abohmam
29-08-2007, 08:11 AM
فضلُ الإسلام
جعلَ اللهُ الإسلامَ ديناً خاتماً ، و رضِيَه من عباده ، و ما كان ذلك إلا لمَيْزةٍ تميَّزَ بها الإسلامُ عن سائرِ الأديان الأخرى ، و خصوصيةٍ خُصَّ بها دون غيرِه ، و هذه المَيْزة و الخصوصية دالةٌ على فضيلةٍ لهذا الدين على سواه من الأديان السماوية و الأرضية .
قال تعالى : { و َمنْ يَبْتَغِ غيرَ الإسلامِ ديناً فَلَنْ يُقْبَلَ منه } ، و قال تعالى : { اليومَ أكملتُ لكم دينكم و أتممتُ عليكم نِعمتي و رضيتُ لكم الإسلام ديناً } .
و تميُّزُ الإسلامِ نصَّ عليه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في قوله : " أحبُّ الدين إلى الله الحنيفيةَ السَّمحة " .
و فضائلُ الإسلامِ كثيراتٌ جداً ، اهتمَّ بها علماءُ الإسلام و فقهاؤه ، و بيَّنوا حقائقَ الإسلام ، و أبانوا عن سِرِّ تميُّزِ الإسلام .
إلا أنَّ هذه الفضائلُ ظهورها و بيانها كائنٌ في الأفعال و الأقوال أكثرَ منها في الأذهان أو السطور ، فلن يعترفَ غيرُ المسلمِ بفضيلةِ الإسلامِ إلا حين ينظرُ لها ظاهرةً في واقع أهله ، و أما إذا كانت غير ظاهرةٍ فإنه سيتخذُ موقف المكذِّبِ المُنكِرِ .
و أبينَ ما كانت هذه الفضائلُ في عصور الإسلامِ الأولى ، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم : " خيرُ الناسِ قرني ، ثمَّ الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم " فالوصف بالخيريةِ يتَّجِهُ نحوَ السائرين على نهجِ النبي صلى الله عليه وسلم ، و السالكين طريقته النيِّرة ، حيث قال : " تركتم على البيضاء ، ليلُها كنهارها ، لا يزيغُ عنها إلا هالك " ، و أما من كان منحرفاً عن جادته فليس محسوباً عليها معنى ، و إن كان محسوباً عليها حِسَّاً .
ففي حالِ أهل هاتيك القرون نرى حقيقة الإسلام المنصوص عليها في الحديث السابق ، و هي سماحته ، و لُطفُه ، و رحمته ، و شفقته ، و لينه ، و ليس فيه أضدادُ هذه الصفات ، و إن كانت فهيَ مُبَطَّنَةً بها .
على أننا نلحظُ أنَّ فضائلَ الإسلامِ جاءت على أهلِ الإسلامِ و غيرهم ، فليستْ خاصةً بالمسلمين ، بل الكفار تمتعوا بفضائل الإسلام ، و هذه من فضائله و ميزاته .
و فضائلُ الإسلام كثيرةٌ ، و إيجازها صعبٌ ، و لكن كافٍ من السِّوارِ إحاطته بالمِعْصَم .
فمنها :
1. عِصمةُ الدَّمِ ، فإنَّ دينَ اللهِ الحقَّ جاءَ عاصماً للدمِ ، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم : :" أُمرتُ أنْ أُقاتلَ الناسَ حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ، و أني رسول الله ، و يقيموا الصلاة ، و يؤتوا الزكاة ، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم و أموالهم إلا بحقها ، و حسابهم على الله تعالى " .
فليسَ الدمُ مُهدراً و لا مُسبَّلاً لكلِّ ذواقٍ للدماء ، و إنما هناك ضمانات للدمِ المعصوم ، حتى دمَ الكافر لم يكُنْ مُراقاً إلا بعد التدرُّجُ و التنقُّلُ إلى أن وصلَ الأمرُ إلى إعلان الحرب ، و حتى الحربُ لا تكون إلا بأدبِها و فقهها ، فليستْ مهملةً .
2. اليُسرُ و السَّماحةُ فيه ، فليسَ دين اللهِ تعالى موصوفاً بالشِّدَّةِ و الغِلْظة و القسوة ، كيف يكون هذا من دينٍ يأمرُ فيه نبيُّه صلى الله عليه وسلم بالإحسان في كلِّ شيءٍ حتى الحيوان ، فيقول صلى الله عليه وسلم : " إنَّ الله كتبَ الإحسان على كلِّ شيءٍ ، فإذا قتلتم فأحسِنوا القِتلة ، و إذا ذبَحتم فأحسِنوا الذِّبحة " .
و سماحته بيِّنةٌ ظاهرةٌ في سيرةِ النبي صلى الله عليه وسلم ، و في تعامله مع جميع أصناف الناس و أنواعهم و مراتبهم .
3. كماله و جماله ، فإننا نرى الإسلامَ وصفه الله و خصَّه بالكمال ، كما في قوله تعالى : { اليومَ أكملتُ لكم دينكم و أتممتُ عليكم نِعمتي } ، و كمالُه اقتضى أنَّه ليس بناقصٍ ، و لا يقبلُ زيادةً ليست على أصوله المشروعة .
و هو جميلٌ ، ففيهِ رعايةُ جانب الجماليات الإنسانية ، و الجماليات الكونية ، و كان وصفُ الجمالِ واضحاً في شرائعِه ، يقول تعالى آمراً بالجمال عند الصلاة : { خذوا زينتكم عند كلِّ مسجد } ، فليسَ فيه بذاذةً صارفةً عن حقيقةِ الجمال ، لذلك كان أهل العلم المحققين متصفين بالجمال في جميع أحوالهم .
4. صفاؤه و نقاؤه ، و هذه فضيلةٌ رعاها الإسلامُ و لَمْ يَرْعها غيره من الأديان ، و إن كانت فيها فليست على وجهِ كمالٍ فيه ، فإنَّه اهتمَّ بجانب الصفاءِ و التنقية ، فليس المرءُ إلا روحاً و جسداً ، و الإسلامُ جاءَ بالعنايةِ بهما كليهما ، قال تعالى : { و نزَّلنا عليك الكتابَ تبياناً لكلِّ شيءٍ } ، و سئلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الإسلام ، فقال : " أن تُسْلِم قلبَك لله ، و أن تولِّيَ وجهك إلى اللهِ ، و أن تُصَلِّيَ الصلاةَ المكتوبةَ ، و تؤديَ الزكاة المفروضةَ " رواه الإمام أحمد .
فاعتنى بظاهرِ المسلم و بباطنه ، فكما جاءَ مبيِّناً الشرائعَ الظاهرة ، فكذلك جاءَ مبيِّناً الدقائقَ في تهذيب القلبِ ، و تزكية النفس ، قال تعالى : { و ابعثْ فيهم رسولاً من أنفسِهم يتلوا عليهم آياتكَ و يزكيهم و يعلمهم الكتاب و الحكمةَ } .
5. شموليته ، فليس منحصراً في زاويةٍ ، في معزِلٍ عن أمور الحياة الأخرى ، و إنما جاءَ مكملاً لجميعِ الضروريات و الاحتياجات و الكماليات الدينية و الدنيوية ، الفَرْدية و الجماعية ، قال تعالى : { و نزَّلنا عليك الكتابَ تبياناً لكلِّ شيءٍ } ، و قالَ : { ما فرَّطنا في الكتابِ من شيءٍ } ، و ما يزعمه بعضٌ من أنَّ الإسلامَ في منأى عن الحياة الإجتماعية فإنَّ حالَ الإسلام ، و كتابَ الإسلام ، و دينَ الإسلام يُكذِّبُ ذلك .
هذه جملةٌ من الفضائلِ ، جاءتْ في إيجازِ و اختصارٍ ، و هي غيضٌ من فيضِ فضائلهِ العظائم ، و التتبُّعُ لها مُتعبٌ للمتتبِّعِ ، نفع الله بها .
و صلى الله و سلمَ على سيدنا محمدٍ و على آله و صحبه
كتبَ
عبدُ اللهِ بنُ سُلَيْمان العُتَيِّق
16/11/1426هـ
الرياض
(مع أجمل تحية للكاتب)
أبو هـــــMـــــام
.
جعلَ اللهُ الإسلامَ ديناً خاتماً ، و رضِيَه من عباده ، و ما كان ذلك إلا لمَيْزةٍ تميَّزَ بها الإسلامُ عن سائرِ الأديان الأخرى ، و خصوصيةٍ خُصَّ بها دون غيرِه ، و هذه المَيْزة و الخصوصية دالةٌ على فضيلةٍ لهذا الدين على سواه من الأديان السماوية و الأرضية .
قال تعالى : { و َمنْ يَبْتَغِ غيرَ الإسلامِ ديناً فَلَنْ يُقْبَلَ منه } ، و قال تعالى : { اليومَ أكملتُ لكم دينكم و أتممتُ عليكم نِعمتي و رضيتُ لكم الإسلام ديناً } .
و تميُّزُ الإسلامِ نصَّ عليه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في قوله : " أحبُّ الدين إلى الله الحنيفيةَ السَّمحة " .
و فضائلُ الإسلامِ كثيراتٌ جداً ، اهتمَّ بها علماءُ الإسلام و فقهاؤه ، و بيَّنوا حقائقَ الإسلام ، و أبانوا عن سِرِّ تميُّزِ الإسلام .
إلا أنَّ هذه الفضائلُ ظهورها و بيانها كائنٌ في الأفعال و الأقوال أكثرَ منها في الأذهان أو السطور ، فلن يعترفَ غيرُ المسلمِ بفضيلةِ الإسلامِ إلا حين ينظرُ لها ظاهرةً في واقع أهله ، و أما إذا كانت غير ظاهرةٍ فإنه سيتخذُ موقف المكذِّبِ المُنكِرِ .
و أبينَ ما كانت هذه الفضائلُ في عصور الإسلامِ الأولى ، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم : " خيرُ الناسِ قرني ، ثمَّ الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم " فالوصف بالخيريةِ يتَّجِهُ نحوَ السائرين على نهجِ النبي صلى الله عليه وسلم ، و السالكين طريقته النيِّرة ، حيث قال : " تركتم على البيضاء ، ليلُها كنهارها ، لا يزيغُ عنها إلا هالك " ، و أما من كان منحرفاً عن جادته فليس محسوباً عليها معنى ، و إن كان محسوباً عليها حِسَّاً .
ففي حالِ أهل هاتيك القرون نرى حقيقة الإسلام المنصوص عليها في الحديث السابق ، و هي سماحته ، و لُطفُه ، و رحمته ، و شفقته ، و لينه ، و ليس فيه أضدادُ هذه الصفات ، و إن كانت فهيَ مُبَطَّنَةً بها .
على أننا نلحظُ أنَّ فضائلَ الإسلامِ جاءت على أهلِ الإسلامِ و غيرهم ، فليستْ خاصةً بالمسلمين ، بل الكفار تمتعوا بفضائل الإسلام ، و هذه من فضائله و ميزاته .
و فضائلُ الإسلام كثيرةٌ ، و إيجازها صعبٌ ، و لكن كافٍ من السِّوارِ إحاطته بالمِعْصَم .
فمنها :
1. عِصمةُ الدَّمِ ، فإنَّ دينَ اللهِ الحقَّ جاءَ عاصماً للدمِ ، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم : :" أُمرتُ أنْ أُقاتلَ الناسَ حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ، و أني رسول الله ، و يقيموا الصلاة ، و يؤتوا الزكاة ، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم و أموالهم إلا بحقها ، و حسابهم على الله تعالى " .
فليسَ الدمُ مُهدراً و لا مُسبَّلاً لكلِّ ذواقٍ للدماء ، و إنما هناك ضمانات للدمِ المعصوم ، حتى دمَ الكافر لم يكُنْ مُراقاً إلا بعد التدرُّجُ و التنقُّلُ إلى أن وصلَ الأمرُ إلى إعلان الحرب ، و حتى الحربُ لا تكون إلا بأدبِها و فقهها ، فليستْ مهملةً .
2. اليُسرُ و السَّماحةُ فيه ، فليسَ دين اللهِ تعالى موصوفاً بالشِّدَّةِ و الغِلْظة و القسوة ، كيف يكون هذا من دينٍ يأمرُ فيه نبيُّه صلى الله عليه وسلم بالإحسان في كلِّ شيءٍ حتى الحيوان ، فيقول صلى الله عليه وسلم : " إنَّ الله كتبَ الإحسان على كلِّ شيءٍ ، فإذا قتلتم فأحسِنوا القِتلة ، و إذا ذبَحتم فأحسِنوا الذِّبحة " .
و سماحته بيِّنةٌ ظاهرةٌ في سيرةِ النبي صلى الله عليه وسلم ، و في تعامله مع جميع أصناف الناس و أنواعهم و مراتبهم .
3. كماله و جماله ، فإننا نرى الإسلامَ وصفه الله و خصَّه بالكمال ، كما في قوله تعالى : { اليومَ أكملتُ لكم دينكم و أتممتُ عليكم نِعمتي } ، و كمالُه اقتضى أنَّه ليس بناقصٍ ، و لا يقبلُ زيادةً ليست على أصوله المشروعة .
و هو جميلٌ ، ففيهِ رعايةُ جانب الجماليات الإنسانية ، و الجماليات الكونية ، و كان وصفُ الجمالِ واضحاً في شرائعِه ، يقول تعالى آمراً بالجمال عند الصلاة : { خذوا زينتكم عند كلِّ مسجد } ، فليسَ فيه بذاذةً صارفةً عن حقيقةِ الجمال ، لذلك كان أهل العلم المحققين متصفين بالجمال في جميع أحوالهم .
4. صفاؤه و نقاؤه ، و هذه فضيلةٌ رعاها الإسلامُ و لَمْ يَرْعها غيره من الأديان ، و إن كانت فيها فليست على وجهِ كمالٍ فيه ، فإنَّه اهتمَّ بجانب الصفاءِ و التنقية ، فليس المرءُ إلا روحاً و جسداً ، و الإسلامُ جاءَ بالعنايةِ بهما كليهما ، قال تعالى : { و نزَّلنا عليك الكتابَ تبياناً لكلِّ شيءٍ } ، و سئلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الإسلام ، فقال : " أن تُسْلِم قلبَك لله ، و أن تولِّيَ وجهك إلى اللهِ ، و أن تُصَلِّيَ الصلاةَ المكتوبةَ ، و تؤديَ الزكاة المفروضةَ " رواه الإمام أحمد .
فاعتنى بظاهرِ المسلم و بباطنه ، فكما جاءَ مبيِّناً الشرائعَ الظاهرة ، فكذلك جاءَ مبيِّناً الدقائقَ في تهذيب القلبِ ، و تزكية النفس ، قال تعالى : { و ابعثْ فيهم رسولاً من أنفسِهم يتلوا عليهم آياتكَ و يزكيهم و يعلمهم الكتاب و الحكمةَ } .
5. شموليته ، فليس منحصراً في زاويةٍ ، في معزِلٍ عن أمور الحياة الأخرى ، و إنما جاءَ مكملاً لجميعِ الضروريات و الاحتياجات و الكماليات الدينية و الدنيوية ، الفَرْدية و الجماعية ، قال تعالى : { و نزَّلنا عليك الكتابَ تبياناً لكلِّ شيءٍ } ، و قالَ : { ما فرَّطنا في الكتابِ من شيءٍ } ، و ما يزعمه بعضٌ من أنَّ الإسلامَ في منأى عن الحياة الإجتماعية فإنَّ حالَ الإسلام ، و كتابَ الإسلام ، و دينَ الإسلام يُكذِّبُ ذلك .
هذه جملةٌ من الفضائلِ ، جاءتْ في إيجازِ و اختصارٍ ، و هي غيضٌ من فيضِ فضائلهِ العظائم ، و التتبُّعُ لها مُتعبٌ للمتتبِّعِ ، نفع الله بها .
و صلى الله و سلمَ على سيدنا محمدٍ و على آله و صحبه
كتبَ
عبدُ اللهِ بنُ سُلَيْمان العُتَيِّق
16/11/1426هـ
الرياض
(مع أجمل تحية للكاتب)
أبو هـــــMـــــام
.