أبــويـحـيـى
28-01-2011, 09:04 PM
:slaam:
"بَسْ دقيقة"
بقلم: محمد عبد الوهاب جسري
كنت أقف في دوري على شباك التذاكر لأشتري بطاقة سفر في الحافلة إلى مدينة
تبعد حوالي 330 كم، وكانت أمامي سيدة ستينية قد وصلت إلى شباك التذاكر
وطال حديثها مع الموظفة التي قالت لهافي النهاية: الناس ينتظرون، أرجوكِ تنحّي جانباً.
فابتعدت المرأة خطوة واحدة لتفسحلي المجال،
وقبل أن أشتري بطاقتي سألت الموظفة عن المشكلة، فقالت لي
بأن هذه المرأة معها ثمن بطاقة السفر وليس معها يورو واحد قيمة بطاقة دخول المحطة،
وتريد أن تنتظر الحافلة خارج المحطة وهذا ممنوع. قلتُ لها: هذا يورو وأعطهاالبطاقة.
وتراجعتُ قليلاً وأعطيتُ السيدة مجالاً لتعود إلىدورها بعد أن نادتها الموظفة مجدداً.
اشترت السيدة بطاقتها ووقفت جانباً وكأنها تنتظرني، فتوقعت أنها تريد أن تشكرني،
إلا أنها لم تفعل، بل انتظرتْ لتطمئن إلى أنني اشتريت بطاقتي وسأتوجه إلى ساحة الانطلاق،
فقالت لي بصيغة الأمر: احمل هذه... وأشارت إلى حقيبتها.
كان الأمر غريباً جداً بالنسبة لهؤلاء الناس الذين يتعاملون بلباقة ليس لها مثيل.
بدون تفكير حملت لها حقيبتها واتجهنا سوية إلى الحافلة،
ومن الطبيعي أن يكون مقعدي بجانبها لأنها كانت قبلي تماماً في الدور.
حاولت أن أجلس من جهة النافذة لأستمتع بمنظرتساقط الثلج الذي بدأ منذ ساعة
وأقسم بأن يمحو جميع ألوان الطبيعة معلناً بصمته الشديد: أنا الذي آتي لكم بالخير
وأنا من يحق له السيادة الآن! لكن السيدة منعتني وجلستْ هي من جهة النافذة
دون أن تنطق بحرف، فرحتُ أنظر أمامي ولا أعيرها اهتماماً،
إلى أن التفتتْ إلي تنظر في وجهي وتحدق فيه، وطالت التفاتتها دون أن تنطق ببنت شفة
وأنا أنظر أمامي، حتى إنني بدأت أتضايق من نظراتها
التي لا أراها لكنني أشعر بها،فالتفتُ إليها.
عندها تبسمتْ قائلة: كنت أختبر مدى صبرك وتحملك.
-الشاب- صبري على ماذا؟
-السيدة- على قلة ذوقي. أعرفُ تماماً بماذا كنتَ تفكر.
-الشاب- لا أظنك تعرفين، وليس (http://groups.google.com.sa/group/AlTmiz-Mail) مهماً أن تعرفي.
-السيدة- حسناً، سأقول لك لاحقاً، لكن بالي مشغول كيف سأرد لك الدين.
-الشاب- الأمر لا يستحق، لا تشغلي بالك.
-السيدة- عندي حاجة سأبيعها الآن وسأرد لك (http://groups.google.com.sa/group/AlTmiz-Mail) اليورو، فهل تشتريها أ م أعرضها على غيرك؟
-الشاب- هل تريدين أن أشتريها قبل أن أعرف ما هي؟
-السيدة- إنها حكمة. أعطني يورو واحداً لأعطيك الحكمة.
-الشاب- وهل ستعيدين لي اليورو إن لم تعجبني الحكمة؟
-السيدة- لا، فالكلام بعد أن تسمعه لا أستطيع استرجاعه (http://groups.google.com.sa/group/AlTmiz-Mail)، ثم إن اليورو الواحد
يلزمني لأنني أريد أن أرد به دَيني.
أخرجتُ اليورو من جيبي ووضعته في يديها وأنا أنظر إلى تضاريس وجهها.
لا زالت عيناها جميلتين تلمعان كبريق عيني شابة في مقتبل العمر،
وأنفها الدقيق مع عينيها يخبرون عن ذكاء ثعلبي.
مظهرها يدل على أنها سيدة متعلمة، لكنني لن أسألها عن شيء،
أنا على يقين أنها ستحدثني عن نفسها فرحلتنا لا زالت في بدايتها.
أغلقت أصابعهاعلى هذه القطعة النقدية التي فرحت بها كما يفرح الأطفال عندما نعطيهم بعض النقود
وقالت: أنا الآن متقاعدة، كنت أعمل مدرّسة لمادة الفلسفة،
جئت من مدينتي لأرافق إحدى صديقاتي إلى المطار. أنفقتُ كل ما كان معي
وتركتُ ما يكفي لأعود إلى بيتي، إلا أنسائق التكسي أحرجني وأخذ مني يورو واحد زيادة،
فقلت في نفسي سأنتظر الحافلة خارجالمحطة، ولم أكن أدري أنه ممنوع.
أحببتُ أن أشكرك بطريقة أخرى بعدما رأيت شهامتك،حيث دفعت عني دون أن أطلب منك. الموضوع ليس مادياً. ستقول لي بأن المبلغ بسيط،
سأقوللك أنت سارعت بفعل الخير ودونماتفكير.
قاطعتُ المرأة مبتسماً: أتوقع بأنك ستحكي لي قصة حياتك،
لكن أين البضاعة التي اشتريتُها منكِ؟ أين الحكمة؟
-السيدة- "بَسْ دقيقة".
-الشاب- سأنتظر (http://groups.google.com.sa/group/AlTmiz-Mail) دقيقة.
-السيدة- لا، لا، لا تنتظر. "بَسْ دقيقة"... هذه هي الحكمة.
-الشاب- ما فهمت شيئاً.
-السيدة- لعلك تعتقد أنك تعرضتَ لعملية احتيال؟
-الشاب- ربما.
-السيدة- سأشرح لك: "بس دقيقة"، لا تنسَ هذه الكلمة.
في كل أمر تريد أن تتخذ فيه قراراً،
عندما تفكر به وعندما تصل إلى لحظة اتخاذ القرار أعطِ نفسك دقيقة إضافية،
ستين ثانية. هل تعلم كم من المعلومات يستطيع دماغك أن يعالج خلال ستين ثانية؟
في هذه الدقيقة التي ستمنحها لنفسك قبل إصدار قرارك قد تتغير أمور كثيرة، ولكن بشرط.
-الشاب- وما هوالشرط؟
-السيدة- أن تتجرد عن نفسك، (http://groups.google.com.sa/group/AlTmiz-Mail)وتُفرغفي دماغك وفي قلبك جميع القيم الإنسانية
والمثل الأخلاقية دفعة واحدة، وتعالجهامعالجة موضوعية ودون تحيز،
فمثلاً: إن كنت قد قررت بأنك صاحب حق وأن الآخر قد ظلمك فخلال هذه الدقيقة
وعندما تتجرد عن نفسك ربما تكتشف بأن الطرف الآخر لديه حق أيضاً،
أو جزء منه،وعندها قد تغير قرارك تجاهه.
إن كنت نويت أن تعاقب شخصاً ما فإنك خلال هذهالدقيقة بإمكانك أن تجد له عذراً
فتخفف عنه العقوبة أو تمتنع عن معاقبته وتسامحه نهائياً.
دقيقة واحدة بإمكانها أن تجعلك تعدلعن اتخاذ خطوة مصيرية في حياتك
لطالما اعتقدت أنها هي الخطوة السليمة ، في حينأنها قد تكون كارثية.
دقيقة واحدة ربما تجعلك أكثر تمسكاً بإنسانيتك وأكثر بعداً عنهواك.
دقيقة واحدة قد تغير مجرى حياتك وحياة غيرك،
وإن كنت من المسؤولين فإنها قدتغير مجرى حياة قوم بأكملهم...
هل تعلم أن كل ما شرحته لك عن الدقيقة الواحدة لميستغرق أكثر من دقيقة واحدة؟
-الشاب- صحيح، وأنا قبلتُ برحابة صدر هذه الصفقةوحلال عليكِ اليورو.
-السيدة- تفضل، أنا الآن أردُّ لك الدين وأعيد لك مادفعته عني عند شباك التذاكر.
والآن أشكرك كل الشكر على ما فعلته لأجلي.
أعطتني اليورو. تبسمتُ في وجهها واستغرقت ابتسامتي أكثر من دقيقة،
لأنتهبه إلى نفسي وهي تأخذ رأسي بيدها وتقبل جبيني
قائلة: هل تعلم أنه كان بالإمكان أن أنتظر ساعات دون حل لمشكلتي،
فالآخرون لم يكونواليدروا ما هي مشكلتي، وأنا ما كنتُ لأستطيع أن أطلب واحد يورو من أحد.
-الشاب- حسناً، وماذا ستبيعيني لو أعطيتك مئة يورو؟
-السيدة- سأعتبره مهراً وسأقبل بك زوجاً.
علتْ ضحكتُنا في الحافلة وأنا أُمثـِّلُ بأنني أريد النهوض ومغادرة مقعدي
وهي تمسك بيدي قائلة: اجلس، فزوجي متمسك بي وليس له مزاج أن يموت قريباً!
وأنا أقول لها: "بس دقيقة"، "بس دقيقة"...
لم أتوقع بأن الزمن سيمضي بسرعة. كانت هذه الرحلة من أكثر رحلاتي سعادة،
حتى إنني شعرت بنوع من الحزن عندما غادرتْ الحافلة
عندما وصلنا إلى مدينتها في منتصف الطريق تقريباً.
قبل ربع ساعة من وصولها حاولتْ أن تتصل من جوالها بابنها كي يأتي إلى المحطة ليأخذها،
ثم التفتتْ إليّ قائلة: على ما يبدو أنه ليس عندي رصيد.
فأعطيتها جوالي لتتصل. المفاجأة أنني بعد مغادرتها للحافلة بربع
ساعة تقرير بأني استلمتُ رسالتين على الجوال،
الأولى تفيد بأن هناك من دفع لي رصيداً بمبلغ يزيد عن 10 يورو،
والثانية منها تقول فيها: كان عندي رصيد في هاتفي لكنني احتلتُ عليك لأعرف رقم هاتفك
فأجزيكَ على حسن فعلتك.
إن شئت احتفظ برقمي، وإن زرت مدينتي فاعلم بأن لك فيها أمّاً ستستقبلك.
فرددتُ عليها برسالة قلت فيها: عندما نظرتُ إلى عينيك خطر ببالي أنها عيون ثعلبية
لكنني لم أتجرأ أن أقولها لك،
أتمنى أن تجمعنا الأيام ثانية، أشكركِ على الحكمة
واعلمي بأنني سأبيعها بمبلغ أكبر بكثير.
"بـس دقـيـقـة"
... حكمة أعرضها للبيع، فمن يشتريها مني في زمن نهدر فيه الكثير الكثير من الساعات دون فائدة؟
:doaa:
"بَسْ دقيقة"
بقلم: محمد عبد الوهاب جسري
كنت أقف في دوري على شباك التذاكر لأشتري بطاقة سفر في الحافلة إلى مدينة
تبعد حوالي 330 كم، وكانت أمامي سيدة ستينية قد وصلت إلى شباك التذاكر
وطال حديثها مع الموظفة التي قالت لهافي النهاية: الناس ينتظرون، أرجوكِ تنحّي جانباً.
فابتعدت المرأة خطوة واحدة لتفسحلي المجال،
وقبل أن أشتري بطاقتي سألت الموظفة عن المشكلة، فقالت لي
بأن هذه المرأة معها ثمن بطاقة السفر وليس معها يورو واحد قيمة بطاقة دخول المحطة،
وتريد أن تنتظر الحافلة خارج المحطة وهذا ممنوع. قلتُ لها: هذا يورو وأعطهاالبطاقة.
وتراجعتُ قليلاً وأعطيتُ السيدة مجالاً لتعود إلىدورها بعد أن نادتها الموظفة مجدداً.
اشترت السيدة بطاقتها ووقفت جانباً وكأنها تنتظرني، فتوقعت أنها تريد أن تشكرني،
إلا أنها لم تفعل، بل انتظرتْ لتطمئن إلى أنني اشتريت بطاقتي وسأتوجه إلى ساحة الانطلاق،
فقالت لي بصيغة الأمر: احمل هذه... وأشارت إلى حقيبتها.
كان الأمر غريباً جداً بالنسبة لهؤلاء الناس الذين يتعاملون بلباقة ليس لها مثيل.
بدون تفكير حملت لها حقيبتها واتجهنا سوية إلى الحافلة،
ومن الطبيعي أن يكون مقعدي بجانبها لأنها كانت قبلي تماماً في الدور.
حاولت أن أجلس من جهة النافذة لأستمتع بمنظرتساقط الثلج الذي بدأ منذ ساعة
وأقسم بأن يمحو جميع ألوان الطبيعة معلناً بصمته الشديد: أنا الذي آتي لكم بالخير
وأنا من يحق له السيادة الآن! لكن السيدة منعتني وجلستْ هي من جهة النافذة
دون أن تنطق بحرف، فرحتُ أنظر أمامي ولا أعيرها اهتماماً،
إلى أن التفتتْ إلي تنظر في وجهي وتحدق فيه، وطالت التفاتتها دون أن تنطق ببنت شفة
وأنا أنظر أمامي، حتى إنني بدأت أتضايق من نظراتها
التي لا أراها لكنني أشعر بها،فالتفتُ إليها.
عندها تبسمتْ قائلة: كنت أختبر مدى صبرك وتحملك.
-الشاب- صبري على ماذا؟
-السيدة- على قلة ذوقي. أعرفُ تماماً بماذا كنتَ تفكر.
-الشاب- لا أظنك تعرفين، وليس (http://groups.google.com.sa/group/AlTmiz-Mail) مهماً أن تعرفي.
-السيدة- حسناً، سأقول لك لاحقاً، لكن بالي مشغول كيف سأرد لك الدين.
-الشاب- الأمر لا يستحق، لا تشغلي بالك.
-السيدة- عندي حاجة سأبيعها الآن وسأرد لك (http://groups.google.com.sa/group/AlTmiz-Mail) اليورو، فهل تشتريها أ م أعرضها على غيرك؟
-الشاب- هل تريدين أن أشتريها قبل أن أعرف ما هي؟
-السيدة- إنها حكمة. أعطني يورو واحداً لأعطيك الحكمة.
-الشاب- وهل ستعيدين لي اليورو إن لم تعجبني الحكمة؟
-السيدة- لا، فالكلام بعد أن تسمعه لا أستطيع استرجاعه (http://groups.google.com.sa/group/AlTmiz-Mail)، ثم إن اليورو الواحد
يلزمني لأنني أريد أن أرد به دَيني.
أخرجتُ اليورو من جيبي ووضعته في يديها وأنا أنظر إلى تضاريس وجهها.
لا زالت عيناها جميلتين تلمعان كبريق عيني شابة في مقتبل العمر،
وأنفها الدقيق مع عينيها يخبرون عن ذكاء ثعلبي.
مظهرها يدل على أنها سيدة متعلمة، لكنني لن أسألها عن شيء،
أنا على يقين أنها ستحدثني عن نفسها فرحلتنا لا زالت في بدايتها.
أغلقت أصابعهاعلى هذه القطعة النقدية التي فرحت بها كما يفرح الأطفال عندما نعطيهم بعض النقود
وقالت: أنا الآن متقاعدة، كنت أعمل مدرّسة لمادة الفلسفة،
جئت من مدينتي لأرافق إحدى صديقاتي إلى المطار. أنفقتُ كل ما كان معي
وتركتُ ما يكفي لأعود إلى بيتي، إلا أنسائق التكسي أحرجني وأخذ مني يورو واحد زيادة،
فقلت في نفسي سأنتظر الحافلة خارجالمحطة، ولم أكن أدري أنه ممنوع.
أحببتُ أن أشكرك بطريقة أخرى بعدما رأيت شهامتك،حيث دفعت عني دون أن أطلب منك. الموضوع ليس مادياً. ستقول لي بأن المبلغ بسيط،
سأقوللك أنت سارعت بفعل الخير ودونماتفكير.
قاطعتُ المرأة مبتسماً: أتوقع بأنك ستحكي لي قصة حياتك،
لكن أين البضاعة التي اشتريتُها منكِ؟ أين الحكمة؟
-السيدة- "بَسْ دقيقة".
-الشاب- سأنتظر (http://groups.google.com.sa/group/AlTmiz-Mail) دقيقة.
-السيدة- لا، لا، لا تنتظر. "بَسْ دقيقة"... هذه هي الحكمة.
-الشاب- ما فهمت شيئاً.
-السيدة- لعلك تعتقد أنك تعرضتَ لعملية احتيال؟
-الشاب- ربما.
-السيدة- سأشرح لك: "بس دقيقة"، لا تنسَ هذه الكلمة.
في كل أمر تريد أن تتخذ فيه قراراً،
عندما تفكر به وعندما تصل إلى لحظة اتخاذ القرار أعطِ نفسك دقيقة إضافية،
ستين ثانية. هل تعلم كم من المعلومات يستطيع دماغك أن يعالج خلال ستين ثانية؟
في هذه الدقيقة التي ستمنحها لنفسك قبل إصدار قرارك قد تتغير أمور كثيرة، ولكن بشرط.
-الشاب- وما هوالشرط؟
-السيدة- أن تتجرد عن نفسك، (http://groups.google.com.sa/group/AlTmiz-Mail)وتُفرغفي دماغك وفي قلبك جميع القيم الإنسانية
والمثل الأخلاقية دفعة واحدة، وتعالجهامعالجة موضوعية ودون تحيز،
فمثلاً: إن كنت قد قررت بأنك صاحب حق وأن الآخر قد ظلمك فخلال هذه الدقيقة
وعندما تتجرد عن نفسك ربما تكتشف بأن الطرف الآخر لديه حق أيضاً،
أو جزء منه،وعندها قد تغير قرارك تجاهه.
إن كنت نويت أن تعاقب شخصاً ما فإنك خلال هذهالدقيقة بإمكانك أن تجد له عذراً
فتخفف عنه العقوبة أو تمتنع عن معاقبته وتسامحه نهائياً.
دقيقة واحدة بإمكانها أن تجعلك تعدلعن اتخاذ خطوة مصيرية في حياتك
لطالما اعتقدت أنها هي الخطوة السليمة ، في حينأنها قد تكون كارثية.
دقيقة واحدة ربما تجعلك أكثر تمسكاً بإنسانيتك وأكثر بعداً عنهواك.
دقيقة واحدة قد تغير مجرى حياتك وحياة غيرك،
وإن كنت من المسؤولين فإنها قدتغير مجرى حياة قوم بأكملهم...
هل تعلم أن كل ما شرحته لك عن الدقيقة الواحدة لميستغرق أكثر من دقيقة واحدة؟
-الشاب- صحيح، وأنا قبلتُ برحابة صدر هذه الصفقةوحلال عليكِ اليورو.
-السيدة- تفضل، أنا الآن أردُّ لك الدين وأعيد لك مادفعته عني عند شباك التذاكر.
والآن أشكرك كل الشكر على ما فعلته لأجلي.
أعطتني اليورو. تبسمتُ في وجهها واستغرقت ابتسامتي أكثر من دقيقة،
لأنتهبه إلى نفسي وهي تأخذ رأسي بيدها وتقبل جبيني
قائلة: هل تعلم أنه كان بالإمكان أن أنتظر ساعات دون حل لمشكلتي،
فالآخرون لم يكونواليدروا ما هي مشكلتي، وأنا ما كنتُ لأستطيع أن أطلب واحد يورو من أحد.
-الشاب- حسناً، وماذا ستبيعيني لو أعطيتك مئة يورو؟
-السيدة- سأعتبره مهراً وسأقبل بك زوجاً.
علتْ ضحكتُنا في الحافلة وأنا أُمثـِّلُ بأنني أريد النهوض ومغادرة مقعدي
وهي تمسك بيدي قائلة: اجلس، فزوجي متمسك بي وليس له مزاج أن يموت قريباً!
وأنا أقول لها: "بس دقيقة"، "بس دقيقة"...
لم أتوقع بأن الزمن سيمضي بسرعة. كانت هذه الرحلة من أكثر رحلاتي سعادة،
حتى إنني شعرت بنوع من الحزن عندما غادرتْ الحافلة
عندما وصلنا إلى مدينتها في منتصف الطريق تقريباً.
قبل ربع ساعة من وصولها حاولتْ أن تتصل من جوالها بابنها كي يأتي إلى المحطة ليأخذها،
ثم التفتتْ إليّ قائلة: على ما يبدو أنه ليس عندي رصيد.
فأعطيتها جوالي لتتصل. المفاجأة أنني بعد مغادرتها للحافلة بربع
ساعة تقرير بأني استلمتُ رسالتين على الجوال،
الأولى تفيد بأن هناك من دفع لي رصيداً بمبلغ يزيد عن 10 يورو،
والثانية منها تقول فيها: كان عندي رصيد في هاتفي لكنني احتلتُ عليك لأعرف رقم هاتفك
فأجزيكَ على حسن فعلتك.
إن شئت احتفظ برقمي، وإن زرت مدينتي فاعلم بأن لك فيها أمّاً ستستقبلك.
فرددتُ عليها برسالة قلت فيها: عندما نظرتُ إلى عينيك خطر ببالي أنها عيون ثعلبية
لكنني لم أتجرأ أن أقولها لك،
أتمنى أن تجمعنا الأيام ثانية، أشكركِ على الحكمة
واعلمي بأنني سأبيعها بمبلغ أكبر بكثير.
"بـس دقـيـقـة"
... حكمة أعرضها للبيع، فمن يشتريها مني في زمن نهدر فيه الكثير الكثير من الساعات دون فائدة؟
:doaa: