مشاهدة النسخة كاملة : القَلْبُ المكانيُّ . .
جروح بارده
12-08-2009, 01:18 PM
القلبُ المكانيُّ ..
من (شرح شافيةِ ابنِ الحاجب) ..
لرضيِّ الدينِ الاستراباذيّ .
قال * : " ثم إن كان قلبٌ في الموزونِ قُلِبَتِ الزِّنَةُ مثلَه كقولِهم في آدُرٍ أعْفُل ، ويُعرفُ القلبُ بأصلِهِ ، كناءَ يناءُ مع النأيِ ، وبأمثلةِ اشتقاقِهِ كالجاهِ والحادي والقِسيِّ ، وبصحتهِ كأيِسَ ، وبقلةِ استعماله كآرامٍ وآدُر ، وبأداءِ تركِهِ إلى همزتين عند الخليلِ نحوَ جاءٍ ، أو إلى منْعِ الصرفِ بغيرِ علةٍ على الأصحِّ نحوَ أشياءَ ، فإنّها لفْعاءُ ، وقال الكسائيُ أفعالٌ ، وقال الفرّاءُ أفْعاءٌ وأصلُها أفْعِلاء ، وكذلك الحذفُ كقولِك في قاضٍ فاعٍ ، إلا أن يُبيَّنَ فيهما "
أقولُ :
" يعني بالقلبِ تقديمَ بعضِ حروفِ الكلمة على بعضٍ ، وأكثرُ ما يتفقُ القلبُ في المعتلِّ والمهموزِ ، وقد جاء في غيرهما قليلاً ، نحو امْضَحَلَّ واكْرَهَفَّ في اضْمَحَلَّ واكفهرَّ ، وأكثرُ ما يكونُ بتقديمِ الآخرِ على متلوِّهِ كَنَاءَ يَنَاءُ في نأى ينْأى ، وراءَ في رأى ، ولاعٍ وهاعٍ وشَوَاعٍ ، في لائعٍ وهائعٍ وشوائعٍ ، والمهاةُ وأصلُها الماهةُ ، وأَمْهَيْتُ الحديدَ في أمهْتُهُ ، ونحو جاءٍ عند الخليلِ ، وقد يُقدّمُ متلوُّ الآخر على العينِ ، نحو طأْمَنَ ، وأصلُهُ طَمْأَنَ ، لأنه من الطمأنينةِ ، ومنه اطمأنَّ يطمئنُّ اطمئنانًا ، وقد تُقدّمُ العينُ على الفاء كما في أَيِسَ وجاهٍ وأينُقٍ والآراءِ والآبارِ والآدُرِ ، وتقدّمُ اللامُ على الفاء كما في أشياء على الأصحِّ ، وقد تؤخَّرُ الفاءُ عن اللام ِ كما في الحادي وأصلُهُ الواحد " ..
~*~
بسمِ اللهِ الرحمن الرحيم ..
نبدأ ـ على بركةِ الله ـ بتحليلِ الأمثلةِ الواردة في الشرح ، ومنكم ـ أساتذتي الأفاضل ـ التصحيح ( بالقلمِ الأحمر ) .. http://www.abc4web.com/vb/images/smilies/smile.gif
مواضعُ القلبِ :
أ) تقديم الآخر على متلّوِه :
من أمثلته :
نَاءَ يناءُ ، في : نأى ينْأى
(ناءَ يناءُ ) مقلوب (نأى ينْأى ) ..
ما الذي حدث ؟
قُدّمت الألف في (نأى) وأُخِّرَتِ الهمزةُ ( طبعاً ؛ أصبحت الألفُ مدةً طبيعية بعد النون) ، فصارت (ناءَ ) !
وزنُ الكلمةِ :
قبلَ القلب : [ نأى : فَعَل ] ؟
بعد القلب :[ ناءَ : فَلَعَ َ ]
~*~
راءَ في رأى .
(راءَ ) مقلوب (رأى ) ..
أيضًا ، قدموا الألفَ ، وأخروا الهمزةَ .
الوزن ،
قبل : [رأى : فَعَلَ ]
وبعد : [راءَ : فَلَعَ ]
~*~
لاعٍ في لائع .
(لاعٍ ) مقلوب (لايع ) (1) [اسم فاعلٍ من لاعَ ] (2)
لايع : ( هنا حدث قلبٌ مكاني) ، حيث قُدّمت العين على الياء ، فصارت : لاعي ..
ثم أعِلّتْ إعلالَ قاضٍ ، فصارت : لاعٍ !
الوزن :
لايع : فاعِل ، ( قبل القلب) .
لاعي : فالِع ، ( بعد القلب ) .
لاعٍ : فالٍ ، ( بعد القلبِ ، والإعلال) .
~*~
هاعٍ في هائِع .
( هاعٍ ) مقلوبُ ( هايِع ) :
قُدّمتِ العينُ على الياء ِ ، فصارتْ : ( هاعي ) ، ثمَّ أُعِلّتْ إعلالَ (قاضٍ ) فصارتْ (هاعٍ ) ..
وعلى نفسِ وزنِ الكلمة السابقة :
هايع : فاعِل
هاعي : فالِع
هاعٍ : فالٍ .
~*~
شواعٍ في شوائع (3) .
(شواعٍ ) مقلوب ( شوايِع )(4) :
قُدّمتِ العينُ على الياء ، فصارت : ( شواعِي ) ، ثم أُعِلّت إعلالَ قاضٍ ، فصارت : شَوَاعٍ ..
وزن الكلمة :
شوايِع : فواعِل ( قبلَ القلْب)
شواعِي : فَوَالِع ( بعد القلب )
شواعٍ : فَوَالٍ ( بعد القلبِ والإعلال ) ؟
صح ؟
... أُتابِع ؟
http://www.abc4web.com/vb/images/smilies/smile.gif
ـــــــــــــــــــــــــ ـ
*قال = ابن الحاجب .
أقول = الرضي (الشارح) .
1) تقولُ : رجلٌ هائعٌ لائعٌ : أي جبانٌ ضعيفٌ جزوع .
2) القياس : لاعَ لائع ، مثل : باع بائع (أصلها لايع أو لاوع؟ / : وقعت الياء/ الواو ، عيناً لاسم فاعلِ فعْلٍ اُعلّتْ فيه ، فقلبت همزة وجوبًا) ،
ولكن القلب المكاني (قبل إعمالِ هذا القانون الصرفي ) ، أزال سببَ الإعلال ؟ (أسأل).
3) شوائع : جمعُ شائعة ؛ تقولُ أخبارٌ شائعة ، وشوائعُ ، إذا كانت منتشرة .
4) جمع تكسير ، القياس ( شوائع ) تبعاً للقانون السابق .
لتحميل الشرح
الجزء الأول (http://www.archive.org/download/shfeh/ahfeh001.pdf)
الجز الثاني (http://www.archive.org/download/shfeh/ahfeh002.pdf)
الجزء الثالث (http://www.archive.org/download/shfeh/ahfeh003.pdf)
شرح شواهده (http://www.archive.org/download/shfeh/ahfeh004.pdf)
سالي الفلسطينية
12-08-2009, 01:35 PM
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
سالي الفلسطينية
12-08-2009, 01:35 PM
اسم الله عليكي يا نور الايمان عاملة متل الزبدية الصينية وين ما حطيناكي بترني ...
..
أبو يوسف
12-08-2009, 03:35 PM
شافية ابن الحاجب في علم الصرف لرضي الدين الأستراباذي, من أفضل و أهم المراجع في هذا الجانب, فهي موسوعة صرفية جمة الفوائد.
لتحميل الشرح
الجزء الأول (http://www.archive.org/download/shfeh/ahfeh001.pdf)
الجز الثاني (http://www.archive.org/download/shfeh/ahfeh002.pdf)
الجزء الثالث (http://www.archive.org/download/shfeh/ahfeh003.pdf)
شرح شواهده (http://www.archive.org/download/shfeh/ahfeh004.pdf)
جروح بارده
12-08-2009, 05:22 PM
بارك الله فيك استاذ ابو يوسف
وجاري التحميل ان شاء الله
جروح بارده
12-08-2009, 05:23 PM
بسمِ اللهِ ، وعلى بركةِ اللهِ ، نتابعُ ما بدأناه ..
والمهاةُ وأصلُها الماهةُ :
(المهاةُ) مقلوبُ (الماهة) :
قدمت الهاءُ على الألف ، فصارت المَهاة .
وأمهيتُ الحديدَ في أمَهْتُهُ :
أمهيتُ :
من الفعل : أماهَ يُميهُ
أمَاهَ + ت الفاعل = أمَاهْتُهُ / أمَهْتُهُ :
بني الفعلُ على السكونِ لاتصالهِ بتاءِ الفاعلِ ، فالتقى سكونُ البناءِ مع سكون ِ الألف ،
فحُذفتِ الألفُ منعًا لالتقاءِ الساكنين ، فصارت (أمَهْتُهُ ) .. مثل ( أقمتُه ، أبنْتُه .. إلخ ) هذا هو الأصل ..
لكنّ الذي حدث هنا ، أن الألف لم تحذفْ ، وإنما قلبت إلى ياء ، فصارت هكذا :
(أمْيَهْتُه) ،
ثم حدث القلبُ : بأن قُدِّمتِ الهاءُ على الياءِ ، فصارتْ (أمْهَيتُه ) !
(كذا ؟ أرجو التصحيح قبل أن أبتدعَ صرْفًا جديدًا ) http://www.abc4web.com/vb/images/smilies/redface.gif
الوزن :
قبل القلب : (أفْعَلْتُهُ ) .
بعدَ القلْبِ : ( أفْلَعْتُهُ ) .
~*~
وجاءٍ ، عند الخليل :
جاءٍ : اسمُ فاعلٍ من الفعل جَيَأَ (1) ، (على رأي)
إذن أصلُه : جَيَأَ : واسم الفاعل منه جايِئ .
ثم حدث قلبٌ : بأن قُدِّمت الهمزةُ على الياء ، فصارتْ (جائي ) ،
ثم أُعلّت إعلالَ قاضٍ ، فصارت ( جَاءٍ ) .
الوزن :
جايئ : فاعِل (قبلَ القلبِ )
جائي : فالِع (بعدَ القلب )
جاءٍ : فالٍ (بعد القلبِ والإعلال) .
~*~
ب) تقديم متلوِّ الآخرِ على العين :
من أمثلتِه :
طأْمَنَ : مقلوب : طَمْأَنَ ( من الطمأنينة ) .
الوزن :
طمْأَن : فَعْلَلَ ( قبل القلب ) .
طأْمَنَ : فَلْعَلَ (بعدَ القلب ) .
~*~
ج) تقديمُ العينِ على الفاء :
من أمثلتِه :
(أَيِسَ) :
مقلوبُ (يَئِسَ ) :
قُدّمتِ العينُ على الفاءِ ، فصارتْ (أَيِسَ ) .
الوزن :
قبل القلب : يئِسَ ( فَعِلَ ) .
بعد القلب : أيِسَ ( عَفِلَ ) .
~*~
جاه :
أصلُها : (وَجَهَ ) ، من الوجْهِ والوجاهة .
حدث قلبٌ ، بأن قُدّمت العينُ على الفاءِ ، فصارتْ ( جَوَهَ ) :
تحركتِ الواوُ وانفتح ما قبلَها ، فقُلِبتْ ألفًا ، فصارتْ (جاه ) .
الوزن :
قبل القلب : ( فَعَل ) .
بعد القلب : ( عَفَل ) . ؟
~*~
أيْنُق :
أينُق ، مقلوب : أنْيُق (2)
جمعُ قِلة ، على وزنِ (أفْعُل) .
قدموا العينَ على الفاء ، فصارت (أيْنُق) .
الوزن :
قبل القلب : أنيُق (أفْعُل) .
بعد القلب : أَيْنُق (أَعْفُل) .
~*~
الآراء :
جمعُ (رأي) ، على أفْعَال ، فكان القياسُ (أرْأاي ) !
(أرْأاي) : تطرّفتِ الياءُ بعد ألفٍ زائدةٍ فقُلِبتْ إلى همزةٍ ، فصارت (أرْأاء ) :
وفي هذه المرحلة حدث القلب :
قُدِّمتِ الهمزة (عينُ الكلمة) على الراء (فاءِ الكلمة) ، فصارتْ (أَأْراء ) :
فاجتمعتْ همزتان : الأولى متحركة ، والثانيةُ ساكنة ، فَقُلِبتْ الثانيةُ مدّةً من جنْسِ حركةِ الأولى ، فصارتْ (آراء ) .
الوزن :
قبلَ القلب : أَرْآء (أفْعال)
بعْد القلب : آراء (أعْفال)
~*~
الآبار :
جمعُ (بِئْر) ، على أفْعَال ، فكان القياسُ ( أَبْأار) .
ثم حدث القلبُ بين العينِ والفاءِ ، فصارتْ (أَأْبار) ..
فاجتمعتْ همزتان : متحركة ، و ساكنة ، فَقُلِبتْ الثانيةُ مدّةً من جنْسِ حركةِ الأولى ، فصارتْ ( آبار) .
الوزن :
قبلَ القلب : أَبْأار (أفْعال)
بعْد القلب : آبار (أعْفال) .
= يتبع .. قريبًا (إنْ شاءَ الله ) .
ــــــــــــــــــــــ
(1) جَيَأَ = جَاءَ (تحركت الياءُ وانفتحَ ما قبلَها فقُلِبتْ ألفًا) .
(2) جمعُ ناقة .
جروح بارده
12-08-2009, 05:24 PM
http://www.abc4web.com/vb/images/smilies/smile.gif
آدُر :
جمع (دار) على أفْعُل ، فكان القياس ( أَدْوُر) ..
وقعت الواوُ متوسطةً ، ومضمومةً ضمةً لازمة ، فقُلِبت إلى همزة "جوازًا" فصارت :
أدؤُر (أفْعُل) .. وهنا حدث القلب المكاني :
قُدّمت الهمزة "الثانية" عينُ الكلمة ، على الدال : فاء الكلمة ، فصارت : أَأْدُر ، بهمزتين ،
الأولى متحركة ، والثانية ساكنة ، فَقُلِبتْ الثانيةُ مدّةً من جنْسِ حركةِ الأولى ، فصارتْ :
( آدُر) .
الوزن :
قبل القلب : أفْعُل
وبعد القلب : آدُر : أعْفُل .
~*~
د) تقديم اللامِ على الفاء :
من أمثلتِه :
أشياء ( على رأي ) (1)
يقولون إن أصل (أشياء) شَيْئاء ، على وزن (فَعْلاء ) !
ثم حدث قلبٌ ، بأن قُدِّمت اللام (الهمزةُ الأولى ) على الفاء (الشين) ، فصارت (أشياء) !
الوزن :
قبل القلب : شيْئاء (فَعْلاء) .
بعد القلب : أشياء (لفْعاء) .
:
وقد تؤخرُ الفاءُ عن اللامِ :
ومن أمثلته :
الحادي :
الحادي : من الوحدة / فأصلُه (الواحِد / الفاعِل) .
( الواو : فاء الكلمة / والحاء : عينُها / والدال : لامُها ) .
ثم حدث القلب : بأن أُخِّرتْ الفاء (الواو) إلى ما بعد اللام ، فصارتْ :
الحادِو (الدالُ مكسورة ) .
فوقعت الواو متطرِّفةً بعد كسرة ، فقُلِبتْ إلى [ياء] ، فصارتْ (الحادي) .
الوزن :
الواحد : الفاعِل
الحادي : العالِف !
http://C:\Users\Admin\Pictures\فلور.gif
وبهذا نكون قد انتهينا من (مواضعِ القلْب ) ..
يبقى موضوعٌ آخرُ ذو صِلة وهو : (علاماتُ القلْب ) ..
قريبًا ، إن شاء الله
ــــــــــــــــ
(1) في هذه الكلمة عدة آراء ، أحدها هذا الرأي المبني على القول بـ (القلب) ، والذي قادهم إليه أنهم وجدوها ممنوعة من الصرف ،
{لا تسألوا عن أشياءَ } فبحثوا عن سببِ المنع ، وانتهوا إلى القول بأنها في الأصل مقلوب (فعْلاء) الممنوعةِ من الصَّرف للتأنيث ..
(وهذا مذهبُ سيبويه ) وسيتضح ذلك عند الحديث عن (علامات القلب ) إن شاء الله
جروح بارده
12-08-2009, 05:24 PM
س : ما الذي جعلنا نحكمُ بـ : أنّ رَاءَ مقلوبُ رأى ، ونَاءَ مقلوبُ نأى ، وليس العكس ؟
وأن الحادي مقلوبُ الواحِد ، وأَيِسَ مقلوبُ يَئِس ، وأشياءَ مقلوبُ شيئاء ... إلخ ؟
يشيرُ ابنُ الحاجبِ إلى بعضِ العلاماتِ أو الدلائلِ التي قد يستعانُ بها في معرفةِ المقلوبِ من الأصل ..
نعودُ إلى قولِه السابقِ ، لكنْ من ناحيةٍ أخرى ... يقول : " ثم إن كان قلبٌ في الموزونِ قُلِبَتِ الزِّنَةُ مثلَه كقولِهم في آدُرٍ أعْفُل ، ويُعرفُ القلبُ بأصلِهِ ، كناءَ يناءُ مع النأيِ ، وبأمثلةِ اشتقاقِهِ كالجاهِ والحادي والقِسيِّ ، وبصحتهِ كأيِسَ ، وبقلةِ استعماله كآرامٍ وآدُر ، وبأداءِ تركِهِ إلى همزتين عند الخليلِ نحوَ جاءٍ ، أو إلى منْعِ الصرفِ بغيرِ علةٍ على الأصحِّ نحوَ أشياءَ ، فإنّها لفْعاءُ ، وقال الكسائيُ أفعالٌ ، وقال الفرّاءُ أفْعاءٌ وأصلُها أفْعِلاء ، وكذلك الحذفُ كقولِك في قاضٍ فاعٍ ، إلا أن يُبيَّنَ فيهما "
ومنهُ نستخْلِصُ علاماتِ القلْب :
أولى العلاماتِ التي يُعرفُ بها القلبُ : الأصلُ وأمثلةُ اشتقاقِه :
كـ (ناءَ يناءُ ) مقلوبِ (نأى ينأى ) !
فإن الأصل النأيُ ، بهذا الترتيب : ( ن / أ / ي ) ، فالأصلُ ما جاء على هذا الترتيب ، وما خالفَه مقلوبٌ منه ..
وكذلك (الجاهُ ، الحادي / القِسِيُّ ) .
الأولى : من الوجْهِ ( و / ج / هـ ) فالأصلُ هذا الترتيب ، وما خالفَه مقلوبٌ منه .
والثانيةُ : من الوَحْدة ( و / ح / د ).
والثالثةُ : من القَوْس ( ق / و/ س)..
وهكذا ...
العلامةُ الثانية : صِحّة الكلمة .
ويعني بصحةِ الكلمة : سلامتَها من الإعلال رغم كونِها مقتضيةً له ، (بمعنى أن يوجدَ فيها سببٌ مقتضٍ للإعلال ، فلا تُعَلّ ) ..
مثالُ ذلك : (أيِسَ ) مقلوب (يئِسَ ) : تحركتِ الياءُ ، وانفتح ما قبلَها ، فكان القياسُ أن تقلبَ ألفًا ، كما في (بَيَع : باع ، قَوَلَ : قال ) ، لكنها رغمَ ذلك صحّت ،
فاستدلَّ بصِحَّتِها على أنها مقلوبة .. لكن :
هل يعني ذلك : الحكمَ على كلِ كلمةٍ صحّتْ ـ رغم استحقاقِها الإعلالَ ـ بالقلب ؟
يجيب الرضيُّ على هذا التساؤل بقوله " وليس صحةُ الكلمةِ نصًا في كونِها مقلوبة ، إذ قد تكون لأشياءَ أُخَرَ ، كما في حَوِلَ وعَوِرَ واجتَوَروا ، والحَيَدى ... " شرح الشافية 1/22
بمعنى أن الكلمة قد تصح لأسبابٍ أخرى غيرِ القلب .
العلامةُ الثالثة : قِلةُ استعمالِ الكلمة !
أي : إذا وجدنا كلمتين لهما نفسُ المعنى ونفسُ الحروف ، ( مع اختلاف في الترتيب فقط ) .. فإن كثيرةَ الاستعمالِ ـ في الغالب ـ هي الأصل ، والقليلة مقلوبةٌ منها !
مثال ذلك : آرام وآدر !
س : هل قلةُ الاستعمال دليل مطلقٌ على القلْب ؟!
بالطبعِ لا ! " فإنّ رَجْلة ً (جمع رجُل) أقلُ استعمالاً من رِجال ، وليست بمقلوبةٍ منها "شرحُ الشافية 1/22.(1)
س : إذا وردت كلمتان بمعنى واحدٍ يوهم بالقلب ، ولكلٍ منهما أصل ، هل يُحكَم بالقلْبِ فيهما ؟
يجيبُ الرضي : " إذا ثبت لغتان بمعنى يتوهم فيهما القلب ، ولكلِ واحدةٍ منهما أصل ، كـ (جذب جذبًا ، وجَبَذَ جبْذًا ) ، لم يحكم بكون إحداهما مقلوبة من الأخرى ،
ولا يلزم كونُ المقلوبِ قليلَ الاستعمال ، بل قد يكون كثيرًا كالحادي والجاه ، وقد يكون مرفوضَ الأصل كالقِسيّ (2) ، فإنَّ أصلَه ـ أعني القووس ـ غيرُ مستعمل " شرحُ الشافية 1/22.
العلامة الرابعة : أن يؤديَ تركُ القلبِ إلى اجتماعِ همزتينِ .. ( عند الخليل ) :
فالخليل يجزمُ بحدوثِ قلبٍ في الكلمة ، إذا أدّى عدمُ القلبِ فيها ( أي : تركها على الترتيب الأصلي ) إلى اجتماعِ همزتين ..
ويرى أن القلبَ في مثل هذه الحالة قياسي .. فإنه " لما رأى فرارَهم ـ أي العرب ـ من الأداءِ إلى همزةٍ في بعضِ المواضعِ أوجبَ الفرارَ مما يؤدي إلى همزتين "شرح الشافية 1/23.
وإذن فالقلبُ عنده إحدى وسائلِ الفرار ، بل يعدُّها وسيلةً قياسيةً في مثل هذه الحالة ..
وذلك في نحو : جاءٍ وسواءٍ .. وسنُحللُ المثال الأول ، لنرى كيف اجتمعتِ الهمزتان ، فوجَبَ القلب :
جاءٍ ، أصلُه (جايِئ) ـ كما أسلفنا ـ اسمُ فاعل من الفعل : جاءَ ، الذي أصله (جَيَأَ ) عند الخليل .
جايئ : وقعت الواوُ عينًا لاسمِ فاعلِ فعلٍ أعِلَّتْ فيه ، فكان القياسُ أن تقلبَ إلى همزة وجوبًا ، فتكون ـ حسب هذا القانون ـ : (جائِئ) (بهمزتين ) ..
لكنَّ الخليلَ يستبقُ الأحداث ، ويتحاشى الوصولَ إلى هذه المرحلة ، (المؤدية إلى اجتماعِ همزتين) ، فيقومُ بإعادةِ ترتيبِ الحروف ،
وذلك بتغيير موقع الياء التي وقعت عينًا لاسم الفاعل،ـ وكانت قد أُعِلّتْ في فِعْلِه ـ ؛ فأوجبتْ حكماً صرفياً معينًا ؛ يؤدي إجراؤه إلى همزتين ،
( كما يؤدي إلى حدوث إعلالين في كلمةٍ واحدة ؛ كما سنرى في نفس الكلمة عند سيبويه ) ، : فيجعلُ الياءَ ، لامَ الكلمة ، (بعد أن كانت عينَها) ،
ويقدم اللامَ ، لتصبح : جائي : (قلب مكاني ) ..
وبهذا القلب ؛ أزال السببَ المُفضِي إلى الإعلال ، والمؤدي إلى اجتماعِ همزتين مكروهتين !
ثم يُعلها إعلال قاضٍ ، فتصير : جاءٍ .
وعليه ، فكل كلمةٍ أدى تركُ القلبِ فيها إلى اجتماعِ همزتين .. فهي مقلوبة قياسًا (أو يحقُ لها القلبُ قياسًا ) عند الخليل (3) ..
العلامة الخامسة : منعُ الكلمةِ من الصّرفِ بغير علةٍ على الأصح :
من المعروف أن الكلمة لا تُمنعُ من الصرفِ إلا لعلةٍ وسبب ، وأسبابُ المنع ِمعروفة (4) ، فإذا وُجِدتْ كلمةٌ مُنِعتْ من الصرفِ لغيرِ سببٍ ظاهر ، فالغالبُ أنها مقلوبة ..
(هذا هو المفهومُ من عُمومِ عبارة المصنِّف ) .. ومثل لذلك بكلمة : (أشياء) ..
على أنها : جمعُ شيء ، على وزن أفعال ، مثل اسم ، أسماء : (إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا ..) [النجم:23] ، فهي مصروفةٌ في الأصل ،
لكنها وردت ممنوعةً من الصرف ؛ في قولِه تعالى : (يا أيُّها الذيْنَ آمنُوا لا تَسألُوا عَن أشياءَ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُم...) [المائدة :101] !!
وقد تعددت آراءُ النحاةِ في سببِ هذا المنع ، ووزنِ هذه الكلمة ..
والذي يعنينا منها ـ هنا ـ الرأيُ الأول ، المبنِي على القولِ بالقلْب ، وهو رأيُ الخليل وسيبويه ..
فالكلمةُ عندهما جمعُ شيء ، وأصلُها (شيْئَاء) على وزنِ فَعْلاء ، (مثل حمراء ، الممنوعة من الصرف للتأنيث ) ..
وقعت الألفُ بين همزتين ، فقُدّمت اللامُ على الفاءِ ـ (قلب مكاني) ـ ،كراهةَ اجتماعِ همزتين بينهما حاجزٌ غيرُ حصين ـ وهو الألف ـ فصارت : شيْئَاءَ ، على وزنِ لفْعَاء ..
(ومُنعت من الصرف نظراً إلى الأصل) ! (5)
~*~*~
هذه هي العلامات التي ذكرها ابنُ الحاجب مُجْمَلةً ، وعلّقَ عليها الرضي ، وهي ـ كما رأينا ـ علاماتٌ ينقصُها الاطراد ،
بل تكادُ تكونُ محصورةً أو خاصةً بالأمثلةِ التي ذُكرتْ معَها ، فما عُدَّ دليلاً على القلبِ في كلمة ؛ ربما لا يقوى دليلاً عليه في كلمةٍ أخرى ..
ومن ثمَّ فلا يُمكنُ تعميمُها ، أوالقياسُ عليها .. واللهُ أعلم ..
وصلى اللهُ على نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِه وصحبِه وسلم ..
::
تمَّ بِحمْدِ الله ..
أُرَحِّبُ بأيِّ : إضَافة ؛ استِدراك ؛ تصْحِيح ؛ تعْديل .. مع الشُّكرِ سَلَفًا .
::
المراجع :
* شَرْحُ شافيةِ ابْنِ الحاجبِ ، لرضيِّ الدينِ الاستراباذيّ ،
تح : مُحَمَّد نور الحَسَن / مُحَمَّد الزّفْزاف / مُحَمَّد مُحْيي الدِّيْن عبْدُ الحَمِيْد ، ط1
* شَذَى العَرْفِ فيْ فَنِّ الصَّرْف ، للشَّيْخ : أحْمَد الحَمَلاويّ .
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ
(1) أتفق مع الرضي في المفهوم العام ، أي (في عدمِ اطراد هذه العلامة ) ، ولكني أستغرب المثال الذي ساقه : ( رجلة / رجال ) !!
فهاتان الكلمتان ، وإن اتفقتا في المعنى فهما مختلفتان في اللفظ (أي عدد الحروف) ، وضابطُ القلبِ عند ابن الحاجب ـ كما استشِفُّه من كلامه ومن أمثلتِه ـ وإن لم يصرحْ به :
أن تتساوى الكلمتان لفظاً ومعنى ، مثل ناءَ مقلوب نأى : أي من غير اختلافٍ في عدد الحروف ، (الاختلاف في الترتيب فقط ؛ بتقديم بعض الحروف على بعض) !
لذا، يستدرك الرضي ـ بعد مثاله السابق ـ بقوله : "ولعلّ مرادَه أنها إذا كانت الكلمتان بمعنى واحد ولا فرق بينهما إلا بقلبٍ في حروفِهِما ، فإن كانت إحداهما صحيحة مع ثبوتِ العلةِ فيها دون الأخرى كأيِسَ مع يَئِسَ فالصحيحة مقلوبة من الأخرى ، وكذا إن كانت إحداهما أقلَّ استعمالاً مع الفرض المذكور من الأخرى فالقُلّى مقلوبةٌ من الكُثرى كآرام وآدُر مع أرآم وأدؤر ... "
أقول : بل هذا مرادُه ـ والله أعلم ـ استنادًا إلى ما أوردَ من أمثلةٍ (لم تخرجْ عن هذا الضَّابط ) نحو : (لايع : لاعي / يئس : أيس / أنيق : أينق ... إلخ ) ..
(2) هذه الكلمة جديدة ، لم تمر معنا سابقًا :
القسي : جمعُ قوس
أصلُها قُوُوس : على وزن (فُعُول) .
قدموا السين (لام الكلمة ) على الواوِ الأولى (عينِ الكلمة) فصارت : (قُسُوّ) ، بواوٍ مشدّدة (الواو "عين الكلمة" + واو فُعُول ) .
فلما صار الاسم منتهيًا بواوين استثقلوا ذلك ؛ فقلبوا الواو المتطرفة ياءً ، فصارت الكلمة : قُسُوْي : فاجتمعت الواوُ والياءُ وسبقت إحداهما بالسكون ،
فقُلِبت الواوُ ياءً ، فصارت : قُسُيّ ، حسب القانون الصرفي ، ثم قُلبَتْ ضمّةُ السين كسرةً لتناسبَ الياء ، فصارت : (قُسِيّ) ،
ثم قُلبت ضمةُ القافِ كسرةً أيضًا لتناسِبهُما ؛ فصارت : (قِسِيّ) .
الشاهد : أن الأصل هنا وهو (القُوُوس) غيرُ مستعملٍ ، إذ المستعملُ مقلوبُهُ وهو (القِسِيِّ ) ، فدلّ ذلك على عدمِ اطرادِ هذه العلامة .
(3) أما سيبويه ، فلا يرى ذلك ، ولا يحكمُ بالقلبِ في مثل هذه الكلمة ، حتى لو أدى تركُ القلبِ فيها إلى اجتماع همزتين !
ويلجأُ إلى حلٍ صرفيٍّ آخرَ غيرِ القلب ، للتخلصِ من الهمزتين ..
وهو يبدأ من حيث ابتدأ الخليل ، من أن الأصل : جيأ : جايِئ / ، وينتهى إلى حيث انتهى الخليل : جاءٍ ..
ولكن الاختلاف بينهما في التفاصيل داخلَ الكلمة ..
فالخليل يتفادى المرحلة المؤدية إلى اجتماع همزتين بـ (القلب) .
وسيبويه ، يدع الأمور تأخذ مجراها ، ويجري القانون ، لتصير جائئ بهمزتين ،
وعندما تطرفت لديه همزة إثر همزة ( أولاهما مكسورة ) ، قلب الهمزة الثانية ياءً ، لتصير (جائي) ،
وبذلك تخلص من اجتماع الهمزتين دون اللجوءِ إلى القلب المكاني كما فعل الخليل ، ثم أعلَّها إعلال قاضٍ : جاءٍ ..
(4) جمعوها في البيتين :
عَدْلٌ ، ووصْفٌ ، وتأنيثٌ ، ومعرفةٌ ~*~ وعُجْمةٌ ، ثمَّ جَمْعٌ ، ثمَّ تركيبُ
والنونُ زائدةٌ مِنْ قبلِها ألِفٌ ~*~ ووزنُ فِعْلٍ ، وهذا القولُ تقريبُ
(5) قال الكسائي : " هو جمعُ شيءٍ ، كبيتٍ وأبياتٍ ، مُنِعَ صرفُهُ توهُّمًا أنّه كحمراء ... " شرح الشافية ، 1/23 ،
وعليه ، فالكلمةُ عنده على وزنِ (أفْعال) ، وإنما مُنِعتْ من الصّرفِ توهُّمًا .
ويرى الأخفشُ والفرّاءُ أن أصْل أشياء : أشْيِئاء ، جمعُ شيْءٍ (على وزنِ أفْعِلاء ) وأصلُهُ : شيِّئ ، نحو : بيِّن وأبْيِناء ،
حُذِفتْ الهمزة الأولى (لام الكلمة على غير قياس ) فصارت (أشياء) على وزن (أفْعاء) بحذفِ اللام . شرح الشافية 1/24.
جروح بارده
12-08-2009, 05:28 PM
ملحوظة مهمّة :
" ثم إن كان قلبٌ في الموزونِ قُلِبَتِ الزِّنَةُ مثلَه كقولِهم في آدُرٍ أعْفُل ، ويُعرفُ القلبُ بأصلِهِ ، كناءَ يناءُ مع النأيِ ، وبأمثلةِ اشتقاقِهِ كالجاهِ والحادي والقِسيِّ ، وبصحتهِ كأيِسَ ، وبقلةِ استعماله كآرامٍ وآدُر ، وبأداءِ تركِهِ إلى همزتين عند الخليلِ نحوَ جاءٍ ، أو إلى منْعِ الصرفِ بغيرِ علةٍ على الأصحِّ نحوَ أشياءَ ، فإنّها لفْعاءُ ، وقال الكسائيُ أفعالٌ ، وقال الفرّاءُ أفْعاءٌ وأصلُها أفْعِلاء ، وكذلك الحذفُ كقولِك في قاضٍ فاعٍ ، إلا أن يُبيَّنَ فيهما "
"وكذلك الحذفُ ... "إلخ ، ما موقِعُها هنا ؟
"وكذلك الحذفُ ... " معطوفةٌ على قوله : " ثم إن كان قلبٌ في الموزونِ قُلِبَتِ الزِّنَةُ ... "
أي يُراعى عند وزنِ الكلمة :
القلبُ إن كان الموزونُ مقلوبًا ،
والحذفُ إن كان الموزونُ محذوفًا منه ..
مشير ناجي
13-08-2009, 10:45 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
ماشاء الله . قد بذلت أختي جهدا عظيما مشكورا
ومن الكلمات التي يكثر استعمالها وفيها قلب مكاني : كلمة ( حادي) حادي عشر، والتي أصلها واحد فيكون وزنها بعد القلب المكاني (عالف )
أما كلمة حادي في حادي العيس فلا قلب فيها و هي من الفعل حدا يحدو فوزنها الفاعل
خضر صبح
13-08-2009, 11:41 PM
جزى الله من عمل على جمعها وتسهيلها خير الجزاء
دقيقة لغتنا عظيمة
جزيت كل الخير على هذه السطور ..
جروح بارده
14-08-2009, 12:26 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
ماشاء الله . قد بذلت أختي جهدا عظيما مشكورا
ومن الكلمات التي يكثر استعمالها وفيها قلب مكاني : كلمة ( حادي) حادي عشر، والتي أصلها واحد فيكون وزنها بعد القلب المكاني (عالف )
أما كلمة حادي في حادي العيس فلا قلب فيها و هي من الفعل حدا يحدو فوزنها الفاعل
بارك الله فيك على المعلومه
وشكرا لك على المرور
جروح بارده
14-08-2009, 12:27 PM
جزى الله من عمل على جمعها وتسهيلها خير الجزاء
دقيقة لغتنا عظيمة
جزيت كل الخير على هذه السطور ..
بارك الله فيك على المرور
vBulletin® v3.8.11, Copyright ©2000-2024, abohmam