌ، بَعْدَهَا فَهَارِسُ البَحْثِ.
أَمَّا الفَصْلُ الأَوَّلُ: "الاِخْتِلاَفُ فِي التَّوْجِيْهَاتِ النَّحْوِيَّةِ، وَأَثَرُهُ فِي اِتِّسَاعِ المَعَانِي"، فَفِيْهِ مَبْحَثَانِ:
تَنَاوَلْتُ فِي الأَوَّلِ مِنْهُمَا أَهَمَّ الأَسْبَابِ الَّتِي أَدَّتْ إِلَى وَضْعِ النَّحْوِ، وَبَيَّنْتُ اِرْتِبَاطَ هَذِهِ الأَسْبَابِ بِإِرَادَةِ الفَهْمِ، مُتَجَاوِزَاً بِذَلِكَ الاِقْتِصَارَ عَلَى مُحَارَبَةِ اللَّحْنِ، وَلاَ سِيَّمَا أَنَّ أَهَمَّ سَبَبٍ لِوَضْعِ النَّحْوِ هُوَ خِدْمَةُ القُرْآنِ الكَرِيْمِ وَالحِفَاظُ عَلَيْهِ وَحِمَايَتُهُ، مِمَّا يُعَمِّقُ دَوْرَ النَّحْوِ وأَهَمِّيَّتَهُ فِي جَلاَءِ المَعْنَى وَتَوْضِيْحِهِ، عَلَى مَرَاحِلِ نُمُوِّهِ وَتَطَوُّرِهِ جَمِيْعِهَا.
وَتَنَاوَلْتُ فِي المَبْحَثِ الثَّانِي أَهَمَّ الأَسْبَابِ الَّتِي أَدَّتْ إِلى اِخْتِلاَفِ النَّحْوِيِّيْنَ، بَعْدَ أَنْ عَرَّفْتُ بِمَفْهُومَيِ الاِخْتِلاَفِ وَالخِلاَفِ، وبنوعَي الاختلاف المحمودِ والمذمومِ، مُبَيِّنَاً الفَرْقَ بَيْنَ كُلٍّ مِنَ الاِخْتِلاَفَيْنِ، وَلَمَّا بَحَثْتُ عَنْ مَوَادِّ هَذَا المَبْحَثِ أَيْقَنْتُ أَنَّهَا غَيْرُ مُجَلاَّةٍ فِي مَظَانِّ النَّحْوِ المُخْتَلِفَةِ -قَدِيْمِهَا، وَحَدِيْثِهَا- فَهِيَ مُتَفَرِّقَةٌ فِي هَذِهِ الكُتُبِ لَمْ يَحْصُرْها كِتَابٌ وَاحِدٌ حَصْرَاً دَقِيْقَاً، فَنَدَبْتُ نَفْسِي لِذَلِكَ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُوْنَ قَدْ أَصَبْتُ فِي جَمْعِها، وَتَصْنِيْفِهَا، وَتَبْوِيْبِهَا عَلَى الشَّكْلِ الَّذِي اِنْتَهَيْتُ إِلَيْهِ.
فَقَدْ رَأَيْتُ أَنَّ هُنَاكَ أَسْبَابَاً لِلاِخْتِلاَفِ تَعُوْدُ إِلَى بِدَايَةِ تَقْعِيْدِ النَّحْوِ وَضَبْطِ القَوَاعِدِ؛ وَذَلِكَ لاِخْتِلاَفِ المَعَايِيْرِ وَالمَقَايِيْسِ الَّتِي اِعْتَمَدَهَا النَّحْوِيُّونَ عَلَى اِخْتِلاَفِ مَذَاهِبِهِمْ وَمَدَارِسِهِمْ وَمَشَارِبِهِمْ، وَمِنْهَا: "التَّعْلِيْلُ، وَالعَامِلُ، وَالقِيَاسُ، وَالسَّمَاعُ، وَالاِجْتِهَادُ"، فَمَنْ غَلَّبَ مِعْيَارَاً مِنْ هَذِهِ المَعَايِيْرِ عَلَى آخَرَ، وَقَعَ فِي اِخْتِلاَفٍ مَعَ مَنْ غَلَّبَ مِعْيَارَاً غَيْرَهُ، وَهَكَذَا.
وَأَسْبَابَاً أُخْرَى تَعُوْدُ إِلَى التَّحَوُّلِ عَنْ ذَلِكَ الأَصْلِ وَتِلْكَ القواعدِ؛ وذَلِكَ لأَسْبَابٍ تَتَعَلَّقُ بِالأَصْوَاتِ وَطَبِيْعَةِ اللُّغَةِ، كَـ "التَّنْغِِيْمِ، وَكَيْفِيَّةِ الأَدَاءِ، وَالوَصْلِ، وَالوَقْفِ، وَتَعَدُّدِ اللَّهَجَاتِ، وَتَعَذُّرِ ظُهُوْرِ الحَرَكَاتِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ"، وَأَسْبَابٍ أُخْرَى غَيْرِ صَوْتِيَّةٍ، كَـ "اِطِّرَادِ البَابِ، وَأَمْنِ اللَّبْسِ، وَالمَعْنَى، وَالقِرَاءَاتِ القُرْآنِيَّةِ، وَالتَّضْمِيْنِ النَّحْوِيِّ، وَالإِجْمَاعِ، وَاسْتِصْحَابِ الحَالِ، وَغَيْرِهَا".
مُبَيِّنَاً فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مَدَى رُقِيِّ العَقْلِ العَرَبِيِّ، وَنُمُوِّ طَاقَتِهِ الذِّهْنِيَّةِ نُمُوَّاً أَعَدَّهُ لِلنُّهُوضِ وَتَسْجِيْلِ الرُّسُوْمِ النَّحْوِيَّةِ، تَسْجِيْلاً تَطَّرِدُ فِيْهِ القَوَاعِدُ، وَتَنْتَظِمُ الأَقْيِسَةُ انْتِظَامَاً يُهَيِّئُ لِوَضْعِ القَوَانِيْنِ، وَتَصْنِيْفِهَا، وَتَمْحِيْصِهَا، وَالحُكْمِ عَلَيْهَا بِالقَبُوْلِ، أَوْ بِالشُّذُوْذِ، أَوْ بِالرَّفْضِ.
وَأَمَّا الفَصْلُ الثَّانِي: "أَثَرُ تَعَدُّدِ الآرَاءِ النَّحْوِيَّةِ فِي خِدْمَةِ المَعْنَى الدِّيْنِيِّ فِي القُرْآنِ الكَرِيْمِ"، فَفِيْهِ أَيْضَاً مَبْحَثَانِ:
تَنَاوَلْتُ فِي الأَوَّلِ مِنْهُمَا دَوْرَ النَّحْوِ، وَمَكَانَتَهُ فِي فَهْمِ التَّرْكِيْبِ القُرْآنِيِّ وَاسْتِنْبَاطِ أَحْكَامِهِ؛ لأَنَّ صِنَاعَةَ الإِعْرَابِ تَقْتَضِي مِمَّنْ يَتَصَدَّى لَهَا، أَنْ يَتَدَبَّرَ مَعْنَى النَّصِّ الَّذِي هُوَ بِصَدَدِهِ، وَيُوَفِّيَ قَوَاعِدَ النَّحْوِ حَقَّهَا. وَيَدْخُلُ فِي تَدَبُّرِ المَعْنَى الاِعْتِدَادُ بِالمَقَامِ الَّذِي قِيْلَ فِيْهِ النَّصُّ؛ إِذْ مُجَافَاةُ مَقَامِ النَّصِّ تُؤَدِّي إِلَى بَخْسِهِ حَقَّهُ، والنَّأْيِ بِهِ عَنِ المُرَادِ مِنْهُ، هَذَا مَعَ المُحَافَظَةِ عَلَى صِحَّةِ القَاعِدَةِ النَّحْوِيَّةِ وَسَلاَمَتِهَا وَالرُّجُوْعِ إِلَيْهَا، وَتَأْوِيْلِ الكلامِ -إِذَا دَعَتِ الحَاجَةُ إِلَيْهِ- تَأْوِيْلاً يَتَّفِقُ وَالأُصُوْلَ النَّحْوِيَّةَ، وَيَنْبَثِقُ مِنْ رُوْحِ اللُّغَةِ وَحَيَوِيَّتِهَا، وَلاَ يَخْرُجُ عَنْ طَبِيْعَتِهَا وَرَوْنَقِهَا.
وَتَنَاوَلْتُ فِي المَبْحَثِ الثَّانِي دَوْرَ الاِخْتِلاَفَاتِ فِي الأَوْجُهِ الإِعْرَابِيَّةِ فِي تَوْجِيْهِ المَعَانِي فِي القُرْآنِ الكَرِيْمِ، فِي ضَوْءِ الاِعْتِمَادِ عَلَى دِرَاسَةِ بَعْضِ آيِ القُرْآنِ الكَرِيْمِ وَتَحْلِيْلِهَا، وَعَرْضِ أَهَمِّ الآرَاءِ النَّحْوِيَّةِ الَّتِي تُوَجِّهُهَا، فِي أَثْنَاءِ التَّحْلِيْلِ النَّحْوِيِّ لَهَا؛ إِذْ إِنَّ الاِخْتِلاَفَ فِي إِعْرَابِ كَلِمَةٍ مَا فِي آيَةٍ مَا، يُؤَدِّي إِلَى اِخْتِلاَفٍ فِي مَعْنَاهَا، وَتَفَرُّعٍ فِي غَايَاتِهَا، وَتَعَدُّدٍ فِي مَقَاصِدِهَا.
مِمَّا يُؤكِّدُ أَنَّ مُرَاعَاةَ الصِّنَاعَةِ النَّحْوِيَّةِ بِمَنْأَى عَنِ المَعْنَى هَدْمٌ لِرُوْحِ النَّصِّ، وَبُعْدٌ بِهِ عَنْ مَعْنَاهُ المَقْصُوْدِ؛ لأَنَّ الإِعْرَابَ تَذَوُّقٌ لِلْمَعْنَى، وَحُكْمٌ عَلَيْهِ بِالرِّفْعَةِ أَوِ الضِّعَةِ، وَمِنْ هُنَا تَبْدُو أَهَمِّيَّةُ المَعْنَى فِي تَوَخِّي الوَجْهِ الإِعْرَابِيِّ الَّذِي يُبَيِّنُ هَذَا المَعْنَى وَيُوَضِّحُهُ.
وَأَمَّا الفَصْلُ الثَّالِثُ: "أَهَمِّيَّةُ القِرَاءَاتِ القُرْآنِيَّةِ فِي تَوْظِيْفِ العَنَاصِرِ النَّحْوِيَّةِ لأَدَاءِ مَعَانِيْهَا"، فَفِيْهِ مَبْحَثَانِ كَذَلِكَ:
تَنَاوَلْتُ فِي المَبْحَثِ الأَوَّلِ مَفْهُوْمَ القِرَاءَاتِ، وَالمَرَاحِلَ الأُوْلَى الَّتِي تَلَقَّى فِيْهَا النَّبِيُّ آيَاتِ التَّنْزِيلِ، وَمِنْ ثَمَّ تَبْلِيْغهَا لِلصَّحَابةِ ، وَجُهُودهُمْ فِي نَشْرِهَا مَعَ العِنَايَةِ بِدِقَّةِ رِوَايَتِهَا، عَنْ طَرِيْقِ التَّواتُرِ، وَبَيَّنْتُ الفَرْقَ بَيْنَ "القِرَاءَاتِ، وَالرِّوايَاتِ، وَالطُّرُقِ، وَالخِلاَفِ الوَاجِبِ وَالجَائِزِ"، وَذَكَرْتُ أَقْسَامَ القِرَاءَاتِ مِنْ حَيْثُ السَّنَدُ، وَرَأْيَ العُلَمَاءِ فِي عَدَدِهَا، وَعَرَضْتُ أَقْوَالَ العُلَمَاءِ فِي الكَلاَمِ عَلَى الأَحْرُفِ السَّبْعَةِ، وَمَعْنَاهَا المُخْتَارِ، مُوَضِّحَاً مَفْهُوْمَ الاِخْتِيَارِ، وَالحِكْمَةَ مِنَ الاِخْتِلاَفِ فِي القِرَاءَاتِ القُرْآنِيَّةِ وَتَعَدُّدِهَا، مُنْتَهِيَاً إِلَى أَنَّ الخِلاَفَ هُنَا خِلاَفُ تَنَوُّعٍ وَتَغَايُرٍ، وَلَيْسَ خِلاَفَ تَضَادٍّ وَتَبَايُنٍ.
وَتَنَاوَلْتُ فِي المَبْحَثِ الثَّانِي دَوْرَ القِرَاءَاتِ القُرْآنِيَّةِ فِي تَنَوُّعِ المَعَانِي، وَتَعَدُّدِ الأَوْجُهِ الإِعْرَابِيَّةِ، مُشِيْرَاً إِلَى تَفَاوُتِ المَذَاهِبِ النَّحْوِيَّةِ فِي الاِحْتِجَاجِ بِالقِرَاءَاتِ، وَمُبيِّنَاً أَثَرَ القِرَاءَاتِ القُرْآنِيَّةِ فِي تَعَدُّدِ التَّحْلِيلاَتِ النَّحْوِيَّةِ لَهَا، وَمَا يَنتجُ عَنْهُ مِنْ تَوْجِيْهٍ لِلْمَعَانِي، وَتَنَوُّعٍ فِي الدَّلاَلاَتِ، فِي ضَوْءِ الوُقُوْفِ عَلَى عَدَدٍ مِنَ الآيَاتِ الَّتِي تَعَدَّدَتْ قِرَاءَاتُها، فَاخْتَلَفَ إِعْرَابُهَا، فَتَنَوَّعَتْ مَعَانِيْهَا، تِبْيَانَاً لِرَوْعَةِ البَيَانِ القُرْآنِيِّ، وَقُوَّتِهِ فِي إِعْطَاءِ المَعْنَى سُبُلاً مُتَعَدِّدَةً، تُبَيِّنُ أَهَمِّيَّةَ النَّحْوِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ؛ لأَنَّ هَذِهِ القِرَاءَاتِ كَانَتِ السَّنَدَ الأَقْوَى لِلدِّرَاسَاتِ اللُّغَوِيَّةِ، خِدْمَةً للقُرْآنِ الكَرِيْمِ، وَصِيَانَةً لِلأَلْسُنِ مِنَ اللَّحْنِ وَالتَّحْرِيْفِ، كَمَا أَنَّهَا مَصْدَرٌ مِنْ المَصَادِرِ المُهِمَّةِ لِلْوُقُوْفِ عَلَى وُجُوْهِ الاِخْتِلاَفِ بَيْنَ اللَّهَجَاتِ العَرَبِيَّةِ؛ لأَنَّ القِرَاءَاتِ هِيَ المَصْدَرُ الصَّحِيْحُ الَّذِي حَفِظَ لَنَا اللُّغَةَ العَرَبِيَّةَ مُمَثَّلَةً فِيْهَا هَذِهِ اللَّهَجَاتُ؛ لِمَا عُرِفَ بِهِ القُرَّاءُ فِي العُصُوْرِ المُخْتَلِفَةِ، مِنْ دِقَّةٍ فِي التَّلَقِّي وَالتَّلْقِِيْنِ، وَمِنْ ضَبْطٍ وَإِتْقَانٍ فِي الرِّوَايَةِ.
وَأَمَّا الفَصْلُ الرَّابِعُ: "التَّضْمِينُ النَّحْوِيُّ، وَأَثَرُهُ فِي تَوْصِيْلِ المَعْنَى، وَتَفْعِيْلِ اللُّغَةِ فِي المُجْتَمَعِ"، فَفِيْهِ ثَلاَثَةُ مَبَاحِثَ:
تَنَاوَلْتُ فِي الأَوَّلِ مِنْهَا تَعْرِيْفَ التَّضْمِيْنِ عِنْدَ القُدَمَاءِ وَالمُحْدَثِيْنَ، وَبَيَّنْتُ آرَاءَ العُلَمَاءِ فِي أَنْوَاعِهِ، وَشُرُوْطِهِ، وَالاِخْتِلاَفَ فِي قِيَاسِيَّتِهِ عِنْدَ القُدَمَاءِ وَالمُحْدَثِيْنَ، وَفَصَّلْتُ الحَدِيْثَ عَنْ إِشْكَالِيَّةِ القَوْلِ بِالتَّضْمِيْنِ فِي الحُرُوْفِ أَوْ فِي الأَفْعَالِ عِنْدَ العُلَمَاءِ.
وَتَنَاوَلْتُ فِي المَبْحَثِ الثَّانِي دَوْرَ التَّضْمِيْنِ فِي إِبْرَازِ المَعْنَى الحَقِيْقِيِّ وَالمَجَازِيِّ وَالجَمْعِ بَيْنَهُمَا، فِي ضَوْءِ الوُقُوْفِ عَلَى بَعْضِ آيِ الذِّكْرِ الكَرِيْمِ؛ لأَنَّهُ لاَ مَعْنَى لإِرَادَةِ مَعْنَيَيْنِ، إِلاَّ بِطَرِيْقِ الجَمْعِ بَيْنَ الحَقِيْقَةِ وَالمَجَازِ، مِمَّا أَثَّرَ تَأْثِيْرَاً كَبِيْرَاً فِي تَنَوُّعِ المَعَانِي فِي القُرْآنِ الكَرِيْمِ وَاتِّسَاعِهَا وَحَمْلِهَا عَلَى غَيْرِ وَجْهٍ مُحْتَمَلٍ لَهَا.
وَتَنَاوَلْتُ فِي المَبْحَثِ الثَّالِثِ أَهَمِّيَّةَ التَّضْمِيْنِ النَّحْوِيِّ فِي رَفْدِ اللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ بِدَلاَلاَتٍ مُتَنَوِّعَةٍ، مُتَجَدِّدَةٍ، لِلاِحْتِرَازِ عَنِ الخَطَأِ فِي مُطَابَقَةِ الكَلاَمِ لِتَمَامِ المُرَادِ مِنْهُ؛ إِذْ لِلتَّضْمِيْنِ دَلاَلَةٌ كَبِيْرَةٌ عَلَى إِعْطَاءِ الأَلْفَاظِ مَعَانِيَ مُخْتَلِفَةً، بِاليَسِيْرِ مِنَ اللَّفْظِ، مِمَّا يَجْعَلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عِلْمِ البَلاَغَةِ سَبَبَاً، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ عِلْمِ اللُّغَةِ الحَدِيْثِ نَسَبَاً؛ إِذْ إِنَّ البَلاَغَةَ العَرَبِيَّةَ، وَاللُّغَوِيَّاتِ الحَدِيْثَةَ، وَالنَّحْوَ العَرَبِيَّ، كُلَّهَا تُعَوِّلُ عَلَى التَّضْمِيْنِ -عَلَى اِخْتِلاَفِ المُصْطَلَحِ الَّذِي تُطْلِقُهُ عَلَيْهِ- فِي تَوْجِيْهِ المَعَانِي، وَالوُقُوْفِ عَلَى أَغْرَاضِ المُتَكَلِّمِيْنَ.
وَأَمَّا الخَاتِمَةُ، فَضَمَّنْتُهَا أَهَمَّ مَا انْتَهَيْتُ إِلَيْهِ فِي هَذَا البَحْثِ.
وَأَمَّا فَهَارِسُ البَحْثِ، فَقَدْ قَسَّمْتُهَا إِلَى سَبْعَةٍ: الفَهْرَسُ الأَوَّلُ لِلآيَاتِ القُرْآنِيَّةِ، وَالثَّانِي لِلْقِرَاءَاتِ القُرْآنِيَّةِ، وَالثَّالِثُ لِلأَحَادِيْثِ النَّبَوِيَّةِ، وَالرَّابِعُ لِلأَعْلاَمِ، وَالخَامِسُ لِلأَبْيَاتِ الشِّعْرِيَّةِ، وَالسَّادِسُ لِلْمَصَادِرِ وَالمَرَاجِعِ الَّتِي تَنَوَّعَتْ بِتَنَوُّعِ فُصُولِ البَحْثِ، وَالسَّابِعُ فَهْرَسُ مَوضُوعَاتِ البَحْثِ.
وَاِخْتَرْتُ أَنْ أَعْرِضَ أَسْبَابَ اِخْتِلاَفِ النَّحْوِيِّيْنَ فِي الفَصْلِ الأَوَّلِ وفقَ مَنْهَجٍ وَصْفِيٍّ، تَارِكَاً الأَحْكَامَ المِعْيَارِيَّةَ الَّتِي تُبَيِّنُ التَّفَاوُتَ بَيْنَ الأَوْجُهِ، وَمَا يَنتجُ عَنْهَا مِنْ تَعَدُّدٍ فِي المَعَانِي، وَتَنَوُّعٍ فِي الدَّلاَلاَتِ؛ لأَتَحَدَّثَ عَنْهَا بِشَيءٍ مِنَ التَّفْصِيْلِ، وَعُمْقٍ فِي التَّحْلِيْلِ، فِي فُصُوْلِ البَحْثِ الثَّلاثَةِ اللاَّحِقَةِ.
وَلَقَدْ حَرَصْتُ عَلَى نَقْلِ الآيَاتِ القُرْآنِيَّةِ بِرَسْمِهَا العُثْمَانِيِّ، تَعْظِيْمَاً لِلْقُرْآنِ الكَرِيْمِ، وَتلاَفِيَاً لِلأَخْطَاءِ الَّتِي قَدْ تَقَعُ فِي أَثْنَاءِ النَّسْخِ وَالطِّبَاعَةِ.
وَكَذَلِكَ قُمْتُ بِتَرْجَمَةٍ مُقْتَضَبَةٍ لِلأَعْلاَمِ الَّذِيْنَ ذُكِرَتْ أَسْمَاؤُهُمْ فِي البَحْثِ، مِنَ القُدَمَاءِ وَالمُحْدَثِيْنَ -مَا عَدَا المُعاصِرِيْنَ- مُشِيْرَاً إِلى تَارِيْخِ وَفِيَّاتِهِمْ، وَأَهَمِّ مَا صَنَّفُوا مِنْ تَآلِيْفَ، بِمَا يَسْمَحُ بِالإِحَاطَةِ بِمَعْرِفَةِ صَاحِبِ القَوْلِ أَوِ الذِّكْرِ، وَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مِنْ رَأْيٍ أَوْ قَوْلٍ أَوْ نَقْلٍ أَوْغَيْرِهَا، وَيُسَاعِدُ عَلَى مُحَاكَمَةِ الأُمُوْرِ بِفَهْمٍ أَكْثَرَ، وَوَعْيٍ أَكْبَرَ.
وَمِنَ الصُّعُوبَاتِ الَّتِي وَاجَهَتْنِي فِي الفَصْلِ الأَوَّلِ الحَدِيْثُ عَنْ أَسْبَابِ الاِخْتِلاَفِ بَيْنَ النَّحْوِيِّيْنَ؛ لأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ مَجْمُوْعَةً فِي كِتَابٍ وَاحِدٍ كَمَا ذَكَرْتُ، وَلأَنَّ مُعْظَمَ الكُتُبِ تَذْكُرُ الخِلافَ فِي المَسَائِلِ وَتَعْرِضُ وَتُحَلِّلُ وَتُناقشُ، دُونَ أَنْ تَذْكرَ أَسْبَابَهُ، فَتَطَلَّبَ ذَلِك مِنِّي كَثِيْرَاً مِنَ البَحْثِ وَالتَّنْسِيْقِ وَالتَّرْتِيْبِ، وَجُرْأَةً فِي الاِخْتِيَارِ وَالعَرْضِ وَالتَّبْويبِ.
وَفِي الفُصُولِ المُتَبَقِّيَةِ كَانَتِ الصُّعُوبَةُ فِي القِسْمِ العَمَلِيِّ مِنْهَا؛ لأَنَّ مُعْظَمَ الكُتُبِ المُتَوَافِرَةِ تُعْطِي وُجُوهَ إِعْرَابِ الكَلِمَةِ المُخْتَلِفَةَ دُوْنَ الوُقُوْفِ عَلَى المَعْنَى المُتَأَتِّي مِنْ كُلِّ وَجْهٍ عَلَى حِدَةٍ، وَهَذَا مَا حَاوَلَتْ هَذِهِ الدِّرَاسَةُ أَنْ تُلْقِيَ الضَّوْءَ عَلَيْهِ، بَعْدَ عَرْضِ الوُجُوهِ الإِعْرَابِيَّةِ، وَنِسْبةِ كُلٍّ مِنْهَا إِلَى صَاحِبِهِ، وَبَيَانِ حُجَّةِ كُلٍّ، ثُمَّ ذِكْرِ المَعَانِي النَّاتِجَةِ عَنْهَا، ثُمَّ اخْتِيَارِ الوَجْهِ الأَنْسَبِ الَّذِي يَتَوَافَقُ مَعَ مَقَامِ النَّصِّ، وَيَسْتَنِدُ إِلَى قَاعِدَةٍ مُطَّردَةٍ، وَدَلِيْلٍ قَاطِعٍ.
وَأُنَوِّهُ أَخِيْرَاً إِلَى أَنَّ هَذَا المَوْضُوْعَ حَسَّاسٌ شَائِكٌ، وَدَقِيْقٌ عَمِيْقٌ، وَوَاسِعٌ مُتَشَعِّبٌ، وَأَنَّنِي لَمْ أُحْصِ شواهدَ الاختلافِ فِي الإِعْرَابِ، وَالاختلافِ فِي القِرَاءَاتِ، وَالاختلافِ فِي التَّضْمِيْنِ جميعَها، فَإِنَّ هَذَا يَحْتَاجُ إِلى مُجَلَّدَاتٍ، وَمَا زَالَ المَيْدَانُ رَحْبَاً لِلْعُكُوْفِ عَلَى مِثْلِ هَذِهِ الدِّرَاسَاتِ التَّطْبِيْقِيَّةِ العَمَلِيَّةِ، الَّتِي تُوَضِّحُ دَوْرَ النَّحْوِ فِي تَوْجِيْهِ المَعَانِي فِي القُرْآنِ الكَرِيْمِ، وَتَنَوُّعِهَا، وَتَعَدُّدِهَا، وَتَفَرُّعِهَا، وَاتِّسَاعِهَا.
وَحَسْبِي مَا ذَكَرْتُ لِلإِبَانَةِ وَالإِفْصَاحِ عَنْ ذَلِكَ مِنْ شَوَاهِدَ مُتَنَوِّعَةٍ، وَمُتَعَدِّدَةٍ، لَعَلَّ فِيْهَا مَا يُشَوِّقُ البَاحِثِيْنَ، وَيَسْتَحِثُّهُمْ لِلْكَشْفِ بِأَنفسِهِمْ عَنْ هَذِهِ الخَصَائِصِ، وَالدَّورِ الَّذِي تُؤَدِّيْهِ فِي صِنَاعَةِ الكَلاَمِ، وَأَثَرِهَا فِي بُلُوْغِ المَعْنَى المُرَامِ؛ إِذْ مَا تَزَالُ الكِتَابَاتُ حَوْلَ هَذَا المَوْضُوْعِ قَلِيْلَةً، لَمْ تُوَفِّهِ حَقَّهُ مِنَ الدِّرَاسَةِ وَالتَّحْلِيْلِ وَالعَرْضِ وَالمُنَاقَشَةِ.
وَمَعَ اخْتِصَارِي لِكَثِيْرٍ مِنَ الشِّوَاهِدِ، وَاقْتِصَارِي عَلَى عَدَدٍ مِنَهَا، فَإِنِّي لأَرْجُو أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الدِّرَاسَةُ قَدْ قَارَبَتِ الشُّمُولِيَّةَ، وَآثَرَتِ المَوضُوعِيَّةَ عُنوانَاً لَهَا، وَإِنْ كُنْتُ قَدْ أَصَبْتُ أَوْ قَارَبْتُ، وَوُفِّقْتُ أَوْ شَارَفْتُ، فَهُوَ غَايَةُ المَرَامِ، وَنِهَايَةُ المَقْصَدِ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ قَدْ سَاهَمْتُ -وَلَوْ بِلَبِنَةٍ صَغِيْرَةٍ- فِي خِدْمَةِ هَذِهِ اللُّغَةِ، لُغَةِ القُرْآنِ وَالعَرَبِ، وَبِنَائِهَا وَتَطَوُّرِهَا، فَأَزْدَادَ شَرَفَاً وَقُرْبَةً مِنَ اللهِ، وَخِدْمَةً لِلنَّاسِ.
وَلاَ يَسَعُنِي فِي هَذَا المَقَامِ، إِلاَّ أَنْ أَشْكُرَ للهِ تَعَالَى، وَأَحْمَدَهُ، عَلَى إِنْجَازِ هَذَا البَحْثِ، ثُمَّ أَتَقَدَّمَ بِخَالِصِ الشُّكْرِ، وَجَمِيْلِ العِرْفَانِ إِلَى "جَامِعَةِ تَشْرِيْنَ"، أَسَاتِذَةً، وَإِدَارِيِّيْنَ، وَعَامِلِيْنَ.
وَكَذَلِكَ أَشْكُرُ لِعِضْوَي لجْنَةِ التَّحْكِيْمِ: الأُستاذِ الدُّكتورِ محمَّد بَصَل عَمِيْدِ كُلِّيَّةِ الآدَابِ وَالعُلُومِ الإِنْسَانِيَّةِ فِي "جَامِعَة تَشْرِيْنَ"، وَأُسْتَاذِ عِلْمِ اللُّغَةِ فِي قِسْمِ اللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ فِيْهَا، وَالدُّكْتُورِ إِبْرَاهِيْم الببّ أُسْتَاذِ النَّحْوِ المُسَاعِدِ فِي قِسْمِ اللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ بِكُلِّيَّةِ الآدَابِ وَالعُلُومِ الإِنْسَانِيَّةِ فِي "جَامِعَةِ تَشْرِيْنَ"، وَعَمِيدِ كُلِّيَّةِ الآدَابِ وَالعُلُومِ الإِنْسَانِيَّةِ فِي "جَامِعَة طَرْطُوسَ"، عَلَى مَا بَذَلاَهُ مِنْ جَهْدٍ مَشْكُورٍ فِي تَقْوِيْمِ هَذَا البَحْثِ، وَالتَّقْدِيْمِ الكَرِيْمِ لَهُ، سَائِلاً اللهَ -تَعَالَى- أَنْ يَجْزِيَهُمَا عَنِ العِلْمِ الَّذِي حَمَلاَ أَمَانَتَهُ خَيْرَ الجَزَاءِ.
كَمَا أَتَوَجَّهُ بِالشُّكْرِ إِلَى كُلِّ مَنْ أَسْهَمَ فِي إِغْنَاءِ هَذَا البَحْثِ، وَكُلِّ مَنْ كَانَتْ لَهُ يَدٌ بَيْضَاءُ فِيْهِ، وَكُلِّ مَنْ أَمَدَّنِي بِمَادَّةٍ، وَأَرْشَدَنِي إِلَى ضَالَّةٍ، وَقَادَنِي إِلَى دَالَّةٍ.
وَاللهَ أَسْأَلُ أَنْ يُوَفِّقَنَا عَالِمِيْنَ وَمُتَعَلِّمِيْنَ
وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ
يَاسِر مُحَمَّد مُطْرَه جِي
(1 ) ابن عَطِيَّة، أبو محمّد عبد الحقّ، المحرّر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، ط1، دار ابن حزم، بيروت-لبنان، 1423هـ-2002م، ص18.
( 2) النِّيْسَابُورِيّ، محمّد بن عبد الله الحاكم، المستدرك على الصّحيحين، ج2، دار الكتب العلمِيَّة، بيروت-لبنان، 1411هـ-1990م، رقم (3644)، ص477.
( 3) القيسيّ، مكّيّ بن أبي طالب، مشكل إعراب القرآن، تحـ. ياسين محمّد السّواس، ج1، ط2، دار المأمون للتراث، دمشق، د.ت، ص1-2.
وَهَذَا شكرُ الأُسْتَاذ الدّكتور سامي عَوَض قَبل المُقَدِّمَةِ
شُـكْـر وَتَقْـدِيْـر
إِنَّهُ لَيُشَرِّفُنِي أَنْ أَتَوَجَّهَ بِجَزِيْلِ الشُّكْرِ، وَعَظِيْمِ الاِمْتِنَانِ، إِلَى مَنْ شَمَلَتْنِي أَيَادِيْهِ الكَرِيْمَةُ بِالرِّعَايَةِ وَالعِنَايةِ وَالاِهْتِمَامِ، ذَلِكُمْ هُوَ أُسْتَاذِي الدُّكْتُور "سَامِي عَوَض" الَّذِي مَا فَتِئَ يُقَدِّمُ لِيَ الإِرْشَادَ السَّدِيْدَ، وَالعَوْنَ المَدِيْدَ، وَالتَّوْجِيْهَ الرَّشِيْدَ، طَوَالَ مُدَّةِ إِعْدَادِ هَذَا البَحْثِ.
وَإِنَّهُ لَمِنَ الحَقِّ عَلَيَّ تُجَاهَهُ، أَنْ أَشْهَدَ أَنَّنِي قَدْ أَثْقلْتُ عَلَيْهِ؛ لأَنَّ هَذَا البَحْثَ قَدِ اسْتَغْرَقَ زَمَنَاً لَيْسَ بِالقَصِيْرِ، وَهُوَ يَلْقَانِي فِي رِعَايَةِ الآبَاءِ، وَتَوَاضُعِ العُلَمَاءِ.
وَاللهَ أَسْأَلُ أَنْ يَنْفَعَهُ بِعِلْمِهِ، وَيَمُدَّ بِعُمْرِهِ، وَيَجْزِيَهُ عَنِ العِلْمِ الَّذِي حَمَلَ أَمَانَتَهُ خَيْرَ الجَزَاءِ.
منقول من موقع الإسلام نور على هذا الرّابط
http://www.alislamnoor.com/vb/showthread.php?t=11352