المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شرح سورة المجادلة


أبوعرفات
31-03-2020, 08:42 PM
تفسير سورة المجادلة (https://aboarafat.com/%d8%aa%d9%81%d8%b3%d9%8a%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%b4%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%ae%d9%8a%d8%b1/%d8%aa%d9%81%d8%b3%d9%8a%d8%b1-%d8%b3%d9%88%d8%b1%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%ac%d8%a7%d8%af%d9%84%d8%a9/) من سلسلة تفسير العشر الأخير (https://aboarafat.com/%d8%aa%d9%81%d8%b3%d9%8a%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%b4%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%ae%d9%8a%d8%b1/) لفضيلة الشيخ محمد نبيه يوضح فيها تعريف سورة المجادلة وسبب نزولها وما سبب تسميتها بهذا الاسم؟

لماذا سميت سورة المجادلة بهذا الاسم؟
نبدأ بتوضيح طريقة نطقها فتنطق المجادِلة أو المجادَلة.

المجادَلة على أنها تضمنت جدالاً وحوارا دار بين الرسول ﷺ وبين من جاءت تسأله.

والمجادِلة على أن المحاور كانت أنثى وهي عائدة على خولة بنت ثعلبة الأنصارية الخزرجية رضي الله عنها وأرضاها، فسميت السورة باسمها كمجادلة أو محاورة للنبي ﷺ.

عدد آيات سورة المجادلة
عدد آيات سورة المجادلة اثنتان وعشرون آية، وهي من السور المدنية التي نزلت في مدينة رسول الله ﷺ وكانت قد نزلت بعد سورة المنافقون.

شرح سورة المجادلة
الآية الأولى
تضمنت الآية الأولى من سورة المجادلة سبب نزول سورة المجادلة وهو أن مشكلة حدثت في بيت أحد الصحابة الكرام وهو أوس بن الصامت رضي الله عنه نتج عنها قوله لامرأته أنتي عليا كظهر أمي.

فجاءت زوجته تشكوه للنبي ﷺ وتجادله حتى نزل قول الله تعالى: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ﴾

معاني الكلمات
معنى ﴿قَدْ﴾
معنى كلمة قد عند علماء العربية يقولون (قد) يختلف معناها إذا دخلت على الماضي وإذا دخلت على المضارع، إذا دخلت على الماضي أفادت التحقيق يقولون: فلان قد أبصر يعني تحقق له البصر.
وإذا دخلت على الفعل المضارع تفيد التقليل يعني لو كان الانسان في جو صائف يقولون: قد يمطر الجو. وعندما تتعامل مع انسان بخيل يقولون: قد يجود البخيل. وهذا معنى (قد) في كلام البشر.

أما إذا دخلت (قد) في أي شئ من القرآن على الماضي تفيد التحقيق ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ﴾، وعلى المضارع تفيد التحقيق ﴿قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ﴾، فكلام الله يختلف عن كلام البشر.

معنى ﴿وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ﴾
الشكوى هي اخراج مكنون الضمير، كل منا في ضميره أشياء وخواطر تخطر على باله وهموم تلم بأحواله، لذلك جاءت وهي تشتكي إلى الله أخرجت ما بداخلها.

﴿الله﴾ تكرر لفظ الجلالة في الآية الأولى أربع مرات، وهذا فيه تربية المهابة في قلوب العباد، يربي الانسان على مهابة الله تبارك وتعالى.

تفسير الآية الثانية حتى الآية الرابعة
نزل من السماء حكم الظهار وكفارته فأصبح الظهار منكراً من القول لأن الرجل يجعل امرأته كأمه.

لذلك الله تعالى قال في كتابه: ﴿الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ ۖ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ ۚ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَرًا مِّنَ الْقَوْلِ وَزُورًا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ۚ ذَٰلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ۖ فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ۚ ذَٰلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ۚ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ۗ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾.

كفارة الظهار
هي عتق رقبة إن استطاعها، فإن لم يستطع عتق الرقبة عدل عنها إلى صيام شهرين متتابعين دون خلل بينهما.

فإن أطاق الصيام يصوم قبل أن يمس امرأته حتى يُكفر والتماس كلمة واسعة تطلق على جميع أنواع التمتع.

فإذا لم يطق الصيام يعدل عن الصيام إلى اطعام ستين مسكيناً، وبين الله في كتابه أن الكفارات من حدود الله وينبغي أن نحترم حدود الله تبارك وتعالى.

تفسير الآية الخامسة
﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۚ وَقَدْ أَنزَلْنَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ۚ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ﴾

معاني الكلمات
معنى ﴿يُحَادُّونَ﴾
المحادة هي المخالفة والمشاققة، من يخالف أمر الله يقولون فلان حاد الله والحريص على المخالفة محادد، والذين يحادون الله ورسوله أي يخالفون الله ورسوله عاقبتهم الكبت.

معنى ﴿كُبِتُوا﴾
الكبت مرض نفسي، وهو عبارة عن امتلاء القلب بالغيظ ويمتلأ القلب بالغيظ إذا ما أصاب الانسان خزي في دنياه.

فإذا امتلأ قلبه بالغيظ اعتراه المرضى النفسي ولربما حمله المرض على لزوم البيت وعدم الخروج، فالكبت غيظ إثر خزي ولطالما الله تبارك وتعالى أذهب غيظ قلوب المؤمنين كما ذكر تعالى في كتابه.

﴿كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ﴾: فيها إشارة إلى ما حدث من نصر الله تبارك وتعالى لرسوله يوم بدر.

في يوم بدر أذهب الله تعالى غيظ قلوب المؤمنين وملأ قلوب المشركين بالكبت، وكذلك في يوم الأحزاب أذهب الله غيظ قلوب المؤمنين بنصرهم على المشركين وعلى من عاونهم وتحزب معهم على رسول الله ﷺ.

تفسير الآية السادسة
﴿يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا ۚ أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ ۚ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾

شرح الآية
في هذه الآية تهديد لكل مكلف فالانسان منا تعتريه أحوال فلربما عند الأحوال يصدر منه قول أو فعل، فلربما صدر بسوء ويغفل عنه يسئ القول والفعل ثم تصيبه غفلة وينسى أنه قد أساء، غير أن الله تبارك وتعالى يحصي على العباد كل شئ.

قال تعالى: ﴿وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُّسْتَطَرٌ﴾، ﴿وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ﴾.

وقال تعالى: ﴿وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ ۖ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَىٰ بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا﴾.

وقال تعالى: ﴿وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا ۚ وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا ۗ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا﴾.

تفسير الآية السابعة
﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۖ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَىٰ ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَىٰ مِن ذَٰلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ۖ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾

شرح الآية
هذه الآية فيها افادة بأن الله لا يخفى عليه شئ في الأرض ولا في السماء، لا يخفى عليه ما في قاع البحار والميحطات ولا مما في بطون الصخور، الله تعالى كشف كل شئ وعلم كل شئ.

وكذلك فيها معية الله تبارك وتعالى ومن معيته عز وجل معية كشف وعلم: الله مع الثلاثة ومع الواحد معه بعلمه وأمره، معه بكشفه يعلم كل شئ يضمره فضلا عن كل شئ يبديه، ومعية الكشف والعلم مع كل الخلائق يكشف أحوالهم ويحصي عليهم أعمالهم.

المقاصة يوم القيامة
حتى مع غير العاقل بدليل أن مقاصة ستكون يوم القيامة بين غير المكلفين، والنبي ﷺ قال في الحديث: (لَتُؤَدُّنَّ الحقوق إلى أهلها يوم القيامة، حتى يقاد للشاة الجَلحاء من الشاة القَرناء).

وبعدما يقتص الله للمظلوم من ظالمه من الحيوانات يقول الله لها: كوني تراباً فتصبح تراباً لأنها ليس لها جنة وليس لها نار.

وعندما تصبح الحيوانات ترابا يتمني الكافر أن لو كان ترابا ﴿وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا﴾، أي يا ليتني كنت مثل هذه الحيوانات فاقتص مني وصرت ترابا ولا أعذب بنار.

معية الكشف والعلم والاحاطة
واعلم عزيزي القارئ بأن الله تعالى بذاته مستو على عرشه فوق سماواته كما قال تعالى: ﴿الرَّحْمَٰنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَىٰ﴾.

فمقولة الله في كل مكان تحتاج إلى توضيح، الله في كل مكان بذاته هذه والعياذ بالله كلمة غير طيبة لذلك الله بذاته مستو على عرشه فوق سماواته، أما الله في كل مكان فهي بعلمه واحاطته وكشفه وأمره.

معية التأييد والنصرة
ومن معية الله تعالى معية التأييد والنصرة والدفع وهذه المعية للمؤمنين خاصة ﴿إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا﴾، ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ﴾، ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾.

فأصحاب الصفات من المؤمنين لهم معية الرحمن سبحانه وتعالى معهم بتأييده ونصره وفرجه وتيسيره وعنايته فمن كان الله معه فلا يحزن فإذا فزت بمعية الله لا حزن يعتريك ولا هم يعتليك لذلك احرص على تحقيق الصفات عساك أن تحظى بمعية الله تبارك وتعالى.

معنى ﴿نَّجْوَىٰ﴾
التناجي الكلام في السر، ولا يقال نجوى إلا إذا كان العدد ثلاثة، ومن ثم في الحديث قال رسول الله ﷺ: (إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجا اثنان دون الآخر).

تفسير الآية الثامنة
﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَىٰ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ ۚ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا ۖ فَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾

شرح الآية
في تفسير مقاتل بن سليمان يبين رحمه الله أن موادعة كانت بين رسول الله ﷺ وبين اليهود، والنبي ﷺ لما قدم المدينة كان يعلم بأن بها يهودا ونصارى وأن بها أناساً غير مسلمين.

فلما أراد أن يبني دولته كتب دستور الدولة وضمن فيه لجميع قاطني المدينة حق المواطنة غير أنه ألزم كل طرف بحقوق عامة ثم ألزم كل طرف بحقوق خاصة.

كتب وثيقة تعايش بين سكان المدينة، ألزم الجميع الدفاع عن المدينة إذا داهمها عدو، وألزم الجميع عدم مناوءة غير أهل المدينة على حرب أهل المدينة.

تناجي اليهود
وكان من جملة هذا وادع اليهود وشرط عليهم ثم من بعدها كان اذا اجتمع اليهود ووجدوا مسلم في الطريق فيتناجون فيتوجس المؤمن فنهاهم النبي ﷺ أن يفعلوا هذا وقال لهم دعوكم من هذا التناجي فإن هذا يحدث فجوة في قلوب غيركم، كلنا سكان المدينة وشرطنا واحد، فعندما تأخذ الموافق لك وتناجيه إذا مر بك المخالف في هذا ايهام للمخالف بأنك عليهم ولست معه ولا له.

فلما نهاهم ﷺ عن التناجي قالوا يا محمد ننتجي ثم عادوا لمثلها فنزل قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَىٰ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ﴾ في هذا افادة بأن التناجي إذا كان بالبر والتقوى جائز لكن المحرم التناجي بالاثم والعدوان ومعصية الرسول ﷺ.

مخالفة اليهود للنبي ﷺ
ثم كان من شأنهم إذا جاءوا النبي ﷺ ما كانوا يحيونه بتحية الله وهي السلام إنما كانوا يعدلون عنها إلى هوى يقولون له: (السام عليك يا محمد).

والسام معناها الموت والهلاك وهذه مخالفة ومحاددة للنبي ﷺ، ويقولون في أنفسهم استهزاء وسخرية ﴿لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ﴾ فقال الله تعالى: ﴿حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا ۖ فَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾.

شرح سورة المجادلة (https://www.youtube.com/watch?v=6jY59jBpkns)