الراعي
20-01-2010, 09:06 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اسمحوا لي أن أستهل مشاركتي معكم بمحاولة من توقيعي انتقيتها لكم من دفاتري الخاصة .....
أرجو أن تحوز رضاكم .............
( طريق الضياع ....)
....اعتادت والدة ياسين مُذ شبّ عن الطوق على أن يعود الى البيت في ساعة متأخرة من الليل ...
حاولت في بداية الامر معرفة هذا التحول الغريب في حياته كما حاولت ادراك سر جنوحه المفاجئ عما كانت تألفه
من طباعه الهادئة ..... ولم تقف عند هذا الحد بل سعت جاهدة لتوقِفه عن مساره الجديد بكل ما تحمله الام في داخلها
من رغبة في رؤية فلذة كبدها في أحسن حال أو على الاقل بالنسبة لها في رؤيته كسابق عهدها به .......
حاولت فاصطدمت كل محاولاتها بالفشل ...وأعيتها كل وسائل الترغيب والترهيب التي اعتمدتها ....فلم يبق من
ياسين الذي كان يأتمر بأوامرها وينتهي بنهيها الا صورة باهتة مُسْتنسخة من صورته ...ولم يبق من ياسين الذي كانت
صفاته وخِلاله الحميدة مَضرب المثل عند الاهل والجيران في طاعة والدته الا ذكرى لاتُغني عن واقع مُرّ صارفيه
فضّاً فظيعا لايعْتد بأخلاق ولايُعير وزنا لأحد ......
بَكت الام حال وحيدها الذكر الذي جاء بعد أربع بنات ...فدللته وأغدقت عليه الهدايا والعطايا ..وآثرته على أخواته
بما كان يبعثه والده من الديار الاروبية من لعَبٍ وملابس وأدوات الكترونية و .....
ولم تجرؤ أن تصارح الاب هناك بمقر عمله بأمر تغير ولدهما .... بل كانت كلما حل في زيارة خاطفة تًكتّمتْ على الموضوع
وأطلقت العنان للثناء الكاذب على ياسين وامتداح اجتهاده في الدراسة خَوْفاً ان هي قالت الحقيقة أن يتهمها بالتقصير والتفريط
في رعايته .....
لم يكن ظاهرا لمن يرى ياسين الذي مضى عامان على تحوله تحولا جذريا أنه سيعود في يوم من الايام ليعتنق صفات جميلة كانت
قد ميزته عن أقرانه وجعلته محبوبا من الجميع باستثناء الام الحنون التي لم تفقد الامل وآلت على نفسها أن تُدمي قدميها في
كل طريق منتهاه عودة ابنها الى حضنها .....حتى انتهى بها الامر الى أن سلكت دروب العرافين والمشعوذين عسى تميمةً
ما تدفع عنه ما ألمّ به ..و رُبّ رقية تعود به الى سبيل الصواب ....
حزنت ماجدة كما أمُّها كثيرا على أخيها اذ كانت الأقرب اليه من بين أخواتها بحُكم قربها منه في السن ..فهي لا تكبره الا بعام ونصف العام
وكانت مُسْتودع أسراره يوم كانت الوداعة تُجَمّلُه والبراءُ تكاد في كل حديث معها تنط من عينيه ...
حاولت هي الاخرى التقرب اليه ..واستنفذت في ذلك كل الطرق الممكنة ولكن بدون جدوى ...لقد اصطدمت بياسين آخر غيْرَ
الذي كانت تعرف ...استغنى في عالمه الجديد عن كل الاواصر والصلات ...ومحى من ذاكرته كل الذكريات التي تشده اليها واليهم ..
وأسس لنفسه دنيا عائمة فوق سحائب دخان الحشيش والمخدرات ...لا يدري هو ذاته كيف بدأت ؟ ولِم بدأت ؟ والى أين
ستنتهي ؟؟؟؟
وفي احدى ليالي غشت القائظ حيث الحر في أوجه ....كان ياسين مايزال خارج الدار ..وكانت الام المسكينة ما تزال في انتظاره
تغالب النوم كعادتها ....فلا تستسلم له الا بعد مجئ ابنها والاطمئنان عليه ....وانتبهت في تلك الليلة الى أنه تأخر أكثر من المعتاد ...
فالساعة تشير الى الثالثة صباحا ......لكنها ما لبثت أن عَزَتْ ذلك في محاولة منها لقهر وساوسها الى جو الصيف الملتهب الذي
يُرغم الناس على البقاء أطول وقت ممكن خارج الحيطان الكاتمة للانفاس ......
ويمر الوقت ثقيلا ..ثقيلا ...لتسمع في غفلة من عينيها المجهدتين طرْقاً خفيفا لم تَتَبينْه جيدا ...فأرخت أذينها لتتسَمَّع اليه فلم يتكرر...
فاتجهت بغريزة الأم التي لاتخطئ صوب الباب لتفتحه ..فاذا بياسين الذي كان قد جلس متهالكا على عتبته وأسند ظهره اليه
يسقط بين رجليها بلا حِراك ....فصرخت صرخة أعادت الارواح الى الأجساد النائمة ..فهبت من أسِرّتِها أخواتُه والجيرانُ
في حال من الذعر والذهول ....
نُقلَ ياسين على وجه السرعة الى أقرب مستشفى وهو بالكاد يسحب الى رئتيه شهيقا أو يُخرج من فِيه المفتوح عن آخره زفيرا ...
استلمه الاطباء داخل غرفة العناية المركزة ..واشتغلوا على جسده المُتعَب زُهاء الساعتين في محاولات يائسة منهم لابقائه
على قيد الحياة ...ثم خرجوا ليعلنوا من خلال وجوه طرّزَ قسماتها الحزن النبأ القاتل لأمه وأخواته ..ويوقعون شهادة وفاة
تفضح لهن السر الكامن وراء تغيره و الذي غاب عنهن طيلة هذه السنين : ياسين لم يمت موتا طبيعيا ....ياسين
مات نتيجة تناوله جرعة زائدة من المخدرات ......؟؟؟
قلم/ الراعي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اسمحوا لي أن أستهل مشاركتي معكم بمحاولة من توقيعي انتقيتها لكم من دفاتري الخاصة .....
أرجو أن تحوز رضاكم .............
( طريق الضياع ....)
....اعتادت والدة ياسين مُذ شبّ عن الطوق على أن يعود الى البيت في ساعة متأخرة من الليل ...
حاولت في بداية الامر معرفة هذا التحول الغريب في حياته كما حاولت ادراك سر جنوحه المفاجئ عما كانت تألفه
من طباعه الهادئة ..... ولم تقف عند هذا الحد بل سعت جاهدة لتوقِفه عن مساره الجديد بكل ما تحمله الام في داخلها
من رغبة في رؤية فلذة كبدها في أحسن حال أو على الاقل بالنسبة لها في رؤيته كسابق عهدها به .......
حاولت فاصطدمت كل محاولاتها بالفشل ...وأعيتها كل وسائل الترغيب والترهيب التي اعتمدتها ....فلم يبق من
ياسين الذي كان يأتمر بأوامرها وينتهي بنهيها الا صورة باهتة مُسْتنسخة من صورته ...ولم يبق من ياسين الذي كانت
صفاته وخِلاله الحميدة مَضرب المثل عند الاهل والجيران في طاعة والدته الا ذكرى لاتُغني عن واقع مُرّ صارفيه
فضّاً فظيعا لايعْتد بأخلاق ولايُعير وزنا لأحد ......
بَكت الام حال وحيدها الذكر الذي جاء بعد أربع بنات ...فدللته وأغدقت عليه الهدايا والعطايا ..وآثرته على أخواته
بما كان يبعثه والده من الديار الاروبية من لعَبٍ وملابس وأدوات الكترونية و .....
ولم تجرؤ أن تصارح الاب هناك بمقر عمله بأمر تغير ولدهما .... بل كانت كلما حل في زيارة خاطفة تًكتّمتْ على الموضوع
وأطلقت العنان للثناء الكاذب على ياسين وامتداح اجتهاده في الدراسة خَوْفاً ان هي قالت الحقيقة أن يتهمها بالتقصير والتفريط
في رعايته .....
لم يكن ظاهرا لمن يرى ياسين الذي مضى عامان على تحوله تحولا جذريا أنه سيعود في يوم من الايام ليعتنق صفات جميلة كانت
قد ميزته عن أقرانه وجعلته محبوبا من الجميع باستثناء الام الحنون التي لم تفقد الامل وآلت على نفسها أن تُدمي قدميها في
كل طريق منتهاه عودة ابنها الى حضنها .....حتى انتهى بها الامر الى أن سلكت دروب العرافين والمشعوذين عسى تميمةً
ما تدفع عنه ما ألمّ به ..و رُبّ رقية تعود به الى سبيل الصواب ....
حزنت ماجدة كما أمُّها كثيرا على أخيها اذ كانت الأقرب اليه من بين أخواتها بحُكم قربها منه في السن ..فهي لا تكبره الا بعام ونصف العام
وكانت مُسْتودع أسراره يوم كانت الوداعة تُجَمّلُه والبراءُ تكاد في كل حديث معها تنط من عينيه ...
حاولت هي الاخرى التقرب اليه ..واستنفذت في ذلك كل الطرق الممكنة ولكن بدون جدوى ...لقد اصطدمت بياسين آخر غيْرَ
الذي كانت تعرف ...استغنى في عالمه الجديد عن كل الاواصر والصلات ...ومحى من ذاكرته كل الذكريات التي تشده اليها واليهم ..
وأسس لنفسه دنيا عائمة فوق سحائب دخان الحشيش والمخدرات ...لا يدري هو ذاته كيف بدأت ؟ ولِم بدأت ؟ والى أين
ستنتهي ؟؟؟؟
وفي احدى ليالي غشت القائظ حيث الحر في أوجه ....كان ياسين مايزال خارج الدار ..وكانت الام المسكينة ما تزال في انتظاره
تغالب النوم كعادتها ....فلا تستسلم له الا بعد مجئ ابنها والاطمئنان عليه ....وانتبهت في تلك الليلة الى أنه تأخر أكثر من المعتاد ...
فالساعة تشير الى الثالثة صباحا ......لكنها ما لبثت أن عَزَتْ ذلك في محاولة منها لقهر وساوسها الى جو الصيف الملتهب الذي
يُرغم الناس على البقاء أطول وقت ممكن خارج الحيطان الكاتمة للانفاس ......
ويمر الوقت ثقيلا ..ثقيلا ...لتسمع في غفلة من عينيها المجهدتين طرْقاً خفيفا لم تَتَبينْه جيدا ...فأرخت أذينها لتتسَمَّع اليه فلم يتكرر...
فاتجهت بغريزة الأم التي لاتخطئ صوب الباب لتفتحه ..فاذا بياسين الذي كان قد جلس متهالكا على عتبته وأسند ظهره اليه
يسقط بين رجليها بلا حِراك ....فصرخت صرخة أعادت الارواح الى الأجساد النائمة ..فهبت من أسِرّتِها أخواتُه والجيرانُ
في حال من الذعر والذهول ....
نُقلَ ياسين على وجه السرعة الى أقرب مستشفى وهو بالكاد يسحب الى رئتيه شهيقا أو يُخرج من فِيه المفتوح عن آخره زفيرا ...
استلمه الاطباء داخل غرفة العناية المركزة ..واشتغلوا على جسده المُتعَب زُهاء الساعتين في محاولات يائسة منهم لابقائه
على قيد الحياة ...ثم خرجوا ليعلنوا من خلال وجوه طرّزَ قسماتها الحزن النبأ القاتل لأمه وأخواته ..ويوقعون شهادة وفاة
تفضح لهن السر الكامن وراء تغيره و الذي غاب عنهن طيلة هذه السنين : ياسين لم يمت موتا طبيعيا ....ياسين
مات نتيجة تناوله جرعة زائدة من المخدرات ......؟؟؟
قلم/ الراعي