خضر صبح
01-05-2011, 08:22 PM
[font="arial black"]الغول ..
قصة قصيرة
بقلم خضر صبح
توشك الشمس أن تغادر السماء ..
تتراكم البيوت على الجانبين ..
تزاحم قنوات المجاري المكشوفة بقايا الإسفلت المحفور ..
تقف الجدران المتهالكة تمنع انفلات الأنفاس الضيقة ضيق البيوت .
يتسمر رائد ابن السادسة عشرة عاما مكانه ...متعرقا ... لا يكاد يرى السقوف التي تئنّ من أعباء الحطب المكدس ..
يتأمل سحابة سوداء تعبر السماء الحمراء الممزقة فتحجب عين الشمس البعيدة .. يحسّ بدمه بطيئا في جسده كله ..
لا يكاد قلبه ينبض.
وقف جامدا غير قادر على الحركة أو على الصوت , يحاصره الجنود المدججين بالسلاح .. ينظرون إليه نظرات متهمة ..
أحسّ بشيء قوي يصيب ظهره يلقي به بعيدا ..
كلّ خلية من خلايا جسمه تصرخ ألما.
امتدّت أيد قويّة تكمّم فمه وتعصب عينيه ثم تقيّد يديه خلف ظهره , طلقات الرصاص تأزّ فوق رأسه تكاد تصمّ أذنيه , ترتطم الحجارة بالأشياء حوله ..
تسيل الدماء من فكيه ..
شعر بالغثيان يأخذ بعناقه ويرتفع إلى حلقه ..
آلام كثيرة في جسده كله ..
صرخ ..
لكن صرخته لم تتجاوز شفتيه .
الحجارة المتناثرة حوله سكاكين تدمي جنبه
أسنانه تصطكّ ..
يرتجف جسمه كريشة في مهب الريح ..
رأسه يدور..
يقف كمركب بلا ربان .. يقف على أطراف الموج ينشد مرساة بلا وصول ..
يبحث في ثنايا عقله عن مكان تعود منه الشمس من حد الأفق المسنون الملبد بالاحمرار.
يسمع أصواتا وأقدام كثيرة تخطو نحوه .. وصوتا يقول :
• --" أنت رائد؟"
لم يجب .. ولم يحرك ساكنا ..
كان يتمنى لو أنه بخار يتصاعد إلى ما لا نهاية وكأنه لم يكن.
صوت أجش يصيح به:
• "ماذا كنت تفعل قبل أن يلقي الجنود القبض عليك؟"
• " ألم تكن تلقِ الحجارة على الجنود"
هزّ رأسه يمينا وشمالا ينفي أن يكون قد فعل شيئا
امتدّت عشرات الأيدي نحوه تضربه وتركله في غلظة وعنف..
شعر بالعالم كله ينغلق من حوله ولم يعد يحسّ.
دوى صوت قوي في قلب المخيم الصغير اندفع جسد رائد إلى الأمام ثم سقط أرضا وتدحرج قبل أن يثب واقفا على قدميه ..
للوهلة الأولى بدا مثل صوت الرعد.. بلا تردد أو تفكير نظر ناحية الصوت من كوة صغيرة في الجدار القريب فلم ير شيئا ..
ارتفعت درجة حرارة جسده مع ما يحيط به من علامات الخوف ..
شعر بالعرق يتصبّب على وجهه..
السكون يدوي في المكان
ارتفع الصوت مرة أخرى في هذه المرة مخيفا مرعبا وارتفعت معه صوت جيرانه مقرونا برعب وهلع لا مثيل له..
فتح عينيه عن آخرها محاولا تحدي الليل الذي بدا يزحف.
لمح رجلا يحمل عصا يندفع من الزقاق القريب وهو يصيح بقوة وانفعال :
• غول... غول
دخل الرجل في الزقاق ثم ظهر يبحث ويجري هنا وهناك ثم اختفى في نفس الزقاق مرة أخرى ثم صاح عاليا لكن صرخته اختنقت فجأة وعلا صراخ الغول مرة أخرى..
شعر رائد بشيء ثقيل يسقط بجواره
نظر إليه بحذر فامسك فمه بقوة يمنع صرخة كادت تفلت منه .. فما سقط جواره كان بقايا الرجل الذي سمع صوته قبل لحظات مدرجا بالدم.
دب ّالرعب في قلبه فأراد الهرب لكن قيوده منعته ..
غالب نفسه وآلامه واقترب من كوة الجدار مرة أخرى ..
دوّى صوت الوحش لكن هذه المرة من مكان قريب جدا ..
تراجع عن الكوة في خوف وتردد ..
صوت الوحش لا ينقطع .ترتجّ له أركان المكان
وتمايلت الصروح .. ومضى يحطم كل ما يصادفه .
اقترب رائد من الكوة ثانية فرأى الوحش أمامه مباشرة ..
يقطر دما ..
هاله ما رأى من ضخامته ..
تناول طفلا بمخالبه الحادة فتلقفته أنيابه المتعطشة للدماء .. هرعت أمه تحاول تخليصه منه بيديها العاريتين فيما يبحث زوجها عن شيء يخلّص فيه ولده
أمسكت الأم الشيء المتبقي من طفلها وانتزعته من فمه وهي تصيح
• اتركه يا مجرم
نظر إليها الوحش باستخفاف ثم قفز فوقها وشلّ حركتها .. فصاح الزوج صيحة قوية .. أدار الوحش وجهه ناحية الزوج وتأمل الحجر الذي يحمله فارتجف الرجل رعبا وسقط منه الحجر ولاذ بالفرار .. قفز الوحش أمامه وأغلق عليه الطريق .. حاول مراوغته وفي كل مرة يسدّ عليه الطّريق فسقط أرضا وهو يبكي .. اقترب منه الوحش ووضع وجهه أمام وجهه فأغمي عليه سحبه ناحية زوجته وبدا يتناول طعامه.
لمح رائد امرأة تختبئ في احد الأركان كانت تنوح فأشار إليها - محذرا - أن تصمت لان الوحش يمكن أن يسمعها ..
لم تنتبه لتحذيره .. توقف الوحش وأصاغ السمع ثم هدر بصوته المخيف ... فصاحت المرأة رعبا وهلعا وجرت من أمامه فلمحها وتبعها ..
تعلقت بأحد الأبواب القريبة وطفقت تدقه في فزع فلم يفتح الباب .. سقطت المرأة أمام الباب تتوسل ..
اقترب منها الوحش وهو يصرخ صرخات رددتها جدران البيوت المتآكلة بصدى قفزت له قلوب الناس رعبا.
اقترب أكثر من المرأة يتهادى في مشيته بجسمه الضخم وأنيابه الحادة ينظر في الاتجاهات المختلفة والشوارع الخالية ...
تمددت المرأة على الأرض ..بين أقدامه
شعر رائد بالنار تفور في داخله وبأعصابه تغلي وعضّ على شفته وهو يتمتم
• الناس لا يحركون ساكنا والوحش يعيث فسادا.
سال العرق من وجهه وضغط فكيه حتى أخرجت صريرا .. قفز إلى الشارع لا يبالي بشيء إلا الدفاع عن المرأة المسكينة وتخليصها من هذا الوحش.
الشارع ضيق وقد يحصره الوحش في أي ركن ويقضي عليه بسهولة .. لكن هناك في السهل القريب من المخيم المكان أوسع وقد يمكنه أن يناور بشكل أفضل.
التقط حجرا وألقاه نحو الوحش الذي جفل واستدار نحوه في غضب..
التقط رائدا حجرا اكبر وصوبه نحو الوحش بقوة فارتطم في رأسه فصرخ الوحش وهجم عليه.
راوغه رائد وطفق يجري وهو يجري خلفه .. كان الوحش أسرع فالتقط قدمه بين أنيابه الحادة .. سقط رائد أرضا أمام الوحش تماما ..
فجأة تراجع اوحش ينظر حوله بانزعاج..
ارتطم حجر في رأسه وآخر في فكه ثم انهالت الأحجار عليه من كل صوب مثل زخ المطر ..
أهوى رائد بقبضته في وجه الوحش فترك قدمه.
نهض مسرعا وقفز أمامه وزاد في سرعته .. لمح فوق السطوح أطفال المخيم يلقون الحجارة على الوحش تباطأت حركة الوحش شيئا فشيئا... ازدادت سرعة رائد .. لقد أضحى مصير الناس بين يديه.
تسيل الدماء من قدمه ..
تزداد فتحة الجرح اتساعا .
تدفعه الريح الباردة إلى الخلف.. الرغبة والإصرار يدفعانه إلى الأمام.
هجم الليل على الموقع يلف كل شيء ..
بلغ غضب الوحش ذروته فزاد من سرعته بعد أن تلاشت حجارة الأطفال .. كانت أنيابه قريبة من ظهر رائد فأنشبها به.. شعر رائد بالنار تشتعل في ظهره والدماء الحارة تسيل فوق جسده .. زاد من سرعته فأفلته الوحش .. لقد أصبحت الأرض الطينية قريبة ..
أخيرا وصل .. بدأ الوحش يتحرك بصعوبة ..
التقط رائد حفنة تراب ألقاها في وجهه واندفع نحوه في ركلة قوية .. فانقضّ الوحش عليه واعمل فيه أنيابه والقي به على الأرض .
تدحرج رائد بعيدا فافلت منه .. انتفض واقفا رغم الألم والتقط قبضة جديدة من التراب ألقاها في وجه الوحش فأصابت عينيه كلتيهما مباشرة..
فتقهقر .. فاندفع رائد نحوه بركلة قوية في معدته واتبعها ثانية وثالثة.. رأى حجرا ضخما همّ بالتقاطه لكنه كان ملتصقا بالأرض فحرك الوحش يمينه بضربة قوية فانتزعت رائد من على الأرض وألقت به بعيدا متدحرجا عدة مرات ..
فصرخ من الألم فاتجه نحوه الوحش وغرس أنيابه في بطنه ..
استجمع رائد قواه ولكم الوحش في وجهه .. في عينه مباشرة .. فافلت منه .. دار حوله وجرى بعيدا يلتقط أنفاسه بصعوبة والألم الحاد يأكل جسده كله .. لكن يجب أن يقاوم حتى النهاية.
هجم الوحش وهجم رائد الذي راوغه دافعا قدمه في رأسه مع لكمة قوية في عينه .. صرخ الوحش بقوة وألقى بجسمه كله على رائد الذي سقط أرضا وفوقه الوحش الذي بلغ غضبه أشده.
تناول رائد عصا قريبة برغم الألم وثقل الوحش الجاثم على صدره ودفع بها في عينه فأصابها مباشرة فصرخ من الألم واندفع بعيدا لحظة .. التقط رائد حجرا ضخما وأهوى به على عينه الأخرى فأصابها بقوة .. وبكل الغضب وثب الوحش فوق رائد وقيد حركته .. واقتربت الأنياب الحادة من العنق الآدمي.
أمسك رائد بعنق الوحش يدفعها بعيدا .. واخذ يضغط بكلتا يديه .. استمر يضغط
ويضغط
ويضغط...
أكل الظلام كل شيء ..
تذوب الأجساد في الطين ..
يتقلبان فوقه .. تارة رائد فوق الوحش وتارة تحته ..
تمتزج أنفاسه برائحة الدماء التي تسيل منه بغزارة ..
بدأت قوة رائد تخور شيئا فشيئا .. فيما تحشرجت أنفاس الوحش ..
ينظر رائد باتجاه المخيم علَّه يجد من يساعده ..
اقتربت أنياب الوحش
بدأت تلامس عنق رائد.
الاحجار تتساقط مرة اخرى أكثر وأشد
انتفضت أعصاب رائد مرة واحدة وسمع صوتا يقول :
• ماذا كنت تفعل قبل أن يلقي الجنود اقبض عليك
قصة قصيرة
بقلم خضر صبح
توشك الشمس أن تغادر السماء ..
تتراكم البيوت على الجانبين ..
تزاحم قنوات المجاري المكشوفة بقايا الإسفلت المحفور ..
تقف الجدران المتهالكة تمنع انفلات الأنفاس الضيقة ضيق البيوت .
يتسمر رائد ابن السادسة عشرة عاما مكانه ...متعرقا ... لا يكاد يرى السقوف التي تئنّ من أعباء الحطب المكدس ..
يتأمل سحابة سوداء تعبر السماء الحمراء الممزقة فتحجب عين الشمس البعيدة .. يحسّ بدمه بطيئا في جسده كله ..
لا يكاد قلبه ينبض.
وقف جامدا غير قادر على الحركة أو على الصوت , يحاصره الجنود المدججين بالسلاح .. ينظرون إليه نظرات متهمة ..
أحسّ بشيء قوي يصيب ظهره يلقي به بعيدا ..
كلّ خلية من خلايا جسمه تصرخ ألما.
امتدّت أيد قويّة تكمّم فمه وتعصب عينيه ثم تقيّد يديه خلف ظهره , طلقات الرصاص تأزّ فوق رأسه تكاد تصمّ أذنيه , ترتطم الحجارة بالأشياء حوله ..
تسيل الدماء من فكيه ..
شعر بالغثيان يأخذ بعناقه ويرتفع إلى حلقه ..
آلام كثيرة في جسده كله ..
صرخ ..
لكن صرخته لم تتجاوز شفتيه .
الحجارة المتناثرة حوله سكاكين تدمي جنبه
أسنانه تصطكّ ..
يرتجف جسمه كريشة في مهب الريح ..
رأسه يدور..
يقف كمركب بلا ربان .. يقف على أطراف الموج ينشد مرساة بلا وصول ..
يبحث في ثنايا عقله عن مكان تعود منه الشمس من حد الأفق المسنون الملبد بالاحمرار.
يسمع أصواتا وأقدام كثيرة تخطو نحوه .. وصوتا يقول :
• --" أنت رائد؟"
لم يجب .. ولم يحرك ساكنا ..
كان يتمنى لو أنه بخار يتصاعد إلى ما لا نهاية وكأنه لم يكن.
صوت أجش يصيح به:
• "ماذا كنت تفعل قبل أن يلقي الجنود القبض عليك؟"
• " ألم تكن تلقِ الحجارة على الجنود"
هزّ رأسه يمينا وشمالا ينفي أن يكون قد فعل شيئا
امتدّت عشرات الأيدي نحوه تضربه وتركله في غلظة وعنف..
شعر بالعالم كله ينغلق من حوله ولم يعد يحسّ.
دوى صوت قوي في قلب المخيم الصغير اندفع جسد رائد إلى الأمام ثم سقط أرضا وتدحرج قبل أن يثب واقفا على قدميه ..
للوهلة الأولى بدا مثل صوت الرعد.. بلا تردد أو تفكير نظر ناحية الصوت من كوة صغيرة في الجدار القريب فلم ير شيئا ..
ارتفعت درجة حرارة جسده مع ما يحيط به من علامات الخوف ..
شعر بالعرق يتصبّب على وجهه..
السكون يدوي في المكان
ارتفع الصوت مرة أخرى في هذه المرة مخيفا مرعبا وارتفعت معه صوت جيرانه مقرونا برعب وهلع لا مثيل له..
فتح عينيه عن آخرها محاولا تحدي الليل الذي بدا يزحف.
لمح رجلا يحمل عصا يندفع من الزقاق القريب وهو يصيح بقوة وانفعال :
• غول... غول
دخل الرجل في الزقاق ثم ظهر يبحث ويجري هنا وهناك ثم اختفى في نفس الزقاق مرة أخرى ثم صاح عاليا لكن صرخته اختنقت فجأة وعلا صراخ الغول مرة أخرى..
شعر رائد بشيء ثقيل يسقط بجواره
نظر إليه بحذر فامسك فمه بقوة يمنع صرخة كادت تفلت منه .. فما سقط جواره كان بقايا الرجل الذي سمع صوته قبل لحظات مدرجا بالدم.
دب ّالرعب في قلبه فأراد الهرب لكن قيوده منعته ..
غالب نفسه وآلامه واقترب من كوة الجدار مرة أخرى ..
دوّى صوت الوحش لكن هذه المرة من مكان قريب جدا ..
تراجع عن الكوة في خوف وتردد ..
صوت الوحش لا ينقطع .ترتجّ له أركان المكان
وتمايلت الصروح .. ومضى يحطم كل ما يصادفه .
اقترب رائد من الكوة ثانية فرأى الوحش أمامه مباشرة ..
يقطر دما ..
هاله ما رأى من ضخامته ..
تناول طفلا بمخالبه الحادة فتلقفته أنيابه المتعطشة للدماء .. هرعت أمه تحاول تخليصه منه بيديها العاريتين فيما يبحث زوجها عن شيء يخلّص فيه ولده
أمسكت الأم الشيء المتبقي من طفلها وانتزعته من فمه وهي تصيح
• اتركه يا مجرم
نظر إليها الوحش باستخفاف ثم قفز فوقها وشلّ حركتها .. فصاح الزوج صيحة قوية .. أدار الوحش وجهه ناحية الزوج وتأمل الحجر الذي يحمله فارتجف الرجل رعبا وسقط منه الحجر ولاذ بالفرار .. قفز الوحش أمامه وأغلق عليه الطريق .. حاول مراوغته وفي كل مرة يسدّ عليه الطّريق فسقط أرضا وهو يبكي .. اقترب منه الوحش ووضع وجهه أمام وجهه فأغمي عليه سحبه ناحية زوجته وبدا يتناول طعامه.
لمح رائد امرأة تختبئ في احد الأركان كانت تنوح فأشار إليها - محذرا - أن تصمت لان الوحش يمكن أن يسمعها ..
لم تنتبه لتحذيره .. توقف الوحش وأصاغ السمع ثم هدر بصوته المخيف ... فصاحت المرأة رعبا وهلعا وجرت من أمامه فلمحها وتبعها ..
تعلقت بأحد الأبواب القريبة وطفقت تدقه في فزع فلم يفتح الباب .. سقطت المرأة أمام الباب تتوسل ..
اقترب منها الوحش وهو يصرخ صرخات رددتها جدران البيوت المتآكلة بصدى قفزت له قلوب الناس رعبا.
اقترب أكثر من المرأة يتهادى في مشيته بجسمه الضخم وأنيابه الحادة ينظر في الاتجاهات المختلفة والشوارع الخالية ...
تمددت المرأة على الأرض ..بين أقدامه
شعر رائد بالنار تفور في داخله وبأعصابه تغلي وعضّ على شفته وهو يتمتم
• الناس لا يحركون ساكنا والوحش يعيث فسادا.
سال العرق من وجهه وضغط فكيه حتى أخرجت صريرا .. قفز إلى الشارع لا يبالي بشيء إلا الدفاع عن المرأة المسكينة وتخليصها من هذا الوحش.
الشارع ضيق وقد يحصره الوحش في أي ركن ويقضي عليه بسهولة .. لكن هناك في السهل القريب من المخيم المكان أوسع وقد يمكنه أن يناور بشكل أفضل.
التقط حجرا وألقاه نحو الوحش الذي جفل واستدار نحوه في غضب..
التقط رائدا حجرا اكبر وصوبه نحو الوحش بقوة فارتطم في رأسه فصرخ الوحش وهجم عليه.
راوغه رائد وطفق يجري وهو يجري خلفه .. كان الوحش أسرع فالتقط قدمه بين أنيابه الحادة .. سقط رائد أرضا أمام الوحش تماما ..
فجأة تراجع اوحش ينظر حوله بانزعاج..
ارتطم حجر في رأسه وآخر في فكه ثم انهالت الأحجار عليه من كل صوب مثل زخ المطر ..
أهوى رائد بقبضته في وجه الوحش فترك قدمه.
نهض مسرعا وقفز أمامه وزاد في سرعته .. لمح فوق السطوح أطفال المخيم يلقون الحجارة على الوحش تباطأت حركة الوحش شيئا فشيئا... ازدادت سرعة رائد .. لقد أضحى مصير الناس بين يديه.
تسيل الدماء من قدمه ..
تزداد فتحة الجرح اتساعا .
تدفعه الريح الباردة إلى الخلف.. الرغبة والإصرار يدفعانه إلى الأمام.
هجم الليل على الموقع يلف كل شيء ..
بلغ غضب الوحش ذروته فزاد من سرعته بعد أن تلاشت حجارة الأطفال .. كانت أنيابه قريبة من ظهر رائد فأنشبها به.. شعر رائد بالنار تشتعل في ظهره والدماء الحارة تسيل فوق جسده .. زاد من سرعته فأفلته الوحش .. لقد أصبحت الأرض الطينية قريبة ..
أخيرا وصل .. بدأ الوحش يتحرك بصعوبة ..
التقط رائد حفنة تراب ألقاها في وجهه واندفع نحوه في ركلة قوية .. فانقضّ الوحش عليه واعمل فيه أنيابه والقي به على الأرض .
تدحرج رائد بعيدا فافلت منه .. انتفض واقفا رغم الألم والتقط قبضة جديدة من التراب ألقاها في وجه الوحش فأصابت عينيه كلتيهما مباشرة..
فتقهقر .. فاندفع رائد نحوه بركلة قوية في معدته واتبعها ثانية وثالثة.. رأى حجرا ضخما همّ بالتقاطه لكنه كان ملتصقا بالأرض فحرك الوحش يمينه بضربة قوية فانتزعت رائد من على الأرض وألقت به بعيدا متدحرجا عدة مرات ..
فصرخ من الألم فاتجه نحوه الوحش وغرس أنيابه في بطنه ..
استجمع رائد قواه ولكم الوحش في وجهه .. في عينه مباشرة .. فافلت منه .. دار حوله وجرى بعيدا يلتقط أنفاسه بصعوبة والألم الحاد يأكل جسده كله .. لكن يجب أن يقاوم حتى النهاية.
هجم الوحش وهجم رائد الذي راوغه دافعا قدمه في رأسه مع لكمة قوية في عينه .. صرخ الوحش بقوة وألقى بجسمه كله على رائد الذي سقط أرضا وفوقه الوحش الذي بلغ غضبه أشده.
تناول رائد عصا قريبة برغم الألم وثقل الوحش الجاثم على صدره ودفع بها في عينه فأصابها مباشرة فصرخ من الألم واندفع بعيدا لحظة .. التقط رائد حجرا ضخما وأهوى به على عينه الأخرى فأصابها بقوة .. وبكل الغضب وثب الوحش فوق رائد وقيد حركته .. واقتربت الأنياب الحادة من العنق الآدمي.
أمسك رائد بعنق الوحش يدفعها بعيدا .. واخذ يضغط بكلتا يديه .. استمر يضغط
ويضغط
ويضغط...
أكل الظلام كل شيء ..
تذوب الأجساد في الطين ..
يتقلبان فوقه .. تارة رائد فوق الوحش وتارة تحته ..
تمتزج أنفاسه برائحة الدماء التي تسيل منه بغزارة ..
بدأت قوة رائد تخور شيئا فشيئا .. فيما تحشرجت أنفاس الوحش ..
ينظر رائد باتجاه المخيم علَّه يجد من يساعده ..
اقتربت أنياب الوحش
بدأت تلامس عنق رائد.
الاحجار تتساقط مرة اخرى أكثر وأشد
انتفضت أعصاب رائد مرة واحدة وسمع صوتا يقول :
• ماذا كنت تفعل قبل أن يلقي الجنود اقبض عليك