ارتقاء
01-01-2013, 05:20 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
وقفتُ أتاملُ هذه الشجرة المعطاء ، الشجرة المباركة
ذكرها الله في القرآن الكريم وسماها الرسول الكريم ب ــ عمتنا النخلة ـــ
هي التي اشتهرت بها بلادي وكانت رمزا من رموزها
فالنخله العراقية كانت مميزة بتمورها اللذيدة ـ
دخلت حدائق بيوتنا ومطابخنا وتصدرت موائدنا وصارت ظلا لباقي اشجارنا في بساتيننا
,الهمت شعراءنا و فنانينا , ذُُكرت في امثالنا واشعارنا
أبدأ ما قرأته للكاتب فؤاد جميل ـــ محادثة دارت بين عراقي واخر لم يعش الحياة العراقية ــ
كان السؤال ما هي اثمار بلادكم؟ فأجاب العراقي التمر -
ثم ماذا-؟ فأجاب التمر أيضا ، ولما استغرب السائل من الجواب
قال العراقي: ((اننا نستفيد من النخل فوائد عديدة،
نستظل به من وهج الشمس،
ونأكل من تمره، ونعلف ماشيتنا بنواته،
ونعلن عن أفراحنا بسعفه،
ونتخذ من عصارته عسلاً وخمراً,
ونصنع من جريده وخوصه الاواني والحصران وغيرها من الاثاث،
ونصنع من جذعه خشباً لسقوفنا،وأعمدة لبيوتنا ،ووقوداً
في قُرانا يُستخدم.
جذع النخلة في عمل القناطر ., وبتجويف الجذع تم استعماله كالانبوب لسقي البساتين
حيث تمكن الفلاح من وضعه في المكان الملائم والسيطره على كميه الماء
الكرب ومفرده كربة وهي القسم العريض بنهاية السعفة والملتصق بالنخلة
وقد استعملها العراقيون في تعليم السباحة للاولاد
حيث تربط بعض الكربات لتكون واقية جيدة من الغرق لانها تطفو بشكل جيد
واستعمله الصيادون في عمل الطوافات للشباك التي يصيدون بها السمك
غالبا ما يبني كل فلاح في حقله سيباطا ( سقيفة بسيطة من السعف )
يستظل بها في وقت راحته وعند تناول الغذاء
ألخوص واحدته خوصه,لما يكون على السعف مما يشبه الورق, يحوكون منه التالي
المروحة اليدويه ونسميها (المهفة) وهي على اشكال واحجام مختلفة وملونه
وعند الحر يتم رشها بالماء وبذلك يكون هواها بارد ,وهذه نفس فكرة التبريد بالمبردات الكهربائية
واكثر المدن التي اشتهرت بها هي البصرة وكربلاء
اللب الكامن في راس النخلة تسمى الجمارة , ويُعتقد ان اصل الكلمة سومري
هوبمثابه قلب النخلة الذي يمدها باسباب الحياة ، ويباع بعد تقطيعه بشكل شرائح خفيفة
وتسمى كل قطعة جماراية ويحوي على مواد غذائية جيدة
لنسأل ما أبقى ، لذاك العصر من احتياجات أهم من هذه التي عددها ذلك العراقي؟
أطلق على العراق ارض وادي الرافدين وكذلك ارض السواد لانها حوت اكبر غابات للنخيل في العالم
وهذه نعمة تضاف لنعمة دجلة والفرات العظيمين.
بهما عاش العراق طويلا باحسن مراحله التاريخية وصار قبلة منيرة للعالم اجمع
فهذه بابل ونينوى والبصرة والكوفة وبغداد عرفها العالم كله قبل ان يُكتشف النفط
النفط ؟؟
نعم النفط !!!
التي لم ير المواطن العراقي خيره لحد الان ، غير ان جعل بلاده مطمعا للدول الكبيرة والمجاورة وغيرها
فهاهو تاريخنا المعاصر لا يكتب الابحروف من دماء ابناء العراق
لا بل لم تأكل هذه الحروب ناسنا فقط ، بل أكلت نقولها بحسرة
نعم أكلت بنهم
نحو نصف ثروتنا من النخيل بسبب مرض الدوباس الخطير ، والتصحر وقطع المياه عنها .
وخاصة إيران قطعت منابع نهر الوند الذي يسقي أكبر بساتين النخيل بالمنطقة الوسطى من العراق،
ومنها بساتين محافظة ديالى والبلدات والمدن والقرى الحدودية.
وناهيك جنوب العراق، وخاصة في محافظتي البصرة وميسان
دارت أقسى المعارك بين العراق وإيران خلال ثمانينيات القرن الماضي
حيث تحولت بساتين النخيل إلى مخابئ ومكامن للجيوش، ولذا تساقطت النخيل
أجل تساقطت النخيل مثلما يتساقط الجنود في سعير الحرب".
حسبنا الله ونعم الوكيل
و لا حول ولا قوة إلاّ بالله العلي العظيم
وذكرت النخلة ، رمزًا للتسامي والرفعة عن قبيح الصفات،
ودعا الإنسان أن يترفع عن الحقد، وأن يجازي بالسيئة حسنًا فقال الشاعر
كن كالنخيل عن الأحقاد مرتفعًا ..... يُرمى بصخر فيلقي أطيب الثمرِ
صفي الدين الحلي فالنخيل عنده رمز الود، والوفاء:
لديّ تصحّ ثمارُ الوفاءِ..... لصَبريَ عندَ انقلابِ الهَوَى
وينبت عندي نخيلُ الودادِ..... لأنكَ عندي دفنتَ النوَى
فلا تنوِ غيرَ فعالِ الجميلِ...... فإنّ لكلّ امرىء ما نوَى
والنخيل في خضرته وجماله وكثرته وعتمته شبيه بعيني حبيبة السياب في مشهورته «أنشودة المطر»،
عيناك غابتا نـخيل ساعة السحرْ..... أو شرفتان راح ينأى عنهما القمرْ
العباسي ابن القيسراني: يذكر نخل العراق
يا نخيلَ العراقِ كنْ في أمانِ.....الله مستودعًا حيا الأنواءِ
فالتفاتي إليكَ بعضُ حنيني ..... وثنائي عليكَ رهنُ انثنائي
وهذا النخيل بكبريائه هو الذي شارك العراق والرصافي الترحيب بضيوف العراق حين قال:
إن العراقَ بعرضِه وبطوله ........ و برافديه و باسقاتِ نخيلِه
يهتزُّ مبتهجاً بمقدم ضيفه ..........و يبشّ مبتسماً بوجه نزيلِه
وانزل على وادي السلام ممتعاً ....برغيد عيشٍ تحت ظل نخيله
ويحيي الجواهري نخيل العراق في مقصورته الشهيرة فيقول:
سلام على هضبات العراق ...... وشطيه والجُرْف والمنحنى
على النخل ذي السعفات الطوالِ......على سيّد الشجر المقتنى
وهو الذي اشتاق له السماوي، وظمئ إليه وقد ترامت به المنافي، فخاطب عراقه قائلاً:
ظميءٌ..والشراع ظمي ..... لى نهريك والنَّسَمِ
إلى نخل السماوة زُفَّ.. ......بعد الصبر للدّيَمِ
ويقف شوقي أمام النخلة الباسقة فيسبغ عليها، أجمل الأوصاف، وأصدقها في آن فيقول:
أهذا هو النخلُ ملكُ الرياضِ ...... أَميرُ الحقولِ، عروسُ العزب؟
طعامُ الفقيرِ، وحَلوَى الغَنيّ ........ وزادُ المسافِر و المُغْتَرِب؟
دمتم بخير
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
http://www12.0zz0.com/2013/01/01/15/731205131.jpg (http://www.0zz0.com)
إرتقاء
وقفتُ أتاملُ هذه الشجرة المعطاء ، الشجرة المباركة
ذكرها الله في القرآن الكريم وسماها الرسول الكريم ب ــ عمتنا النخلة ـــ
هي التي اشتهرت بها بلادي وكانت رمزا من رموزها
فالنخله العراقية كانت مميزة بتمورها اللذيدة ـ
دخلت حدائق بيوتنا ومطابخنا وتصدرت موائدنا وصارت ظلا لباقي اشجارنا في بساتيننا
,الهمت شعراءنا و فنانينا , ذُُكرت في امثالنا واشعارنا
أبدأ ما قرأته للكاتب فؤاد جميل ـــ محادثة دارت بين عراقي واخر لم يعش الحياة العراقية ــ
كان السؤال ما هي اثمار بلادكم؟ فأجاب العراقي التمر -
ثم ماذا-؟ فأجاب التمر أيضا ، ولما استغرب السائل من الجواب
قال العراقي: ((اننا نستفيد من النخل فوائد عديدة،
نستظل به من وهج الشمس،
ونأكل من تمره، ونعلف ماشيتنا بنواته،
ونعلن عن أفراحنا بسعفه،
ونتخذ من عصارته عسلاً وخمراً,
ونصنع من جريده وخوصه الاواني والحصران وغيرها من الاثاث،
ونصنع من جذعه خشباً لسقوفنا،وأعمدة لبيوتنا ،ووقوداً
في قُرانا يُستخدم.
جذع النخلة في عمل القناطر ., وبتجويف الجذع تم استعماله كالانبوب لسقي البساتين
حيث تمكن الفلاح من وضعه في المكان الملائم والسيطره على كميه الماء
الكرب ومفرده كربة وهي القسم العريض بنهاية السعفة والملتصق بالنخلة
وقد استعملها العراقيون في تعليم السباحة للاولاد
حيث تربط بعض الكربات لتكون واقية جيدة من الغرق لانها تطفو بشكل جيد
واستعمله الصيادون في عمل الطوافات للشباك التي يصيدون بها السمك
غالبا ما يبني كل فلاح في حقله سيباطا ( سقيفة بسيطة من السعف )
يستظل بها في وقت راحته وعند تناول الغذاء
ألخوص واحدته خوصه,لما يكون على السعف مما يشبه الورق, يحوكون منه التالي
المروحة اليدويه ونسميها (المهفة) وهي على اشكال واحجام مختلفة وملونه
وعند الحر يتم رشها بالماء وبذلك يكون هواها بارد ,وهذه نفس فكرة التبريد بالمبردات الكهربائية
واكثر المدن التي اشتهرت بها هي البصرة وكربلاء
اللب الكامن في راس النخلة تسمى الجمارة , ويُعتقد ان اصل الكلمة سومري
هوبمثابه قلب النخلة الذي يمدها باسباب الحياة ، ويباع بعد تقطيعه بشكل شرائح خفيفة
وتسمى كل قطعة جماراية ويحوي على مواد غذائية جيدة
لنسأل ما أبقى ، لذاك العصر من احتياجات أهم من هذه التي عددها ذلك العراقي؟
أطلق على العراق ارض وادي الرافدين وكذلك ارض السواد لانها حوت اكبر غابات للنخيل في العالم
وهذه نعمة تضاف لنعمة دجلة والفرات العظيمين.
بهما عاش العراق طويلا باحسن مراحله التاريخية وصار قبلة منيرة للعالم اجمع
فهذه بابل ونينوى والبصرة والكوفة وبغداد عرفها العالم كله قبل ان يُكتشف النفط
النفط ؟؟
نعم النفط !!!
التي لم ير المواطن العراقي خيره لحد الان ، غير ان جعل بلاده مطمعا للدول الكبيرة والمجاورة وغيرها
فهاهو تاريخنا المعاصر لا يكتب الابحروف من دماء ابناء العراق
لا بل لم تأكل هذه الحروب ناسنا فقط ، بل أكلت نقولها بحسرة
نعم أكلت بنهم
نحو نصف ثروتنا من النخيل بسبب مرض الدوباس الخطير ، والتصحر وقطع المياه عنها .
وخاصة إيران قطعت منابع نهر الوند الذي يسقي أكبر بساتين النخيل بالمنطقة الوسطى من العراق،
ومنها بساتين محافظة ديالى والبلدات والمدن والقرى الحدودية.
وناهيك جنوب العراق، وخاصة في محافظتي البصرة وميسان
دارت أقسى المعارك بين العراق وإيران خلال ثمانينيات القرن الماضي
حيث تحولت بساتين النخيل إلى مخابئ ومكامن للجيوش، ولذا تساقطت النخيل
أجل تساقطت النخيل مثلما يتساقط الجنود في سعير الحرب".
حسبنا الله ونعم الوكيل
و لا حول ولا قوة إلاّ بالله العلي العظيم
وذكرت النخلة ، رمزًا للتسامي والرفعة عن قبيح الصفات،
ودعا الإنسان أن يترفع عن الحقد، وأن يجازي بالسيئة حسنًا فقال الشاعر
كن كالنخيل عن الأحقاد مرتفعًا ..... يُرمى بصخر فيلقي أطيب الثمرِ
صفي الدين الحلي فالنخيل عنده رمز الود، والوفاء:
لديّ تصحّ ثمارُ الوفاءِ..... لصَبريَ عندَ انقلابِ الهَوَى
وينبت عندي نخيلُ الودادِ..... لأنكَ عندي دفنتَ النوَى
فلا تنوِ غيرَ فعالِ الجميلِ...... فإنّ لكلّ امرىء ما نوَى
والنخيل في خضرته وجماله وكثرته وعتمته شبيه بعيني حبيبة السياب في مشهورته «أنشودة المطر»،
عيناك غابتا نـخيل ساعة السحرْ..... أو شرفتان راح ينأى عنهما القمرْ
العباسي ابن القيسراني: يذكر نخل العراق
يا نخيلَ العراقِ كنْ في أمانِ.....الله مستودعًا حيا الأنواءِ
فالتفاتي إليكَ بعضُ حنيني ..... وثنائي عليكَ رهنُ انثنائي
وهذا النخيل بكبريائه هو الذي شارك العراق والرصافي الترحيب بضيوف العراق حين قال:
إن العراقَ بعرضِه وبطوله ........ و برافديه و باسقاتِ نخيلِه
يهتزُّ مبتهجاً بمقدم ضيفه ..........و يبشّ مبتسماً بوجه نزيلِه
وانزل على وادي السلام ممتعاً ....برغيد عيشٍ تحت ظل نخيله
ويحيي الجواهري نخيل العراق في مقصورته الشهيرة فيقول:
سلام على هضبات العراق ...... وشطيه والجُرْف والمنحنى
على النخل ذي السعفات الطوالِ......على سيّد الشجر المقتنى
وهو الذي اشتاق له السماوي، وظمئ إليه وقد ترامت به المنافي، فخاطب عراقه قائلاً:
ظميءٌ..والشراع ظمي ..... لى نهريك والنَّسَمِ
إلى نخل السماوة زُفَّ.. ......بعد الصبر للدّيَمِ
ويقف شوقي أمام النخلة الباسقة فيسبغ عليها، أجمل الأوصاف، وأصدقها في آن فيقول:
أهذا هو النخلُ ملكُ الرياضِ ...... أَميرُ الحقولِ، عروسُ العزب؟
طعامُ الفقيرِ، وحَلوَى الغَنيّ ........ وزادُ المسافِر و المُغْتَرِب؟
دمتم بخير
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
http://www12.0zz0.com/2013/01/01/15/731205131.jpg (http://www.0zz0.com)
إرتقاء