مشاهدة النسخة كاملة : من هم اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
انـا مسلم
15-04-2015, 11:56 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المقدمة
حمداَ لله حق حمده أن اختار لنا الدين القويم, والملة المستقيمة, والطريق السليم, دين الإسلام العظيم أحمده جل في علاه أن جعلنا من أمة محمد صلى الله عليه وسلم, سيد البشر على الإطلاق, وأولهم في معالي الأخلاق.
اللهم صلى وسلم وبارك على هذا النبي الأمي وعلى أله وأصحابه خير الأصحاب الذين فتحو القلوب والأبصار قبل أن يفتحوا الممالك والأمصار, بتوصيلهم النور والهداية إلى الأجيال بعد الأجيال, نور الإسلام وهدى سيد ولد عدنان.
أما بعد: فإن الأطفال هم أحبابنا, تلك العجيبة اللينة , التي نستطيع أن نشكلها كما نحب.
والطفل اليوم هو رجل المستقبل, والفتاة التي نرجو منها أن تربى جيلاَ له أخلاق حميدة يعرف أصول دينه مرتقيا به, يحب أن يكون له قدوة يتبعها وينسج على منوالها.
ومن أفضل من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم قدوة لنا ولأطفالنا.
هذا مما دفعني بعد استخارته تعالى على وضع هذا الكتاب عارضة فيه لبعض الصحابة ومواقفهم الكريمة التي تخرجوا بها في مدرسة رسول الله صلى الله عليه وسلم مدرسة القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف.
فيا أيها الأب الكريم, ويا تلك الأم الفاضلة: اقرئي أبنك أو ابنتك هذا الكتاب, وإن لم يستطع, اقرئيه له.وحاولي إذا كان أصغر من أن يفهـمه بمفرده أن تشرحيه له بطريقة مبسطة يستطيع أن يهضمها, يجزيكم الله خير الجزاء.
ينفع الله به أبناءكم في الدنيا ويثيبكم الله الجنة في العقبى بإذنه تعالى.
والله يقول الحق وهو يهدى السبيل.
وسلام على المرسلين
وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
انـا مسلم
15-04-2015, 11:57 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تعريف الصحابي
إذا كان موضوع كتابنا هذا عرضا لأخبار بعض كبار الصحابة لأحبائنا وأحباء رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فيا أيها الأب الكريم والأم العزيزة عليك بمعرفة من هم هؤلاء الصحابة حتى تعرف طفلك، وتعرفي ابنك بأسلوبك البسيط من هم هؤلاء الأصحاب أصحاب الأخلاق الرفيعة والصفات الحميدة, حتى يشب طفلكم على تلك الأخلاق الحب والوفاء والإخلاص، يكون أبا مخلصا لدينه ووطنه، وأما فاضلة لأبناء فضلاء.
فالصحابي هو من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنا به ومات على الإسلام فكل من لقيه صلى الله عليه وسلم سواء طالت مجالسته له أو قصرت، وسواء من روى عنه الأحاديث أو لم يرو، ومن غزا معه أو لم يغز، ومن رآه رؤية ولم يجالسه ومن لم يره لعارض كالأعمى. أما من لقيه كافرَا وأسلم بعد موته صلى الله عليه وسلم فلا يعد صحابياَ.
وقولنا مؤمنا به يخرج من لقيه وهو مؤمن بغيره كمن لقيه من مؤمني أهل الكتاب قبل البعثة. وهل يدخل فيهم من آمن بأنه سيبعث بحيرا الراهب.
وقولنا (مات على الإسلام) يخرج من الصحابة من لقيه مؤمنا به ثم ارتد والعياذ بالله، كعبيد الله بن جحش الذى كان زوج ام حبيبة فإنه اسلم معها وهاجر للحبشة فتنصر هو ومات على نصرانيته. وكعبد الله بن خطل الذي قتل وهو متعلق بأستار الكعبة، وكان أسلم ثم ارتد وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتله بعد فتح مكة.
أما من ارتد وكان قد رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم عاد للإسلام قبل إن يموت وهو صحابي سواء رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة أخرى أم لم يره، فإن كان رآه مرة أخرى فلا شك في صحبته.
واختلفوا في الثاني هل يعد من الصحابة؟
وهذا التعريف مبنى أرى الأصح المختار عند المحققين البخاري الإمام وشيخه الإمام أحمد بن جميل، ومن تبعهما. ووراء ذلك أقوال شاذة كقول من قال: لا يعد صحابياَ إلا من وصف بواحد من أوصاف أربعة:
1- من طالت مجالسته .
2- حفظت عنه رواية الحديث.
3-ظهر أنه غزا معه صلى الله عليه وسلم.
4- أو استشهد بين يديه صلى الله عليه وسلم.
وأطلق جماعة أن من رأى النبي صلى الله عليه وسلم فهو صحابي وهو محمول على من بلغ سن التمييز إذ من لم يميز لا تصح نسبة الرؤية إليه. نعم يصدق إن النبي صلى الله عليه وسلم رآه فيكون صحابياَ من هذه الحيثية ومن حيث الرواية يكون تابعين .
وهل يدخل من رآه ميتا قبل أن يدفن كما وقع ذلك لأبى ذويب الهـذلي الشاعر، والراجح عدم الدخول، والله أعلم.
هذا ملخص سريع لهذا الموضوع لتكن على بينة منه وعلم. والله يقول الحق وهو يهدى السبيل.
http://store1.up-00.com/2015-04/1429133902481.gif
انـا مسلم
15-04-2015, 11:58 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر الصديق رضي الله عنه
كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه أول الخلفاء الراشدين وثاني اثنين إذ هما في الغار، وكان يسمى عبد الله بن أبى قحافة، ويسمى أيضاَ "عتيق"، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم بشره من العتق من النار. كما كان يسمى قبيل الإسلام "بعبد الكعبة"، وسمى بعبد الله بعد ظهور نور الله. أما اللقب الشهير"الصديق" فلأنه صدق وحى السماء إلى رسول لله صلى الله عليه وسلم في قصة الإسراء والمعراج. وأبو بكر يصغر رسول الله صلى الله عليه وسلم بسنتين وعدة أشهر وكان يعمل بالتجارة وكان غنيا يملك المال الكثير وهو صاحب مروءة وإحسان وتفضيل، وهو رجل من احد عشر رجالاَ من قريش كان لهم شرف وفضل وسيادة، واشتهر عنه التواضع والشجاعة.
إسلامه رضي الله عنه
وفي طفولته ذهب به والده في أحد الأيام لزيارة الأصنام التي كانوا يعبدونها، وتركه بعد أن أوصاه أن يقوم برعايتها والصلاة لها، فقال أبو بكر لواحد من الأصنام: إني جائع فأطعمني فاصنع فلم يجبه الصنم بالطلب، فقال ساخراَ: أريدك أن تكسوني ، ولم يجبه ، فأخذ صخرة وألقاها على الصنم فوقع على وجهه .
وأبو بكر أول من أسلم من الرجال، وأسلم على يديه عثمان بن عفان رضي الله عنه، وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، وسعد بن أبى وقاص رضي الله عنه، وطلحة بن عبيد الله رضي الله عنه.
قريش تؤذى أبا بكر
وحين دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم بن أبي الأرقم يستخفي فيها من قريش ويؤدى بها شعائر دينه هو والمسلمون الأوائل, وقف أبو بكر يدعو لدين الله, فقام الكفار إلى أبى بكر يضربونه حتى سقط مغشياَ عليه, فداسوه بأقدامهم ولم يستطع أحد أن يستنقذه منهم إلا بنو تيم بن مرة عشيرة أبي بكر, وحملوه إلى الدار فلما أفاق رفض أن يتناول الطعام حتى يطمئن على رسول الله صلى الله عليه وسلم, وطلب من أمه أن تذهب إلى فاطمة بنت الخطاب (شقيقة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ) لتسألها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, وكانت فاطمة قد أسلمت هي و زوجها سعيد بن زيد, فجاءته فاطمة وخرج معهما, ولما اطمأن على رسول الله صلى الله عليه وسلم, طلب منه أن يدعو لأمه أن تسلم, فدعا لها رسول الله صلى الله عليه وسلم, فأسلمت.
جوار ابن الدغنة
أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم للمسلمين بالهجرة إلى الحبشة ودخل أبو بكر في جوار ابن الدغنة من أذى المشركين، ثم طلبت قريش من مجيره أن تكون عبادة أبى بكر داخل بيته، وعاد إلى بيته فبني بها مسجداَ، وراح يقرأ القرآن، فخشيت قريش أن يفتن الناس بالإسلام، فطلبوا من مجيره أن يأخذ منه الجوار أو أن يجعله يكف عن قراءة القرآن بصوت مسموع. فقال له أبو بكر: "إنني أرد عليك جوارك وأدخل في جوار الله.
إنفاق المال في عتق العبيد
يقول تعالى: (وسيجنبها الأتقى (17) الذي يؤتى ماله يتزكى) .
قبيل هجرت أبو بكر رضي الله عنه أعتق سبعة كانوا يعذبون لإسلامهم وكان يمتلك أربعين ألف درهم أنفقها، ولم يبق معه وقت هجرته إلا خمسة آلاف فقط.
هجرة الرسول r
يقول تعالى: ( إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم ).
ها هو أبو بكر يخرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مهاجراَ معه وسارا معاَ حتى وصلا إلى جبل ثور جنوب غرب مكة. وكانت أسماء بنت أبى بكر تأتيهما بالطعام في الغار، وظل رسول الله r وأبو بكر في الغار لمدة ثلاثة أيام.
ولأبي بكر أثناء دخولهما الغار موقف جليل حيث إنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : انتظر حتى أدخل فأنظر, حتى لا يكون هناك شيء يؤذى النبي صلى الله عليه وسلم, بل وقام بسد الثغور بثوبه وبجسده. وقد أخد ما بقى معه من مال وهو خمسة آلاف درهم, وتقول أسماء بنت أبى بكر: إن والد أبيها - وكان كفيفا - قد استاء من هجرة ابنه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه كان مشركاَ فقامت بوضع الحجارة في كيس النقود وقالت لجدها: ها هو المال قد تركه أبى لنا.
الغزوات
وفي المدينة كانت الغزوات وكان أبو بكر لا يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم, وقاتل معه في غزوة بدر, وثبت معه يوم أحد ويوم حنين حين فر الناس.
روى أن علي بن أبي طالب قال حين سأله الناس: من أشجع الناس؟ فقال لهم: إنه أبو بكر, لقد كان يوم بدر حين صنعنا للرسول عريشاَ فوقف شاهراَ سيفه على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم يدافع عنه ولا يهوى أحد إليه إلا هوى إليه بسيفه وهو يقول: ويلكم أتقتلون رجلاَ أن يقول ربى الله. ومن الآيات البينات التي نزلت في أبى بكر(فأما من أعطى واتقى) حيث كان يعتق العجائز والنساء إذا أسلمن. ونزلت فيه أيضاَ (ولمن خاف مقام ربه جنتان).
وزوج أبو بكر ابنته السيدة عائشة للرسولصلى الله عليه وسلم، وظل أبو بكر طيلة صحبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم على نهجه القويم نبراساَ للحق، حتى مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم واشتد عليه المرض فطلب إلى أبى بكر أن يخرج ليصلى بالناس، ولحق رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرفيق الأعلى ولما علم أبى بكر بوفاة النبي r دخل عليه وكشف وجهه وقبله وبكى، وخرج إلى المسجد فوجد عمر ينهر الناس الذين يقولون إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات، فقام أبو بكر إلى الناس وقال لهم: "أيها الناس إن من كان يعبد محمداَ إن محمدا َ قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت.
المبايعة لأبى بكر بالخلافة
ثم وقف وهو يغالب دمعه يقول للناس: "هذا عمر وهذا أبو عبيدة، فأيهما شاتم فبايعوه". فقال عمر وأبو عبيدة: "لا والله، لا يتولى هذا الأمر غيرك فأنت أفضل المهاجرين وثاني اثنين إذ هما في الغار ابسط يدك نبايعك.
حرب الردة
ومنع بعض الناس الزكاة وبدأ من كان إيمانه ضعيفا يرتد عن دينه، وقد ثبت على الإيمان أهل المدينة ومكة والطائف ومهاجرة العرب وبعض المسلمين في بعض الأطراف، فأرسل أبو بكر الجيش بقيادة أسامة بن زيد وخرج يودى الجيش، ومن تواضعه أنه كان يسير بأسامة بن زيد في سرية كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره عليها قبل انتقاله إلى الرفيق الأعلى، وكان أسامة يركب على فرسه.
وقال أبو بكر مقولته الشهيرة التي هي دستور المسلمين في الحروب: " لا تخونوا ولا تغدروا ، ولا تمثلوا بالقتلى ، ولا تقتلوا طفلا، ولا شيخا كبيراَ ولا امرأة، لا تعقروا نخلة ولا تحرقوها، ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيرا إلا للأكل، وإذا مررتم بالذين يتعبدون في صوامعهم فاتركوهم لشانهم، وعلى هذا فسيروا على بركة الله".
الفتوح في عهد أبى بكر
فتح أبو بكر الصديق اليمامة وقتل مسيلمة الكذاب وأيضاَ الأسود العنسي الكذاب بصنعاء في اليمن, وبث الجيوش إلى الشام والعراق.
لقد كان مسيلمة الكذاب هو الذي ادعى النبوة و أيضاَ الأسود العنسي ادعى ذلك. وكان لأبى بكر فضل محاربة أهل الردة, وقال قولته المشهورة: والله لو منعوني عناقاَ (ولد العنز الصغير) كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها.
ولأبي بكر الصديق مواقف عظيمة منها أنه كان يقوم برعاية امرأة كفيفة البصر.
الدروس المستفادة من قصة الصحابي الجليل أبو بكر الصديق
الصدق, سبيل الخير ودليل البر, وصيانة العهد, الوفاء, الإنفاق في سبيل الخير, خشية الله والعمل ليوم الحساب. التعاطف والتواد للإخوان, والتواضع, والشجاعة, والتأسي بالحلم والصبر والرحمة والرأفة...................
***رضي الله عن أبى بكر الصديق وعن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن التابعين***
انـا مسلم
15-04-2015, 11:58 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه
لعمر بن الخطاب منزلة عظيمة ومكانة رفيعة أيضا في رفع صرح الإسلام . كان عمر الخليفة العادل رضي الله عنه يؤدي الحقوق إلى أصحابها , وكان زاهدا وعابدا ناسكا , قويا أمينا , هو بحق إمام المتقين .فعمر شخصية فريدة في نوعها فذة , عظمة في بساطة , يقين في قوة , قوة في عدل , ورحمة ورأفة بجميع المسلمين .
قوته وبطشه
كان عمر في الجاهلية تاجرا مشهورا من أشراف قريش , وكان سفيرا لقريش في الحرب والسلم , والغريب أنه كان من أشد الناس عداوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم , لدرجة أنه كان يعذب جارية بني مؤمل حتى اشتراها أبو بكر وأعتقها .
إسلامه رضي الله عنه
خرج عمر يسعى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يبغي قتله , بعدما هاجر المسلمون إلى الحبشة ، فقابل صديق له ، فلما علم عمر قال له : (( ألا تذهب لقتل أختك وزوجها سعيد بن زيد فقد أسلما)) فأسرع إليهما والغضب يكاد يذهب بعقله ، فلما دخل عليها وكان عندها قوم يقرأون القرآن فاختبئوا منه رعبا وخوفا ، فضرب شقيقته وزوجها فلما رأى الدم يسيل من وجه شقيقته أخذته الرأفة بها فقال لها ((أريني الصحيفة التي كانت معك)) فرفضت فاطمة بنت الخطاب أن تعطيها له حتى يتوضأ ويغتسل ، فجعل فأعطته الصحيفة فتغير حال عمر حين قرأ القرآن .
بسم الله الرحمن الرحيم
(طـه (1) ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى (2) إلا تذكرة لمن يخشى (3)) [ طــه : ا-3]
وأشرق نور الإيمان في قلب عمر حين قرأ القرآن ، فأسلم عمر وأعلن إسلامه ، وذهب إلى أبى جهل وأخبره أنه تبع دين محمد صلى الله عليه وسلم ، دين الحق ، وكان إسلام عمر بعد إسلام حمزة عم الرسول صلى الله عليه وسلم بثلاثة أيام . كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو الله أن يعز ويؤيده بإسلام عمر ، وبإسلام حمزة وعمر أصبح المسلمون يجهرون بإسلامهم وصلاتهم .
هجرة عمر رضي الله عنه إلى المدينة
حين هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ومعه أبو بكر ، أخذت قريش تؤذي وتمنع من يخرج للهجرة من المسلمين ، ولكن عمر رضي الله عنه هاجر وهو متقلد سيفه ، وقد حمل قوسه وأسهمه في يده وذهب إلي الكعبة وطاف سبعا ثم صلى ركعتين عند المقام ودار يحول أشراف مكة واحدا واحدا ، وهم يومئذ أهل شرك ، وقال لهم : ((من أراد أن تثكله أمه (أي تفقده) وييتم ولده ، وترمل زوجته ، فليحقني وراء هذا الوادى فما تبعه أحد فليحقني وراء هذا الوادي)) فما تبعه أحد.
شهد الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه كل الغزوات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم . وحين حضرت أبو بكر رضي الله عنه الوفاة ، أوصى بالخلافة من بعده لعمر بن الخطاب رضي الله عنه . وكان عمر قد وضع دستور للناس كله عدل وصدق وأمان ، فها هو يقول للناس ((إن الله قد ابتلاكم بي وابتلاني بكم ، وأبقاني فيكم)) . وأخبر الناس أن سوف يحسن إلي من أحسن ، ويعاقب من يسيء ، وطلب منهم إذا رأوا فيه اعوجاجا أن يقوموه . فقال له أحدهم: ((والله لو رأينا فيك إعوجاجا لقومناك بسيوفنا)) . فلم يغضب عمر قائلا ((الحمد لله الذي جعل الأمر شوري بينكم وبيني)) .
خلافة عمر العادل الزاهد
لعمر بن الخطاب موقف غاية في الإنصاف والعدل . جاء أحد المصريين إلى الخليفة العادل عمر رضي الله عنه يشكو عمرو بن العاص وابنه الذي كان بينهما سباق بالخيل , فسبق المصري ابن عمرو بن العاص. فلما غضب ابن عمرو بن العاص قام بضرب المصري بالسوط وهو يقول له :((خذها وأنا ابن الأكرمين)). فذهب المصري إلى الخليفة العادل عمر بن الخطاب رضي الله عنه لكي يشكو إليه ما فعله ابن عمرو بن العاص , فأرسل عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلي عمرو بن العاص وابنه ليحضرا إليه. . . فلما وصلا إليه وقدما عليه أعطى للمصري سوطا وطلب منه أن يضرب ابن عمرو بن العاص وهو يقول له : ((اضرب ابن الأكرمين, فأخذ المصري السوط وضرب ابن عمرو بن العاص)). وقال عمر قولته الشهيرة :((متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً)).
وجعل لكل فرد في الدولة راتباً يكفيه, كما كان يعفي من أهل الكتاب من لا يستطيع دفع الجزية, بينما كان يسير وهو في المدينة وثوبه به أكثر من عشرين رقعة.
لعمر قصة شهيرة مع أحد الرعية, وقف ذات يوم على المنبر ليخطب في الناس , فقال له أحدهم:((والله لا نستمع إليك وقد ميزت نفسك علينا يا أمير المؤمنين, فأعطيت لكل واحد منا جلباباً واحداً وأخذت لنفسك جلبابين)), فنادى عمر رضي الله عنه على ابنه عبد الله ليقول له :(( يا عبد الله, من صاحب الجلباب الثاني؟)) فيقول عبد الله:((إنه لي يا أمير المؤمنين, ولكنى تركته لك)) فأكمل عمر:((وانتم كما تعلمون أنني رجل طوال"طويل القامة" وكان الجلباب الأول قصيراً ,فأعطاني ولدي جلبابه فأطلت به جلبابي)) فيعتذر إليه الرجل وهو يقول له :((الآن نسمع لك يا أمير المؤمنين ونطيع)).
صفاته رضي الله عنه
كان عمر قوياً في الحق, رحيماً بالفقراء والمساكين, وكان ذا شخصية مهيبة, ورغم ذلك كان سريع البكاء والخشوع بين يدي ربه , وصاحب فراسة نادرة وعجيبة, فذات مرة حدث أنه كان يخطب خطبة الجمعة والناس يستمعون إليه إذ به ينادي بأعلى صوته:((يا سارية الجبل"أي الزم الجبل وأعط ظهرك إليه لكي تحذر عدوك من خلفك"ومن استرعى الذئب ظلم)).وعاد يكمل خطبته وصلى بالناس. وبعد الصلاة سأله علي رضي الله عنه :((سمعناك تنادي"يا سارية الجبل" ؟)). فقال عمر((أو سمعتني يا علي؟)), فقال علي بن أبي طالب ((وكل من في المسجد سمعك)),فقال عمر رضي الله عنه ((لقد رأيت كأن المشركين التفوا حول المسلمين وكادوا يهزمونهم, وهم يمرون بجبل, فلو اتجهوا إليه انتصروا على المشركين, وإن تركوه هلكوا وانهزموا, فصحت بهم "الجبل الجبل")). وبعد مرور شهر على تلك الخطبة جاءه البشير فقال لهم ((إنهم سمعوا في ذلك اليوم صوتاً يشبه صوت عمر بن الخطاب وهو يقول "يا سارية الجبل الجبل" واتجهنا إليه, وفتح الله علينا بالنصر)).
الزهد والتقشف والورع والنزاعة
في عام الرمادة, كان هذا العام هو عام المجاعة الشديدة, أمر عمر بذبح جزور وتوزيع لحمه على أهل المدينة, فأُبقيَ لأمير المؤمنين جزء طيب من لحمه وعند الغداء وضع أمامه, فقال:((بئس الوالي إن أكلت أنا أطيب ما فيها وتركت للناس عظامها)) وأمر فرفعت من أمامه وطلب الخبز والزيت.
في إحدى جولاته التفـتيشية التي كان يفاجئ بها الأسواق وجد أبلاً سمينة, فسأل لمن هذا؟ فقالوا:((إنها إبل عبد الله بن عمر)) فانتفض عمر بشدة وأرسل في طلب ابنه عبد الله .وسأله:((من أين لك بثمنها؟)) فقال عبد الله:((اشتريتها بمالي لأتاجر فيها)) فقال عمر:((ارجعها إلى بيت مال المسلمين, وخذ ما دفعته فيها فقط)) .
وعبد الله بن عمر رضي الله عنهم كان من الأتقياء الصالحين, وهو من رواة الأحاديث. وقد رفض عمر رضي الله عنه إلحاح أصحابه كي يوليه منصباً من مناصب الدولة, أو أن يرشحه للخلافة.
تواضعه رضي الله عنه
تذكرون حين وفد بعض التجار إلى المدينة ونصبوا خيامهم على مشارفها, فلما خرج عمر ومعه عبد الرحمن بن عوف ليتفقد أحوال القافلة وجلسا على مقربة من القافلة.وقال عمر لعبد الرحمن رضي الله عنه :((سنمضي هنا بقية الليل نحرس ضيوفنا)). ولكن سمع صوت بكاء طفل فقام ليتبع الصوت, وقال لأم الطفل:((اتقي الله يا هذه, وأحسني إلى طفلك)) فقالت له المرأة:((إني أفطمه, ولهذا يبكي)) فقال لها عمر:((كيف تفطمينه وهو صغير هكذا؟)) فقالت له المرأة:((لأن أمير المؤمنين لا يعطي الراتب للطفل الرضيع ويعطيه للفطيم فقط)) .
ويروى عن عبد الرحمن بن عوف أن أمير المؤمنين عمر في تلك الليلة حين صلى بالمسلمين الفجر لم يستطع الناس أن تتبين قراءته من شدة بكائه. . . وظل يردد:((كم قتلت من أولاد المسلمين يا عمر)). وأمر المنادي أن ينادي في الناس :((لا تعجلوا بفطام أطفالكم)) فقد أمر أمير المؤمنين لكل وليد براتب وكسوة وطعام .
عدله مع أهل الكتاب
ها هو عمر يسطر أكبر شهادة للإسلام أنه دين التسامح والإخاء والمودة والسلام والرحمة. حدث ذلك حين طلب أساقفة بيت المقدس تسليمها إلى أمير المؤمنين بنفسه, فحضر إليهم وكتب لهم أماناً على أنفسهم وأولادهم وأموالهم وجميع كنائسهم لا تهدم ولا تسكن. وحين أذن مؤذن للصلاة وكان عمر جالساً في كنيسة القيامة خرج مسرعاً ليصلي خارج الكنيسة في الأرض الفضاء أمامها, وقال للبطاركة:((لو صليت داخل الكنيسة لأخذها المسلمون من بعدي وقالوا "هنا صلى عمر")).
وكان العهد الذي سطره التاريخ لعمر منذ ألف وأربعمائة سنة ونيف يقول لأهل إيلياء:((هذا ما أعطى عبد الله عمر أمير المؤمنين, أعطاهم الأمان)) .
عمر رضي الله عنه ونظام الحكم
كان عمر هو الذي أنشأ الحكومة وجعل لها الدواوين ونظم فيها الإدارة والقضاء وجعل فيها بيت المال, وهو الذي أشار بوضع علم النحو لحفظ اللغة العربية, كما أنه ألح على أبي بكر في جمع القرآن الكريم وبدأ أبو بكر بجمع القرآن الكريم, ولما توفى أكمل عمر حتى كان عهد عثمان رضي الله عنه, فكان المصحف الذي نعرفه الآن .
الخليفة العادل يعظ أحد الرعية
ولكن ما هي قصة الرجل الذي وعظه عمر بلطف وإنسانية ؟؟؟؟
كان هذا الرجل يشرب الخمر, ولما سأل عنه عمر فقيل له:((إنه لا يكاد يتركها)). فتألم عمر لذلك فكتب إلى الرجل يقول له((إني أحمد الله إليك الذي لا إله إلا هو "غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير" [غافر: 3] )). فلما وصلت الرسالة إلى الرجل أخذ يردد هذه الآية حتى تاب الله عليه. فامتنع عن شرب الخمر, فلما بلغ خبره عمر قال للناس:((هكذا فاصنعوا إذا رأيتم أخاً لكم زل, فسددوا وادعوا الله أن يتوب عليه ولا تعينوا الشيطان عليه)) .
مصر وعروس النيل
ذهب أهل مصر إلى عمرو بن العاص بعدما فتح مصر في شهر بؤونة فأخبروه أن النيل لا يجري بالخير إلا إذا ألقوا فيه عروساً جميلة, إنسانة حية وتكون في أبهى زينة وأجمل ثياب وتتحلى بالحلي, وظلوا يلحون على عمرو بن العاص ثلاثة أشهر كاملة, فأرسل عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب يسأله في أمرهم هذا؟ فأرسل عمر بن الخطاب رسالة قال فيها:((من عبد الله عمر إلى نيل مصر, أما بعد فإن كنت تجري من قِبَلك فلا تجرِ, وإن كنت تجري من قِبَل الله تعالى, فنسأل الله العظيم أن يجريك)) وبعدما ألقيت فيه ورقة عمر, أجرى الله النيل ستة عشر ذراعاً .
عدل عمر وحكمته
في أحد الأيام أحضروا لعمر غلماناً قد سرقوا ناقة رجل, ورآهم عمر وأجسامهم ضئيلة وهزيلة, والبؤس باد عليهم, ووجوههم صفراء, فأحضر سيدهم وقال له:((لقد كدت أعاقبهم لولا علمي أنك تجيعهم, فلما جاعوا سرقوا, ولن أعاقبهم بل أعاقبك أنت, وعليك أن تقوم بدفع ثمنها إلى الرجل)) وقال للغلمان:((اذهبوا ولا تعودوا لمثل هذا مرة ثانية)) .
وفاة عمر رضي الله عنه
وهكذا ظل عمر يحكم بالعدل والإنصاف ويعيش تقشفاً زاهداً حتى كان ذات يوم يصلي بالناس فاختبأ له غلام مـجوسي"من عبدة النار" يسمى أبا لؤلؤة وطعن عمر بخنجر, ولما قبض عليه انتحر .
***رضي الله عن عمر بن الخطاب وعن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن التابعين***
انـا مسلم
15-04-2015, 11:59 PM
عثمان بن عفان رضي الله عنه
نسبه رضي الله عنه
هو عثمان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرّة بن كعب بن لؤي بن غالب يجتمع نسبه مع الرسول صلى اللَّه عليه وسلم في الجد الخامس من جهة أبيه. عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، فهو قرشي أموي يجتمع هو والنبي صلى اللَّه عليه وسلم في عبد مناف، وهو ثالث الخلفاء الراشدين وأمه أروى بنت كريز وأم أروى البيضاء بنت عبد المطلب عمة الرسول صلى اللَّه عليه وسلم
ويقال لعثمان رضي اللَّه عنه : (ذو النورين) لأنه تزوج رقية، وأم كلثوم، ابنتيَّ النبي صلى اللَّه عليه وسلم ولا يعرف أحد تزوج بنتيَّ نبي غيره
إسلامه
أسلم عثمان رضي اللَّه عنه في أول الإسلام قبل دخول رسول اللَّه دار الأرقم، وكانت سنِّه قد تجاوزت الثلاثين، دعاه أبو بكر إلى الإسلام فأسلم، ولما عرض أبو بكر عليه الإسلام قال له: ويحك يا عثمان واللَّه إنك لرجل حازم ما يخفى عليك الحق من الباطل، هذه الأوثان التي يعبدها قومك، أليست حجارة صماء لا تسمع، ولا تبصر، ولا تضر، ولا تنفع؟
فقال: بلى، واللَّه إنها كذلك
قال أبو بكر: هذا محمد بن عبد اللَّه قد بعثه اللَّه برسالته إلى جميع خلقه، فهل لك أن تأتيه وتسمع منه؟
فقال: نعم
وفي الحال مرَّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فقال: يا عثمان أجب اللَّه إلى جنته فإني رسول اللَّه إليك وإلى جميع خلقه قال : فواللَّه ما ملكت حين سمعت قوله أن أسلمت، وشهدت أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، وأن محمد رسول عبده ورسوله، ثم لم ألبث أن تزوجت رقية وكان يقال: أحسن زوجين رآهما إنسان، رقية وعثمان كان زواج عثمان لرقية بعد النبوة لا قبلها
زواجه من ابنتى رسول الله
رقية بنت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، وأمها خديجة، وكان رسول اللَّه قد زوَّجها من عتبة بن أبي لهب، وزوَّج أختها أم كلثوم عتيبة بن أبي لهب، فلما نزلت: ( تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ) قال لهما أبو لهب وأمهما أم جميل بنت حرب(حمالة الحطب) فارقا ابنتَي محمد، ففارقاهما قبل أن يدخلا بهما كرامة من اللَّه تعالى لهما، وهوانًا لابني أبي لهب، فتزوج عثمان بن عفان رقية بمكة، وهاجرت معه إلى الحبشة، وولدت له هناك ولدًا فسماه: عبد اللَّه، وكان عثمان يُكنى به ولما سار رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم إلى بدر كانت ابنته رقية مريضة، فتخلَّف عليها عثمان بأمر رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، فتوفيت يوم وصول زيد بن حارثة
زوجته أم كلثوم
بنت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، وأمها خديجة، وهي أصغر من أختها رقية، زوَّجها النبي صلى اللَّه عليه وسلم من عثمان بعد وفاة رقية، وكان نكاحه إياها في ربيع الأول من سنة ثلاث، وبنى بها في جمادى الآخرة من السنة، ولم تلد منه ولدًا، وتوفيت سنة تسع وصلى عليها رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم
وروى سعيد بن المسيب أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم رأى عثمان بعد وفاة رقية مهمومًا لهفاناً فقال له: ما لي أراك مهمومًا ؟
فقال: يا رسول اللَّه وهل دخل على أحد ما دخل عليَّ ماتت ابنة رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم التي كانت عندي وانقطع ظهري، وانقطع الصهر بيني وبينك
فبينما هو يحاوره إذ قال النبي صلى اللَّه عليه وسلم : هذا جبريل عليه السلام يأمرني عن اللَّه عز وجل أن أزوجك أختها أم كلثوم على مثل صداقها، وعلى مثل عشرتها
صفاته
وكان رضي اللَّه عنه أنسب قريش لقريش، وأعلم قريش بما كان فيها من خير وشر، وكان رجال قريش يأتونه ويألفونه لغير واحد من الأمور لعلمه، وتجاربه، وحسن مجالسته، وكان شديد الحياء، ومن كبار التجار
أخبر سعيد بن العاص أن عائشة رضي اللَّه عنها وعثمان حدثاه: أن أبا بكر استأذن النبي صلى اللَّه عليه وسلم وهو مضطجع على فراشه لابس مرط عائشة فأذن له وهو كذلك، فقضى إليه حاجته، ثم انصرف ثم استأذن عمر فأذن له، وهو على تلك الحال، فقضى إليه حاجته، ثم انصرف
ثم استأذن عليه عثمان فجلس وقال لعائشة: إجمعي عليك ثيابك فقضى إليه حاجته، ثم انصرف قالت عائشة: يا رسول اللَّه لم أرك فزعت لأبي بكر وعمر كما فزعت لعثمان!
قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم : إن عثمان رجل حيي وإني خشيت إن أذنت له على تلك الحال لا يُبلغ إليّ حاجته
وقال الليث: قال جماعة من الناس: ألا أستحي ممن تستحي منه الملائكة
و كان لا يوقظ نائمًا من أهله إلا أن يجده يقظان فيدعوه فيناوله وضوءه، وكان يصوم ، ويلي وضوء الليل بنفسه فقيل له: لو أمرت بعض الخدم فكفوك
فقال: لا، الليل لهم يستريحون فيه وكان ليَّن العريكة، كثير الإحسان والحلم
قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم : أصدق أمتي حياءً عثمان
وهو أحد الستة الذين توفي رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وهو عنهم راضٍ، وقال عن نفسه قبل قتله: واللَّه ما زنيت في جاهلية وإسلام قط
تبشيره بالجنة
قال: كنت مع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم في حديقة بني فلان والباب علينا مغلق إذ استفتح رجل فقال النبي صلى اللَّه عليه وسلم : يا عبد اللَّه بن قيس، قم فافتح له الباب وبشَّره بالجنة فقمت، ففتحت الباب فإذا أنا بأبي بكر الصدِّيق فأخبرته بما قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ، فحمد اللَّه ودخل وقعد
ثم أغلقت الباب فجعل النبي صلى اللَّه عليه وسلم ينكت بعود في الأرض فاستفتح آخر فقال: يا عبد اللَّه بن قيس قم فافتح له الباب وبشَّره بالجنة، فقمت، ففتحت، فإذا أنا بعمر بن الخطاب فأخبرته بما قال النبي صلى اللَّه عليه وسلم ، فحمد اللَّه ودخل، فسلم وقعد، وأغلقت الباب
فجعل النبي صلى اللَّه عليه وسلم ينكت بذلك العود في الأرض إذ استفتح الثالث الباب فقال النبي صلى اللَّه عليه وسلم : يا عبد اللَّه بن قيس، قم فافتح الباب له وبشره بالجنة على بلوى تكون فإذا عثمان، فأخبرته بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله، ثم قال: الله المستعان
و عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان على حراء هو و أبو بكر و خمر و عثمان و علي و طلحة و الزبير فتحركت الصخرة فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : اهداء فما عليك الا نبي أو صديق أو شهيد
بيعة الرضوان
في الحديبية دعا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم عثمان بن عفان، فبعثه إلى أبي سفيان وأشراف قريش يخبرهم أنه لم يأت لحربهم وأنه إنما جاء زائرًا لهذا البيت ومعظَّمًا لحرمته
فخرج عثمان إلى مكة فلقيه أبان بن سعيد بن العاص فحمله بين يديه، ثم أجاره حتى بلَّغ رسالة رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فانطلق عثمان حتى أتى أبا سفيان وعظماء قريش فبلغهم عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ما أرسله به
فقالوا لعثمان حين فرغ من رسالة رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم إليهم: إن شئت أن تطوف بالبيت فطف
فقال: ما كنت لأفعل حتى يطوف رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم
واحتبسته قريش عندها، فبلغ رسول اللَّه والمسلمين أن عثمان بن عفان قد قتل،ولما لم يكن قتل عثمان رضي اللَّه عنه محققًا، بل كان بالإشاعة بايع النبي صلى اللَّه عليه وسلم عنه على تقدير حياته وفي ذلك إشارة منه إلى أن عثمان لم يُقتل، وإنما بايع القوم أخذًا بثأر عثمان جريًا على ظاهر الإشاعة تثبيتًا وتقوية لأولئك القوم، فوضع يده اليمنى على يده اليسرى وقال: اللَّهم هذه عن عثمان في حاجتك وحاجة رسولك
اختصاصة بكتابة الوحى
عن فاطمة بنت عبد الرحمن عن أمها أنها سألت عائشة رضي الله عنها وأرسلها عمها فقال: إن أحد بنيك يقرئك السلام ويسألك عن عثمان بن عفان فإن الناس قد شتموه فقالت: لعن اللَّه من لعنه، فواللَّه لقد كان عند نبي اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وأن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم لمسند ظهره إليَّ، وأن جبريل ليوحي إليه القرآن، وأنه ليقول له: اكتب يا عثيم فما كان اللَّه لينزل تلك المنزلة إلا كريمًا على اللَّه ورسوله. أخرجه أحمد وأخرجه الحاكم
وقال: قالت: لعن اللَّه من لعنه، لا أحسبها قالت: إلا ثلاث مرات، لقد رأيت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وهو مسند فخذه إلى عثمان، وإني لأمسح العرق عن جبين رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ، وأن الوحي لينزل عليه وأنه ليقول: اكتب يا عثيم، فواللَّه ما كان اللَّه لينزل عبدًا من نبيه تلك المنزلة إلا كان عليه كريمًا
وعن جعفر بن محمد عن أبيه قال: كان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم إذا جلس جلس أبو بكر عن يمينه، وعمر عن يساره، وعثمان بين يديه، وكان كَاتبَ سر رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم
جيش العسرة
يقال لغزوة تبوك غزوة العُسرة، مأخوذة من قوله تعالى: ِ لَقَد تَّابَ الله عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَة
ندب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم الناس إلى الخروج وأعلمهم المكان الذي يريد ليتأهبوا لذلك، وبعث إلى مكة وإلى قبائل العرب يستنفرهم وأمر الناس بالصدقة، وحثهم على النفقة والحملان، فجاءوا بصدقات كثيرة، فكان أول من جاء أبو بكر الصدِّيق رضي اللَّه عنه ، فجاء بماله كله فقال له صلى اللَّه عليه وسلم : هل أبقيت لأهلك شيئًا؟
قال: أبقيت لهم اللَّه ورسوله
وجاء عمر رضي اللَّه عنه بنصف ماله فسأله: هل أبقيت لهم شيئًا؟
قال: نعم، نصف مالي
وجهَّز عثمان رضي اللَّه عنه ثلث الجيش جهزهم بتسعمائة وخمسين بعيرًا وبخمسين فرسًا
قال ابن إسحاق: أنفق عثمان رضي اللَّه عنه في ذلك الجيش نفقة عظيمة لم ينفق أحد مثلها
وقيل: جاء عثمان رضي اللَّه عنه بألف دينار في كمه حين جهز جيش العُسرة فنثرها في حجر رسول اللَّه فقبلها في حجر وهو يقول: ما ضرَّ عثمان ما عمل بعد اليوم وقال رسول اللَّه: من جهز جيش العُسرة فله الجنة
بئر رومة
واشترى بئر رومة من اليهود بعشرين ألف درهم، وسبلها للمسلمين كان رسول اللَّه قد قال: من حفر بئر رومة فله الجنة
كرمه رضي الله عنه
يذكر أنه أصاب الناس قحط في عهد أبي بكر رضي الله عنه فلما اشتد بهم الأمر جاءوا الى أبي بكر رضي الله عنه و قالوا : يا خليفة رسول الله صلى الله عليه و سلم ان السماء لم تمطر و الارض لم تنبت و قد توقع الناس الهلاك فما تصنع ؟ فقال : إنصرفوا و اصبروا فإني أرجو ألا تمسو حتى يفرج الله عنكم فلما أصبحوا خرجوا يتلقونها فإذا هي ألف بعير موثوقة براً و زيتاً ز دقيقاً فأناخت بباب عثمان رضي الله عنه فجعلها في داره فجاء اليه التجار
فقال : ما ترون ؟
قالوا : إنك لتعلم ما نريد
فقال : كم تربحوني ؟
قالوا : اللهم درهمين
قال : أعطيت زيادة على هذا
قالوا : أربعة
قال : أعطيت أكثر
قالوا : خمسة
قال : أعطيت أكثر
قالوا : ليس في المدينة تجار غيرنا فمن الذي أعطاك ؟
قال : إن الله أعطاني بكل درهم عشرة دراهم أعندكم زيادة ؟
قالوا : لا
قال : فإني أشهدكم الله تعالى أني جعلت ما حملت العير صدقة لله على الفقراء و المساكين
ويروى أيضا أنه كان لعثمان بن عفان على طلحة بن عبيد الله رضوان الله عليهما خمسون ألف درهم فخرج عثمان يوماً الى المسجد فقال له طلحة : قد تهيأ ما لك فاقبضه فقال له عثمان رضي الله عنه : هو لك يا أبا محمد معونة على مروءتك
توسعة المسجد النبوى
كان المسجد النبوي على عهد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم مبنيًَّا باللبن وسقفه الجريد، وعمده خشب النخل، فلم يزد فيه أبو بكر شيئًا وزاد فيه عمرًا وبناه على بنائه في عهد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم باللبن والجريد وأعاد عمده خشبًا، ثم غيَّره عثمان، فزاد فيه زيادة كبيرة، وبنى جداره بالحجارة المنقوشة والفضة، وجعل عمده من حجارة منقوشة وسقفه بالساج، وجعل أبوابه على ما كانت أيام عمر ستة أبواب
الخلافة
لقد كان عثمان بن عفان أحد الستة الذين رشحهم عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- لخلافته فقد أوصى بأن يتم اختيار أحد ستة :علي بن أبي طالب ، عثمان بن عفان ، طلحة بن عبيد الله ، الزبير بن العوام ، سعد بن أبي وقاص ، عبد الرحمن بن عوف في مدة أقصاها ثلاثة أيام من وفاته حرصاً على وحدة المسلمين ، فتشاور الصحابة فيما بينهم ثم أجمعوا على اختيار عثمان رضي الله عنه وبايعه المسلمون في المسجد بيعة عامة في غرة المحرم سنة أربع و عشرين ، فأصبح ثالث الخلفاء الراشدين
إستمرت خلافته نحو اثني عشر عاما تم خلالها الكثير من الأعمال: نَسْخ القرآن الكريم وتوزيعه على الأمصار, توسيع المسجد الحرام, وقد انبسطت الأموال في زمنه حتى بيعت جارية بوزنها ، وفرس بمائة ألف ، ونخلة بألف درهم ، وحجّ بالناس عشر حجج متوالية
الفتوحات
فمعاوية يوغل في بلاد الروم حتى وصل الى أبواب القسطنطينية و الى فارس و كرمان و سجستان و مرو يزحف ابن عامر و الأحنف بن قيس و الأقرع بن حابس و مهدت الأرض لزحف المسلمين حتى بلغوا السودان و الحبشة في الجنوب و الهند و الصين في المشرق
وقد أنشأ أول أسطول إسلامي لحماية الشواطيء الإسلامية من هجمات البيزنطيين
الفتنة
في أواخر عهده ومع اتساع الفتوحات الاسلامية ووجود عناصر حديثة العهد بالإسلام لم تتشرب روح النظام والطاعة ، أراد بعض الحاقدين على الاسلام وفي مقدمتهم اليهود إثارة الفتنة للنيل من وحدة المسلمين ودولتهم ، فأخذوا يثيرون الشبهات حول سياسة عثمان رضي الله عنه وحرضوا الناس في مصر والكوفة والبصرة على الثورة ، فإنخدع بقولهم بعض من غرر به ، وساروا معهم نحو المدينة لتنفيذ مخططهم ، وقابلوا الخليفة وطالبوه بالتنازل ، فدعاهم الى الإجتماع بالمسجد مع كبار الصحابة وغيرهم من أهل المدينة ، وفند مفترياتهم وأجاب على أسئلتهم وعفى عنهم ، فرجعوا الى بلادهم لكنهم أضمروا شراً وتواعدوا على الحضور ثانية الى المدينة لتنفيذ مؤامراتهم التي زينها لهم عبدالله بن سبأ اليهودي الأصل والذي تظاهر بالإسلام
استشهاده رضي الله عنه
وفي شوال سنة 35 من الهجرة النبوية ، رجعت الفرقة التي أتت من مصر وادعوا أن كتاباً بقتل زعماء أهل مصر وجدوه مع البريد ، وأنكر عثمان رضي الله عنه الكتاب لكنهم حاصروه في داره أربعين يوماً ومنعوه من الصلاة بالمسجد بل ومن الماء ، ولما رأى بعض الصحابة ذلك استعدوا لقتالهم وردهم لكن الخليفة منعهم اذ لم يرد أن تسيل من أجله قطرة دم لمسلم
و كان رضي الله عنه و هو محاصر و الفتنة تمور من حوله يتذكر ما عهد اليه رسول الله صلى الله عليه و سلم و يتذكر وصيته صلى الله عليه و سلم له حين قال له : يا عثمان إن ولاك الله هذا الأمر يوماً فأرادك المنافقون أن تخلع قميصك الذي قمصك الله فلا تخلعه و رفض رضي الله عنه أن يسافر الى الشام و يلحق بمعاوية
و كان رضي الله عنه يتذكر ما أسر اليه رسول الله صلى الله عليه و سلم في مرض وفاته حين خلا به وجعل النبي صلى الله عليه و سلم يكلمه ووجه عثمان يتغير و لهذا كان يقول لمن معه من المسلمين في الدار : إن رسول الله صلى الله عليه و سلم عهد الي عهداً فأنا صائر اليه و أنا صابر عليه كان يعلم أن الفتنة تريده فلم يرد أن يراق دم المسلم بسببه
و عن نافع عن ابن عامر أن عثمان رضي الله عنه أصبح يحدث الناس قال : رأيت النبي صلى الله عليه و سلم في المنام فقال : يا عثمان أفطر عندنا فأصبح رضي الله عنه صائماً و قتل عن يومه
ولكن المتآمرين إقتحموا داره من الخلف (من دار أبي حَزْم الأنصاري) وهجموا عليه وهو يقرأ القرآن وأكبت عليه زوجه نائلة لتحميه بنفسها لكنهم ضربوها بالسيف فقطعت أصابعها ، وتمكنوا منه رضي الله عنه فسال دمه على المصحف ومات شهيداً في صبيحة عيد الأضحى سنة 35 هـ ، ودفن بالبقيع
الجزاء من جنس العمل
عن محمد بن سيرين قال : كنت أطوف بالكعبة و إذا رجل يقول : اللهم أغفر لي و ما أظن أن تغفر لي
فقلت : يا عبد الله ما سنعت أحداً يقول ما تقول
قال : كنت أعطيت الله عهداً إن قدرت ألطم وجه عثمان إلا لطمته فلما قتل ووضع على سريره في البيت و الناس يجيئون يصلون عليه فدخلت كأني أصلي عليه فوجدت خلوة فرفعت الثوب عن وجهه و لحيته و لطمته و قد يبست يميني
قال ابن سيرين : فرأيتها يابسة كأنها عود
و عن أبي قلابة قال : كنت في رفقة بالشام و سمعت صوت رجل يقول : يا ويلاه من النار
قال : فقمت اليه و إذا رجل مقطوع اليدين و الرجلين من الحقوين أعمى العينين منكباً لوجهه فسألته عن حاله
فقال : إني كنت ممن دخل على عثمان الدار فلما دنوت منه صرخت زوجته فلطمتها
فقال عثمان : ما لك قطع الله يديك و رجليك و أعمى عينيك و أدخلك النار فأخذتني رعدة عظيمة و خرجت هارباً فأصابني ما ترى و لم يبق من دعائه إلا النار
قلت له : بعداً لك و سحقاً
وقال يزيد بن أبي حبيب : إن عامة الذين ساروا إلى عثمان جنوا
حزن الصحابة عليه
قال ابن عباس : و لو اجتمع الناس على قتل عثمان لرجموا بالحجارة من السماء
و قال أبو جعفر الأنصاري : دخلت مع المصريين على عثمان فلما ضربوه خرجت أشتد حتى ملأت فروجي عدواً فدخلت المسجد فإذا رجل جالس في نحو عشرة عليه عمامة سوداء فقال : ويحك ما وراءك ؟
قلت : قد و الله فرغ من الرجل
فقال : تباً لكم سائر الدهر فنظرت فإذا هو علي رضي الله عنه
انـا مسلم
16-04-2015, 12:00 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
علي بن أبى طالب رضي الله عنه
علي بن أبى طالب رضي الله عنه هو علي بن أبي طالب بن عبد المطلب وهو أول هاشمي من أبوين هاشميين، وبنو هاشم اشتهروا بالنبل والشجاعة والقوة والنعمة والإحسان والذكاء. وهو ابن عم الرسول صلى الله عليه وسلم، وأول من أسلم من الصبيان حيث كان في العاشرة من عمره وهو أبو الحسن والحسين رضي الله عنهم سيدا شباب أهل الجنة وقد تزوج من السيدة فاطمة الزهراء"رضي الله عنها" بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد تربي في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد ولد في داخل الكعبة وحين أذن الله تعالي لرسوله ومصطفاه صلى الله عليه وسلم بالهجرة إلى المدينة بذل نفسه فنام في فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم مضحيا بنفسه وروحه فحسبته قريش رسول الله صلى الله عليه وسلم .لقد كان هذا الموقف فدائياً فلما علمت قريش أنها خدعت قامت بإيذائه ولم يبال بهم وراح يرد الأمانات التي وكله رسول الله صلى الله عليه وسلم بردها إلي أصحابها قبيل أن يهاجر ويلحق برسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة.
غزوتي بدر وأُحد
فى غزوة بدر صاح حامل لواء المشركين أبو سعد بن أبي طلحة قائلاً :((هل في المسلمين من مبارز؟)) فخرج له علي رضي الله عنه وتبارزا فضربه ضربة واحدة فسقط على الأرض ولكنه لم يقتله وبعد انتهاء القتال اقترب الرسول صلى الله عليه وسلم من علي رضي الله عنه وراح يساعد في تضميد جراحه الكثيرة.
وبعد النصر والبطولة في غزوة بدر كانت غزوة أُحد وحين سقط اللواء من يد مصعب بن عمير دعا الرسول صلى الله عليه وسلم علياً ليحمل اللواء وحمل علي رضي الله عنه اللواء بيده ويده الأخرى كانت قابضة علي السيف الذي كان يسمى "ذو الفقار".
غزوة الخندق
وفى غزوة الخندق نادي عمرو بن ود علي المسلمين:((مَن يبارزني؟)) وعمرو بن ود"فارس قريش" فقال علي رضي الله عنه :((أنا أخرج له يا رسول الله)) فأجلسه رسول الله صلى الله عليه وسلم فنادي عمرو بن ود مرة ثانية ساخراً :((هل من رجل يبارزني؟ أين جنتكم التي تدعون أنكم سوف تدخلونها إذا قُتلتم؟ لماذا لا تُخرجون لي رجلاً يدخل تلك الجنة المزعومة؟)). فقال علي رضي الله عنه :((أنا له يا رسول الله والرسول)) والرسول يقول له:((اجلس يا علي إنه عمرو بن ود)) فيرد علي واثقاً بصر الله وشجاعته في ثالث مرة:((أنا أقدر عليه)) فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلما نظر إليه عمرو بن ود استصغره فقال له:((إنني أكره أن أقتلك)) ولكن علي قال له:((إنني أدعوك إلى دين الله الحق أو أن ترجع إلى بلادك)) فسخر منه عمرو بن ود وقال((أجبناً منك؟! ما تعرض علي إنني أكره أن أقتلك)) فقال له علي:((ولكني والله أحب أن أقتك)) واقترب منه علي وضربه فقتله وسمع الرسول صلى الله عليه وسلم والمسلمين تكبيرة علي .
علي صاحب راية فتح خيبر
إنه صاحب الراية الذي يفتح الله عليه يوم خيبر فقد فتح على يديه حصن"ناعم" الذي هو أقوى حصون خيبر .
أبو بكر وعلي
وبعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم, كان أبو بكر يستشيره في عظائم الأمور وكان يقول له:((أفتنا أبا الحسين)). كذلك كانت مكانته عند الفاروق عمر وكان يقول له:((لولا علي لهلك عمر)). وأيضاً كان كذلك عثمان رضي الله عنه .
خلافته
وبايع الناس علياً بالخلافة بعد مقتل عثمان رضي الله عنه وهم يقولون له:((نحن لا نرى أحداً أحق بالخلافة منك)) فبايعه الأنصار والمهاجرون وتخلف عن مبايعته نفر .
تقواه وورعه
لقد أفرغ بيت المال وقسمه على المستحقين وأمر فغسل بيت المال بالماء وقام فصلى ركعتين, وكان المعنى من هذا زهده وتواضعه أراد أن يبدأ عهده بأن يعرف الناس أن الآخرة هي خير وأبقى كما رفض أن يسكن في قصر الإمارة, كان الإمام علي يمشي في أسواق الكوفة ـ وهو الخليفة ـ فيساعد الضعيف ويعين الشيخ المسن فيحمل عنه حاجته, فإذا ما قال له أصحابه:((عنك يا أمير المؤمنين)) يقول:((قال تعالى"تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً والعاقبة للمتقين")). ويشتري طعامه وحاجات أهل بيته ويرفض أن يحملها عنه أحد وكان يلبس ثوباً زهيداً ويركب حماراً وقد تدلت على جانبيه ساقاه, وقد وصفه خامس الخلفاء الراشدين"عمر بن عبد العزيز" فقال عنه:((كان الإمام علي رضي الله عنه أزهد الناس في الدنيا)) .
عدله وسماحته رضي الله عنه
الإمام علي رضي الله عنه وجد درعه عند رجل نصراني فذهب معه إلى القاضي يحتكما إليه وقال له:((إنها درعي ولم أعطها له لا هبة ولا بيعاً ولكن هذا الرجل يدعي أنها ملكه هو)) فقال القاضي شريح لأمير المؤمنين:((ولكن يا أمير الؤمنين هل عندك بينة؟)) فتبسم علي رضي الله عنه وقال للقاضي:((لقد أصبت فإنه ليس لدي بينة)) فحكم القاضي بالدرع للرجل النصراني فأخذها الرجل ومضى, ولكنه عاد يقول:((والله أن هذا لأحكام الأنبياء وإنها والله حقاً لأمير المؤمنين وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وهذا الدرع هي درع أمير المؤمنين)). فقال له علي رضي الله عنه:((والدرع هبة مني إليك)) وحسن إسلام الرجل .
ثقافته وعلمه
والإمام علي رضي الله عنه وصف بأنه كان نابغاً في الأدب والبلاغة والفقه والشريعة بل إنه كان أقضى أهل زمانه وأعلمهم بالفقه وإخراج الأحكام من القرآن والأحاديث .
الشهيد أبو الشهداء
واستشهد البطل والخليفة والإمام خرج ينادي لصلاة الفجر فخرج عليه عبد الرحمن بن مُلجم من الخوارج وكان قد اتفق مع اثنين على قتل الإمام علي ومعاوية بالشام وعمرو بن العاص بمصر . وكان السيف مسموماً فطعنه به .وحُمل علي رضي الله عنه إلى داره فطلب منه حامليه أن يرجعوا إلى المسجد ليصلوا صلاة الفجر ثم يعودوا إليه وحين رأى قاتله والناس ممسكة به قال لهم:((لا تقتلوا بي سواه إن الله لا يحب المعتدين أحسنوا إليه وأكرموه فإن عشت فأنا أولى بدمه قصاصاً أو عفواً وإن مت فألحقوه بي أخاصمه عند رب العالمين)) , ثم إن الناس ألحوا عليه أن يستخلف ابنه الحسن وهم يقولون له:((ماذا تقول لربك إن لقيته دون أن تستخلف علينا؟)) فقال:((أقول له جل شأنه: لقد تركتهم كما ترك رسولك الكريم المسلمين دون أن يستخلف عليهم)) .
من أقوال الإمام علي رضي الله عنه
لقد كان الإمام رضي الله عنه علي يتفجر العلم من جوانبه والحكمة كما وصفه ضرار الكناني.
** ومن أقواله المأثورة**
أفضل الأعمال ما أكرهت نفسك عليه
معلم نفسه ومؤدبها أحق بالإجلال من معلم الناس ومؤدبهم
إياك وصادقة الأحمق فإنه يريد أن ينفعك فيضرك
إياك ومصادقة الكذاب فإنه كالسراب يقرب إليك البعيد ويبعد عنك القريب
العلم يكسب العالم الطاعة في حياته وجميل الأحدوثة بعد موته
وضيعة المال تزول بزواله
العلم يحرسك وأنت تحرس المال
***رضي الله عن الإمام علي بن أبي طالب وعن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن التابعين***
انـا مسلم
16-04-2015, 12:05 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الزبير بن العوام رضي الله عنه
هذا الصحابي الجليل ابن عمة النبي صلى الله عليه وسلم صفية بنت عبد المطلب .
هو أحد العشرة المبشرين بالجنة الذين ورد ذكرهم في حديث واحد وإلا فإن المبشرين بالجنة عددهم كثير , وهو أحد الستة أصحاب الشورى الذين أمرهم عمر باختيار خليفة بعده , وأول من سل سيفه في سبيل الله .
أسلم وهو في السادسة عشرة من عمره , وصحب رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل الغزوات , فناله من الأذى والتعذيب والاضطهاد على يد عمه الكثير , فهاجر إلي الحبشة وكان يومها في الثامنة عشرة , وظل في جوار النجاشي حتى تعرض النجاشي لمؤامرة للإطاحة به , وخرج الزبير بن العوام وكان صغيرا فنفخوا له قربة ووضعوها غلى صده ثم سبح عليها حتى خرج إلى الناحية الأخرى من النهر التي فيها الواقعة بين النجاشي وعدوه , وكان المسلمون يدعون للنجاشي بالنصر على عدوه , وعاد إليهم الزبير ليبشرهم بهلاك عدو النجاشي وعودته إلي ملكه . وهاجر الهجرة الأخرى إلى المدينة , وفى غزوة بدر قتل عمه نوفل بن خويلد .
شجاعة الزبير
في غزوة أحد رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يقتل المسلمين قتلا عنيفا , فقال للزبير : ((عليك به)) فكان أن اشتبك معه حتى وقعا على الأرض فقتله الزبير . ولما انصرف المشركون يوم أحد رأى النبي صلى الله عليه وسلم أن يتبعهم ببعض المسلمين على آثارهم وحتى يظنوا أن المسلمين قوة كبيرة , فخرج الزبير وأبو بكر الصديق في سبعين نفرا في آثار المشركين , فانصرف المشركون وهم يظنون أن المسلمين يطاردونهم .
غزوة الخندق
ولما كانت غزوة الخندق , روى البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ((من يأتينا بخبر بني قريظة؟)) وكانوا حلفاء المشركين من أهل مكة , فقال الزبير : أنا يا رسول الله ولم يقم غيره , ثم دعا النبي صلى الله عليه وسلم المرة الثانية والثالثة فلم يستجب غيره وذلك من شدة الخوف الذي أصاب المسلمين , فذهب على فرس , فجاءهم بالخبر , فقال صلى الله عليه وسلم : ((لكل نبي حواري , وحواريي الزبير)) .
الحواري: هو الصاحب والناصر , والحواريون هم أنصار سيدنا عيسى عليه السلام .
موقعة يوم حنين
في يوم حنين طارد المشركين حتى أزالهم عن أماكنهم فسأل قائد المشركين عن الفارس الذي يطيح بهم؟ فقالوا له : إنه رجل عاصب رأسه بعصابة حمراء , فقال : إنه الزبير بن العوام , وإنه لن يرجع إلى قومه حتى يقضي علينا , فثبتوا واثبتوا , فكان أن أزاحهم عن أماكنهم .
الزبير وفتح مصر
حين توجه عمرو بن العاص لفتحها كان على رأس جيش به ثلاثة آلاف وخمـسمائة رجل فبعث إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يطلب إليه المدد , فأرسل عمر بن الخطاب الزبير بن العوام على رأس جيش يبلغ أربعة آلاف رجل . وكان على رأسهم من الصحابة المقداد بن الأسود , وعبادة بن الصامت , ومسلمة بن مخلد , وخارجة بن حذافـة , وقال لعمرو : إنني أمدك بأربعة آلاف على رأس كل ألف منهم رجل بألف رجل , وكان الزبير على رأسهم جميعا . فلما وصل الزبير وجد عمرو بن العاص محاصرا حصن بابليون , وطالت فترة الحصار لمدة سبعة أشهر , فركب الزبير حصانه , وطاف حول الحصن .
فقيل له : إن بها الطاعون . فقال : إنما جئنا للطعن والطاعون . وقال لعمرو بن العاص : إنني أهب نفسي لله . ثم وضع سلما وأسنده على الحصن من ناحية إحدى الأسواق ثم صعد وأمرهم إذا سمعوا تكبيره أن يجيبوه , وإن هي إلا دقائق حتى كبر , فأقبل المسلمون يريدون أن يصعدوا على السلم وخاف عمرو أن ينكسر من شدة اندفاعهم عليه ولكن الروم لما رأوا شجاعة العرب , انسحبوا .
زوجة الزبير "السيدة أسماء بنت أبي بكر"
تزوج الزبير بن العوام من السيدة أسماء بنت أبي بكر ((ذات النطاقين)) التي كانت تذهب بالطعام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبيها في الغار . وهى أم عبد الله بن الزبير بن العوام .
مقتل الزبير بن العوام
ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن قاتل الزبير بن العوام في النار (من أهل النار) . فقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان على جبل حراء فتحرك الجبل , فقال صلى الله عليه وسلم :((اسكن حراء , فما عليك إلا نبي وصديق , وشهيد)) . فكان عليه النبي صلى الله عليه وسلم , وأبو بكر , وعمر , وعثمان , وعلي , وطلحة , والزبير , وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه .
وقد قتل رضي الله عنه في نهاية وقعة الجمل .
***رضي الله عن الزبير بن العوام وعن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن التابعين***
انـا مسلم
16-04-2015, 12:06 AM
جعفر بن أبي طالب
أشبهت خلقي، وخلقي
نسبة رضى الله عنه
هو جعفر بن ابي طالب , ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخو على بن أبى طالب لأبويه.
فضائله رضى الله عنه
انظروا جلال شبابه..
انظروا نضارة أهابه..
انظروا أناته وحلمه، حدبه، وبرّه، تواضعه وتقاه..
انظروا شجاعته التي لا تعرف الخوف.. وجوده الذي لايخاف الفقر..
انظروا طهره وعفته..
انظروا صدقه وأمانته...
انظروا فيه كل رائعة من روائع الحسن، والفضيلة، والعظمة، ثم لا تعجبوا، فأنتم أمام أشبه الناس بالرسول خلقا، وخلقا..
أنتم أمام من كنّاه الرسول بـ أبي المساكين..
أنت تجاه من لقبه الرسول بـ ذي الجناحين..
أنتم تلقاء طائر الجنة الغريد، جعفر بن أبي طالب..!! عظيم من عظماء الرعيل الأول الذين أسهموا أعظم اسهام في صوغ ضمير الحياة..!!
جعفر بن أبى طالب خطيب المهاجرين
أقبل على الرسول صلى الله عليه وسلم مسلما، آخذا مكانه العالي بين المؤمنين المبكرين..
وأسلمت معه في نفس اليوم زوجته أسماء بنت عميس..
وحملا نصيبهما من الأذى ومن الاضطهاد في شجاعة وغبطة..
فلما اختار الرسول لأصحابه الهجرة الى الحبشة، خرج جعفر وزوجه حيث لبيا بها سنين عددا، رزقا خلالها بأولادهما الثلاثة محمد، وعبد الله، وعوف...
وفي الحبشة كان جعفر بن أبي طالب المتحدث اللبق، الموفق باسم الاسلام ورسوله..
ذلك أن الله أنعم عليه فيما أنعم، بذكاء القلب، واشراق العقل، وفطنة النفس، وفصاحة اللسان..
ولئن كان يوم مؤتة الذي سيقاتل فيه فيما بعد حتى يستشهد.. أروع أيامه وأمجاده وأخلدها..
فان يوم المحاورة التي أجراها أمام النجاشي بالحبشة، لن يقلّ روعة ولا بهاء، ولا مجدا..
لقد كان يوما فذّا، ومشهدا عجبا..
وذلك أن قريشا لم يهدئ من ثورتها، ولم يذهب من غيظها، ولم يطامن كم أحقادها، هجرة المسلمين الى الحبشة، بل خشيت أن يقوى هناك بأسهم، ويتكاثر طمعهم.. وحتى اذا لم تواتهم فرصة التكاثر والقوّة، فقد عز على كبريائها أن ينجو هؤلاء من نقمتها، ويفلتوا من قبضتها.. يظلوا هناك في مهاجرهم أملا رحبا تهتز له نفس الرسول، وينشرح له صدر الاسلام..
هنالك قرر ساداتها ارسال مبعوثين الى النجاشي يحملان هدايا قريش النفيسة، ويحملان رجاءهما في أن يخرج هؤلاء الذين جاءوا إليها لائذين ومستجيرين...
وكان هذان المبعوثان: عبدالله بن أبي ربيعة، وعمرو بن العاص، وكانا لم يسلما بعد.
كان النجاشي الذي كان يجلس يومئذ على عرش الحبشة، رجلا يحمل إيمانا مستنيرا.. وكان في قرارة نفسه يعتنق مسيحية صافية واعية، بعيدة عن الانحراف، نائية عن التعصب والانغلاق...
وكان ذكره يسبقه.. وسيرته العادلة، تنشر عبيرها في كل مكان تبلغه..
من أجل هذا، اختار الرسول صلى الله عليه وسلم بلاده دار هجرة لأصحابه..
ومن أجل هذا، خافت قريش ألا تبلغ لديه ما تريد فحمّلت مبعوثيها هدايا ضخمة للأساقفة، وكبار رجال الكنيسة هناك، وأوصى زعماء قريش مبعوثيها ألا يقابلا النجاشي حتى يعطيا الهدايا للبطارقة أولا، وحتى يقنعاهم بوجهة نظرهما، ليكونوا لهم عونا عند النجاشي.
وحطّ الرسولان رحالهما بالحبشة، وقابلا بها الزعماء الروحانيين كافة، ونثرا بين أيديهم الهدايا التي حملاها إليهم.. ثم أرسلا للنجاشي هداياه..
ومضيا يوغران صدور القسس والأساقفة ضد المسلمين المهاجرين، ويستنجدان بهم لحمل النجاشي، ويواجهان بين يديه خصوم قريش الذين تلاحقهم بكيدها وأذاها.
وفي وقار مهيب، وتواضع جليل، جلس النجاشي على كرسيه العالي، تحفّ به الأساقفة ورجال الحاشية، وجلس أمامه في البهو الفسيح، المسلمون المهاجرون، تغشاهم سكينة الله، وتظلهم رحمته.. ووقف مبعوثا قريش يكرران الاتهام الذي سبق أن ردّداه أمام النجاشي حين أذن لهم بمقابلة خاصة قبل هذ الاجتماع الحاشد الكبير:
" أيها الملك.. انه قد ضوى لك إلى بلدك غلمان سفهاء، فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دينك، بل جاءوا بدين ابتدعوه، لا نعرفه نحن ولا أنت، وقد بعثنا إليك فيهم أشراف قومهم من آبائهم، أعمامهم، وعشائرهم، لتردّهم إليهم"...
وولّى النجاشي وجهه شطر المسلمين، ملقيا عليهم سؤاله: " ما هذا الدين الذي فارقتم فيه قومكم، واستغنيتم به عن ديننا"..؟؟
ونهض جعفر قائما.. ليؤدي المهمة التي كان المسلمون المهاجرون قد اختاروه لها ابّان تشاورهم، وقبل مجيئهم إلى هذا الاجتماع..
نهض جعفر في تؤدة وجلال، وألقى نظرات محبّة على الملك الذي أحسن جوارهم وقال:" يا أيها الملك.. كنا قوما أهل جاهلية: نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف، حتى بعث الله إلينا رسولا منا، نعرف نسبه وصدقه، وأمانته، وعفافه، فدعانا إلى الله لنوحّده ونعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من الحجارة والأوثان..
وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكفّ عن المحارم والدماء..
ونهانا عن الفواحش، وقول الزور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنات.. فصدّقناه وآمنّا به، واتبعناه على ما جاءه من ربه، فعبدنا الله وحده ولم نشرك به شيئا، وحرّمنا ما حرّم علينا، وأحللنا ما أحلّ لنا، فغدا علينا قومنا، فعذبونا وفتنونا عن ديننا، ليردّونا إلى عبادة الأوثان، والى ما كنّا عليه من الخبائث..
فلما قهرونا، وظلمونا، وضيّقوا علينا، وحالوا بيننا وبين ديننا، خرجنا إلى بلادك ورغبنا في جوارك، ورجونا ألا نظلم عندك"...
ألقى جعفر بهذه الكلمات المسفرة كضوء الفجر، فملأت نفس النجاشي إحساسا وروعة، والتفت إلى جعفر وسأله:" هل معك مما أنزل على رسولكم شيء"..؟
قال جعفر: نعم..
قال النجاشي: فاقرأه علي..
ومضى جعفر يتلو لآيات من سورة مريم، في أداء عذب، وخشوع فبكى النجاشي، وبكى معه أساقفته جميعا..
ولما كفكف دموعه الهاطلة الغزيرة، التفت إلى مبعوثي قريش، وقال: " ان هذا، والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة..انطلقا فلا والله، لا أسلمهم إليكما"..!!
انفضّ الجميع، وقد نصر الله عباده وآزرهم، في حين رزئ مندوبا قريش بهزيمة منكرة..
لكن عمرو بن العاص كان داهية واسع الحيلة، لا يتجرّع الهزيمة، ولا يذعن لليأس..
وهكذا لم يكد يعود مع صاحبه الى نزلهما، حتى ذهب يفكّر ويدبّر، وقال لزميله: " والله لأرجعنّ للنجاشي غدا، ولآتينّه عنهم بما يستأصل خضراءهم"..
وأجابه صاحبه: " لا تفعل، فان لهم أرحاما، وان كانوا قد خالفونا"..
قال عمرو: " والله لأخبرنّه أنهم يزعمون أن عيسى بن مريم عبد، كبقية العباد"..
هذه إذن هي المكيدة الجديدة التي دبّرها مبعوث قريش للمسلمين كي يلجئهم إلى الزاوية الحادة، ويضعهم بين شقّي الرحى، فان هم قالوا عيسى عبد من عباد الله، حرّكوا ضدهم أضغان الملك والأساقفة.. وان هم نفوا عنه البشرية خرجوا عن دينهم...!!
وفي الغداة أغذا السير إلى مقابلة الملك، وقال له عمرو: " أيها الملك: انهم ليقولون في عيسى قولا عظيما".
واضطرب الأساقفة..
واهتاجتهم هذه العبارة القصيرة..
ونادوا بدعوة المسلمين لسؤالهم عن موقف دينهم من المسيح..
وعلم المسلمون بالمؤامرة الجديدة، فجلسوا يتشاورون..
ثم اتفقوا على أن يقولوا الحق الذي يسمعون من نبيهم عليه الصلاة والسلام، لا يحيدون عنه قيد شعرة، وليكن ما يكن..!!
وانعقد الاجتماع من جديد، وبدأ النجاشي الحديث سائلا جعفر:
"ماذا تقولون في عيسى"..؟؟
ونهض جعفر مرة أخرى كالمنار المضيء وقال:" نقول فيه ما جاءنا به نبينا صلى الله عليه وسلم: هو عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه"..
فهتف النجاشي مصدّقا ومعلنا أن هذا هو ما قاله المسيح عن نفسه..
لكنّ صفوف الأساقفة ضجّت بما يسبه النكير..
ومضى النجاشي المستنير المؤمن يتابع حديثه قائلا للمسلمين: " اذهبوا فأنتم آمنون بأرضي، ومن سبّكم أو آذاكم، فعليه غرم ما يفعل"..
ثم التفت صوب حاشيته، وقال وسبّابته تشير الى مبعوثي قريش: " ردّوا عليهما هداياهما، فلا حاجة لي بها...فوالله ما أخذ الله مني الرشوة حين ردّ عليّ ملكي، فآخذ الرشوة فيه"...!!
وخرج مبعوثا قريش مخذولين، حيث وليّا وجهيهما من فورهما شطر مكة عائدين إليها...
وخرج المسلمون بزعامة جعفر ليستأنفوا حياتهم الآمنة في الحبشة، لابثين فيها كما قالوا:" بخير دار.. مع خير جار.." حتى يأذن الله لهم بالعودة إلى رسولهم وإخوانهم وديارهم...
سعادة النبي صلى الله عليه وسلم بقدوم جعفر
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحتفل مع المسلمين بفتح خيبر حين طلع عليهم قادما من الحبشة جعفر بن أبي طالب ومعه من كانوا لا يزالون في الحبشة من المهاجرين..
وأفعم قلب الرسول عليه الصلاة والسلام بمقدمة غبطة، وسعادة وبشرا..
وعانقه النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: " لا أدري بأيهما أنا أسرّ بفتح خيبر.. أم بقدوم جعفر..".
جهاده واستشهاده رضى الله عنه
وكانت غزوة مؤتة التي أسلفنا الحديث عنها، تتحرّك راياتها في الأفق متأهبة للزحف، وللمسير..
ورأى جعفر في هذه الغزوة فرصة العمر، فأما أن يحقق فيها نصرا كبيرا لدين الله، وإما أن يظفر باستشهاد عظيم في سبيل الله..
وتقدّم من رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجوه أن يجعل له في هذه الغزوة مكانا..
كان جعفر يعلم علم اليقين أنها ليست نزهة.. بل ولا حربا صغيرة، إنما هي حرب لم يخض الإسلام منها من قبل.. حرب مع جيوش إمبراطورية عريضة باذخة، تملك من العتاد والأعداد، والخبرة والأموال ما لا قبل للعرب ولا للمسلمين به، ومع هذا طار شوقا إليها، وكان ثالث ثلاثة جعلهم رسول الله قواد الجيش وأمراءه..
وخرج الجيش وخرج جعفر معه..
والتقى الجمعان في يوم رهيب..
وبينما كان من حق جعفر أن تأخذ الرهبة عنده عندما بصر جيش الروم ينتظم مائتي ألف مقاتل، فانه على العكس، أخذته نشوة عارمة إذا أحس في أنفه المؤمن العزيز، واعتداد البطل المقتدر أنه سيقاتل أكفاء له وأندادا..!!
وما كادت الراية توشك على السقوط من يمين زيد بن حارثة، حتى تلقاها جعفر باليمين ومضى يقاتل بها في إقدام خارق.. إقدام رجل لا يبحث عن النصر، بل عن الشهادة...
وتكاثر عليه وحوله مقاتلي الروم، و رأى فرسه تعوق حركته فاقتحم عنها فنزل.. وراح يصوب سيفه ويسدده إلى نحور أعدائه كنقمة القدر.. ولمح واحدا من الأعداء يقترب من فرسه ليعلو ظهرها، فعز عليه أن يمتطي صهوتها هذا الرجس، فبسط نحوها سيفه، وعقرها..!!
وانطلق وسط الصفوف المتكالبة عليه يدمدم كالإعصار، وصوته يتعالى بهذا الزجر المتوهج:
يا حبّذا الجنة واقترابها طيّبة، وبارد شرابها
والروم روم، قد دنا عذابها كافرة بعيدة أنسابها
عليّ إذا لاقيتها ضرابها
وأدرك مقاتلو الروم مقدرة هذا الرجل الذي يقاتل، وكأنه جيش..
وأحاطوا به في إصرار مجنون على قتله.. وحوصر بهم حصارا لا منفذ فيه لنجاة..
وضربوا بالسيوف يمينه، وقبل أن تسقط الراية منها على الأرض تلقاها بشماله.. وضربوها هي الأخرى، فاحتضن الراية بعضديه..
في هذه اللحظة تركّزت كل مسئوليته في ألا يدع راية رسول الله صلى الله عليه وسلم تلامس التراب وهو حيّ..
وحين تكّومت جثته الطاهرة، كانت سارية الراية مغروسة بين عضدي جثمانه، ونادت خفقاتها عبدالله بن رواحة فشق الصفوف كالسهم نحوها، أخذها في قوة، ومضى بها إلى مصير عظيم..!!
وهكذا صنع جعفر لنفسه موتة من أعظم موتات البشر..!!
وهكذا لقي الكبير المتعال، مضمّخا بفدائيته، مدثرا ببطولاته..
حزن النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون على جعفر رضى الله عنه
وأنبأ العليم الخبير رسوله بمصير المعركة، وبمصير جعفر، فاستودعه الله، وبكى..
وقام إلى بيت ابن عمّه، ودعا بأطفاله وبنيه، فقبّلهم، وذرفت عيناه..
ثم عاد إلى مجلسه، وأصحابه حافون به. ووقف شاعر الإسلام حسّان بن ثابت يرثي جعفر ورفاقه:
إلى الموت ميمون النقيبة أزهر غداة مضوا بالمؤمنين يقودهم
أبيّ إذا سيم الظلامة مجسر أغرّ كضوء البدر من آل هاشم
لمعترك فيه القنا يتكسّر فطاعن حتى مال غير موسد
جنان، ومتلف الحدائق أخضر فصار مع المستشهدين ثوابه
وفاء وأمرا حازما حين يأمر وكنّا نرى في جعفر من محمد
دعائم عز لا يزلن ومفخر فما زال في الإسلام من آل هاشم
وينهض بعد حسّان، كعب بن مالك، فيرسل شعره الجزل :
يوما بمؤتة، أسندوا لم ينقلوا وجدا على النفر الذين تتابعوا
وسقى عظامهم الغمام المسبل صلى الإله عليهم من فتية
حذر الردى، ومخافة أن ينكلوا صبروا بمؤتة للإله نفوسهم
قدّام أولهم، فنعم الأول إذ يهتدون بجعفر ولواؤه
حيث التقى وعث الصفوف مجدّل حتى تفرّجت الصفوف وجعفر
والشمس قد كسفت، وكادت تأفل فتغير القمر المنير لفقده
وذهب المساكين جميعهم يبكون أباهم، فقد كان جعفر رضي الله عنه أبا المساكين..
يقول أبو هريرة: " كان خير الناس للمساكين جعفر بن أبي طالب"...
أجل كان أجود الناس بماله وهو حيّ.. فلما جاء أجله أبى الا أن يكون من أجود الشهداء وأكثرهم بذلا لروحه وحيته..
يقول عبد الله بن عمر: " كنت مع جعفر في غزوة مؤتة، فالتمسناه، فوجدناه وبه بضع وتسعون ما بين رمية وطعنة"..!!
بضع وتسعون طعنة سيف ورمية رمح..؟؟!!
ومع هذا، فهل نال القتلة من روحه ومن مصيره منالا..؟؟
أبدا.. وما كانت سيوفهم ورماحهم سوى جسر عبر عليه الشهيد المجيد إلى جوار الله الأعلى الرحيم، حيث نزل في رحابه مكانا عليّا..
انه هنالك في جنان الخلد، يحمل أوسمة المعركة على كل مكان من جسد أنهكته السيوف والرماح..
وان شئتم، فاسمعوا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لقد رأيته في الجنّة.. له جناحان مضرّجان بالدماء.. مصبوغ القوادم"...!!!
انـا مسلم
16-04-2015, 12:06 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عمرو بن الجموح رضي الله عنه
كان عمر بن الجموح سيداً في قومه وكان له قصة غريبة إذ كان يعبد صنماً يسمى "مناف" وكان يحتفظ به في بيته ويوقره ويعظمه. فكان معاذ بن عمرو بن الجموح بعد إسلامه ومعاذ بن جبل يدخلان ليلاً إلى الدار فيأخذان هذا الصنم ويلقيانه في مكان مخلفاتهم منكساً على رأسه, فلما يصبح عمرو يذهب فيأتي به ويغسله ويعطره, وهو يتوعد من فعل به ذلك, وكل ليلة يحدث هذا المشهد. وذات يوم وضع عمرو سيفاً في رقبة صنمه الذي يعبده وقال له:((لأني لا أعلم من يفعل بك هذا, فإن كنت تستطيع الدفاع عن نفسك فهذا السيف معك فافعل)). وبالليل جاء الفتيان فأخذا السيف من عنقه ثم أحضرا كلباً ميتاً فقرنوه به بحبل وألقوه في بئر من الآبار فيها يقضي الناس حاجتهم حيث لم يكونوا قد اتخذ الناس مكانا لقضاء الحاجة في بيوتهم. وفي الصباح قام عمرو يبحث عنه قلما وجده كذلك, علم أنه لا نفع فيه, فأسلم وحسن إسلامه. حين أسلم عمرو وقف يشكر الله على نعمة الإيمان, فأخذ ينظم الشعر فكتب قصائد جميلة في التوبة وطلب العفو والمغفرة من الله تعالى.
يقول عمرو بن الجموح رضي الله عنه
أتوب إلى الله مما مضى *** وأستنقذ الله من ناره
أثني عليـه بنعمائه *** إليه الحـرم وأستاره
فسبحانه عدد الخاطئين *** وقطر السماء ومدراره
هدانـي وقد كنت في ظلمة *** حليف مناة وأحجاره
جهاده رضي الله عنه
في غزوة بدر أراد عمرو أن يشارك فيها فمنعه أولاده لأنه كان شيخاً كبيراً فحزن لذلك حزناً شديداً. ولكن ابنه معاذ بن عمرو كان له موقف عظيم ونال شرفاً عظيماً في ذلك اليوم. هذا لما ضرب معاذ أبا جهل يوم بدر وقطع قدمه, قام ابنه عكرمة فضرب معاذ على يده فقطعها غير أنها ظلت معلقة بجلدها فظل يقاتل ثم وضعها تحت قدميه وطرحها. ولما علم عمرو بن الجموح ببطولة ابنه وشجاعته وبانتصار المؤمنين وقتلهم أبا جهل فرح فرحا عظيماً.
كرمه وجوده
روى البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أشاد بكرم عمرو بن الجموح وسخائه وجوده .
يوم أحد
استشهد عمرو بن الجموح يوم أحد حين أصر على الخروج مع المسلمين في تلك الموقعة, وقد كان له من الأولاد أربعة أبناء يغزون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم, وكان عمرو شديد العرج, وطلب إليه أبناؤه ألا يخرج معهم وهم يقولون له إن الله قد وضع عنك الجهاد, ونحن نكفيك فذهب إلى رسول الله يرجوه ويلح عليه أن يأذن له بالخروج معهم لعله يلقى الله شهيداً. وهكذا خرج عمرو للجهاد وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه في ذلك اليوم:((قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين)) فقام عمرو, وكان يعرج, فقاتل حتى قتل شهيداً هو وابن أخيه ومولى له ومر رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رآه قال له:((كأني أنظر إليك تمشي برجلك هذه صحيحة في الجنة)) .
***رضي الله عن عمرو بن الجموح وعن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن التابعين***
انـا مسلم
16-04-2015, 12:07 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عمير بن وهب رضي الله عنه
عمير بن وهب كان يلقب بــ""شيطان قريش"".
في غزوة بدر, أرسلته قريش يستطلع جيش المسلمين, وهُزم المشركين, ووقع ابنه أسيراً في يد المسلمين .
إسلامه رضي الله عنه
حين يريد الله سبحانه أن يهديَ إنساناً إلى طريق الحق يشرح صدره للإيمان وييسر له أموره. هكذا كان أمر عمير حين جلس مع صفوان بن أمية في الحِجْر فأخذا يتحسران على قتلى المشركين"أصحاب القليب" الذين قتلوا قي بئر قليب واتفقا هو وصفوان على قتل محمد, وعرض عليه صفوان أن يقوم عمير بقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتولى صفوان قضاء دين عمير ورعاية أولاده من بعده. وانطلق عمير متوشحاً سيفه إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن وضع فيه السم, ورآه عمر بن الخطاب رضي الله عنه, فدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبره بمقدم عمير, وهو يقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم:((يا رسول الله, إن عدو الله عمير جاء متوشحاً سيفه)) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((أدخله يا عمر)). فأدخله عمر, ولكن طلب النبي r من بعض أصحابه أن يكونوا على حذر من عمير. بعدما أمسكه عمر من حمالة سيفه, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((أتركه يا عمر)) وقال لعمير:((اقترب ماذا جاء بك؟)). فقال له عمير إنه جاء من أجل الأسير الذي في أيديكم. ولكن رسول اللهصلى الله عليه وسلم أخبره بما دار بينه وبين صفوان من حديث. وقال له :((لقد جئت لتقتلني يا عمير, وهذا كان اتفاقك مع صفوان على أن يرعى هو عيالك, ولكن يا عمير الله حائل بينك وبين ذلك)). هنا صاح عمير:((أشهد إنك لرسول الله, إن ما حدثتني به لم يعرفه إلا أنا وهو فقط, وهذا معناه أن من أخبرك هو الله سبحانه, الحمد لله الذي هداني للإسلام)). أمر رسول الله بمن يعلمه أمور دينه, وإطلاق أسيره. وبعد ذلك حسن إسلام عمير فطلب من رسول الله أن يأذن له أن يدعو الناس في مكة إلى دين الله الحق. فأذن له وأسلم على يديه ناس كثيرون.
عمير وصفوان
الصداقة الحقيقية هي التي يحب فيها الصديق الخير لصديقه, ولذلك كان حال عمير لصفوان أراد له أن يسلم لله رب العالمين, فذهب إليه بعد فتح مكة, لكن صفوان خشي منه على نفسه ففر إلى البحر, فذهب عمير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يطلب الأمان لصديقه صفوان. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:((أدرك ابن عمك يا عمير, فإنه آمن)). وأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم بردائه أماناً لصفوان, ودعاه إلى الإسلام, ولكن صفوان ظل على كفره, وشهد غزوة حنين, والطائف, وكانت زوجته مسلمة. وبعد ذلك أسم صفوان, واكتملت فرحة عمير بإسلام صفوان, وظل عمير يدعو الناس إلى دين الحق حتى وافاه أجله ولقي ربه عز وجل .
***رضي الله عن عمير بن وهب وعن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن التابعين***
انـا مسلم
16-04-2015, 12:08 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
زيد بن ثابت رضي الله عنه
كاتب الوحي وجامع القرآن
إنه كاتب الوحي وأحد من جمع القرآن الكريم. لقد أسلم زيد بن ثابت وهو طفل لم يتجاوز الحادية عشرة بعد. ولقد كان لأمه فضل كبير في دفعه للعلم والتدين والجهاد في سبيل الله. ففي غزوة بدر ذهب إلى رسول الله يرجوه أن يخرج معهم في سبيل الله في تلك الغزوة, فلما أشفق عليه الرسول الكريم لصغر سنه ورده رداً كريما حزن الفتي وحزنت أمه أكثر منه. ومن يومها بدأ الصغير في التفكير للعمل على نصرة دين الحق, وكان الله سبحانه وتعالى قد امتن عليه بنعمة الحفظ الجيد والذاكرة القوية ومحبة العلم. إنه يروى عنه كيف كانت سعادته حين أتى به بعض رجال قومه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبروه أنه قد حفظ سبع عشرة سورة من القرآن الكريم. فعرض عليه النبي صلى الله عليه وسلم أن يتعلم كتاب اليهود "التوراة" فقد قال له الرسول صلى الله عليه وسلم:((يا زيد تعلَّم لي كتاب يهود فإني والله ما آمنهم على كتابي)). فمن تعلَّم لغة قوم أمن شرهم. ويروى أيضاً أنه تعلمه في نحو أسبوعين, وأتقنه تماماً. ثم طلب إليه الرسول صلى الله عليه وسلم أن يتعلم "السريانية" فتعلمها في سبعة عشر يوماً.
الرسول يكلفه بكتابة الوحي
ولما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم براعته وإتقانه في التعلم والحفظ وأمانته ودقته في النقل, مع فهمه لما يقرأ, كلفه صلى الله عليه وسلم بكتابة الوحي الذي يتنزل على الرسول الكريم, وهي مهمة عظيمة وجليلة.
يوم السقيفة
وبعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم اجتمع الناس في سقيفة بني ساعدة, اجتمع المهاجرون والأنصار لاختيار خليفة منهما, فقد قال الأنصار للمهاجرين رجل منا ورجل منكم, ولكن زيد بن ثابت كاتب الوحي قال رأياً سديداً جعل الناس جميعاً ترضى بحكمه, قال رضي الله عنه:((إن رسول الله كان من المهاجرين ونحن أنصاره, وإني أرى أن يكون الإمام من المهاجرين ونحن نكون أيضا أنصاره)) .
جمع القرآن
في معركة اليمامة أثناء حرب الردة قتل عدد كبير من حفظة القرآن . . . بعث إليه خليفة المؤمنين أبو بكر رضي الله عنه وكان عنده عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال له:((يا زيد إن عمر أخبرني أن عدداً كبيراً من حفظة القرآن قد قتلوا وإنه يعرض عليَّ أن نقوم بجمع القرآن, فما رأيك يا زيد؟)). قال زيد:((كيف نفعل شيئاً لم يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم ؟)). ولكن عمر رضي الله عنه ظل يناقش زيداً حتى شرح الله صدره لذلك, فقال مثل مقالة عمر. وهنا أمر أبو بكر بتتبع القرآن وجمعه. ويقول زيد عن ذلك:((فتتبعت القرآن من صدور الرجال)). وظل هكذا حتى جمعه وأودعه عند أبي بكر حتى توفي, فكان عند عمر, ثم عند السيدة حفصة بنت عمر أم المؤمنين رضي الله عنها وعن أبيها .
كتابة المصحف
وكان له دوره أيضا في كتابة المصحف الشريف في عهد عثمان رضي الله عنه. أرسل عثمان رضي الله عنه "أمير المؤمنين" إلى السيدة حفصة بنت عمر يطلب إليها الصحف لينسخها في مصحف, وأمر زيد وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاصي وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف ثم أعاد عثمان رضي الله عنه الصحف إلى السيدة حفصة رضي الله عنها .
شيخ المقرئين
زيد بن ثابت هو شيخ المقرئين, ومفتي المدينة. كان زيد أعلم الناس بعلم المواريث, وقد روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:((أفرض أمتي زيد بن ثابت)) "رواه أحمد والنسائي". قال عنه ابن عباس رضي الله عنهم :((لقد علم الحفَّاظ من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أن زيد بن ثابت من الراسخين في العلم)). لقد أخذ عبد الله بن عباس رضي الله عنهم بركات زيد - قاد له دابته - فقال له زيد:((تنح يا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم)). فقال:((إنا كذلك نفعل بعلمائنا وكبرائنا)). وعند موته قال بن عباس رضي الله عنهم :((لقد دفن اليوم علم كثير)) .
***رضي الله عن زيد بن ثابت وعن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن التابعين***
انـا مسلم
16-04-2015, 12:09 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عمار بن ياسر رضي الله عنه وعن آله
سنتحدث عن عمار بن ياسر وعن آله. الذين قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم :((صبراً آل ياسر, فإن موعدكم الجنة)). وأمه هي أول شهيدة في الإسلام. آل ياسر يا أحبائي هم الذين عُذِّبوا في الله. تبدأ القصة حين قدم من اليمن إلى مكة المكرمة ياسر والد عمار وكان معه أخواه الحارث ومالك, وكانوا يبحثون عن أخ لهم, فلما لم يعثروا عليه عاد الحارث ومالك, وبقي ياسر. وفي هذه البقعة الطاهرة أحس بالسكينة والراحة, فقرر أن يكون مقامه بها, والتقى عمار برجل صالح طيب يسمى أبو حذيفة بن المغيرة, فكفله هذا الرجل الطيب وأحب ياسراً لكريم خصاله وزوجه من أمة"جارية" عنده طيبة المنبت تدعى "سمية" فولدت لياسر عماراً, وأعتقه أبو حذيفة, ثم مات أبو حذيفة .
وتمر الأيام ويكبر عمار. ويسمع عمار عن الدين العظيم دين الحق دين الإسلام, وعن الرسول الكريم الذي حمل الرسالة, فأسرع إلى دار ابن أبي الأرقم ليعلن إسلامه ويلقي بمحمد صلى الله عليه وسلم, وبعد أن شرح الله صدره بالإيمان والإسلام عاد يحث الخطى إلى والده ياسر, ووالدته سمية . . . ودعاها إلى دين الإسلام, فأسلما لله رب العالمين. ولما علمت بنو مخزوم بإسلامهم, وكان عمار مولى بني مخزوم وأمه سمية مولاة بني مخزوم أذاقوهم صنوف العذاب. كانوا يسحبونهم في الشمس المحرقة, ويلبسونهم درعا من حديد, ويمنعون عنهم الماء, ويعذبونهم عذاباً شديداً. وفي كل يوم تتجدد رحلتهم مع العذاب القاسي, وذات يوم مر عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهم:((أبشروا آل ياسر فأن موعدكم الجنة)). هؤلاء هم المسلمون الأوائل الذين نكل بهم ورأوا صنوفاً من العذاب. قام أبا جهل بقتل سمية أم عمار بطريقة وحشية فكانت أول شهيدة في الإسلام, كذلك استشهد والد عمار "ياسر" من قسوة التعذيب. وظل الكفار يعذبون عماراً حتى اضطروه أن يذكر آلهتهم بخير ويذكر محمداً صلى الله عليه وسلم بسوء, وذهب عمار إلى رسول الله وهو حزين يشتكي إليه ما حدث وهو خائف أن يكون إسلامه قد مس بما قال, فقال له رسول الرحمة:((أليس قلبك مطمئن بالإيمان؟)). قال عمار:((بلى, يا رسول الله)) فقال صلى الله عليه وسلم :((فإن عادوا فعد)). قيل إن الآية الجليلة نزلت في عمار بن ياسر .
بسم الله الرحمن الرحيم
(إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان) [ النحل : 106]
وظل هذا العذاب بعمار حتى أذن الله لهم بالهجرة. هاجر عمار فاراً بدينه إلى المدينة المنورة, والتف الأنصار حول المهاجرين فأنسوهم ما لا قوه من العذاب في دين الله , ثم أذن الله لرسوله الكريم بالهجرة إلى المدينة,وأصبح عمار ملازما للرسول صلى الله عليه وسلم . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :((إن الجنة لتشتاق إلى ثلاثة, علي وعمار وسليمان)). سئل عمار يوماً عن الإيمان؟ فقال:((مِن كمال إيمان المرء الإنفاق من الإقتار-من الفقر والحاجة والقلة- والإنصاف من نفسك, وبذل السلام للعالم)). "رواه البخاري وأحمد" .
الاشتراك في الغزوات
اشترك عمار في غزوة بدر, وشارك في كل الغزوات حتى انتقل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى, وكانت حرب الردة. وفي يوم اليمامة كان يقول للمسلمين:((أمن الجنة تفرون؟, أنا عمار بن ياسر هلموا إليَّ)) وهو يقاتل.
عمر يولي عماراً الكوفة
وفي خلافة عمر رضي الله عنه, أرسل عمار بن ياسر أميراً إلى أهل الكوفة, وابن مسعود معلماً ووزيراً, وكتب لهم كتاباً قال فيه:((إنهما من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم , من أهل بدر فاسمعوا لهما وأطيعوا واقتدوا بهما)) .
وقتل عما بن ياسر يوم صفين- معركة كانت بين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وبين معاوية رضي الله عنه - وحمله الإمام علي رضي الله عنه فوق صدره وصلى عليه والمسلمون معه, ثم دفنه في ثيابه. كان يقول يوم قتله:((اليوم ألقى الأحبة محمداً وصحبه)) .
***رضي الله عن عمار بن ياسر وعن آل ياسر وعن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن التابعين***
انـا مسلم
16-04-2015, 12:09 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عبد الله بن مسعود رضي الله عنه
عبد الله بن مسعود فقيه أمة الإسلام من السابقين الأولين إلى الإسلام, هاجر الهجرتين إلى الحبشة وإلى المدينة وشهد بدراً وهو من رواة الأحاديث. عبد الله بن مسعود هو سادس من أسلموا .
إسلامه
كان من أجود الناس ثوباً وأطيبهم رائحة, وقصة إسلامه أنه كان يرعى أغنام سيد من سادات قريش, وذات يوم مر به رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر الصديق رضي الله عنه فقال:((يا غلام هل من لبن؟)). فقال بن مسعود:((نعم, ولكني مؤتمن على ما معي)). فقال صلى الله عليه وسلم :((فهل معك شاة لا تدر لبناً؟)). قال ابن مسعود:((فأعطيته إحداها فمسح ضرعها فنزل اللبن فحلب في إناء فشرب وسقى أبا بكر)). ثم قال للضرع:((أمسك عن إنزال اللبن)). فأمسك. فأسلم لما عرف أن هذا لا يصدر إلا عن نبي, وجعل نفسه في خدمة النبي صلى الله عليه وسلم.
جهره بالقرآن
إن عبد الله بن مسعود أول من جهر بالقرآن الكريم بعد الرسول صلى الله عليه وسلم بمكة. ذلك حين اجتمع بعض أصحاب النبي وقالوا:((نريد أن نسمع قريشاً القرآن)). فقال عبد الله بن مسعود:((أنا الذي سوف يجهر بالقرآن)). فقالوا له:((أننا نخشى عليك منهم)). فقال:((إن الله سيمنعني)). فقام ابن مسعود في ضحى اليوم التالي وقريش مجتمعة في نواديها وأخذ يقرأ سورة الرحمن رافعا بها صوته, فقاموا إليه يضربونه على وجهه. وكان عبد الله بن مسعود من المقربين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. شهد ابن مسعود المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولقد أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس أن يتعلموا القرآن من عبد الله بن مسعود فقال:(( تعلموا القرآن من ابن أم عبد)). وهو بن مسعود. قال عبد الله بن مسعود:((والله الذي لا إله غيره ما أنزلت سورة من كتاب الله إلا أنا أعلم أين أنزلت ولا أنزلت آية من كتاب الله إلا أنا أعلم فيمن أنزلت ولو أعلم أحداً أعلم مني بكتاب الله تبلغه الإبل لركبت إليه)) "البخاري" .
الرسول يحب سماع القرآن من ابن مسعود
روى مسلم عن عبد الله بن مسعود أنه قال:((قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم :"اقرأ علي القرآن" قلت:"يا رسول الله, أقرأ عليك وعليك أُنزل؟" قال:"إني أشتهي أن أسمعه من غيري" فقرأت عليه سورة النساء حتى بلغت:"فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً" [ النساء: 41] فقال:"حسبك"(أي كفى) فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان)). كان ابن مسعود يقتني سواكاً من الأراك, وكان صغير الساقين, فجعلت الريح تكفؤه فضحك القوم منه. فقال رسوا الله صلى الله عليه وسلم:((مم تضحكون؟)). فقالوا:((يا نبي الله من دقة ساقيه)). فقال: ((والذي نفسي بيده لهما أثقل في الميزان من أُحد)) أي من جبل أحد. أي في ميزان حسناته يوم القيامة. كان ابن مسعود ملازماً للنبي صلى الله عليه وسلم حتى توفاه الرحمن, فحزن عليه ابن مسعود حزناً عظيماً .
الفاروق عمر وابن مسعود
بعث أمير المؤمنين عمر الفاروق عمر رضي الله عنه لأهل الكوفة عماراً أميراً, وابن مسعود وزيراً ومعلماً, وأنه كتب إليهم يقول لهم:((إن عمار وابن مسعود من أهل بدر, ومن خير أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فاسمعوا لهما واقتدوا بهما)), وإنه قال في آخر رسالته إلى أهل الكوفة:((والله لقد آثرتكم بعبد الله بن مسعود على نفسي)) .
خوفه وتواضعه
والأحاديث كثيرة أيضاً في خوفه من الله جل علاه. ومن تواضعه أنه خرج ذات يوم فأتبعه ناس, فقال لهم:((ألكم حاجة؟)), فقالوا:((لا, ولكننا نريد أن نسير معك)), فقال لهم:((ارجعوا فإن ذلك ذلة للتابع وفتنة للمتبوع)) وقد روى قيس بن جبيـر عنه قال عبد الله:((حبذا"أي نِعْمَ" المكروهان الموت والفقر و أيم الله إن هو إلا الغنى والفقر وما أبالي بأيهما بليت إن حق الله في كل واحد منهما واجب وإن كان الغني إن فيه للعطف على المساكين وإن كان الفقر إن فيه للصبر)) .
من أقواله المأثورة
كانت تجري الحكمة على لسانه. ومن ذلك أنه قال:((ليس العلم بكثرة الرواية ولكن العلم الخشية لله)), وقد أتاه رجل فقال له:((علمني يا ابن مسعود كلمات لكن جوامع نوافع)), فقال ابن مسعود:((لا تشرك بالله شيئا, ومن جاءك بالحق فاقبل منه وإن كان بعيداً بغيضاً, ومن جاءك بالباطل فاردده عليه وإن كان حبيباً قريباً)) .
ابن مسعود يتحدث عن فضيلة الصمت
قال أيضا:((والله الذي لا إله سواه ما على الأرض شيء أحوج إلى طول سجن من اللسان)), وقال له رجل:((أوصني يا ابن مسعود)), فقال:((فليسعك بيتك, واكفف لسانك وابك على ذكر خطيئتك)), وعنه أيضا أنه قال:((ارض بما قسم الله تكن من أغنى الناس, واجتنب المحارم تكن من أورع الناس وأد ما افترض عليك تكن من أعبد الناس)). من زرع خيراً يوشك أن يحصد رغبة ومن زرع شراً يوشك أن يحصد ندامة ولكل زارع ما زرع لا يسبق بطئ بحظه ولا يدرك حريص ما لم يُقَدَّر له فمن أعطى خيراً فالله أعطاه ومن وُقي شراً فالله وقاه المتقون سادة والفقهاء قادة ومجالستهم زيادة .
وفاته
وحين مرض عبد الله مرض الموت عاده "زاره" عثمان رضي الله عنه . وسأله:((مم تشتكي يا عبد الله؟)) قال:((ذنوبي)) قال عثمان:((فما تشتهي؟)) قال عبد الله:((رحمة ربي)) قال:((ألا آمر لك بطبيب؟)) قال عبد الله:((الطبيب أمرضني)) قال:((ألا آمر لك بعطاء؟)) قال:((لا حاجة لي فيهم)) "من سير أعلام النبلاء" .
***رضي الله عن عبد الله بن مسعود وعن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن التابعين***
انـا مسلم
16-04-2015, 12:10 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنس بن مالك رضي الله عنه
لقد عاش في خدمة النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنوات كانت أجمل سنوات عمره. أنس هو الإمام والمقرئ والمحدِّث وراوي أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ,كما أنه روى أيضا عن أبي بكر الصديق, وعمر, وعثمان بن عفان, ومعاذ بن جبل, وأُسَيْد بن الحُضَيْر, وأبي طلحة. كانت أمه "أم سُلَيم" الغميصاء التي أسلمت ومات زوجها مالك على دين الشرك, أنها ربت ابنها على حب الإسلام ورسوله الكريم ولما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة مهاجراً, ذهبت به أمه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعرضت عليه أن يكون ابنها في خدمته وطلبت إليه أن يدعو له . . فدعا له, وقال صلى الله عليه وسلم:((اللهم أكثر ماله وولده)). وقال أنس:((فو الله إن مالي لكثير, وإن ولدي وولد ولدي يتعادون على نحو مئة اليوم)) "رواه مسلم" . وتعلم أنس من الرسول الكريم الكثير وهديه وشمائله النبيلة, وكان أنس كثيراً ما كان يصف للناس أخلاق محمد صلى الله عليه وسلم التي امتدحها به رب العالمين. فقال:
بسم الله الرحمن الرحيم
(وإنك لعلى خلق عظيم) [ القلم : 4 ]
راوي أحاديث النبي عليه الصلاة والسلام
وفد روى أنس فقال:((والله لقد خدمته تسع سنوات ما علمته قال لشيء فعلته لم فعلت كذا أو كذا, أو لشيء تركته لما فعلت كذا)) "رواه مسلم" .وأنس بن مالك صحب النبي صلى الله عليه وسلم وشارك في الغزوات.
أنس والمبايعة للنبي عليه الصلاة والسلام تحت الشجرة
وكان من الذين بايعوه تحت الشجرة. ولما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم حزن أنس حزناً عظيماً. وعاش أنس بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم أكثر من ثمانين عاماً. وكان الناس يطلبون منه أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم, ويتعلمون منه, ويرجعون إليه في أمور دينهم .
يختم القرآن ويدعوا لأولاده
هن ثابت قال:((كان أنس إذا ختم القرآن جمع ولده وأهل بيته ودعا لهم)). وبعد حياة طويلة حافة بالعلم والعطاء ونعيم قربه من الرسول صلى الله عليه وسلم مات أنس بن مالك رضي الله عنه, خادم الرسول صلى الله عليه وسلم, وراوي الأحاديث النبوية الشريفة .
***رضي الله عن أنس بن مالك وعن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن التابعين***
انـا مسلم
16-04-2015, 12:11 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أبو هريرة رضي الله عنه
كان يسمى في الجاهلية "عبد شمس" فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله وقيل عبد الرحمن بن صخر .
سبب تسميته بأبي هريرة
أتعلمون لماذا سمي أبو هريرة بهذا الاسم؟ لقد سأله أحدهم عن سبب كنيته هذه, فقال:((كانت له هريرة "قطة صغيرة" تلازمه في كل مكان وكل حين فاشتهر بذلك)) .
إسلامه
أسلم وشهد خيبر ومنذ إسلامه لم يفارق رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع سنوات وأصبح من أكثر الصحابة رواية لأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم تفرغ للعلم ومرافقة النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكن ذا مال أو تجارة وكثيراً ما كان يعاني الجوع .
أسعد الناس بشفاعة صلى الله عليه وسلم
روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم :((مَن أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟)). قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((لقد ظننت يا أبا هريرة أن لا يسألني عن هذا الحديث أحد أولى منك, لما رأيت من حرصك على الحديث, أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة مَن قال"لا إله إلا الله خالصاً من قلبه أو نفسه")) "رواه البخاري"
أحفظ الناس للحديث
وروى البخاري أيضاً عن أبي هريرة خوفه من نسيان الأحاديث التي يسمعها منه r, فقال له صلى الله عليه وسلم:((أبسط رداءك)) فلما بسطه قال أبو هريرة :((غرف بيديه الشريفتين)) ثم قال لأبي هريرة:((ضمه)) فضمه فما نسي بعدها أبداً حديث سمعه . لقد دعا أبو هريرة يوماً أمام النبي صلى الله عليه وسلم فقال:((اللهم إني أسألك علماً لا يُنسى)) فقال النبي:((آمين)) "رواه النسائي"
بر أبي هريرة بأمه
كانت أم أبي هريرة مشركة وكثيراً ما دعاها ابنها إلى دين الحق ولكنها كانت تأبى. وذات يوم جاء أبو هريرة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وقال له:((ادعوا لأمي يا رسول الله أن تسلم فإني والله أحبها وأخشى عليها عذاب الله لشركها بالله جل جلاله)). فقال صلى الله عليه وسلم :((اللهم اهد أم أبي هريرة)). وخرج أبو هريرة فرحاً بدعوة النبي صلى الله عليه وسلم فلما وصل إليها فوجد أمه تبادره بشهادة الحق فتقول:((لقد منَّ الله عليَّ فأسلمت يا ولدي وآمنت به جل علاه)) .
عتقه الجارية ابتغاء الأجر من الله
كان لا ينظر الأجر والثواب إلا من الله سبحانه وقد كانت عنده جارية زنجية فأساءت إليه وهمَّ بضربها بالسوط ولكنه تذكر الله سبحانه فقال لها:((كففت عنك وبعتك لمن سوف يعطيني حقك وأنا أحوج ما أكون إليه اذهبي أنت حرة لوجه الله)) .
الولاية وأبو هريرة
كان أبو هريرة زاهداً وطالباً للعلم فلما ولي الإمارة قبلها على كره ومضض ولاه عمر رضي الله عنه على البحرين ثم دعاه ليوليه مرة ثانية فرفض العمل, فقال له عمر:((تكره العمل وقد طلب العمل ممن كان خيراً منك يوسف عليه السلام؟)) فقال أبو هريرة:((يوسف الصدِّيق عليه السلام كان نبي بن نبي بن نبي أما أنا فإني أخشى أن أقول بغير علم وأقضي بغير حلم)) .
روح الدعابة عند أبي هريرة
رغم عكوف أبي هريرة على العلم ورواية الحديث الشريف إلا أنه كان يتمتع بروح المرح من خفة الروح. فقد روي أنه لما كان واليا للمدينة مر ذات يوم وكان قد ولاه عليها معاوية بن أبي سفيان فرأى أحدهم فقال له:((افسح الطريق يا ابن مالك لكي يمر أبو هريرة وللحزمة التي فوق ظهره)) .
***رضي الله عن أبي هريرة وعن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن التابعين***
انـا مسلم
16-04-2015, 12:12 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
(سيف الله المسلول)
خالد بن الوليد رضي الله عنه
إنه خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي ولقد كانت له مكانة كبيرة في قومه قبل إسلامه أيضاَ لأن قريش كانت توزع الوظائف فكان الوليد بن المغيرة والد خالد له وظيفة تسمى القبة وهي خيمة تضرب ويجمع فيها كل ما يجهز الجيش من زاد وعتاد. فتولاها خالد وراثة عن أبيه , فكان أن تمرس وبرع في فنون الحرب وأساليبها فكان هو القائد العبقري الذي بهر العالم بخططه العسكرية البارعة, وقد كان إسلامه بعد أن حارب يوم أُحد ضد المسلمين وألحق بهم هزيمة .
إسلامه
إنه كثيرا ما كان يخلو إلى نفسه فيتفكر في الدين ولما أسلم شقيقه سأله رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خالد وأنه يأمل في إسلامه. . . , فأرسل إلى شقيقه رسالة يحثه على دين الحق فكان أن فتح الله عليه بالإيمان والإسلام. وقد أسلم هو وعمرو بن العاص حين لقيه عمرو فقال له:((إني ذاهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه والله لنبي وإن الدين الذي بُعث به هو الحق فهيا معي يا خالد لنسلم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم)). فقال له خالد:((إنني ما قدمت إلا لأسلم أنا أيضاً)). وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((اللهم اغفر لخالد بن الوليد كل ما كان منه من صد عن سبيلك قبل إسلامه)).
تسميته سيف الله المسلول
وقي غزوة مؤتة بعد إسلام خالد خرج جيش المسلمين وفيهم زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة القادة الثلاثة ومعهم خالد, وكان قائد الجيش زيد بن حارثة فلما استشهد وتولى قيادة الجيش جعفر بن أبي طالب فاستشهد فتولى القيادة عبد الله بن رواحة فاستشهد في بطولة نادرة. وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أثناء ذلك في صلاته فصعد المنبر ونودي للصلاة فاجتمع الناس فقال صلى الله عليه وسلم للناس:((إن جيشكم الغازي لأرض الشام أصيب زيد واستشهد فاستغفروا له)) فاستغفروا الناس,((ثم أخذ اللواء جعفر حتى استشهد فاستغفروا له)) فاستغفر الناس,((وحمل الراية عبد الله بن رواحة فاستشهد فاستغفروا له)) فاستغفر الناس,((ثم أخذها خالد بن الوليد ولم يكن من الأمراء)) ورفع صلى الله عليه وسلم إصبعه وقال:((اللهم إنه سيف من سيوفك فانصره)). منذ ذلك اليوم سمي خالد"سيف الله المسلول" .
وانطلق خالد في هذه الموقعة فنظم صفوف جيشه وأبلى بلاء حسناً في جيش الروم وكان جيش خالد فليل العدد وجيش الروم كثير كان عدد المسلمين ثلاثة ألاف مسلم بينما كان جيش الأعداء مائتي ألف مقاتل, وقد رسم ابن الوليد خطة عبقرية فقام بالانسحاب ثم قام بتبديل في الميمنة والميسرة والقلب من الجيش في ظلام الليل وأمرهم أن يكبروا بأصوات عالية ويحدثوا أصواتاً حتى يدخل في روع جيش الأعداء أن مدداً جديداً وكبيراً قد قدم لجيش المسلمين وكان لهذه الخطة وهذا التغيير أثره في تغيير مسار المعركة وضعف الروح المعنوية في جيش الروم. ثم انسحب خالد في براعة وأحكام وأنقذ جيش المسلمين من أعدائه.
فتح مكة وخالد بن الوليد
في عام فتح مكة جعل الرسولصلى الله عليه وسلم خالداً على ميمنة جيش المسلمين أميراً وكان في مقدمة جيش النبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين .
حرب الردة
وبعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ارتد معظم العرب ومنعوا الزكاة وقام بعض الناس بادعاء النبوة "طليحة الأسدي, ومسيلمة الكذاب, وسجاح التميمية, والأسود العنسي" وخرج خالد بن الوليد لمحاربة مسيلمة الكذاب وطليحة ففر طليحة فعاد بني أسد إلى الإسلام وقتل مسيلمة الكذاب وانهزم بنو حنيفة هزيمة عنيفة وقد كان جيش المسلمين ثلاثة عشر ألف مسلم بينما كان رجال مسيلمة حوالي أربعين ألف مقاتل .
خالد وهرمز
أرسل الخليفة أبا بكر الصديق رضي الله عنه خالداً إلى العراق فكان إن جهز الفرس جيشاً بقيادة قائد يجمع بين المكر والخبث هو هرمز, وحين التقى الجيشان بعدما أعد لها هرمز جيداً وحفر الخنادق في بلدة تسمى كاظمة ولكن خالد القائد الخبير تخطى كاظمة واتجه إلى الحفير شمال كاظمة وغربي الأبلَّة فلما لم يجده هرمز في كاظمة انتظره في منطقة تسمى الحفير وأمر جيشه يحفر الخنادق في ذلك الوقت عاد خالد إلى المنطقة الأولى التي تسمى كاظمة وأسرع هرمز بجيشه إلى كاظمة والتقى الجيشان صاح هرمز داعياً خالداً إلى المبارزة, فرج عليه خالد وانقض عليه كما ينقض القط على الفأر وقتله وهزم المسلمون الفرس وأخذ سيف الله يفتح بلاد العراق ويهزم الجيوش ثم حاصر الحيرة وفتحها .
أبو بكر يرسله إلى الشام
وبعد ذلك أرسل أبو بكر الصديق إلى خالد يأمره بالسير إلى الشام لنجدة جيوش المسلمين بقيادة أبي عبيدة بن الجراح وعمرو بن العاص ويزيد بن أبي سفيان . . . فاجتمعت الجيوش في اليرموك, وأعاد خالد تعبئة جيش المسلمين بخططه العسكرية البارعة وكان المسلمون يتعجبون من كثرة أعداد جيوش الروم. وصاح فيهم خالد:((ما أقل الروم وأكثر المسلمين إنما النصر من عند الله)) .
إسلام ابن تيودورا
وكان فرس خالد يسمى الأشقر فأخذ بزمام فرسه وصاح :((الله . . . الله . . . هبي يا رياح الجنة النصر أو الشهادة)). وفي هذه الموقعة كان قائد الروم يسمى "جرجه بن تيودورا" نادى على خالد وقد أعجب بعبقريته في الحرب وقال له:((أصدقني القول أيها القائد العربي إن الحر لا يكذب هل أنزل الله على نبيكم سيفاً من السماء فأعطاك إياه فبه تهزم من تواجه؟)) فقال خالد:((لا والله إنما هو الإيمان بالله)) فقال ابن تيودورا:((فلماذا وكيف سميت بسيف الله؟)) فرد خالد:((ألا فاعلم أن الله حين أرسل رسوله بالهدى ودين الحق كنت من أشد الناس عداء للمسلمين حتى هداني الله فبايعته وتبعته فدعا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال"يا خالد أنت سيف من سيوف الله")) ولكن قائد الروم ابن تيودورا سأل خالداً بعد ذلك هل من يدخل الإسلام بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم هل له مثل ما كان للصحابة من الأجر والثواب؟ فقال خالد:((نعم وأفضل)) فقال القائد الروماني:((كيف وأنتم السابقون؟)) فقال خالد:((إن من يدخل الإسلام ولم ير نبي الرحمة ويؤمن بالغيب فإن أجره أكبر وأجزل إذا صدقت نواياه وحسن إسلامه)) فصاح جرجه بن تيودورا وهو يتجه بفرسه لينضم إلى جيش المسلمين بجوار خالد:((علمني الإسلام)) ثم نطق الشهادتين وصلى ركعتين لله ودارت معركة كبيرة استشهد فيها "ابن تيودورا" بعد إسلامه . . . وانتصر المسلمون .
وفاة خالد
لقد مات هذا البطل الشجاع على فراشه وكان يود لو أنه قتل في ميدان القتال شهيداً وقد قال وهو يموت:((لقد شهدت مائة ألف زحف وما في موضع جسدي إلا وفيه ضربة سيف أو طعنة رمح أو رمية سهم ولكني أموت اليوم على فراشي حتف أنفي كما يموت البعير فلا نامت أعين الجبناء)) .
وهكذا مات خالد بن الوليد ولم يترك إلا فرسه وسلاحه وقلنسوته التي كان بها بعض شعر من شعر النبي صلى الله عليه وسلم .
***رضي الله عن خالد بن الوليد وعن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن التابعين***
انـا مسلم
16-04-2015, 12:12 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سلمان الفارسي رضي الله عنه
سلمان الفارسي . . . الصحابي الجليل الذي قال عنه صلى الله عليه وسلم :((سلمان منا أهل البيت)) هو سلمان الخير الذي ضحى بماله ووقع في الأسر وأصبح عبداً مملوكاً وظل يبحث عن الدين الحق حتى هداه الله إلى الإسلام .
مولده في بلاد فارس
ولد سلمان رضي الله عنه في أصبهان من بلاد الفرس في قرية تسمى"جي" وكان أبوه دهقان "الرئيس الديني" لتلك القرية فحبسه حتى يتعلم رعاية النار المقدسة التي كان الفرس يعبدونها .
قصة إسلامه
عقل يفكر في إله الكون
سبحان الله كان سلمان مجوسياً يعبد النار؟ ولكن سلمان لم يكن مقتنعاً بدين أبيه كان يؤمن بأن للكون إلهاً عظيماً ينبغي أن تكون الصلاة والعبادة له وحده . وذات صباح كلفه أبوه بالذهاب إلى ضيعة لهم اشتراها بعيدة بعض الشيء عن دارهم وتفقد أحوال العمل فيها وإحضار بعض الفاكهة منها وأثناء سيره مر على إحدى الكنائس ورأى النصارى يصلون وسمع أصواتهم يدعون الله فدخل الكنيسة لينظر الأمر فأعجبته صلاتهم وقال لنفسه:((إن هذا الدين خير من الدين الذي نحن عليه)) وظل مع النصارى يومه كله يسألهم عن دينهم وكيفية الدخول في هذا الدين فأخبروه أن يذهب إلى الشام لمقابلة القساوسة وتلقي الدين على أيديهم . . . وبعد غروب الشمس خرج سلمان من الكنيسة متوجهاً إلى داره دون أن يذهب إلى الضيعة وأخبر أباه بما كان من أمر النصارى وأنه يريد أن يدخل في هذا الدين الذي هو خير من عبادة النار التي لا تملك أمر نفسها فحبسه أبوه وقيده .
فراره إلى الشام
واستطاع سلمان أن يفك قيده ويهرب مع إحدى القوافل المتوجهة إلى الشام بعد ما أنهت عملها ووصل سلمان إلى الشام وسأل من أفضل أهل هذا الدين؟ فقيل له:((هذا الأسقف الذي في الكنيسة)) فأسرع إليه وطلب منه أن يعلمه أمور هذا الدين وعاش سلمان في الكنيسة مع الأسقف .
سلمان يدخل النصرانية
وفي كل زمان ومكان يوجد من يتاجر بالدين يتخذه ستاراً لأغراضه الدنيوية. كان رجل الدين الذي التقى به سلمان يأخذ الصدقات لنفسه ولا يعطيها للفقراء. ولما رأى سلمان منه ذلك أبغضه بغضاً شديداً وقال لنفسه:((إن ما يفعله هذا الأسقف ليس من الدين الذي يأمر الناس بالمعروف وإعطاء الفقراء الصدقات والعطف على المساكين)) ولكنه ظل في الكنيسة معه فترة حتى مات الأسقف فلما اجتمع النصارى ليدفنوه أخبرهم بما كان يفعله هذا الأسقف وأراهم موضع الأموال والذهب والفضة التي كانت تأتيه صدقات فيكنزها لنفسه, واجتمع النصارى فاختاروا لهم أسقفاً جديداً فكان رجلاً ورعاً طيباً يخاف الله ويعطي كل ذي حق حقه . . . وظل مع ذلك الأسقف المتدين حتى جاءه أجله فقال له سلمان:((بماذا توصيني أن أعمل بعدك؟)) فأوصاه أن يذهب إلى رجل دين بالموصل ورع وطيب ليعيش معه فذهب إليه سلمان والتقى به فوجده طيباً ورعاً فأقام معه, وحين حضرته الوفاة طلب إليه سلمان أن يوصيه ويخبره أين يذهب؟ فقال له:((اذهب إلى نصيبين فهناك تجد رجل دين ورعاً))وذهب سلمان إلى نصيبين والتقى بهذا القس وعاش معه متديناً حتى حضرت ذلك الرجل الوفاة فقال له:((أيها القس بماذا تأمرني وتوصيني أن أعمل الآن؟)) فقال له القس:((اذهب إلى عامورية ستجد قساً ورعاً)) وذهب إلى عامورية وعاش مع القس الصالح وحين حضرته الوفاة سأله سلمان ماذا يفعل بعده؟ فقال له:((إني يا بني لا أعرف أحداً على مثل ما نحن عليه ولكن أعلم وأجد في الكتب عندنا أنه بأرض العرب سوف يخرج نبي من بني إسماعيل مبعوث على دين إبراهيم عليهما الصلاة والسلام وهذا النبي سوف يخرجه قومه من أرضه مهاجراً إلى أرض بين حرتين بينهما نخل به علامات لا تخفى يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة وبين كتفيه خاتم النبوة فإن استطعت أن تلحق بهذه البلاد فافعل)), ومات الرجل ودفن وخرج سلمان يبحث عن النبي المنتظر(رسول الله صلى الله عليه وسلم ) وبينما هو في الطريق إذ خرج عليه نفر كانوا في تجارة لهم فطلب إليهم أن يحملوه معهم إلى بلاد العرب ويعطيهم ما معه من بقرات وغنيماته ولكنهم حين وصلوا إلى وادي القرى باعوه إلى رجل من اليهود فأصبح سلمان عبداً مملوكاً لهذا التاجر اليهودي .
سلمان يدخل المدينة عبداً مملوكاً
لقد تألم سلمان لكونه أصبح عبداً مملوكاً لهذا التاجر اليهودي ولكنه حين نظر حوله ووجد النخيل تفاءل واستبشر خيراً بأن تكون هذه البلدة هي التي سيهاجر إليها النبي المنتظر, ثم باع التاجر اليهودي سلمان إلى قريب له يعيش في يثرب وهكذا دخل سلمان المدينة المنورة عبداً مملوكاً لهذا التاجر اليهودي الجديد وهو من بني قريظة ويعيش في المدينة, ولم يخفف عن سلمان وقع الرق والعبودية إلا وجوده في هذه المدينة التي كان يعلم أنها مدينة النبي المنتظر كما وصفها له الأسقف النصراني .
هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم
وبُعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بدين الحق في مكة أم القرى واضطهدته قريش وأخرجته مهاجراً إلى المدينة فسمع به سليمان, وذات صباح وبينما كان سلمان يعمل في حديقة اليهودي حين حضر إليه قريب له فأخذ يقص عليه قصة الرجل الذي تجتمع إليه الناس في قباء ويزعمون أنه نبي, فما أن سمع سلمان ذلك حتى انتفض بدنه بشدة حتى ظن أنه سوف يقع على سيده . . . ونزل من على النخلة وأخذ يستفسر عن ذلك النبي المنتظر فغضب منه سيده فلكمه لكمة شديدة. ولكن سلمان أخذ بعض العنب وذهب به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .
لقاء سلمان بالنبي صلى الله عليه وسلم
حدَّثَ سلمان نفسه لا بد وأنه الرسول المنتظر ومن علاماته التي يعرفها سلمان جيداً أنه لا يأكل الصدقة فلينظر ماذا سيفعل. وقال سلمان لرسول الله صلى الله عليه وسلم :((لقد بلغني أنك رجل صالح وأنك ومن معك غرباء هنا ومعي طعام كنت قد خرجت به للصدقة ورأيت أن أعطيه لكم لأنكم عابري سبيل)) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه:((كلوا منه)) وأمسك يده فلم يتناول منه شيئاً, فقال سلمان لنفسه:((هذه أولى العلامات التي حدثني عنها القس الطيب)) ثم دخل الرسول صلى الله عليه وسلم المدينة "التي كانت تسمى يثرب" فأسرع إليه سلمان بهدية وقدمها إليه وهو يقول له:((إنها هدية لك لأني رأيتك لا تأكل من الصدقات)) فأكل منها رسول الله صلى الله عليه وسلم و أكل أصحابه معه, فقال سلمان لنفسه:((هذه العلامة الثانية والله)). وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي على جنازة فتحول سلمان إلى ظهره ليرى خاتم النبوة فألقى رسول الله صلى الله عليه وسلم رداءه عن ظهره فنظر سلمان فرأى الخاتم, فأخذ يقَــبِّل رسول الله صلى الله عليه وسلم ويبكي فأمسك به رسول الله صلى الله عليه وسلم, وسأله عن قصته فقص عليه سلمان حكايته كاملة .
سلمان يكاتب على عتقه
ولكن سلمان ظل عبداً عند اليهودي ففاتته غزوة بدر وغزوة أُحد, حين اشتد على سلمان الرق جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم معتذراً عن عدم قدرته في المشاركة في الغزوات وألمه لتخلفه عنه لأنه عبد مملوك لا يملك أمره. هنا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :((كاتب اليهودي على ثلاثمائة نخلة وأربعين أوقية من الفضة)) والتفت إلى أصحابه وقال لهم:((أعينوا أخاكم جزاكم الله خيراً)) فجمعوا له ثلاثمائة ودية"هي الفسيلة الصغيرة التي تكبر فتصير نخلة بعد أن تنزع من أمها" ثم أمره صلى الله عليه وسلم أن يرجع إلى اليهودي فيحفر لها بأرضه وسوف يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم ويضعها بيديه الشريفـتين وبقي المال فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل البيضة ذهباً فأدى بها ما عليه من مال . . . وهكذا تحرر سلمان من العبودية .
غزوة الخندق
كان سلمان الفارسي هو صاحب فكرة الخندق في تلك الغزوة الشهيرة باسم الخندق والأحزاب, خرجت اليهود تحرض قريش على غزو رسول الله صلى الله عليه وسلم, وتعدهم بالوقوف معهم ضد المسلمين ثم ذهبوا إلى إلى غطفان فدعوهم وفعلوا ذلك مع باقي قبائل العرب فاستجاب منهم بعضهم فخرجت قريش في أربعة آلاف مقاتل وتبعهم بنو سليم وبنو أسد وفزارة وأشجع وبنو مرة وغطفان وكان مجموعهم عشرة آلاف .
فكرة حفر الخندق
وجمع النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه يشاورهم في غدر يهود بني قريظة بهم فأشار عليهم سلمان الفارسي بحفر الخندق, فقام أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بحفر الخندق وشاركهم رسول الله r في العمل بيديه الشريفـتين .
مكانة سلمان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم
أثناء حفر الخندق كان سلمان يعمل مع المهاجرين والأنصار في حفره فقالت الأنصار:((إن سلمان منا نحن الأنصار)) وقال المهاجرين:((بل سلمان منا نحن المهاجرين)) فقال صلى الله عليه وسلم:((سلمان منا أهل البيت)) .
تواضعه وزهده
ذات يوم كان رجل يشتري علفاً ورأى سلمان رضي الله عنه يسير أمامه وكانت ملابسه غاية في التواضع فظنه عاملاً فقيراً فناداه ليحمل عنه العلف وحمله فعلاً, رأى الناس سلمان يحمل العلف يسير بجواره فأسرعوا إليه يريدون أن يحملوا عنه حمله وهو يرفض, فسألهم الرجل:((أتعرفونه؟)) فقالوا:((إنه سلمان صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم)) فقال له الرجل:((سألتك بالله أن تسامحني لم أكن أعرفك أرجوك اترك ما تحمل)) ولكنه صلى الله عليه وسلم أبى أن يترك ما يحمل للرجل حتى وصلا إلى دار الرجل وتركه ومضى. وإلى جانب تواضعه كان رفيقاً بالناس حتى إنه كان لا يكلف خادمه بعملين حتى لا يشق عليه .
كلماته المضيئة
والآن نأتي إلى بعض كلماته المضيئة فهي نصائح غالية لمن تمسك بها وعمل عليها. يقول رضي الله عنه:((ثلاث أعجبتني حتى أضحكتني, مؤمل دنيا والموت يطلبه وغافل ليس بمغفول عنه وضاحك ملء فيه"فمه" وهو لا يدري أساخط عليه رب العالمين أم هو جل شأنه راضٍ عنه. وثلاث أحزنتني حتى أبكتني, فراق محمد صلى الله عليه وسلم و حزبه وهول المطلع والوقوف بين يدي ربي عز وجل ولا أدري إلى الجنة أم إلى النار أصير)) .
***رضي الله عن سلمان الفارسي وعن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن التابعين***
انـا مسلم
16-04-2015, 12:13 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عبد الله بن سَلام رضي الله عنه
عبد الله بن سلام هو عاشر عشرة في الجنة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم. لقد كان من علماء اليهود ولما بُعث رسول الله صلى الله عليه وسلم وهاجر إلى المدينة آمن برسالته وصاحب رسول الله حتى إنه صلى الله عليه وسلم شهد له بالجنة .
كان عبد الله بن سلام قبيل إسلامه يسمى الحُصُين ولكن الرسول سماه عبد الله وهو ينتسب إلى نبي الله يعقوب ولأنه كان من علماء اليهود فقد كانت اليهود توقره وتحترمه لصلاحه وتقواه وصدقه واستقامته وكان يدعو الله أن يمد في عمره حتى يشهد بعثة الرسول الخاتم الذي بشرت به التوراة وكان يعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم سوف يخرجه قومه وأنه سوف يهاجر إلى المدينة المنورة التي كان يعيش فيها الحصين"عبد الله بن سلام" .
روى أنس رضي الله عنه أن عبد الله بن سلام أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة فقال:((إني سائلك عن ثلاث لا يعلمها إلا نبي, ما أول أشراط الساعة, وما أول ما يأكل أهل الجنة, ومن أين يشبه الولد أباه وأمه؟)) فقال له صلى الله عليه وسلم :((أما أول أشراط الساعة فنار تخرج من المشرق)) ولما أجابه رسول الله صلى الله عليه وسلم عما سأله عنه فقال عبد الله بن سلام:((أشهد أنك رسول الله)) .
ويحكي لنا عبد الله قصة إسلامه فحين قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ونزل في قباء جاء رجل فبشر بمقدم رسول الله وكان هو ومعه عمته خالدة وقال:((إنه كبَّر)) فتعجبت عمته وقالت له:((إنك لو سمعت أن موسى بن عمران جاء ما زدت عن ذلك)) فقال لها يا:((يا عمة إنه أخو موسى بن عمران وعلى دينه بعث)) وأسرع عبد الله إلى رسول الله وأعلن إسلامه وأمر أهل بيته فأسلموا ولكنه كتم إسلامه عن اليهود, وقال للرسول صلى الله عليه وسلم :((إن اليهود إذا سمعوا بإسلامي فسوف يتهمونني ويبهتونني)) وسأل الرسول صلى الله عليه وسلم اليهود عنه؟ فقالوا له:((إنه سيدنا وابن سيدنا وحبرنا وعالمنا)) فلما علمت اليهود بإسلامه سبوه واتهموه وهنا أظهر عبد الله إسلامه وأسلمت عمته أيضاً .
روى البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عنه:((إنه من أهل الجنة وإنه نزلت فيه الآية الكريمة"وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله")) حين حضرت الصحابي الجليل معاذ بن جبل رضي الله عنه الوفاة قيل له :((أوصنا)) فقال لهم:((أجلسوني)) ثم قال:((إن العلم والإيمان تجدوهما عند أربعة عويمر بن أبي الدرداء, وسلمان الفارسي, وعبد الله بن مسعود, وعبد الله بن سلام, الذي كان يهودياً فأسلم لأني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول"إنه عاشر عشرة في الجنة")) .
الرؤيا التي رآها
لقد رأى رؤيا قصها على رسول الله صلى الله عليه وسلم,فقال له:((إنك على الإسلام حتى تموت)) .
تواضعه
ورغم أن عبد الله بن سلام كان من علماء اليهود وحين أسلم أصبح من المسلمين الذين بشروا بالجنة إلا أنه كان لا يعرف الكبر ولا التفاخر وكان يعمل بيده, فلقد مر في السوق وعلى ظهره حزمة من الحطب فقيل له:((لماذا لا تستأجر أحداً يحملها عنك؟)) فقال:((أردت أن أدفع الكبر فقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "لن يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من الكبر")) .
***رضي الله عن عبد الله بن سلام وعن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن التابعين***
انـا مسلم
16-04-2015, 12:15 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عكرمة بن أبي جهل رضي الله عنه
عكرمة بن أبي جهل مؤمن وصحابي جليل وأبوه رأس الكفر . . . سبحان الله. نشأ عكرمة في بيت من بيوت قريش الكبيرة وكان والده أبو جهل عمرو بن هشام حين بُعث محمدٌ بالرسالة من أشد أعداء النبي صلى الله عليه وسلم , وكان عكرمة في بداية الأمر يحذو أبيه في عداوة محمد صلى الله عليه وسلم , وازدادت عداوة عكرمة للإسلام والمسلمين حين قتلوا أباه في غزوة بدر أمام عينيه .
وكان أبو جهل ظل يتغنى ويذبح الجزور ويشرب الخمور وهو يمني نفسه وقومه بالقضاء على المسلمين وعلى محمد صلى الله عليه وسلم , ولكنه قتل في هذه الموقعة قتله معاذ بن عمرو, ومعوذ بن عفراء, واحتز رأسه عبد الله بن مسعود. وعاد عكرمة من غزوة بدر وقد ازدادت عداوته للإسلام وأخذ يحث الناس ويحرضهم على الأخذ بثأر من قتلوا في بدر. فلما كان يوم أحد خرج فيمن خرج ومعه زوجته أم حكيم مع النساء ليضربن لهم على الدفوف تثبيتاً لهم في مواجهة المسلمين .
جيوش قريش
وكان خالد بن الوليد لم يسلم بعد فكان على جيش الكفار خالد على ميمنة الجيش وعكرمة بن أبي جهل على الميسرة وكانت موقعة أحد. وكاد النصر أن يكون حليف المسلمين لولا أن أخطأ الرماة ولم يستمعوا لنصح النبي صلى الله عليه وسلم لهم فتركوا الجبل بحثاً عن الغنائم, فانقض خالد بن الوليد وعكرمة بن أبي جهل على المسلمين فقتلوا منهم سبعين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم, وعاد المشركون إلى مكة وهم يقولون:((اليوم بيوم بدر)) .
غزوة الخندق
وجاءت غزوة الخندق فلما وجدوا الخندق ضربوا الحصار على المسلمين وهم يحاولون الوصول إلى المسلمين فأخذ عكرمة وعمر بن ود وضرار بن الخطاب ومعهم بعض المشركين فأحدثوا ثغرة في الخندق فخرج إليهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه ومعه نفر من المسلمين وقتل علي بن أبي طالب أشجعهم وفر الباقون وترك عكرمة رمحه وفر .
فتح مكة وفرار عكرمة
روى النسائي أن يوم فنح مكة أمن الرسول صلى الله عليه وسلم الناس إلا أربعة نفر وامرأتين .
إسلامه
ففر عكرمة وركب البحر فجاءت إعصار فقال أصحاب السفينة أخلصوا فإن آلهتكم لا تغني عنكم ههنا شيئاً فقال عكرمة:((اللهم إن لك عليَّ عهداً إن عافيتني مما أنا فيه أن آتي محمداً فأسلم وإنه لعفو كريم)) . . . فأسلم .
استشهاده
وبدل الإسلام من عكرمة فأصبح يبكي على الأيام التي قضاها في عدائه للنبي وصحبه وسجل له التاريخ التضحية والبذل والفداء بسطور من نور, ففي يوم اليرموك قاتل قتالاً شديداً واستبسل حتى استشهد ووجدوا به بضعاً وسبعين ما بين طعنة ورمية وضربة.
***رضي الله عن عكرمة بن أبي جهل وعن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن التابعين***
انـا مسلم
16-04-2015, 12:16 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
خالد بن سعيد رضي الله عنه
هو خامس من أسلموا أبو بكر وعلي وزيد بن حارثة وسعد بن أبي وقاص وخالد بن سعيد بن العاص .
كان أبوه من سادات العرب صاحب رأي ومشورة في قومه, أسلم خالد حين رأى في المنام أن يقف على شفا حفرة من النار فأمسك به رسول الله صلى الله عليه وسلم, فلم يقع فيها, فلما حدث بها أبا بكر رضي الله عنه قال له:((أراد الله بك الخير إنك ستدخل دين الحق وتسلم لله رب العالمين)) فانطلق خالد بن سعيد وأسلم على يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم . وعلم والده سعيد بن العاص أن ابنه قد دخل الدين الجديد فأرسل إخوته رافع وأبان وعمرو فلما رأوه يصلي لله امتلأت قلوبهم نوراً وإجلالاً لدين الله. وحين عاد إلى أبيه بالدار ضربه ضرباً مبرحاً حتى سالت الدماء منه وتوعده أن يحرمه من الطعام فقال له خالد رضي الله عنه:((إن الله هو الرزاق الكريم)) ومنع سعيد عن ابنه الطعام والشراب لمدة ثلاثة أيام وفي اليوم الرابع أرسل إليه أبوه بعض قومه يراودوه ليرتد عن دين الإسلام فأبى ورفض. وقال لهم:((إنني أتقلب في نعم الله ونعيمه)) فقالوا له:((ماذا يضيرك لو قلت قولاً حسناً في الـلات والعزى حتى يفرج عنك أبوك؟)) فقال رضي الله عنه:((إن اللات والعزى حجران لا يضران ولا ينفعان)) فأمر به أبوه أن يوثق بالحبال وأن يخرجوا به كل يوم وقت الظهيرة إلى بطحاء مكة ويتركونه حتى تصهره الشمس ولكنه كان يقول:((الحمد لله الذي أكرمني بالإيمان وأعزني بالإسلام)) وكان يتعوذ من النار.وتمكن ذات يوم من الهرب من أبيه فانطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم, وتبعه بعد ذلك أخواه عمرو وأبان فخرج سعيد بن العاص معتزلاً الناس إلى الطائف وعاش بها حتى مات على دين الكفر والشرك .
الهجرة إلى الحبشة
هاجر خالد بن سعيد وزوجته أمينة بنت خلف إلى الحبشة"الهجرة الأولى" وعاش فيها أكثر من عشر سنوات يدعو إلى دين الحق ثم انتقل منها إلى المدينة المنورة بعد فتح المسلمين خيبر, وولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم اليمن وظل والياً حتى انتقل الرسول إلى جوار ربه .
جهاد في سبيل الله
شارك خالد في المعارك ضد الروم هو وأخواه أبان وعمرو, واستشهد عمرو بعد بطولة في معركة فحل واستشهد خالد أخوه أبان يوم أجنادين .ومما يروى أن قاتله أسلم حين قتله إذ رأى نوراً ساطعاً إلى السماء فكان هذا سبباً في إسلامه .
***رضي الله عن خالد بن سعيد وعن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن التابعين***
انـا مسلم
16-04-2015, 12:16 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
(الإمام الفقيه)
عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهم
إنه عبد الله بن عمر بن الخطاب ووالده هو أمير المؤمنين وثاني الخلفاء الراشدين والخليفة العادل الزاهد. لقد أسلم وهو صغير لم يبلغ الحلم بعد وهاجر مثل أبيه الفاروق عمر إلى المدينة المنورة .
اشتراكه في الغزوات
بدأت ماركته الفعلية في الغزوات حين بلغ الخامسة عشرة فاشترك في غزوة الخندق ثم شهد الغزوات مع الرسول صلى الله عليه وسلم, ثم شارك في موقعة اليرموك وفتح مصر وإفريقية .
عبد الله بن عمر راوي الأحاديث الشريفة
وهو من رواة الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم, وكان يتبع آثار النبي صلى الله عليه وسلم في كل مكان صلى فيه حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم نزل تحت شجرة فكان ابن عمر ينزل عندها دوماً, وقالوا عنه:((إنه كان إذا سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً لا يزيد عليه ولا ينقص منه)) كان يدعوا في الصفا والمروة فيقول:((اللهم اجعلني ممن يحبك ويحب ملائكتك ويحب رسلك ويجب عبادك الصالحين اللهم حببني إليك وإلى ملائكتك وإلى رسلك وإلى عبادك الصالحين)) .
قيامه الليل
يروى في صحيح البخاري حديثاً معناه أنه رأى رؤيا قصها على النبي صلى الله عليه وسلم وكان لا يزال غلاماً صغيراً وكان ينام في المسجد فرأى كأن ملكين أخذاه فذهبا به إلى النار فأخذ يصيح ويقول:((أعوذ بالله من النار)) فلقيهما ملك آخر وقال له:((لا تخف))فلما قصها على السيدة حفصة أم المؤمنين وشقيقته وقصتها على النبي صلى الله عليه وسلم فقال صلى الله عليه وسلم:((لو كان عبد الله يصلي من الليل)), فأمسى ابن عمر لا ينام من الليل إلا قليلاً .
صلاته
روي أنه كان شديد الخشية لله جل جلاله شديد المراقبة له في السر والعلن وكان يبكي خوفاً وخشوعاً لله تعالى .
خشيته لله جل علاه
وعن نافع قال:((كان عبد الله بن عمر إذا قرأ قوله تعالى "ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق" يبكي حتى يغلبه البكاء)) .
تواضع عبد الله وورعه
وقد كان عبد الله بن عمر متواضعاً وورعاً قال له رجل ذات يوم:((يا خير الناس أو يا ابن خير الناس)) فقال:((ما أنا بخير الناس ولا ابن خير الناس, ولكني عبد من عباد الله أرجو الله وأخافه والله لن تزالوا بالرجل حتى تهلكوه)) .
أمنيته هي المغفرة
كان مع أصحابه مصعب وعروة وعبد الله بن الزبير فقال كل واحد منهم ما يتمناه .
فقال عبد الله بن الزبير:((إنني أتمنى الخلافة))
وقال عروة:((أما أنا فأتمنى أن يؤخذ عني العلم))
وقال مصعب:((أما أنا فأتمنى إمارة العراق والجمع بين عائشة بنت طلحة وسكينة بنت الحسين))"أي يتزوج الاثنتين"
وقال ابن عمر:((أما أنا فأتمنى المغفرة))
إنفاقه في الخير
قيل إنه أعتق ألف إنسان أو زاد, وعن صلاحه وعتقه روى نافع فقال:((كان ابن عمر إذا اشتد عجبه بشيء من ماله قربه لربه عز وجل)) وقد كان رقيقه عرفوا عنه خوفه من ربه وحبه لمن يقيم شعائر ربه فكان من يريد منهم أن يعتقه ابن عمر لزم المسجد وأخذ يصلي فإذا رآه ابن عمر على هذه الحالة الحسنة أعتقه, فيقول له أصحابه:((يا ابن عمر والله إنهم يخدعونك)) فيقول ابن عمر رضي الله عنه:((فمن خدعنا بالله انخدعنا به)) .
حبيب الفقراء
وقد أحبه الفقراء لجوده وكرمه وحنانه وعطفه عليهم فكان يطعمهم ويعطيهم ويوسع عليهم من فضل الله عليه .
علمه وحكمته
كتب رجل إليه ذات يوم يطلب إليه العلم كله فقال له:((إن العلم كثير ولكن إن استطعت أن تلقى الله خفيف الظهر من دماء الناس خميص"خالي" البطن من أموالهم كاف اللسان عن أعراضهم ملازماً لأمر جماعتهم فافعل)) .
الراعي وابن عمر
يروى أن ابن عمر خرج ومعه عبد الله بن دينار إلى مكة فوجدا راعياً صغيراً يرعى الغنم فأراد عبد الله بن عمر أن يختبر أمانته فقال له:((بعني شاة من الغنم)) فقال الراعي:((إنني عبد مملوك وهذه الشياه ليست لي ولا أملك حق بيعها أو التصرف فيها)) فقال له ابن عمر:((قل لسيدك قد أكلها الذئب)) فقال الراعي:((أليس الله بشاهد كيف أخون الأمانة وأبيعها لك أين الله يا سيدي؟)) فقال عبد الله بن عمر:((فأين الله؟)) ثم بكى واشترى الغلام وأعتقه ثم اشترى له الغنم ووهبها له .
ولقد عرضوا عليه إمارة المسلمين أكثر من مرة ولكنه رفض. كان عبد الله بن عمر حريصاً على جمع كلمة المسلمين رغم أنهم عرضوا عليه الخلافة فرفضها. وليس ذلك فحسب فإنه كان يريد أن يحيا لعلمه فقد عرض عليه أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه القضاء فأبى .
***رضي الله عن عبد الله بن عمر بن الخطاب وعن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن التابعين***
انـا مسلم
16-04-2015, 12:17 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه
أما عبد الرحمن بن عوف الذي كان يسمى قبل إسلامه"عبد عمرو, أو عبد الكعبة" فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم "عبد الرحمن", وأمه هي الشفاء بنت عوف أسلمت وهاجرت وقد أسلم عبد الرحمن وهو من الثمانية الذين سبقوا إلى الإسلام ثم هاجر إلى الحبشة وإلى المدينة. إنه من العشرة المبشرين بالجنة وأحد الستة أهل الشورى. ولقد آخى الرسول صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن الربيع الأنصاري بعد الهجرة إلى المدينة .
الإيثار من الأنصار وفضل المهاجرين
إن سعد بن الربيع قال لعبد الرحمن:((يا أخي إنني أكثر الأنصار مالاً فتعالى أقسم بيني وبينك هذا المال وإن لي زوجتين فانظر أيهما تعجبك فأطلقها فتتزوجها بعد انقضاء عدتها)) فقال عبد الرحمن:((بارك الله لك في أهلك ومالك ولكن دلني على السوق فأعمل فخير الكسب عمل المرء)) وتاجر حتى صار أكثر المهاجرين مالاً .
صلاة النبي عليه السلام خلفه
كان عبد الرحمن بن عوف يصلي بالناس فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم في إحدى الركعتين فصلى مع الناس الركعة الأولى فأكثر الناس التسبيح حتى ينتبه عبد الرحمن أن الرسول يصلي خلفه .
شهادة رسول الله عليه السلام له
لقد شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة وهو من أهل بدر الذين قيل لهم:((اعملوا ما شئتم فإنه مغفور لكم)) وقد حفظهم الله تعالى . وهو أيضاً من الذين بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة في غزوة الحديبية .
قال تعالى:((لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريباً)) [الفتح : 18]
عبد الرحمن بن عوف والإنفاق في سبيل الله
يقول تعالى:((لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون)) [ آل عمران : 92] . وقد قيل عنه:((إنه كان يسدد عن المدين دينه ويقرض الناس أيضاً ويصبر عليهم)). كانت هذه الآية الجليلة نصب عينيه دائماً فها هو يتصدق بنصف ماله ثم يتبع ذلك بأن يتصدق بأربعين ألف دينار ثم حمل على خمسمائة فرس في سبيل الله وخمسمائة راحلة كما أنه كان يعتق العبيد ابتغاء مرضاة الله حتى قيل إنه أعتق في يوم واحد ثلاثين عبداً .
زهده
روي أنه رضي الله عنه كان ذات يوم صائماً فلما حضر الطعام إليه بكى وقال:((قُتل مصعب بن عمير وهو خير مني وكفن في بردة أن هي غطت رأسه بدت قدماه, وفتل حمزة رضي الله عنه وهو خير مني, ولكنا أُعطينا من الدنيا ما أُعطينا وما أخشاه حقاً أن تكون حسناتنا قد عُجِّلت لنا وظل يبكي حتى ترك الطعام)) .كان زاهداً فقد أوصى عثمان رضي الله عنه بالعهد والخلافة له من بعده فقام في الناس وأخذ يدعو الله أن يقبضه إليه قبل أن يتم هذا الأمر له فلم تمضِ إلا ستة أشهر حتى قبضه الله إليه .
تواضعه
ورغم ثرائه إلا أنه كان متواضعاً وزاهداً فكان يمشي بين مماليكه فلا يعرف أنه بينهم من شدة تقشفه وتواضعه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في تواضع من كان في ثراء عبد الرحمن:((مَن ترك اللباس تواضعاً لله وهو يقدر عليه دعاه الله يوم القيامة على رءوس الخلائق حتى يخيره من أي حُلَلِ الإيمان شاء يلبسها)) "رواه الترمذي"
***رضي الله عن عبد الرحمن بن عوف وعن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن التابعين***
انـا مسلم
16-04-2015, 12:18 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه
روي عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عن أبي عبيدة بن الجراح:((إنه أمين هذه الأمة)). الأمين هنا هو الثقة والأمانة صفة لكل صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم, وإن كان لكل صاحب من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم سمة اختصه بها رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقد وصف عثمان بن عفان رضي الله عنه بالحياء وعلياً رضي الله عنه بالقضاء وقال عن أبي بكر:((لو كنت متخذاً خليلاً لكان أبا بكر)). إنه أول من لقب بأمير الأمراء. يلتقي نسبه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في فهر"اسم أحد جدوده" كان إسلام أبي عبيدة في بداية الإسلام حين دعاه أبو بكر إلى دين الله ثم هاجر إلى الحبشة واشتاق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم,فعاد مسرعاً ليسعد بصحبته ثم هاجر إلى المدينة وآخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن معاذ .
غزوة بدر
كانت بطولة أبي عبيدة بن الجراح يوم بدر حتى إن المشركين كانوا يبتعدون عنه في أرض المعركة إلا أن أحدهم وكان فارساً أصر على التصدي له فهجم عليه أبو عبيدة فقتله وكان هذا الفارس الذي قتله أبو عبيدة هو أباه .
القرآن يتلى فيه
رضي الله تعالى عن أبي عبيدة فقد أنزل الله سبحانه وتعالى فيه قرآناً يقول تعالى وهو أصدق القائلين:((لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون)) [ المجادلة : 22 ] .
موقعة أحد
يوم أحد لما عصى الرماة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم, وهجم المشركون على المسلمين فاستشهد من المسلمين مَن استشهد وكسرت رباعية النبي صلى الله عليه وسلم, وشج في وجهه وكان الدم يسيل على وجهه ودخلت حلقتان من المغفر في وجنته الشريفة قام أبو عبيدة ونزع الحلقتين اللتين دخلتا في وجنة رسول الله صلى الله عليه وسلم, نزعهما عن النبي صلى الله عليه وسلم بفمه فسقطت ثنتاه .
غزوة ذات السلاسل
أرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم في مدد إلى عمرو بن العاص في غزوة ذات السلاسل وقال لعمرو بن العاص رضي الله عنه:((إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لي"لا تختلفا" والله إنك إن عصيتني يا عمرو فإني أطيعك حباً في رسول الله صلى الله عليه وسلم)) فقال عمرو:((أنا الأمير أنت مدد لي)) فقال أبو عبيدة:((لك ما شئت)) .
أمين هذه الأمة
نزل وفد نجران المدينة فقابلهم أبو عبيدة ودعاهم إلى الإسلام فأبوا ولكنهم سألوا عن عيسى عليه السلام فنزلت الآية الجليلة:((إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون)) [ آل عمران : 59 ] . ولكنهم قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم:((إنا نعطيك الجزية وابعث معنا رجلاً أميناً)) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((قم يا أبا عبيدة بن الجراح)) فلما قام قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((هذا أمين هذه الأمة)) "رواه البخاري" .
جهاده
اشترك في كل الغزوات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى توفي صلى الله عليه وسلم, أما في يوم السقيفة فقد جمع شمل المسلمين على أبي بكر ولقد كان له موقف عظيم حين ولاه عمر بن الخطاب رضي الله عنه لواء المسلمين في حصار دمشق فكتم الخبر عن خالد بن الوليد الذي كان يقود جيش المسلمين حتى انتهت المعركة فعلم خالد فجاءه متعجبًا منه وهو يقول له:((يغفر الله لك أتاك كتاب أمير المؤمنين بالولاية فلماذا لم تخبرني؟ وقد صليت خلفي وأنت القائد والأمير؟))فقال له أبو عبيدة:((لا عليك يا أخي ما كنت لأكسر عليك حربك فو الله إني ما أريد سلطان الدنيا فكل ذلك سيصير إلى زوال وإنما نحن إخوان بأمر الله عز وجل)) .
كان الفرسان من خيرة شباب المسلمين يفرحون ويسعون إلى أن يكونوا تحت قيادته في الحروب, فقد روي أن خالد بن سعيد ذهب إلى أبي بكر الصديق يطلب أن ينضم إلى جيش أبي عبيدة رافضاً أن يكون في جيش ابن عمه يزيد بن أبي سفيان .
أمير الشام
كانت أكبر جيوش الإسلام الجيش الذي تولاه أبو عبيدة بالشام عتاداً وعدداً وكان أهل الشام قد بهرتهم شخصيته وحلمه ورفقه وسعة صدره وحبه للإسلام. وحين قيادته للجيوش قام فيها خطيباً وبعد ما أثنى على الله وحمده قال لهم:((إنني مسلم من قريش والله لو أن فيكم من أحد يفضلني بتقوى إلا ووددت لو كنت في سلاخه"أي في جلده")) ولقد كان لصفاته التي أحبها أهل الشام أثر كبير في تسليم بعض مدن الشام له صلحاً بدون حرب .
فتحه اللاذقية
كانت اللاذقية بسوريا ببلاد الشام محصنة ولها باب عظيم لا يستطيع أحد اقتحامه فأمر أبو عبيدة بحفر حفائر عظيمة يستطيع الفارس المسلم المحارب أن يختفي داخلها وهو على فرسه وأظهر المسلمون أنهم عائدون إلى ديارهم وفي ظلام الليل تسلل المسلمون واستروا في تلك الحفائر وفي الصباح خرج أهالي اللاذقية وهم يظنون أن المسلمين قد انصرفوا عنهم, حين خرج أهالي اللاذقية فوجئوا بالمسلمين يصيحون بهم ويخرجون عليهم وبهذا فتحت اللاذقية .
اليرموك
قبل معركة اليرموك توجه أبو عبيدة ومعه يزيد بن أبي سفيان وبعض المسلمين إلى القائد الرومي ودعوه إلى الإسلام ودعا أيضاً الرسول الرومي الذي أرسله إليه وزير ملك الروم إلى الإسلام فأسلم .
فلسطين
وجاء دور فلسطين ـ بيت المقدس ـ وكان الحصار العظيم حتى طلب الأساقفة منه أن يصالحهم على أن يكتب الصلح أمير المؤمنين ويسلم إليه مفتاح المدينة . وحضر عمر رضي الله عنه, كما عرفنا في تاريخ عمر من قبل .
عمر وأبو عبيدة ومعاذ والمال
إنه كان من الفئة التي تحدث عنها القرآن فقال تعالى:((ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة)) [ الحشر : 9 ] .
فقد ذهب عمر بن الخطاب يوماً إلى منزل أبي عبيدة فلم ير عنده إلا لبدا وصفحة وقربة ماء وهو أمير. فتعجب عمر وسأله:((أعندك طعام؟)) فأحضر أبو عبيدة له بعض كسرات من الخبز فلما عاد عمر إلى داره أخذ من بيت مال المسلمين أربعمائة دينار ووضعها في صرة وأرسلها مع غلامه إلى أبي عبيدة وطلب منه أن ينظر ماذا يفعل بها ويأتيه بالخبز . فجاءه الغلام بعد وقت قصير يخبره أنه قسَّم المبلغ وأرسله إلى عدد كبير من الناس المستحقين للمال .
ونفس هذا الموقف النبيل فعله أيضاً الصحابي الجليل معاذ بن جبل حين أرسل إليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه أربعمائة دينار مع غلام. فقام بإنفاقها جميعاً على من يستحقها من الناس . وقالت زوجت معاذ رضي الله عنه له:((إنك تنفق المال الذي أرسله لك أمير المؤمنين على المساكين ونحن أهل بيتك أيضاً مساكين فلم لم تعطينا بعضه؟)) فكان ما تبقى دينارين فأعطاهما لها.
هكذا كان الصحابة رضي الله عنهم وصلى الله على إمامهم وقدوتهم وأسوتهم محمد عليه الصلاة والسلام .
***رضي الله عن أبو عبيدة بن الجراح وعن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن التابعين***
انـا مسلم
16-04-2015, 12:18 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
زيد بن حارثة رضي الله عنه
زيد بن حارثة رضي الله عنه مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم, وقد جاء ذكر اسمه في القرآن الكريم تكريماً له, وقصة زيد بن حارثة تبدأ حين كان بصحبة أمه في زيارة لأهلها فخطف وبيع زيد في سوق عكاظ وكان غلاماً صغيراً واشتراه حكيم بن حزام لعمته السيدة خديجة بنت خويلد"رضي الله عنها" فلما تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهبته له وتمضي الأيام وفي موسم الحج رآه بعض أقاربه فتعرفوا عليه وعادوا إلى ديارهم فأخبروا أباه الذي أسرع ليفتدي ابنه ويحرره, وكان زيد يحظى عند النبي صلى الله عليه وسلم بمكانة عظيمة, لدرجة أنه كان يقال عنه:((زيد بن محمد)) .
ادعوهم لآبائهم
ولكن الله سبحانه وتعالى أنزل في القرآن الكريم آيات بتحريم التبني فأصبح بعدها زيد يسمى زيد بن حارثة,((ادعوهم لآبائهم)) [ الأحزاب : 5 ] ((ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين)) [ الأحزاب : 40 ] .
وكذلك كان زيد يحب رسول الله صلى الله عليه وسلم حباً كبيراً وجاء والده وعمه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرضان عليه افتداء زيد بالمال, فقال لهما صلى الله عليه وسلم:((ادعوه فخيراه فإن اختاركما فهو لكما بغير فداء وإن اختارني فو الله ما أنا بالذي أختار على من اختارني)) وقال زيد:((والله يا رسول الله أنت مني بمنزلة الأب والعم وما أختار عليك أحداً قط)) فقال له والده:((أتختار العبودية على الحرية وعلى أبيك وعمك يا زيد؟)) وهنا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((اشهدوا أيها الجمع أن زيداً ابني يرثني وأرثه)) وكان ذلك قبل تحريم التبني ومضى والد زيد وعمه وهما في اطمئنان عليه, وزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد ابنة عمته زينت بنت جحش"رضي الله عنها" ثم طلقها زيد فزوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم من بركة الحبشية حاضنة رسول الله صلى الله عليه وسلم "أم أيمن" وولدت له ابنه أسامة. وزينب بنت جحش هي أم المؤمنين التي نزل فيها قرآن كريم بتزويجها من النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن طلقها زيد .
شهوده الغزوات
شهد زيد غزوة بدر وأحد والخندق والحديبية وخيبر, أسامة بن زيد بن حارثة وأمه أم أيمن حاضنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاة أمه وهي من أوائل المسلمات وقد كان صلى الله عليه وسلم يحبها حباً كبيراً, وهكذا كان أسامة بن زيد مسلماً منذ ولادته وتربى على أخلاق الإسلام العظيمة وأحبه رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقد قال صلى الله عليه وسلم عنه:((أسامة أحب الناس إليَّ)). ولمكانة أسامة بن زيد عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حدث أن سرقت المرأة المخزومية فقالت قريش:((أسامة بن زيد حب رسول الله صلى الله عليه وسلم يكلمه فيها حتى لا تقطع يدها)), وحين كلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أسامة قال له صلى الله عليه وسلم:((أتشفع في حد من حدود الله يا أسامة؟)) وقام النبي صلى الله عليه وسلم وقال مغاضباً "على سبيل الفرض والمثال" :((وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها)) "رواه البخاري" .
رسول الله يزوج أسامة
وقد اختار صلى الله عليه وسلم لأسامة زوجته وزوجه من فاطمة بنت قيس"رضي الله عنها" وحين دخل أسامة على رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه دعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم. "رواه أحمد" .
الغزوات التي حضرها
أراد أسامة أن يشارك في غزوة أُحد ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم رده لصغر سنه, وفي غزوة الخندق ألح أسامة على رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمنحه شرف الاشتراك في الجهاد فسمح له الرسول وهو ابن خمس عشرة سنة ثم شارك في غزوة مؤتة التي استشهد فيها أبوه زيد بن حارثة ورغم استشهاد أبيه أمام ناظريه إلا أنه استمر في القتال فقاتل تحت لواء جعفر بن أبي طالب حتى استشهد جعفر ثم قاتل تحت لواء عبد الله بن رواحة حتى استشهد أيضاً فقاتل تحت لواء خالد بن الوليد وشارك أيضاً في غزوة حنين .
إمارة أسامة بن زيد
بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أسامة في سرية فعاد مكللاً بالنجاح والفوز وأثناءها قال أحد المشركين:((لا إله إلا الله)) حتى يسلم من القتل فقتله أسامة فعاتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له:((يا رسول الله لقد قتل فلان وفلان من المسلمين))وقال له:((كيف تقتل رجلاً قال"لا إله إلا الله")), روي الإمامان مسلم والبخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أمَّر أسامة على جيش فيه أبو بكر وعمر رضي الله عنهم تعجب بعضهم واستكثروا على شاب في العشرين من عمره فقال صلى الله عليه وسلم:((إن تطعنوا في إمارته فقد طعنتم في إمارة أبيه من قبله وايم الله لقد كان خليقاً للإمارة وإن كان أحب الناس إليَّ وإن هذا لمن أحب الناس إليَّ بعده)) .
حين خرج أسامة في مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم, وقد أخرَّ مرض الرسول ووفاته خروج الجيش بعض الوقت وسار أسامة بجيشه"ثلاثة آلاف مقاتل" وحارب المرتدين وأدى المهمة التي خرج من أجلها بنجاح وعاد سالماً غانماً هو ومن معه ولما بلغ هرقل ما فعله أسامة تعجب من شجاعته وبطولته.
***رضي الله عن زيد بن حارثة وعن أسامة بن زيد وعن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن التابعين***
انـا مسلم
16-04-2015, 12:19 AM
بلال بن رباح
مؤذن رسول الله صلى الله عليه و سلم
كان (عمر بن الخطاب) رضي الله عنه ، إذا ذكر (أبو بكر) قال : أبو بكر سيدنا ، وأعتق سيدنا - يعني ( بلالاً) - وإن رجلاً يلقبه عمر بـ (سيدنا) لهو رجل عظيم ومحظوظ إنه حبشي من أمة السود...جعلته مقاديره عبداً لاناس من بني جمح بمكة ، حيث كانت أمة إحدى إمائهم وجواريهم
وذات يوم يبصر (بلال بن رباح) نور الله ، ويسمع في أعماق روحه الخيرة رنينه ، فيذهب إلي رسول الله صلى الله عليه و سلم ، ويسلم
ولا يلبث خبر إسلامه أن يذيع..وتدور الأرض برؤوس أسياده من بني جمح .. تلك الرؤوس التي نفخها الكبر واثقلها الغرور .. !!! وتجثم شياطين الأرض فوق صدر (أمية بن خلف) الذي رأى في إسلام عبد من عبدانهم لطمة جللتهم جميعاً بالخزي والعار
عبدهم الحبشي يسلم ، ويتبع محمداً....لقد كانوا يخرجون به في الظهيرة التي تتحول الصحراء فيها الى جهنم قاتلة فيطرحونه علي حصاها الملتهب وهو عريان ، ثم يأتون بحجر متسعر كالحميم ينقله من مكانه بضعة رجال ، ويلقون به فوق جسده وصدره يصيح به جلادوه ، بل ويتوسلون إليه قائلين: أذكر اللات والعزى
فيجيبهم : أحد ... أحد
يقولون له : قل كما نقول
فيجيبهم في تهكم عجيب وسخرية كاوية : إن لساني لا يحسنه
ويظل ( بلال ) في ذوب الحميم وصخرة ، حتي إذا حان الأصيل أقاموه ، ويجعلوا في عنقه حبلاً ، ثم أمروا صبيانهم أن يطوفوا به جبال مكة وشورعها وبلال لا يلهج لسانه بغير نشيده المقدس : أحد ... أحد ويلكزه أمية بن خلف وينفجر غماً وغيظا ، ويصيح: أي شؤم رمانا بك يا عبد السوء...؟ واللات والعزي لأجعلنك للعبيد والسادة مثلاً
ويجيب بلال في يقين المؤمن وعظمة القديس : أحد .. أحد
ويذهب إليهم ابو بكر الصديق وهم يعذبونه ، ويصيح بهم : أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله
ثم يصيح في أمية بن خلف : خذ أكثر من ثمنه واتركه حراً
وكأنما كان أمية يغرق وأدركه زورق النجاة لقد طابت نفسه وسعدت حين سمع أبا بكر يعرض ثمن تحريره إذا كان اليأس من تطويع بلال قد بلغ في نفوسهم أشدة ، ولأنهم كانوا من التجار ، فقد أدركوا أن بيعه أربح لهم من موته بأعوه لأبي بكر الذي حرره من فوره ، وأخذ بلال مكانه بين الرجال الأحرار
وحين كان الصديق يتأبط ذراع بلال منطلقاً به إلي الحرية قال له أمية: خذه ، فواللات والعزى ، لو أبيت إلا ان تشتريه بأوقية واحدة لبعتكه بها وفطن (أبو بكر) لما في هذه الكلمات من مرارة اليأس وخيبة الأمر وكان حرياً ألا يجيبه ولكن لأن فيها مساساً بكرامة هذا الذي قد صار أخاً له ، ونداً ، أجاب أمية قائلاً: والله لو أبيتم أنتم إلا مائة اوقية لدفعتها وأنطلق بصاحبه إلا رسول الله يبشره بتحريره .. وكان عيدا عظيماً
وبعد هجرة الرسول والمسلمين إلي المدينة ، واستقرارهم بها ، يشرع الرسول للصلاة آذانها..فمن يكون المؤذن للصلاة خمس مرات كل يوم...؟ وتصدح عبر الأفق تكبيراته وتهليلاته...؟ أنه بلال الذي صاح منذ ثلاث عشرة سنة والعذاب يهده ويشويه أن الله أحد....أحد لقد وقع أختيار الرسول عليه اليوم ليكون اول مؤذن للإسلام
وعاش بلال مع رسول الله صلى الله عليه و سلم ، يشهد معه المشاهد كلها ، ويؤذن للصلاة ، ويحيي ويحمي شعائر هذا الدين العظيم الذي أخرجه من الظلمات إلي النور ، ومن الرق إلي الحرية
ذهب يوماً يخطب لنفسه ولأخيه زوجتين فقال لأبيهما: أنا بلال ، وهذا أخي ، عبدان من الحبشة كنا ضالين فهدانا الله وكنا عبدين فأعتقنا الله إن تزوجونا ، فالحمد لله وإن تمنعونا ، فالله أكبر
لقد كان بلال يزداد كل يوم قرباً من قلب رسول الله صلى الله عليه و سلم الذي كان يصفه انه رجلٌ من أهل الجنة
وذهب الرسول إلي الرفيق الأعلي راضياً مرضياً ، ونهض بأمر المسلمين من بعده خليفته أبو بكر الصديق وذهب بلال الي خليفة رسول الله يقول له : يا خليفة رسول الله .. إلي سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم : أفضل عمل المؤمن ، الجهاد في سبيل الله
قال له أبو بكر : فما تشاء يا بلال ... ؟
قال : أردت أن أرابط في سبيل الله حتي أموت
قال ابو بكر : ومن يؤذن لنا ..؟
قال بلال وعيناه تفيضان من الدمع : إني لا أؤذن لأحد بعد رسول الله
قال أبو بكر : بل أبق وأذن لنا يا بلال
قال بلال : إن كنت اعتقتني لأكون لك فليكن ما تريد ، وإن كنت أعتقني لله فدعني وما أعتقني له
قال أبو بكر : بل أعتقتك لله يا بلال
ويختلف الرواة ، فيروي بعضهم أنه سافر إلي الشام حيث بقي بها مجاهداً ومرابطاً
ويروي بعضهم الأخر ، أنه قبل رجاء أبي بكر في أن يبقي معه بالمدينة، فلما قبض وولي الخلافة عمر ، أستاذنه وخرج الي الشام علي أية حال ، فقد نذر بلال بقية حياته وعمره للمرابطة في ثغور الإسلام، مصمماً على أن يلقى الله ورسوله وهو علي خير عمل يحبانه
لم يعد يصدح بالأذان صواته الشجي الحفي المهيب ، ذلك انه لم يكن ينطق في أذنه: أشهد أن محمدا رسول الله حتى تجيش به الذكريات فيختفي صوته تحت وقع أساه ، وتصيح بالكلمات دموعة وعبراته وكان أخر آذان لله، أيام زار الشام أمير المؤمنين عمر، وتوسل المسلمون إليه أن يحمل بلالاً على أن يؤذن لهم صلاة واحدة ودعا أمير المؤمنين بلالاً، وقد حان وقت الصلاة ورجاه أن يؤذن لها وصعد بلال وأذن...فبكى الصحابة الذين كانوا ادركوا رسول الله وبلال يؤذن له...بكوا كما لم يبكوا من قبل أبداً..وكان (عمر) أشدهم بكاء
وقد أختلف اهل السير أين مات ؟ فقال بعضهم : مات بدمشق وقال بعضهم : مات بحلب سنة عشرين و قيل سنة ثمان عشرة وهو ابن بضع و ستين سنة رحمه الله وهكذا مات بلال مرابطاً في سبيل الله كما أراد
فضائله رضي الله عنه
عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : بلال سابق الحبشة
وعن ابن بريدة عن ابيه قال ك دعا رسول الله صلى الله عليه و سلم بلالاً فقال : يا بلال بم سبقتني الى الجنة ؟ إني دخلت الجنة البارحة فسمعت خشخشتك -أي صوت نعله-أمامي فقال بلال : يا رسول الله ما أذنت قط الا صليت ركعتين وما أصابني حدث قط الا توضئت عندها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بهذا
وقد كان ممن نزل فيه قول الله تعالى : وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِم مِّن شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ فكانت شهادة من الله تعالى انه ممن يريدون وجه الله تعالى
انـا مسلم
16-04-2015, 12:19 AM
سعد بن معاذ
اهتز عرش الرحمن لموته
صور مشرقة من جهاده
وتجيء غزوة بدر.. ويجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه من المهاجرين والأنصار، ليشاورهم في الأمر. وييمّم وجهه الكريم شطر الأنصار ويقول:
" أشيروا عليّ أيها الناس.."
ونهض سعد بن معاذ قائما كالعلم.. يقول:
" يا رسول الله..
لقد آمنا بك، وصدّقناك، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا.. فامض يا رسول الله لما أردت، فنحن معك..
ووالذي بعثك بالحق، لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك، وما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدا..
انا لصبر في الحرب، صدق في اللقاء.. ولعلّ الله يريك ما تقرّ به عينك... فسر بنا على بركة الله"...
أهلت كلمات سعد كالبشريات، وتألق وجه الرسول رضا وسعادة وغبطة، فقال للمسلمين:
" سيروا وأبشروا، فان الله وعدني احدى الطائفتين.. والله لكأني أنظر الى مصرع القوم"..
وفي غزوة أحد، وعندما تشتت المسلمون تحت وقع الباغتة الداهمة التي فاجأهم بها جيش المشركين، لم تكن العين لتخطئ مكان سعد بن معاذ..
لقد سمّر قدميه في الأرض بجوار رسول الله صلى الله عليه وسلم، يذود عنه ويدافع في استبسال هو له أهل وبه جدير..
وجاءت غزوة الخندق، لتتجلى رجولة سعد وبطولته تجليا باهرا ومجيدا.. وغزوة الخندق هذه، آية بينة على المكايدة المريرة الغادرة التي كان المسلمون يطاردون بها في غي
هوادة، من خصوم لا يعرفون في خصومتهم عدلا ولا ذمّة..
فبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه يحيون بالمدينة في سلام يعبدون ربهم، ويتواصون بطاعته، ويرجون أن تكف قريش عن اغارتها وحروبها، اذا فريق من زعماء اليهود يخرجون خلسة الى
مكة محرّضين قريشا على رسول الله، وباذلين لها الوعود والعهود أن يقفوا بجانب القرشيين اذا هم خرجوا لقتال المسلمين..
واتفقوا مع المشركين فعلا، ووضعوا معا خطة القتال والغزو.. وفي طريقهم وهم راجعون الى المدينة حرّضوا قبيلة من أكبر قبائل العرب، هي قبيلة غطفان واتفقوا م
زعمائها على الانضمام لجيش قريش.. وضعت خطة الحرب، ووظعت أدوارها.. فقريش وغطفان يهاجمان المدينة بجيش عرمرم كبير..
واليهود يقومون بدور تخريبي داخل المدينة وحولها في الوقت الذي يباغتها فيه الجيش المهاجم.. ولما علم النبي عليه الصلاة والسلام بالمؤامرة الغادرة راح يعدّ لها العدّة.. فأمر بحفر خندق حول المدين
ليعوق زحف المهاجمين.
وأرسل سعد بن معاذ وسعد بن عبادة الى كعب بن أسد زعيم يهود بني قريظة، ليتبيّنا حقيقة موقف هؤلاء من الحرب المرتقبة، وكان بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين يهود بني قريظة عهود ومواثيق..
فلما التقى مبعوثا الرسول بزعيم بني قريظة فوجئا يقول لكم:
" ليس بيننا وبين محمد عهد ولا عقد"..!!
عز على الرسول عليه الصلاة والسلام أن يتعرض أهل المدينة لهذا الغزو المدمدم والحصار المنهك، ففكر في أن يعزل غطفان عن قريش، فينقض الجيش المهاجم بنصف عدده، ونصف قوته، وراح بالفعل يفاوض
زعماء غطفان على أن ينفضوا أيديهم عن هذه الحرب، ولهم لقاء ذلك ثلث ثمار المدينة، ورضي قادة غطفان، ولم يبق الا أن يسجل الاتفاق في وثيقة ممهورة..
وعند هذا المدى من المحاولة، وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم اذ لم ير من حقه أن ينفرد بالأمر، فدعا اليه أصحابه رضي الله عنهم ليشاورهم..
واهتم عليه الصلاة والسلام اهتماما خاصا برأي سعد بن معاذ، وسعد بن عبادة.. فهما زعيما المدينة، وهما بهذا أصحاب حق أول في مناقشة هذا الأمر، واختيار موقف تجاهه..
قصّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهما حديث التفاوض الذي جرى بينه وبين زعماء غطفان.. وأنبأهما أنه انما لجأ الى هذه المحاولة، رغبة منه في أن يبعد عن المدينة وأهلها هذا الهجوم الخطير، والحصار الرهيب..
وتقدم السعدان الى رسول الله بهذا السؤال:
" يا رسول الله..
أهذا رأي تختاره، أم وحي أمرك الله به"؟؟
قال الرسول:
" بل أمر أختاره لكم..
والله ما أصنع ذلك الا لأنني رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحدة، وكالبوكم من كل جانب، فأردت أن أكسر عنكم شوكتهم الى أمر ما"..
وأحسّ سعد بن معاذ أن أقدارهم كرجال ومؤمنين تواجه امتحانا، أي امتحان.. هنالك قال:
" يا رسول الله.. قد كنا وهؤلاء على الشرك وعبادة الأوثان لا نعبد الله ولا نعرفه، وهم لا يطمعون أن يأكلوا من مدينتنا تمرة، الا قرى، أي كرما وضيفة، أفحين أكرمنا الله بالاسلام، وهدانا له، وأعزنا بك وبه، نعطيهم أموالنا..؟؟
والله ما لنا بهذا من حاجة.. ووالله لا نعطيهم الا السيف.. حتى يحكم الله بيننا وبينهم"..!!
وعلى الفور عدل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رأيه، وأنبأ زعماء غطفان أن أصحابه رفضوا مشروع المفاوضة، وأنه أقرّ رأيهم والتزم به..
وبعد أيام شهدت المدينة حصارا رهيبا.. والحق أنه حصار اختارته هي لنفسها أكثر مما كان مفروضا عليها، وذلك بسبب الخندق الذي حفر حوله
ليكون جنّة لها ووقاية.. ولبس المسلمون لباس الحرب.
استجابة الله عز وجل لدعائه
وفي احدى الجولات تلقت ذراع سعد سهما وبيلا، قذفه به أحد المشركين.. وتفجّر الدم من وريده وأسعف سريعا اسعافا مؤقتا يرقأ به دمه، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يحم
الى المسجد، وأن تنصب له به خيمة حتى يكون على قرب منه دائما أثناء تمريضه.. وحمل المسلمون فتاهم العظيم الى مكانه في مسجد الرسول..
ورفع سعد بصره الى السماء وقال: " اللهم ان كنت أبقيت من حرب قريش شيئا فأبقني لها... فانه لا قوم أحب اليّ أن أجاهدهم من قوم آذوا رسولك، وكذبوه، وأخرجوه..
وان كنت قد وضعت الحرب بيننا وبينهم، فاجعل ما أصابني اليوم طريقا للشهادة.. ولا تمتني حتى تقرّ عيني من بني قريظة"..!
لك الله يا سعد بن معاذ..! فمن ذا الذي يستطيع أن يقول مثل هذا القول، في مثل هذا الموقف سواك..؟؟
ولقد استجاب الله دعاءه.. فكانت اصابته هذه طريقه الى الشهادة، اذ لقي ربه بعد شهر، متأثرا بجراحه..
ولكنه لم يمت حتى شفي صدرا من بني قريظة.. ذلك أنه بعد أن يئست قريش من اقتحام المدينة، ودبّ في صفوف جيشها الهلع، حمل الجميع متاعهم وسلاحهم، وعادوا مخذولين الى مكة..
ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ترك بني قريظة، يفرضون على المدينة غدرهم كما شاؤوا، أمر لم يعد من حقه أن يتسامح تجاهه..
هنالك أمر أصحابه بالسير الى بني قريظة. وهناك حاصروهم خمسة وعشرين يوما..
ولما رأى هؤلاء ألا منجى لهم من المسلمين، استسلموا، وتقدموا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم برجاء أجابهم اليه، وهو أن يحكم فيهم سعد بن معاذ.. وكان سعد حليفهم في الجاهلية..
أرسل النبي صلى الله عليه وسلم من أصحابه من جاؤوا بسعد بن معاذ من مخيمه الذي كان يمرّض فيه بالمسجد..
جاء محمولا على دابة، وقد نال منه الاعياء والمرض.. وقال له الرسول:
" يا سعد احكم في بني قريظة".
وراح سعد يستعيد محاولات الغدر التي كان آخرها غزوة الخندق والتي كادت لبمدينة تهلك فيها بأهلها.. وقال سعد:
" اني أرى أن يقتل مقاتلوهم.. وتسبى ذراريهم.. وتقسّم أموالهم.."
وهكذا لم يمت سعد حتى شفي صدره من بني قريظة..
وفاته
يقول أبو سعيد الخدري رضي الله عنه:
" كنت ممن حفروا لسعد قبره..
وكنا كلما حفرنا طبقة من تراب، شممنا ريح المسك.. حتى انتهينا الى اللحد".. وكان مصاب المسلمين في سعد عظيما..
ولكن عزاءهم كان جليلا، حين سمعوا رسولهم الكريم يقول:
" لقد اهتز عرش الرحمن لموت يعد بن معاذ"
انـا مسلم
16-04-2015, 12:20 AM
معاذ بن جبل
أعلمهم بالحلال والحرام
نسبة رضى الله عنه
هو معاذ بن جبل بن عمرو بن اوس بن عائد بن عدي , هو احد السبعين الذين شهدوا العقبة من الانصار , وشهد بدرا وأحد وشهد المشاهد كلها مع رسول الله صلة الله عليه وسلم
فضائله رضى الله عنه
عندما كان الرسول عليه الصلاة والسلام يبابع الأنصار بيعة العقبة الثانية. كان يجلس بين السبعين الذين يتكوّن منهم وفدهم، شاب مشرق الوجه، رائع النظرة، برّاق الثنايا.. يبهر الأبصار بهوئه وسمته. فاذا تحدّث ازدادت الأبصار انبهارا..!!
ذلك كان معاذ بن جبل رضي الله عنه..
هو اذن رجل من الأنصار، بايع يوم العقبة الثانية، فصار من السابقين الأولين.
ورجل له مثل اسبقيته، ومثل ايمانه ويقينه، لا يتخلف عن رسول الله في مشهد ولا في غزاة. وهكذا صنع معاذ..
على أن آلق مزاياه، وأعظم خصائصه، كان فقهه.. بلغ من الفقه والعلم المدى الذي جعله أهلا لقول الرسول عنه:
" أعلم أمتي بالحلال والحرام معاذ بن جبل"..
وكان شبيه عمر بن الخطاب في استنارة عقله، وشجاعة ذكائه. سأله الرسول حين وجهه الى اليمن: " بما تقضي يا معاذ؟"
فأجابه قائلا: " بكتاب الله"..
قال الرسول: " فان لم تجد في كتاب الله"..؟
"أقضي بسنة رسوله"..
قال الرسول: " فان لم تجد في سنة رسوله"..؟
قال معاذ:" أجتهد رأيي، ولا آلو"..
فتهلل وجه الرسول وقال: " الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله".
فولاء معاذ لكتاب الله، ولسنة رسوله لا يحجب عقله عن متابعة رؤاه، ولا يحجب عن عقله تلك الحقائق الهائلة المتسرّة، التي تنتظر من يكتشفها ويواجهها.
ولعل هذه القدرة على الاجتهاد، والشجاعة في استعمال الذكاء والعقل، هما اللتان مكنتا معاذا من ثرائه الفقهي الذي فاق به أقرانه واخوانه، صار كما وصفه الرسول عليه الصلاة والسلام " أعلم الناس بالحلال والحرام".
وان الروايات التاريخية لتصوره العقل المضيء الحازم الذي يحسن الفصل في الأمور..
فهذا عائذ الله بن عبدالله يحدثنا انه دخل المسجد يوما مع أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم في أول خلافة عمر..قال:
" فجلست مجلسا فيه بضع وثلاثون، كلهم يذكرون حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي الحلقة شاب شديد الأدمة، حلو المنطق، وضيء، وهو أشبّ القوم سنا، فاذا اشتبه عليهم من الحديث شيء ردّوه اليه فأفتاهم، ولا يحدثهم الا حين يسألونه، ولما قضي مجلسهم دنوت منه وسالته: من أنت يا عبد الله؟ قال: أنا معاذ بن جبل".
ورعه و عدله بين نسائه رضى الله عنه
وعن يحيى بن سعيد قال : كانت تحت معاذ بن جبل امرأتان , فاذا كان عند احداهما لم يشرب في بيت الاخرى الماء .
وعن يحيى بن سعيد ان معاذ بن جبل كانت له امراتان , فاذا كان يوم احداهما لم يتوضأ في بيت الاخرى , ثم توفيتا في السقم الذي بالشام , والناس في شغل , فدفنتا في حفرة , فأسهم بينهما أيتهما تقدم في القبر.
من مواعظه ووصاياه رضى الله عنه
اقل معاذ بن جبل لابنه : يا بني , اذا صليت صلاة فصلى صلاة مودع لا تطن انك تعود اليها ابدا , واعلم يا نبي ان المؤمن يموت بين حسنتين , حسنة قدمها وحسنة اخرها .
وقال ايضا : احذروا ذلة العالِم , لان قدره عند الخلق عظيم , فيتبعونه عند ذلته .
وقال ايضا : ليس يتحصر اهل الجنة على شيء إلا على ساعة مرت بهم لم يذكروا الله سبحانه فيها .
قال رجل له علمني قال : وهل انت مطيعي ؟ قال : اني على طاعتك لحريص . قال : صم وافطر , وصل ونم , واكتسب ولا تاثم , ولا تموتن إلا وانت مسلم , وإياك و دعوة المظلوم .
اقول الصحابة فيه رضى الله عنه و عنهم
وهذا أبو مسلم الخولاني يقول:
" دخلت مسجد حمص فاذا جماعة من الكهول يتوسطهم شاب برّاق الثنايا، صامت لا يتكلم. فاذا امترى القوم في شيء توجهوا اليه يسألونه.ز فقلت لجليس لي: من هذا..؟ قال: معاذ بن جبل.. فوقع في نفسي حبه".
وهذا شهر بن حوشب يقول:
" كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا تحدثوا وفيهم معاذ بن جبل، نظروا اليه هيبة له"..
ولقد كان أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه يستثيره كثيرا.. وكان يقول في بعض المواطن التي يستعين بها برأي معاذ وفقهه:
" لولا معاذ بن جبل لهلك عمر"..
ويبدو أن معاذ كان يمتلك عقلا أحسن تدريبه، ومنطقا آسرا مقنعا، ينساب في هدوء واحاطة..
فحيثما نلتقي به من خلال الروايات التاريخية عنه، نجده كما أسلفنا واسط العقد..
فهو دائما جالس والناس حوله.. وهو صموت، لا يتحدث الا على شوق الجالسين الى حديثه..
واذا اختلف الجالسون في أمر، أعادوه الى معاذ ليفصل فيه..
فاذا تكلم، كان كما وصفه أحد معاصريه: " كأنما يخرج من فمه نور ولؤلؤ"..
ولقد بلغ كل هذه المنزلة في علمه، وفي اجلال المسلمين له، أيام الرسول وبعد مماته، وهو شاب.. فلقد مات معاذ في خلافة عمر ولم يجاوز من العمر ثلاثا وثلاثين سنة..!!
وكان معاذ سمح اليد، والنفس، والخلق..
فلا يسأل عن شيء الا أعطاه جزلان مغتبطا..ولقد ذهب جوده وسخاؤه بكل ماله.
ومات الرسول صلى الله عليه وسلم، ومعاذ باليمن منذ وجهه النبي اليها يعلم المسلمين ويفقههم في الدين..
وفي خلافة أبي بكر رجع معاذ من اليمن، وكان عمر قد علم أن معاذا أثرى.. فاقترح على الخليفة أبي بكر أن يشاطره ثروته وماله..!
ولم ينتظر عمر، بل نهض مسرعا الى دار معاذ وألقى عليه مقالته..
كان معاذ ظاهر الكف، طاهر الذمة، ولئن كان قد أثري، فانه لم يكتسب اثما، ولم يقترف شبهة، ومن ثم فقد رفض عرض عمر، وناقشه رأيه..وتركه عمر وانصرف..
وفي الغداة، كان معاذ يطوي الأرض حثيثا شطر دار عمر..ولا يكاد يلقاه.. حتى يعنقه ودموعه تسبق كلماته وتقول:
" لقد رأيت الليلة في منامي أني أخوض حومة ماء، أخشى على نفسي الغرق.. حتى جئت وخلصتني يا عمر"..
وذهبا معا الى أبي بكر.. وطلب اليه معاذ أن يشاطره ماله، فقال أبو بكر:" لا آخذ منك شيئا"..
فنظر عمر الى معاذ وقال:" الآن حلّ وطاب"..
ما كان أبو بكر الورع ليترك لمعاذ درهما واحدا، لو علم أنه أخذه بغير حق..
وما كان عمر متجنيا على معاذ بتهمة أو ظن..
وانما هو عصر المثل كان يزخر بقوم يتسابقون الى ذرى الكمال الميسور، فمنهم الطائر المحلق، ومنهم المهرول، ومنهم المقتصد.. ولكنهم جميعا في قافلة الخير سائرون.
ويهاجر معاذ الى الشام، حيث يعيش بين أهلها والوافدين عليها معلما وفقيها، فاذا مات أميرها أبو عبيدة الذي كان الصديق الحميم لمعاذ، استخلفه أمير المؤمنين عمر على الشام، ولا يمضي عليه في الامارة سوى بضعة أشهر حتى يلقى ربه مخبتا منيبا..
وكان عمر رضي الله عنه يقول:
" لو استخلفت معاذ بن جبل، فسألني ربي: لماذا استخلفته؟ لقلت: سمعن نبيك يقول: ان العلماء اذا حضروا ربهم عز وجل ، كان معاذ بين أيديهم"..
والاستخلاف الذي يعنيه عمر هنا، هو الاستخلاف على المسلمين جميعا، لا على بلد أو ولاية..
فلقد سئل عمر قبل موته: لو عهدت الينا..؟ أي اختر خليفتك بنفسك وبايعناك عليه..لأجاب قائلا:
" لو كان معاذ بن جبل حيا، ووليته ثم قدمت على ربي عز وجل، فسألني: من ولّيت على أمة محمد، لقلت: ولّيت عليهم معاذ بن جبل، بعد أن سمعت النبي يقول: معاذ بن جبل امام العلماء يوم القيامة".
النبي صلى الله عليه وسلم يحب معاذ رضى الله عنه
قال الرسول صلى الله عليه وسلم يوما: " يا معاذ.. والله اني لأحبك فلا تنس أن تقول في عقب كل صلاة: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك"..
أجل اللهم أعنّي.. فقد كان الرسول دائب الالحاح بهذا المعنى العظيم الذي يدرك الناس به أنه لا حول لهم ولا قوة، ولا سند ولا عون الا بالله، ومن الله العلي العظيم..
ولقد حذق معاذ لدرس وأجاد تطبيقه..
لقيه الرسول ذات صباح فسأله: "كيف أصبحت يامعاذ"..؟؟
قال: " أصبحت مؤمنا حقا يا رسول الله".
قال النبي:"ان لكل حق حقيقة، فما حقيقة ايمانك"..؟؟
قال معاذ: " ما أصبحت قط، الا ظننت أني لا أمسي.. ولا أمسيت مساء الا ظننت أني لا أصبح..
ولا خطوت خطوة الا ظننت أني لا أتبعها غيرها..
وكأني أنظر الى كل امة جاثية تدعى الى كتابها..
وكأني أرى أهل الجنة في الجنة ينعمون..
وأهل النار في النار يعذبون.."
فقال له الرسول: " عرفت فالزم"..
أجل لقد أسلم معاذ كل نفسه وكل مصيره لله، فلم يعد يبصر شيئا سواه..
ولقد أجاد ابن مسعود وصفه حين قال: "ان معاذا كان أمّة، قانتا لله حنيفا، ولقد كنا نشبّه معاذا بابراهيم عليه السلام"..
وكان معاذ دائب الدعوة الى العلم، والى ذكر الله..
وكان يدعو الناس الى التماس العلم الصحيح النافع ويقول:" احذروا زيغ الحكيم.. وارفوا الحق بالحق، فان الحق نورا"..!!
وكان يرى العبادة قصدا، وعدلا..
قال له يوما أحد المسلمين: علمني.
قال معاذ: وهل أنت مطيعي اذا علمتك..؟
قال الرجل: اني على طاعتك لحريص..
فقال له معاذ: " صم وافطر.. وصلّ ونم..واكتسب ولا تأثم ولا تموتنّ الا مسلما..واياك ودعوة المظلوم"..
وكان يرى العلم معرفة، وعملا فيقول: " تعلموا ما شئتم أن تتعلموا، فلن ينفعكم الله بالعلم جتى تعملوا"..
وكان يرى الايمان بالله وذكره، استحضارا دائما لعظمته، ومراجعة دائمة لسلوك النفس.
يقول الأسود بن هلال: " كنا نمشي مع معاذ، فقال لنا: اجلسوا بنا نؤمن ساعة"..
ولعل سبب صمته الكثير كان راجعا الى عملية التأمل والتفكر التي لا تهدأ ولا تكف داخل نفسه.. هذا الذي كان كما قال للرسول: لا يخطو خطوة، ويظن أنه سيتبعها بأخرى.. وذلك من فرط استغراقه في ذكره ربه، واستغراقه في محاسبته نفسه..
ما قاله عند موته رضى الله عنه
وحان أجل معاذ، ودعي للقاء الله...وفي سكرات الموت تنطلق عن اللاشعور حقيقة كل حي، وتجري على لسانه ،ان استكاع الحديث، كلمات تلخص أمره وحياته.. وفي تلك اللحظات قال معاذ كلمات عظيمة تكشف عن مؤمن عظيم. فقد كان يحدق في السماء ويقول مناجيا ربه الرحيم:
" الهم اني كنت أخافك، لكنني اليوم أرجوك، اللهم انك تعلم أني لم أكن أحبّ الدنيا لجري الأنهار، ولا لغرس الأشجار.. ولكن لظمأ الهواجر ومكابدة الساعات، ونيل المزيد من العلم والايمان والطاعة"..
وبسط يمينه كأنه يصافح الموت، وراح في غيبوبته يقول: " مرحبا بالموت.. حبيب جاء على فاقه"..
وسافر معاذ الى الله..
abohmam
16-04-2015, 01:49 AM
جزاك الله خيرا أخانا المسلم
مشاركة دسمة ونافعة عن سيرة صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم
إذا تم عرض كل صحابي فى مشاركة مع التنسيق الجيد كان افضل للوصول السريع من خلال البحث
وللإضافة فى موقع البحث جوجل من خلال موقعنا ليصل اليها الباحثون أيضا للفائدة
جزاك الله خيرا وفى إنتظار المزيد
انـا مسلم
16-04-2015, 02:24 AM
بارك الله فيكم ان شاء الله مشكور اخوي :abc_087:abohmam :abc_088:على المرور والاطراء الجميل بارك الله فيك . والقادم اجمل ان شاء الله
http://img.el-wlid.com/imgcache/2014/10/890289.gif
azizsoft
16-04-2015, 02:54 AM
جزاك الله خيرا أخانا الفاضل وبارك الله فيك
أبو يوسف
16-04-2015, 05:00 PM
بارك الله فيك أخانا الفاضل
هـم صفوة الأقوام فاعرف قدرهـم = وعلى هـداهـم يا مـوفق فاهتـدِ
واحفظ وصية أحمد في صحبــه = واقطـع لأجلهم لسـان المفســدِ
عرضي لعرضهم الفداء وإنهــم =أزكى وأطـهر من غمام أبـــردِ
فالله زكاهـم وشرّف قـدرهـــم = وأحلهـم بالديـن أعـلى مقعــدِ
شهدوا نزول الوحي بل كانوا لــه = نعم الحمـاة من البغـيض الملحـدِ
بذلوا النفوس وأرخصوا أمـوالهـم =في نصـرة الإسـلام دون تـرددِ
ما سبـهــم إلا حقـيـرٌ تـافــــهٌ =نـذلٌ يشــوهـهم بحـقـدٍ أســـودِ
لغبـارُ أقدام الصحابة في الـردى = أغلى وأعلى من جبـين الأبعــدِ
ما نال أصحابَ الرسول سوى امرء = تمـت خسارتـه لسـوء المقصـدِ
هـم كالعيـون ومسـها إتلافـهـا = إيـاك أن تدمـي العيـون بمـرودِ
من غيرهم شـهد المشاهد كلهــا = بـل من يشابهـهم بحُـسن تعبـدِ
ويـلٌ لمن كان الصحابة خصمـَه = والحاكـمُ الجبـارُ يـوم الموعـدِ
كل الصحابة عادلون وليس فــي = أعراضهم ثـلبٌ لكـل معـربــدِ
أنسيـت قـد رضي الإله عليـهـم =في تـوبةٍ وعلى الشهادة فاشهــدِ
انـا مسلم
02-05-2015, 02:17 AM
http://store2.up-00.com/2015-05/1430521407431.gif [you]
vBulletin® v3.8.11, Copyright ©2000-2024, abohmam