المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : زوجة الشيخ محمد بن عبدالحميد حسونة -رحمه الله : [ ورحل الشيخ ]


ابو اميمة محمد
22-02-2011, 09:37 AM
ولو كانت الدنيا تدوم لأهلها *** لكان رسول الله حيا يخلد



إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله :



" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ " سورة "آل عمران" الآية (102)



" يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا " سورة "النسـاء" الآية (1)



" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا" سورة "الأحزاب" الآية (70-71)



،،، أما بعد ،،،





الحمد لله الذي خلق الموت والحياة ليبلونا أينا أحسن عملاً ، الحمد لله الذي يختار للعبد ما ينفعه ويصلحه في دنياه وآخرته .



وبعد : فلقد كتبت هذه الكلمة :

أولاً : لاستجلاب صبر، ودفع خوف من جزع على مفارقة حبيب، وشدٍّ لهمةٍ كادت أن تضعف بعدما رأت من فتنٍ في هذه الأيام العصيبة الماضية، وحثٍ على ترك دنيا قصورها فانية، وعض بالنواجذ على جنة قطوفها دانية، وفخراً بعالم لم يقعده الباطل عن قول الحق، ولو كان الباطل من سلطة عالية ! متكلماً بكلمات من الدليل عارية، وحمداً لربي أن أراني ما استقرت به عيناً كانت على فراق الشيخ باكية، واعترافاًُ بجميل شيخ قضى حياته جداً واجتهاداً مدافعاً عن شريعة ربه وسنة نبيه الباقية .



ثانياً : لأنبه الأخوة المباركين والأخوات المباركات ، المشرفين والمشاركين في منتدى الشيخ ، بأن يثبتوا ويواصلوا ما بدأوه ، وأن لا يجعلوا منبره يشكوا فقد صاحبه الذي طالما عمَّره بالخير وحذر فيه من شر، وحارب فيه أهل البدع، فلم ولن يفرغ من كلمات واضحات تدافع عن دين الله مهما كان ثمن هذا الدفاع، حتى والله وإن كان الثمن حياة الشيخ الغالية، وأذكرهم بكلمة الشيخ عند كل فتنة وفي بداية كل طريق: [ لا يغرنكم كثرة السالكين ، فمتبعين الحق دائماً قلة ] لقوله تعالى : { وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِي الشَّكُورُ } ولما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "عرضت علي الأمم فرأيت النبي ومعه الرهط والنبي ومعه الرجل والرجلان والنبي وليس معه أحد" .



ثالثاً : تذكير لهؤلاء الفرقة الذين أفتوا بغير علم ، فضيعوا الناس بغير حلم ، فما تكلموا بحق ولا وضحوا بدليل ، بل كل همهم –والله حسيبهم- شهرة بين أقوامهم، ورفعة بين عوامهم ، فالله الله حسيبهم .



وأخيراً .. لكل حائر في أمر الفتن أنصحه لحقه علينا ، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ الدين النصيحة ] : اعلموا أن سبب حيرتكم وتخبطكم في هذه الفتن هو البعد عن تعلم دين الله بالأدلة ، وعن التأسي بأمر رسوله : { فَلْيَحْذَرْ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } وكما قيل : [ الفتنة يعلم بها العالم قبل وقوعها ولا يعلم بها الجاهل إلا بعد أن تولي .



تعلموا حفظكم الله بذل الجهد ودفع المال واسترخاص العمر ، اشتروا الآخرة بالدنيا ، احسموا اختلافاتكم بالدليل قال تعالى : { فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ } تعلموا واعملوا وعلموا واصبروا حتى تلاقوا ربكم في جنته فتعيشوا وتنعموا، ورسولكم على حوضه فتشربوا وتسعدوا .



سبحان الله ...





اعلموا أن كل إنسان صالح كان أو طالح –نعوذ بالله- يختم له بعمل في دقائق وربما في سويعة ، أما الشيخ –رحمه الله تعالى- فختم له -بإذن الله- بأعمال كثيرات في ساعات بل في ليالي متتاليات أحسبه أخلص فيها لرب الأرض والسماوات وعظم أمره في كل الأوقات ، ونصح له كل ذاهب وآت ، فالله حسيبه وهو وليه توفاه مسلماً ، وأسأل الله أن يلحقه بالصالحين .



والله لقد كان الشيخ في هذه الأيام –الخمسة عشر- لا ينام إلا سويعات ينصح للمخلصين والمخلصات، يريد أن يصدع بما أمره رب الأرض والسماوات ، يمسك بالهاتف الأرضي وربما النقال معاً -وكان لي، يذكر بخطورة البدع وبضرورة الالتزام بالسنن ، يصرخ هنا وهناك اتقوا الله اتقوا الله وأطيعوا أمره ، يحزن إذا أضل شيخ بفهم أو بعلم ، والله لقد قاطع الطعام إلا لقيمات، يأكلها خالية ليقيم بها صلبه في هذه الأوقات، وإذا عاتبناه في ذا يقول : ليس هناك وقت .



يعطف على الجاهل فيجلس يحادثه في ساعات ، يذكر العالم أن ما نمر به الآن فتنة فاحذروا الزلات ، يتابع ما يحدث ويصحب متابعته –رحمه الله تعالى- بجم من الدعوات .



تصرخ النساء إليه : يا شيخ ماذا نفعل في كذا وكذا ؟ وأذكر أن الشيخ بكى عند سؤل إحدى الأخوات : ماذا نفعل يا شيخ لقد اقتربوا من بيوتنا ليهتكوا الأعراض ، فقال –رحمه الله تعالى : إن أرادوا مالاً فليأخذوه ، وإن أرادوا زاداً فلينهبوه ، أما العِرض : فموتي دون عرضك .



ثم يصرخ الرجال : أذكر أن أحدهم سألني : أين الشيخ ؟ فأقول : نائم ، فيقول باكيا : قولي للشيخ قم ( البلد هتولع بكرة ) فاستحلفيه أن يخرج على فضائية من الفضائيات يعلي كلمة الحق فيها فلعله يحقن بها الدماء وأن يجعله الله سببا في حماية البلاد من الفساد .



كان -رحمه الله تعالى- إذا اتصلت به الصغيرات، يردن الخروج مع من خرج بغير ثبات، ينصح لهن بعطف أب، خوفا عليهن من المحدثات .



لله در شيخنا فلطالما أحزنه أمر المسلمين وأظنه من أجله قد مات، وكان صابرا محتسبا يذكر بأمر ربه، ويحذر من الخوض في هذه الفتن وكف الألسن عن الكلمات المهلكات، وعدم الخروج على الحكام والولات، والحديث عن حرمة هذه التظاهرات .



ارجعوا .. ليس هذا هدى نبيكم حتى مات ، تسأله بعض الأمهات عن أحوال أبنائهم حتى البنات، فيقول –رحمه الله تعالى : انصحي وعلمي وفهمي وادفعى وارفعى حتى الممات، واصبر لتنال رضا رب الأرض والسماوات .



والله لقد رأيته يبكي بعد كثير من الاتصالات ، يبحث عن وسيلة ينبه بها الناس في الشوارع والطرقات ، أتعرفون إلى متى ؟! إلى مرض الشيخ الذي فيه مات ، نعم مات .



مرض الشيخ أثناء جلوسه على مقعده يجاهد بكلمته وينصح لكل الأخوة والأخوات، وجدته والله يحرك فأرته وقد وقف العقل وسكنت الحركات ، لما رأيناه هكذا قلنا : قم يا شيخ .. قم يا شيخ ، وما كنا نعلم أنا هذا كان هو مرض الممات ، فلما مات احتسبناه مجاهداً بكلمة الحق يصدع بها حتى مات .



فقم يا من كان الشيخ لك معلماً ، وقومي يا من كان الشيخ لك مفتياً ، أكمل ما بدأه الشيخ قبل الفوات واعلم أن جهاد الكلمة والله نوع من أنواع الجهاد ، وهذه آخر وصية لزوجه مع الأولاد :

[ قومي إلى الناس غداً ( وكان موعداً لدرس أسبوعي ) رغم خوفي عليك مما يحدث في البلاد، اذهبي فذكري الناس بربهم ، وبالله عرفيهم حكم المظاهرات ، ولو كان فيه خير لاتبعه النبي سيد السادات ، والله ما فيه خير ، بل بدع وهوى وفساد ، في الأرض واستمطاراً للسخطات ، من رب عظيم أمر بتعظيم أمره ونهيه حتى تفتح لنا الجنات ] وعرفيهن حكم الخروج على الولاة ما كان هذا هدي نبينا عافانا الله من العناد .



والله كان هذا آخر حديثه قبل مرضه الذي فيه مات .





وأذكركم يامن تبصروا أن الفتنة إذا أقبلت فلم تدبر إلا وقد خرج الناس منها على أقسام ، قسم سابق للخيرات تكلم بالحق وأيد كلامه بالأدلة الواضحات ( وأحسب الشيخ منهم -إن شاء الله؛ لأنه به يتكلم حتى مات ) ، وقسم مقتصد كف الألسن عن الخوض فيما لا علم له به حتى سلم منه المسلمون والمسلمات ، وقسم ظالم لنفسه أطلق للسانه العنان ، ليتحدث في كل مكان وأي زمان ، بغير اتباع ، بل بابتداع ، فالله الله اسأل لهم الهداية قبل الممات ، حتى لا تصعر بهم النار ، كيف لا ؟!! وهذا وعد من رب الأرض والسماوات .



فيامن لا علم لك تعلم ، فلا تدري لعل الشر آت ، واعلم خطاب نبيك واعمل به حتى تفوز بالجنات ، وقد أمرنا في مثل هذه الأوقات أن نمسك علينا لساننا ، وأن تسعنا بيوتنا ، وأن نبكي على ذنوبنا والسيئات ، فبها يكون النصر ، فلا نصر مع الأغاني والمسلسلات ، والدعوات الكاذبات ، فكيف ينصرنا الذي بيده النصر ونحن ما نصرناه في أنفسنا الضعيفات ، عودوا إلى قرآنكم وسنة نبيكم ، وكان هذا نهج شيخنا حتى مات ( نعم مات ) .



ومن حقه علينا جميعا أن نتمسك بالأدلة الواضحات ، ونعمل بها فيكون له العطاء من رب الأرض والسموات ، وكيف لا ؟! وقد علمنا -رحمه الله تعالى- الثبات على الحق وعدم الشتات ، وأن ندعوا إلى طريق ربنا بالحكمة والمواعظ الحسنات ، وحذرنا من التفرق والشتات ، وألا نخرج على ولي أمر تولى أمر المسلمين حتى الممات ، هذه وصايا شيخنا – عليه من الله الرحمات – حتى مات ( نعم مات ) .



فيا باغي الخير أقبل ، ويا باغي الشر أبصر ، فأسرع بدفعه ورفعه بالعلم قبل يوم تنشر فيه الصحيفات ، ولا يغرك كثرة ، فلطالما قل للحق الطالبين والطالبات .



ارحم يا رب شيخنا ، واغفر له ، ولقد سعدنا برؤية وجهه عند الممات ، وكأنه والله بشر برضا الرحمن ، فكان بياض الوجه والبسمات ، واسأل من رأى الشيخ ينقل لك حتى تصدق من نقل عند الممات ، وشعرنا عند موته بإجابة لدعوة كانت له قبل الممات :

اللهم إن أردت بقوم فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين ، ولا تحاسبنا بما فعل المفسدين والمفسدات ، وأظن الله قد أجاب سؤله ، فقبضه على قول حق في النوازل المدلهمات ، فالله أسأله له الجنة مع النبيين والصديقين والشهداء ، وقد وعدنا ربنا ورسله بأنه يموت المرؤ على ما عاش ، ولقد عاش شيخنا على مقعده يكتب ويقرأ وينصح المسلمين والمسلمات ، ويحارب كل من فارق الدليل بل تهاون أو تهاد ، ولما أتاه المرض الذي على أثره قد مات ، فلقد أتاه على مقعده بيده يمسك فأرته ، كان ينصح ويرشد حتى آخر لحظة حتى الممات ، والله نسأله له قبول الحسنات وتجاوز عن السيئات ، وأن يفسح له قبره ويرزقه عند السؤال الثبات .



اللهم اجمعنا به في الفردوس الأعلى ، مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، اللهم أبدله داراً خيراً من داره وأهلا خيراً من أهله ، اللهم اجعل قبره روضة من رياض الجنة ، اللهم عامله بما أنت أهله ولا تعامله بما هو أهله ، اللهم عامله بفضلك ولا تعامله بعدلك .



هذا .. وصلي اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

الحمد لله رب العالمين



كتبته

أم عبد الله

في 16/3/1432هـ 20/2/2010م



منقول

أبو يوسف
22-02-2011, 11:49 AM
ما شاء الله ؛

لله درها من متكلمة بليغه .

سفيرة الاسلام
22-02-2011, 12:13 PM
جزاك الله خيراً