المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أمور مهمة فى العقيدة لمن أراد أن يدخل الجنة...


حسام معا
04-06-2011, 07:23 PM
أخطاء في العقيدة


من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى من يراه من المسلمين وفقهم الله لما فيه رضاه، وزادهم من العلم والإيمان، آمين، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:



بلغني أن كثيراً من الناس يقع في أخطاء كثيرة في العقيدة، وفي أشياء يظنونها سنة وهي بدعة،

ومن ذلك إنكار علو الله واستوائه على عرشه، ومعلوم أن الله سبحانه بين ذلك في كتابه الكريم حيث قال سبحانه: إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ[1] الآية، ذكر ذلك سبحانه في سبع آيات من كتابه العظيم منها هذه الآية، ولما سئل مالك عن ذلك رحمه الله قال: (الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب) وهكذا قال غيره من أئمة السلف.



ومعنى الاستواء معلوم، يعني من جهة اللغة العربية، وهو العلو والارتفاع، وقال سبحانه: فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ[2]، وقال سبحانه: وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ[3]، وقال عز وجل: إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ[4] في آيات كثيرة كلها تدل على علوه وفوقيته،


وأنه سبحانه فوق العرش فوق جميع الخلق، وهذا قول أهل السنة والجماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم. فالواجب اعتقاد ذلك، والتواصي به، وتحذير الناس من خلافه.



ومن ذلك اتخاذ المساجد على القبور، والصلاة عندها وجعل القباب عليها، وهذا كله من وسائل الشرك، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم اليهود والنصارى على ذلك، وحذر منه فقال صلى الله عليه وسلم: ((لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)) متفق على صحته، وقال صلى الله عليه وسلم: ((ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد إني أنهاكم عن ذلك)) أخرجه مسلم في صحيحه من حديث جندب، وخرج مسلم في صحيحه أيضاً عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما قال: ((نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر، وأن يقعد عليه، وأن يبنى عليه))، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.



فالواجب على المسلمين الحذر من ذلك والتواصي بتركه؛ لتحذير النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك؛ ولأن ذلك من وسائل الشرك بأصحاب القبور ودعائهم والاستغاثة بهم وطلبهم النصر.. إلى غير ذلك من أنواع الشرك.


ومعلوم أن الشرك هو أعظم الذنوب وأكبرها وأخطرها، فالواجب الحذر منه، ومن وسائله وذرائعه، وقد حذر الله عباده من ذلك في آيات كثيرات، منها قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ[5]، ومنها قوله سبحانه: وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ[6]، ومنها قوله عز وجل: وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ[7]، والآيات في هذا المعنى كثيرة.


ومن أنواع الشرك الأكبر دعاء الأموات والغائبين والجن والأصنام والأشجار والنجوم، والاستغاثة بهم، وسؤالهم شفاء المرضى والنصر على الأعداء، وهذا هو دين المشركين الأولين من كفار قريش وغيرهم، كما قال الله سبحانه عنهم: وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ[8] الآية، وقال سبحانه: فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ * أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ[9] والآيات في هذا المعنى كثيرة،


وهي تدل على أن المشركين الأولين يعلمون أن الله هو الخالق الرازق النافع الضار، وإنما عبدوا آلهتهم؛ ليشفعوا لهم عند الله، ويقربوهم لديه زلفى، فكفرهم سبحانه بذلك، وحكم بكفرهم وشركهم، وأمر نبيه بقتالهم حتى تكون العبادة لله وحده، كما قال سبحانه: وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ[10] الآية.



وقد كتب العلماء في ذلك كتباً كثيرة، وأوضحوا فيها حقيقة الإسلام الذي بعث الله به رسله وأنزل به كتبه، وبينوا فيها دين الجاهلية وعقائدهم وأعمالهم المخالفة لشرع الله، كعبد الله بن الإمام أحمد، والإمام الكبير محمد بن خزيمة في "كتاب التوحيد" ومحمد بن وضاح، وغيرهم من الأئمة، ومن أحسن ما كتب في ذلك ما كتبه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتبه الكثيرة، ومن أخصرها كتابه "القاعدة الجليلة في التوسل والوسيلة"، ومن ذلك ما كتبه الشيخ عبد الرحمن بن حسن بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمهم الله في كتابه "فتح المجيد شرح كتاب التوحيد".



ومن الأعمال المنكرة الشركية الحلف بغير الله؛ كالحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم، أو بغيره من الناس، والحلف بالأمانة، وكل ذلك من المنكرات ومن المحرمات الشركية؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((من حلف بشيء دون الله فقد أشرك)) خرجه الإمام أحمد رحمه الله عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه بإسناد صحيح، وأخرج أبو داود والترمذي بإسناد صحيح عن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك))، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من حلف بالأمانة فليس منا))، والأحاديث في ذلك كثيرة.



والحلف بغير الله من الشرك الأصغر عند أهل العلم، فالواجب: الحذر منه، وهو وسيلة إلى الشرك الأكبر، وهكذا قول: ما شاء الله وشاء فلان، ولولا الله وفلان، وهذا من الله ومن فلان، والواجب: أن يقال: ما شاء الله ثم شاء فلان، أو لولا الله ثم فلان، أو هذا من الله ثم من فلان. لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لا تقولوا: ما شاء الله وشاء فلان، ولكن قولوا: ما شاء الله ثم شاء فلان))،


ومن المحرمات الشركية التي قد وقع فيها كثير من الناس تعليق التمائم والحروز من العظام أو الودع أو غير ذلك، وتسمى التمائم، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ((من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له، ومن تعلق تميمة فقد أشرك))، وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن الرقى والتمائم والتولة شرك)).




وهذه الأحاديث تعم الحروز والتمائم من القرآن وغيره؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يستثن شيئاً، ولأن تعليق التمائم من القرآن وسيلة إلى تعليق غيرها، فوجب منع الجميع؛ سداً لذرائع الشرك، وتحقيقاً للتوحيد، وعملاً بعموم الأحاديث، إلا الرقى فإن الرسول صلى الله عليه وسلم استثنى منها ما ليس فيه شرك، فقال صلى الله عليه وسلم: ((لا بأس بالرقى ما لم تكن شركاً))، وقد رقى صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه، فالرقى لا بأس بها، فهي من الأسباب الشرعية إذا كانت من القرآن الكريم، أو مما صحت به السنة، أو من الكلمات الواضحة التي ليس بها شرك ولا لفظ منكر.



ومن المنكرات المبتدعة الاحتفال بالموالد سواء كان ذلك بمولد النبي صلى الله عليه وسلم أو غيره؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يفعله، ولا خلفاؤه الراشدون، ولا بقية الصحابة رضي الله عنهم، ولا اتباعهم بإحسان في القرون الثلاثة المفضلة، وإنما حدث في القرن الرابع وما بعده بسبب الفاطميين وغيرهم من الشيعة، ثم فعله بعض أهل السنة جهلاً بالأحكام الشرعية، وتقليداً لمن فعله من أهل البدع، فالواجب الحذر من ذلك لكونه من البدع المنكرة الداخلة في قوله صلى الله عليه وسلم: ((إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة))، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)) متفق على صحته من حديث عائشة رضي الله عنها،


وقوله صلى الله عليه وسلم: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)) خرجه مسلم في صحيحه، وقوله صلى الله عليه وسلم في خطبه: ((أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة)) خرجه مسلم في صحيحه، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما والأحاديث في هذا الباب كثيرة.



ولأن الاحتفال بالموالد من وسائل الغلو والشرك، فالواجب الحذر منها، والتحذير منها، والتواصي بالاستقامة على السنة وترك ما خالفها.


والله المسئول أن يوفقنا وإياكم وسائر المسلمين لما فيه رضاه، وأن يمنحنا جميعاً الفقه في دينه والثبات عليه، وأن يعيذنا وجميع المسلمين من مضلات الفتن ونزغات الشيطان، إنه ولي ذلك والقادر عليه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


--------------------------------------

[1] سورة الأعراف الآية 54.

[2] سورة غافر الآية 12.

[3] سورة البقرة الآية 255.

[4] سورة فاطر الآية 10.

[5] سورة النساء الآية 48.

[6] سورة الزمر الآية 65.

[7] سورة الأنعام الآية 88.

[8] سورة يونس الآية 18.

[9] سورة الزمر الآيتان 2، 3.

[10] سورة الأنفال الآية 39.

المغربي الجديد
05-06-2011, 01:20 AM
جزاك الله كل خير
وبارك الله بك وفيك الى يوم الدين
موضوع رائع يلزم قراءته بامعان لأن به عدة اجابات لمواضيع كثير الكلام فيها
مع ملاحظة بسيطة جدا وتعليق على ما جاء في القول: [ وأنه سبحانه فوق العرش فوق جميع الخلق، وهذا قول أهل السنة والجماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم. فالواجب اعتقاد ذلك، والتواصي به، وتحذير الناس من خلافه.] فالذي أعرفه ان اصحاب النبي صلوات الله عليه وسلم لم يكن يخطر على بالهم مثل هذا التفكير لأن حبهم للرسول وايمانهم القوي كان يغشى قلبهم وتفكيرهم مما لم يكن يسمح لهم بالنقاش في مثل تلك المواضيع، فقد كانوا متلقين للوحي كما هو ويؤمنون به كما هو دون سؤال او تساؤل إلا في ما يخص العبادات والمعاملات...أما فيما يخص ذات الله وصفاته فلا أذكر إلا النزر القليل القليل جدا والذي لا يرقى لدرجة تسمح لنا بجعل قاعدة منه او اتخاذ توجيه معين فيه...لذا فالواجب الايمان فيما يخص ذات الله وصغاته الايمان بها كما جاءت في القرآن والسنة الثابتة بدون زيادة او نقصان....وأحسن قاعدة قيلت في هذا المضمار هي ما قال بها مالك رحمه الله وهي مذكورة في نص الموضوع وهي (الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب) والله اعلم.

جعل الله عملك في ميزان حسناتك
تسلم الايادي
:abc_152:

البغرامي
20-06-2011, 04:16 PM
بارك الله فيك

أبو يوسف
20-06-2011, 10:25 PM
جزاك الله خيرا اخي الكريم حسام

.