المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المتنبي يزهو بشعرهِ


جروح بارده
14-09-2009, 12:30 PM
الحقيقة ان المتنبي شاعر عظيم
ولو انه يزيدها احيانا في الفخر والانفة
ولكن هذا دأب الشعراء ان يزيدوا ويغالوا في الامور
ولا يزال المتنبي من اهم وافحل شعراء العربية حتى بعد مرور الف عام او اكثر على وفاته
وقد ابدع شعراء كثر لكن ما يميز المتنبي عن سواه ان قصائده تعتبر بمجملها ان لم نقل كلها بديعة ورائعة
في حين ان الشعراء الاخرون قالوا كثيرا ولم يبدعوا الا قليلا

على كل حال هذه واحدة من اجمل ما انشد المتنبي من شعر
ورغم اختلافنا في الرأي مع المتنبي في بعض ابياتها
الا ان المتنبي شاعر كبير ولا شك ويكاد يكون اعظم شعراء العربية على الاطلاق

للمعلومات :المتنبي قال هذه القصيدة حين ترك مصر هاربا من حاكمها يومذاك كافور الاخشيدي
وترك وراءه هذه القصيدة التي يهجو فيها كافور هجاء مقذعا وايضا يبث فيها لواعج قلبه المحزون مما كابد من الهم والتسهيد




1 عيــدٌ بِأيَّـةِ حـالٍ عُـدتَ يـا عِيـدُ
بِمــا مَضَـى أَم لأَمْـرٍ فِيـكَ تجـدِيدُ

2 أَمــا الأَحِبــةُ فــالبَيَداءُ دُونَهُــم
فَلَيــتَ دُونَــكَ بَيْــدًا دونَهـا بِيـدُ

3 لَـولا العُـلَى لـم تجِبْ بِي ما أَجُوبُ بِها
وَجنــاءُ حَـرْفٌ وَلا جَـرْداءُ قَيـدُودُ

4 وَكــانَ أطْيَـبَ مِـنْ سـيفِي مَعانَقَـةً
أَشْــباهُ رَونَقــه الغِيــدُ الأَمــالِيدُ

5 لـم يَـتْرُكِ الدَهْـرُ مِـنْ قَلبي وَلا كَبِدي
شَـــيْئاً تُتَيِّمــهُ عَيْــنٌ وَلا جِــيدُ

6 يــا ســاقِييَّ أَخَـمرٌ فـي كُؤوسِـكما
أم فــي كُؤُوسِــكُما هَــمٌّ وتَسْـهِيدُ

7 أَصَخْــرَةُ أَنـا مـا لـي لا تُحِـرِّكُني
هــذي المُــدامُ وَلا هـذي الأَغـارَيدُ

8 إذا أَرَدْتُ كُــمَيْتَ اللَّــوْنِ صافِيَــةً
وَجَدْتُهـــا وحَــبِيبُ النَفْسِ مَفقُــودُ

9 مــاذا لَقِيْــتُ مِـنَ الدُنْيـا وأَعْجَبُـهُ
أَنِّــي بِمـا أَنـا شـاكٍ مِنْـهُ مَحسُـودُ

10 أَمْسَــيْتُ أَرْوَحَ مُــثرٍ خازِنًـا ويَـدًا
أَنــا الغَنِــيُّ وأَمــوالِي المَواعِيـدُ

11 إِنّــي نَــزَلتُ بِكَــذابِينَ ضَيفُهُــمُ
عَـنِ القِـرَى وعَـنِ التَرحـالِ مِحـدُودُ

12 جُـودُ الرّجـالِ مـنَ الأَيْـدِي وَجُـودُهُمُ
مــنَ اللِسـانِ فَـلا كَـانُوا وَلا الجـوُدُ

13 مـا يَقبِـضُ المَـوتُ نَفسًـا مِن نفوسِهِمِ
إِلا وفــي يــدِهِ مِــن نَتَنِهـا عُـودُ

14 أكُلمــا اغْتَـالَ عَبـدُ السُـوءِ سـيدَهُ
أَو خانَــه فَلَــهُ فـي مصـرَ تَمهيـدُ

15 صــار الخَـصِي إِمـام الآبِقيـن بِهـا
فــالحُر مســتعبَد والعَبــدُ مَعبُـودُ

16 نـامَت نواطِـيرُ مِصـرٍ عَـن ثَعالِبِهـا
فقــد بَشِــمْنَ ومـا تَفْنـى العنـاقيدُ

17 العَبــد ليسَ لِحُــرٍّ صــالحٍ بــأخٍ
لَــو أنـهُ فـي ثيـابِ الحـرِّ مولـودُ

18 لا تشــتَرِ العَبــد إلا والعَصَـا معـهُ
إِن العَبِيـــدَ لأنجـــاسٌ مَنـــاكيدُ

19 مـا كُـنتُ أَحسَـبُني أَحيـا إلـى زَمَنٍ
يُسـيء بـي فيـهِ عَبـد وَهْـوَ مَحمودُ

20 وَلا تَــوهمتُ أَن النــاس قَـدْ فُقِـدُوا
وأًن مِثْــلَ أَبــي البيضـاءِ مَوجـودُ

21 وأَنَّ ذَا الأَسْــوَدَ المَثْقــوبَ مشْــفَرُهُ
تطِيعُــهُ ذي العَضــارِيطُ الرعـادِيدُ

22 جَوعـانُ يـأكلُ مِـن زادي ويُمِسـكُني
لِكَــي يُقـالَ عَظِيـمُ القـدرِ مَقصُـودُ

23 وَيلُمِّهـــا خُطَّــةً وَيلُــم قابلِهــا
لِمِثْلِهــا خُــلِقَ المهريَّــةُ القُــودُ

24 وعِندَهــا لَـذَّ طَعْـم المـوتِ شـارِبُهُ
إِن المَنِيَّـــةَ عِنْــدَ الــذُلّ قِنديــدُ

25 مَـن علَّـم الأسـودَ المَخْـصِيَّ مكرُمـة
أَقَومُــهُ البِيــضُ أَمْ آبــاؤهُ الصِيـدُ

26 أم أُذْنُــه فــي يـدِ النّخَّـاسِ دامِيـةً
أَم قَــدْرهُ وَهــوَ بِالفِلسَـيْنِ مَـردُودُ

27 أولَــى اللِئــام كُوَيفــيرٌ بِمَعــذِرَة
فـي كُـلِّ لُـؤْم وبَعـض العُـذْرِ تَفنِيـدُ

28 وَذاك أن الفحــولَ البِيــضَ عـاجِزَة
عـنِ الجَـميلِ فكَـيفَ الخِصْيَـةُ السُودُ

سالي الفلسطينية
14-09-2009, 01:22 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ...

لك مني أجمل تحية .

أبو يوسف
14-09-2009, 06:39 PM
المتنبي يزهو بشعره ويحق له أن يزهو فقد امتلك ناصية الشعر واللغة

وَذاك أن الفحــولَ البِيــضَ عـاجِزَة
عـنِ الجَـميلِ فكَـيفَ الخِصْيَـةُ السُودُ

جروح بارده
14-09-2009, 07:49 PM
بارك الله فيكم على المرور

//

احترامي

خضر صبح
16-01-2010, 06:56 AM
هو أبو الطيب أحمد بن الحسين بن عبد الصمد الجعفي، وكان أبوه سقاء بالكوفة.

ولد المتنبي عام 303هـ / 915م بالكوفة، وكان بها 46 ألف دار في عام 314هـ / 925م

قرأ على أكابر العلماء: الزجاج وأبي إسحق والسراج وأبي بكر ونفطويه وابن رستويه ولزم أبا بكر محمد بن دريد، ولزم الوراقين، واهتم بأبي تمام والبحتري وبشار وأبي نواس، وقرأ الفلسفة والمنطق على أبي الفضل الكرخي والتصوف على الأوراجي، وأشهر تلاميذه وشراح شعره ابن جني.

تواريخ حياته:

412 / 924م نهب القرامطة فانتقل به أبوه إلى بلدة السماوة بين العراق وتدمر وظل بها عامين.

415هـ / 927م رجع إلى الكوفة.

316هـ / 928م توجه إلى بغداد.

321هـ / 933م انتقل إلى اللاذقية وتنقل في بلاد الشام ما بين منبج وبعلبك وطرابلس ودمشق وطبرية ثم عاد إلى اللاذقية.

322هـ / 934م اعتقل وأودع أحد سجون حمص بتهمة ادعاء النبوة على ما قيل ثم أطلق سراحه.

923هـ / 940م تزوج في هذه السنة على الأرجح من شامية أنجب منها ولده الوحيد محسد الذي قتل معه.

335هـ / 946م انتقل إلى الرملة ثم إلى دمشق وصعد بعد ذلك في الديار المصرية.

336هـ / 947م انتقل إلى إنطاكية ثم خرج منها إلى بعلبك.

327هـ / 948م انتقل إلى حلب وأقطعه أميرها سيف الدولة الحمداني ضيعة تعرف بيصف من ضياع معرة النعمان القبلية.

346هـ / 957م سافر إلى دمشق وتوجه بعد هذا إلى مصر واتصل بكافور الإخشيدي حاكمها.

350هـ / 961م رحل من مصر إلى نجد.

351هـ / 962م بلغ الكوفة ثم بغداد.

352هـ / 963م خرج من بغداد إلى بلاد فارس.

354هـ / 963م وصل أرجان بشيراز ثم خرج منها متوجها إلى بغداد والكوفة وقتل في الطريق عند دير العاقول على يد أحد اللصوص في رواية وعلى يد فاتك بن فراس بن بداد قريب ضبة الذي هجاه المتنبي في رواية أخرى. وقتل معه ابنه وكل من كان معه، وتناثرت كتبه وأوراقه ومنها ديوان أبي تمام وكان معه ساعة مقتله 70 ألف دينار.


حظى ديوانه بعدة شروح لم يحظ بها شاعر لا في الجاهلية ولا في صدر الإسلام ولا في أي عصر آخر. ويقول الشيخ يوسف البديعي في كتابه (الصبح المنبي عن حيثية المتنبي): "وقد انتدب العلماء لديوانه وشرحوه شروحا كثيرة: فمنهم من تكلم عن ديوانه أجمع، ومنهم من تكلم على بعضه، فمن شروحه كتاب ابن جني وهو أول من شرحه، وكتاب اللامع العزيزي بأبي العلاء المعري وكتاب معجز أحمد لأبي العلاء أيضا، وكتاب أبي الحسن علي بن أحمد الواحدي، وكتاب الموضح بأبي زكريا التبريزي، وكتاب عبد القاهر الجرجاني، وكتاب الموضح أبي منصور محمد بن عبد الجبار السمعاني وكتاب أبي القاسم إبراهيم بن محمد الإفليلي وكتاب أبي الحجاج يوسف بن سليمان الأعلم وكتاب عبد الرحمن بن محمد الإنباري، وكتاب في سرقات المتنبي للحسن بن محمد بن وكيع وسماه المنصف، وكتاب أبي البقاء عبد الله العكبري، وكتاب أبي اليمن يزيد بن الحسين الكندي وكتاب عبد الواحد بن محمد بن علي بن زكريا، وكتاب محمد بن علي بن إبراهيم الهرسي الكوفي، وكتاب أبي الحسن محمد بن عبد الله الدلقي عشر مجلدات، وكتاب كمال الدين بن القاسم الواسطي، وكتاب الوساطة للقاضي علي بن عبد العزيز الجرجاني، وكتاب أبي بكر محمد بن العباس الخوارزمي، وكتاب عبد الرحمن بن دوست النيسابوري، وكتاب أبي الفضل أحمد بن محمد العروضي، وكتاب التجني على ابن جني لابن فورجة، وكتاب الفتح على أبي الفتح لابن فورجة أيضا، وكتاب معاني أبياته لابن جني، وكتاب التنبيه لأبي الحسن علي بن عيسى الريعي، وقد رد فيه على ابن جني أيضا، وكتاب أبي القاسم عبد الله بن عبد الرحمن الأصفهاني، وكتاب الحسين بن محمد بن طاهر الشاعر، وكتاب أبي عبد الله محمد بن جعفر القزاز القيرواني، وكتاب علي بن جعفر بن القطاع، وكتابالصاحب أبي القاسم إسماعيل بن عباد، وكتاب أبي الحسن عبد الرحمن الصقلي، وكتاب قصائد الصبا للأعلم، وكتاب نزهة أديب في سرقات المتنبي من حبيب لابن حسنون المصري، وكتاب الانتصار لأبي الحسن أحمد بن أحمد المغربي، وكتاب التنبيه عن رذائل المتنبي لأحمد المغربي أيضا، وكتاب بقية الانتصار المكثر من الاختصار لأحمد المغربي أيضا، وكتاب الرسالة الحاتمية لأبي الحسن محمد بن المظفر الحاتمي، وكتاب جبهة الأدب للحاتمي أيضا، وكتاب المآخذ الكندية من المعاني الطائية وكتاب الاستدراك على ابن الدهمان للوزير ضياء الدين بن الأثير الجزري وكتاب الإبانة للصاحب العميدي. سوى الشروح التي لم نسمع بذكرها.
ولم يسمع بديوان شعر في الجاهلية ولا في الإسلام شرح هكذا مثل هذه الشروح الكثيرة سوى هذا الديوان ولا تداول على ألسنة الأدباء في نظم ونثر أكثر من شعر المتنبي
ومن المعاصرين نجد شرح ناصيف اليازجي ومحمد عاطف البرقوقي

خضر صبح
16-01-2010, 06:57 AM
المتنبي يمتطي صهوة الأشياء

منذ مطلع شبابه والمتنبي يدرك أن قضيته هي اغتراب الإنسان وانفصاله وفقدانه لذاته ومحاولة الإنسان الأصيل أن يخرج من رق الأشياء ومن هنا جاء اغترابه :

تغرب لا مستعظما غير نفسه _________________________
ولا قابلا إلا لخالقه حكما _________________________


وقبل مقتله في آخر قصائده على الأرجح يدرك أن حياته كلها كانت حياة اغتراب مصورا هذا على نحو شاعري :

وما أنا غير سهم في هواء _________________________
يعود ولم يجد فيه امتساكا _________________________


إن طرق المتنبي محاصرة بالتشيؤ , محاصرة بعبدة الأصنام والملذات والإسراف والسفه والجبن والتصنع . . محاصرة بهذا الحشد من الناس الذين فقدوا إنسانيتهم وآدميتهم وتحولوا إلى حيوانات :

دعوتك لما براني البــلاء _________________________
وأوهن رجلي ثقل الحديـــد _________________________

وقد كان مشيهما في النعال _________________________
فقد صار مشيهما في القيود _________________________

وكنت من الناس في محفـــل _________________________
فها أنا في محفل من قـرود _________________________


إن طرق المتنبي مسدودة بجثث البشر الأحياء الأموات وهو مضطر أن يعيش بينهم . . إنهم ملقون هناك وهو ضائع وسط هذا الحشد الذي يسلبه ذاته وبدون رغبته هو موجود بين تشيئهم وفقدانهم لذواتهم :

ودهر ناسه ناس صغــــــار _________________________
وإن كانت لهم جثث ضخام _________________________

وما أنا منهم بالعيش فيهم _________________________
ولكن معدن الذهب الرغام _________________________

أرانب غير أنهم ملـــــوك _________________________
مفتحة عيونهم نيـــــام _________________________

بأجسام يحر القتل فيهـــا _________________________
وما أقرانها إلا الطعام _________________________


ولقد تشابهت الطرق وتشابه الناس في مرحلة صباه وفي مرحلة سيف الدولة وفي مرحلة كافور وفي المرحلة الأخيرة قبل مصرعه . . ومن هنا جاء ترحله الدائم بحثا عن أرض جديدة . . ووطن جديد . . وحياه جديدة . . وبشر جدد . . ولكن عبثا !

لقد أهل المتنبي مع مطلع القرن الرابع الهجري / العاشر الميلادي وعاش نصفه الأول . . ولقد عرف هذا القرن بأنه عصر النهضة العربي . . فإذا كان هذا هكذا فهلا يمكن أن يظهر فيه شاعر , وشاعر عظيم كالمتنبي ؟ ألم يقل الفيلسوف الألماني فريديريك هيجل أن الفن والفكر لا يظهران إلا في وقت انهيار الحضارة ؟ ولا يزدهران إلا والروح في حالة أفول ؟ لقد كان ذلك القرن عظيما من حيث الثقافة ولكن الحضارة كانت منهارة وكان هذا مبررا لظهور الفكر والفن لينتشلا الحضارة من انهيارها ورفعها إلى روعة الثقافة . . وهذا ما حاول المتنبي أن يفعله : إنقاذ روح الإنسان . . وهذا هو السبب في عظمة شعره . . يقول ابن الأثير في ( الكامل في التاريخ ) :‏"وكنت سافرت إلى مصر عام 596هـ /1199م ورأيت الناس مكبين على شعر أبي الطيب المتنبي دون غيره فسألت جماعة من أدبائها عن سبب ذلك وقلت إن كان لأن أبا الطيب دخل مصر فقد دخلها مثله من هو مقدم عليه وهو أبو النواس الحسن بن هانئ فلم يذكروا لي في هذا شيئا ثم فاوضت عبد الرحيم بن علي البيساني ( القاضي الفاضل ) رحمه الله في هذا فقال :‏( إن أبا الطيب يتكلم عن خواطر الناس ) ولقد صدق فيما قال " أنه أذن لا يتحدث عن نفسه . بل عن خواطر الناس وآمالهم وسط طوفان المتشيئين .

لقد كان صوت الحضارة المنهارة سواء في موطنه الأصلي العراق أو في ترحله في بلاد الشام أو في قدومه إلى مصر أو في عودته إلى العراق ثم فارس . . ولم يكن صوتا تسجيليا بل كان صوتا نبوئيا كأي شاعر عظيم . . كان نذيرا وبشيرا . . نذيرا بانهيار الحضارة القائمة وبشيرا بحضارة جديدة يرى فيها الإنسان نفسه إنسانا . .

خضر صبح
16-01-2010, 06:57 AM
يقول اليعقوبي عن البصرة قرينة موطنه الكوفة :‏" أما البصرة فكان فيها في القرن الثالث الهجري / التاسع الميلادي سبعة آلاف مسجد وكان بها في القرن الرابع ثلاثة مساجد " . . وهنا جاءت فجيعة المتنبي المتحلي بالدين لتخلي المسلمين هكذا عن دينهم . . وعبر المقدسي في كتابه ( البدء والتاريخ ) عن هذا فقال :‏" ضعف أمر الخلافة فاختلت وخف أهلها فأما المدينة فخراب والجامع فيها يعمر في الجمع ثم يتخللها بعد ذلك الخراب , وهي في كل يوم إلى ورا "‏. . وهذا الوضع روع المتنبي وصدمه أن ينهار الوازع الديني وتحول الناس إلى نفايات لا تستحق أن توصف بالعقل بل يمكن تصنيفها ضمن الأشياء . . حولي بكل مكان منهم خلق تخطى إذا جئت في استفهامها بمن وفي كتاب ( مروج الذهب ) يشكو المسعودي من " ضعف الإسلام في هذا الوقت وذهابه وظهور الروم على المسلمين وفساد الحج وعدم الجهاد وانقطاع السبيل وفساد الطريق وانفراد كل رئيس وتغلبه على الصقع الذي هو فيه , ولم يزل الإسلام مستظهرا إلى هذا الوقت فتداعت دعائمه ووهى أسه وهي سنة 332هـ /943م " . . بل لقد بلغ تحلل بعض الخلفاء من الدين أن الخليفة المتوكل في القرن الثالث الهجري / التاسع الميلادي . على نحو ما يذكر المقدسي . . " بنى بمدينة سامرا كعبة وجعل هناك طوافا واتخذ منى وعرفات ليغر بذلك أمراء كانوا معه لما طلبوا الحج خشية أن يفارقوه " وفي أمور الدين تشتت الناس فرقا ومذاهب ولم يعنوا الحوار حكما بينهم , بل كفر بعضهم بعضا . . يقول الجهشياري في ( كتاب الوزراء والكتاب ) على نحو ما أورد آدم متز : " أما في بغداد نفسها فقد كان الحنابلة دون سائر أهل السنة أكبر من أقلق بال الحكومة , ثم إنهم اشتدوا في محاربة الشيعة ببغداد وقد بنوا مسجدا وجعلوه طريقا إلى المشاغبة والفتنة " وإلى هذا يضيف ابن الأثير أنه " عظم أمرهم حتى أرهجوا بغداد واستظهروا بالعميان الذين كانوا يأون إلى المساجد وكانوا مثلا في عام 323هـ /934م إذ مر بهم شافعي المذهب أغروا به العميان فيضربونه بعصيهم حتى يكاد يموت " ويضيف ابن الأثير أنه " لم يكن هذا الاختلاف قائما بين السنيين وحدهم , بل تعداه إلى بعض السنيين وبعض , فقد رأينا أن الحنابلة أصبحوا قوة يخشى بأسهم حتى أنهم حالوا دون دفن محمد بن جرير الطبري سنة 310هـ / 921م لأنه جمع كتابا في اختلاف الفقهاء لم يذكر فيه أحمد بن حنبل من بين هؤلاء الفقهاء . . وهكذا فقد الناس إنسانيتهم واستغل أفاضل الناس

أفاضل الناس أغراض لذا الزمن _________________________
يخلو من الهم أخلالهم من الفطن _________________________


والحج الذي هو ذروة من ذرى شعائر الإسلام دخله الحشد وحولوه عن هدفه وأصبح تجارة . . فالحج عن طريق بديل أجازه الله في حالة المرض . . وقد انحرف به الحشد عن هدفه الأصلي : فقد كان هناك قوم يأخذون أجرا نظير قيامهم بالحج بدل من يؤجرهم على ذلك وفي هذا يقول المقدسي "‏ورأيت من حج بأجرة انتكس قلبه , فإن عاذ ازداد نكوسا وقل ورعه , حتى ربما أخذ الحجتين والثلاث ولم أر لهم بركة ولا جمعوا منه مالا قط " . وانتشر في هذا العصر السلب والنهب وقد أرهج العيارون بغداد منذ عام 315هـ /927م وكانت أسوأ أيامها ما بين 329هـ / 940م , 334هـ / 945م والفساد أصبح ظاهرة اجتماعية لا فردية . . ويذكر آدم متز نقلا عن كتاب ( غريب ) ليحيى بن سعيد " ويعجب المؤرخون حين يجدون أحد كبار العمال من أهل الأمانة , ومما يحكى أنه توفي عام 314هـ / 926م صاحب بيت مال العامة فأراد الوزير أن يقبض أمواله واشتد في المطالبة ولكنه لم يجد شيئا لأن ذلك الرجل كان ( صحيح الأمانة ) " والمادة أصبحت هي القيمة الأولى ولم تكن ثمة قيمة حقيقية إلا للألقاب التي يمنحها الخليفة وكان يدفع له من أجلها الشيء الكثير . . كما انتشر التزوير حتى مس الأمور الدينية . . ويصور الجهشياري هذا بقوله :‏" وفي ذلك العصر تفاقم خطب التزوير , ففي أوائل القرن الرابع الهجري / العاشر الميلادي رفع إلى أبي الحسن الفرات أن رجلا من اليهود ادعى أن معه كتابا من رسول الله بإسقاط الجزية عن أهل خيبر فأمر بإخراج الكتاب فلما قرأه قال : هذا مزور لأن خيبرا فتحت بعد تاريخ كتابك بسبعة وستين يوما ولكنا نحتمل جزيتك إعظاما لحق من لجأت إلى الاعتصام به " . . ومن ثم لم يملك المغترب سوى أن يصرخ

أذم إلى هذ الزمان أهيله _________________________
فأعلمهم فدح وأحزمهم وغد _________________________

وأكرمهم كلب وأبصرهم عــم _________________________
وأسهدهم فهد وأشجعهم قرد _________________________



ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى _________________________
عدوا ماله من صداقته بـد _________________________


وتساوق مع هذا الانهيار أن أصبح الجبن سيد الأخلاق . . والفأر الذي هو أجبن المخلوقات كان أناس هذا العصر يواجهونه من خلف لا من أمام لأنهم أشد جبنا من الفأر الجبان :

لقد أصبح الجرذ المستجير _________________________
أسير المنايا صريع العطب _________________________

رماه الكناني والعامــري _________________________
وتلاه للوجه فعل العــرب _________________________

كلا الرجلين أتلى قتلــه _________________________
فأيكما غل حر السلـــــب _________________________

وأيكما كان من خلفـــــه _________________________
فإن به عضة في الذنــــب _________________________

جهاد ابو جنيد
20-01-2010, 05:52 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

جروح بارده
07-05-2010, 03:15 PM
تشرفت بهذا التواجد الذي عطر المكان


لأرواحكم شذى من عبق أريج الزهر

ودي..

فلسطيني
07-05-2010, 07:10 PM
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

جروح بارده
16-05-2010, 10:55 AM
شكرا لكم على هذا الحضور الرااقي

والرد الصاافي

بالتعبير المجازي

لأرواحكم حدائق الزيزفون

: