خضر صبح
22-01-2010, 06:25 AM
قصيدة ابي تمام السَّيْفُ أَصْدَقُ أَنْبَاءً مِنَ الكُتُبِ
السَّيْفُ أَصْدَقُ أَنْبَاءً مِنَ الكُتُبِ=فِي حَدهِ الحَدُّ بَيْنَ الجِد واللَّعِبِ
بيضُ الصَّفَائِحِ لاَ سُودُ الصَّحَائِفِ فِي=مُتُونِهنَّ جلاءُ الشَّك والريَبِ
والعِلْمُ فِي شُهُبِ الأَرْمَاحِ لاَمِعَةً=بَيْنَ الخَمِيسَيْنِ لافِي السَّبْعَةِ الشُّهُبِ
أَيْنَ الروايَةُ بَلْ أَيْنَ النُّجُومُ وَمَا=صَاغُوه مِنْ زُخْرُفٍ فيها ومنْ كَذِبِ
تَخَرُّصَاً وأَحَادِيثاً مُلَفَّقَةً=لَيْسَتْ بِنَبْعٍ إِذَا عُدَّتْ ولاغَرَبِ
عَجَائِباً زَعَمُوا الأَيَّامَ مُجْفِلَةً=عَنْهُنَّ فِي صَفَرِ الأَصْفَار أَوْ رَجَبِ
وخَوَّفُوا الناسَ مِنْ دَهْيَاءَ مُظْلِمَةٍ=إذَا بَدَا الكَوْكَبُ الْغَرْبِيُّ ذُو الذَّنَبِ
وَصَيَّروا الأَبْرجَ العُلْيا مُرَتِّبَةً=مَا كَانَ مُنْقَلِباً أَوْ غيْرَ مُنْقَلِبِ
يقضون بالأمرِ عنها وهْيَ غافلةٌ=مادار فِي فلكٍ منها وفِي قُطُبِ
لو بيَّنت قطّ أَمراً قبْل مَوْقِعِه=لم تُخْفِ ماحلَّ بالأوثانِ والصُّلُبِ
فَتْحُ الفُتوحِ تَعَالَى أَنْ يُحيطَ بِهِ=نَظْمٌ مِن الشعْرِ أَوْ نَثْرٌ مِنَ الخُطَبِ
فَتْحٌ تفَتَّحُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ لَهُ=وتَبْرزُ الأَرْضُ فِي أَثْوَابِهَا القُشُبِ
يَا يَوْمَ وَقْعَةِ عَمُّوريَّةَ انْصَرَفَتْ=مِنْكَ المُنَى حُفَّلاً مَعْسُولَةَ الحَلَبِ
أبقيْتَ جِدَّ بَنِي الإِسلامِ فِي صَعَدٍ=والمُشْرِكينَ ودَارَ الشرْكِ فِي صَبَبِ
أُمٌّ لَهُمْ لَوْ رَجَوْا أَن تُفْتَدى=جَعَلُوا فدَاءَهَا كُلَّ أُمٍّ مِنْهُمُ وَأَب
وَبَرْزَةِ الوَجْهِ قَدْ أعْيَتْ رِيَاضَتُهَا=كِسْرَى وصدَّتْ صُدُوداً عَنْ أَبِي كَرِبِ
بِكْرٌ فَما افْتَرَعَتْهَا كَفُّ حَادِثَةٍ=وَلا تَرَقَّتْ إِلَيْهَا هِمَّةُ النُّوَبِ
مِنْ عَهْدِ إِسْكَنْدَرٍ أَوْ قَبل ذَلِكَ قَدْ=شَابَتْ نَواصِي اللَّيَالِي وهْيَ لَمْ تَشِبِ
حَتَّى إذَا مَخَّضَ اللهُ السنين لَهَا=مَخْضَ البِخِيلَةِ كانَتْ زُبْدَةَ الحِقَبِ
أَتَتْهُمُ الكُرْبَةُ السَّوْدَاءُ سَادِرَةً=مِنْهَا وكانَ اسْمُهَا فَرَّاجَةَ الكُرَبِ
جَرَى لَهَا الفَألُ بَرْحَاً يَوْمَ أنْقِرَةٍ=إذْ غُودِرَتْ وَحْشَةَ السَّاحَاتِ والرِّحَبِ
لمَّا رَأَتْ أُخْتَها بِالأَمْسِ قَدْ خَرِبَتْ=كَانَ الْخَرَابُ لَهَا أَعْدَى من الجَرَبِ
كَمْ بَيْنَ حِيطَانِهَا مِنْ فَارسٍ بَطَلٍ=قَانِي الذَّوائِب من آني دَمٍ سَربِ
بسُنَّةِ السَّيْفِ والخطي مِنْ دَمِه=لاسُنَّةِ الدين وَالإِسْلاَمِ مُخْتَضِبِ
لَقَدْ تَرَكتَ أَميرَ الْمُؤْمنينَ بِها=لِلنَّارِ يَوْماً ذَليلَ الصَّخْرِ والخَشَبِ
غَادَرْتَ فيها بَهِيمَ اللَّيْلِ وَهْوَ ضُحًى=يَشُلُّهُ وَسْطَهَا صُبْحٌ مِنَ اللَّهَبِ
حَتَّى كَأَنَّ جَلاَبيبَ الدُّجَى رَغِبَتْ=عَنْ لَوْنِهَا وكَأَنَّ الشَّمْسَ لَم تَغِبِ
ضَوْءٌ مِنَ النَّارِ والظَّلْمَاءُ عاكِفَةٌ=وَظُلْمَةٌ مِنَ دُخَانٍ فِي ضُحىً شَحبِ
فالشَّمْسُ طَالِعَةٌ مِنْ ذَا وقدْ أَفَلَتْ=والشَّمْسُ وَاجِبَةٌ مِنْ ذَا ولَمْ تَجِبِ
تَصَرَّحَ الدَّهْرُ تَصْريحَ الْغَمَامِ لَها=عَنْ يَوْمِ هَيْجَاءَ مِنْهَا طَاهِرٍ جُنُبِ
لم تَطْلُعِ الشَّمْسُ فيهِ يَومَ ذَاكَ على=بانٍ بأهلٍ وَلَم تَغْرُبْ على عَزَبِ
مَا رَبْعُ مَيَّةَ مَعْمُوراً يُطِيفُ بِهِ=غَيْلاَنُ أَبْهَى رُبىً مِنْ رَبْعِهَا الخَرِبِ
ولا الْخُدُودُ وقدْ أُدْمينَ مِنْ خجَلٍ=أَشهى إلى ناظِري مِنْ خَدها التَّرِبِ
سَماجَةً غنِيَتْ مِنَّا العُيون بِها=عَنْ كل حُسْنٍ بَدَا أَوْ مَنْظَر عَجَبِ
وحُسْنُ مُنْقَلَبٍ تَبْقى عَوَاقِبُهُ=جَاءَتْ بَشَاشَتُهُ مِنْ سُوءِ مُنْقَلَبِ
لَوْ يَعْلَمُ الْكُفْرُ كَمْ مِنْ أَعْصُرٍ كَمَنَتْ=لَهُ العَواقِبُ بَيْنَ السُّمْرِ والقُضُبِ
تَدْبيرُ مُعْتَصِمٍ بِاللهِ مُنْتَقِمٍ=للهِ مُرْتَقِبٍ فِي اللهِ مُرْتَغِبِ
ومُطْعَمِ النَّصرِ لَمْ تَكْهَمْ أَسِنَّتُهُ=يوْماً ولاَ حُجِبَتْ عَنْ رُوحِ مُحْتَجِبِ
لَمْ يَغْزُ قَوْماً، ولَمْ يَنْهَدْ إلَى بَلَدٍ=إلاَّ تَقَدَّمَهُ جَيْشٌ مِنَ الرعُبِ
لَوْ لَمْ يَقُدْ جَحْفَلاً ، يَوْمَ الْوَغَى ، لَغَدا=مِنْ نَفْسِهِ ، وَحْدَهَا ، فِي جَحْفَلٍ لَجِبِ
رَمَى بِكَ اللهُ بُرْجَيْهَا فَهَدَّمَها=ولَوْ رَمَى بِكَ غَيْرُ اللهِ لَمْ يُصِبِ
مِنْ بَعْدِ ما أَشَّبُوها واثقينَ بِهَا=واللَّهُ مِفْتاحُ بَابِ المَعقِل الأَشِبِ
وقال ذُو أَمْرِهِمْ لا مَرْتَعٌ صَدَدٌ=للسَّارِحينَ وليْسَ الوِرْدُ مِنْ كَثَبِ
أَمانياً سَلَبَتْهُمْ نُجْحَ هَاجِسِها=ظُبَى السُّيُوفِ وأَطْرَاف القنا السُّلُبِ
إنَّ الحِمَامَيْنِ مِنْ بِيضٍ ومِنْ سُمُرٍ=دَلْوَا الحياتين مِن مَاءٍ ومن عُشُبٍ
لَبَّيْتَ صَوْتاً زِبَطْرِيًّا هَرَقْتَ لَهُ=كَأْسَ الكَرَى وَرُضَابَ الخُرَّدِ العُرُبِ
عَداكَ حَرُّ الثُّغُورِ المُسْتَضَامَةِ عَنْ=بَرْدِ الثُّغُور وعَنْ سَلْسَالِها الحَصِبِ
أَجَبْتَهُ مُعْلِناً بالسَّيْفِ مُنْصَلِتاً=وَلَوْ أَجَبْتَ بِغَيْرِ السَّيْفِ لَمْ تُجِبِ
حتّى تَرَكْتَ عَمود الشرْكِ مُنْعَفِراً=ولَم تُعَرجْ عَلى الأَوتَادِ وَالطُّنُبِ
لَمَّا رَأَى الحَرْبَ رَأْيَ العين تُوفَلِسٌ=والحَرْبُ مُشْتَقَّةُ المَعْنَى مِنَ الحَرَبِ
غَدَا يُصَرفُ بِالأَمْوال جِرْيَتَها\فَعَزَّهُ البَحْرُ ذُو التَّيارِ والحَدَبِ
هَيْهَاتَ ! زُعْزعَتِ الأَرْضُ الوَقُورُ بِهِ=عَن غَزْوِ مُحْتَسِبٍ لاغزْو مُكتسِبِ
لَمْ يُنفِق الذهَبَ المُرْبي بكَثْرَتِهِ=على الحَصَى وبِهِ فَقْرٌ إلى الذَّهَبِ
إنَّ الأُسُودَ أسودَ الغيلِ همَّتُها=يَومَ الكَرِيهَةِ فِي المَسْلوب لا السَّلبِ
وَلَّى، وَقَدْ أَلجَمَ الخطيُّ مَنْطِقَهُ=بِسَكْتَةٍ تَحْتَها الأَحْشَاءُ فِي صخَبِ
أَحْذَى قَرَابينه صَرْفَ الرَّدَى ومَضى=يَحْتَثُّ أَنْجى مَطَاياهُ مِن الهَرَبِ
مُوَكلاً بِيَفَاعِ الأرْضِ يُشْرِفُهُ=مِنْ خِفّةِ الخَوْفِ لامِنْ خِفَّةِ الطرَبِ
إنْ يَعْدُ مِنْ حَرهَا عَدْوَ الظَّلِيم ، فَقَدْ=أَوْسَعْتَ جاحِمَها مِنْ كَثْرَةِ الحَطَبِ
تِسْعُونَ أَلْفاً كآسادِ الشَّرَى نَضِجَتْ=جُلُودُهُمْ قَبْلَ نُضْجِ التينِ والعِنَبِ
يارُبَّ حَوْبَاءَ لمَّا اجْتُثَّ دَابِرُهُمْ=طابَتْ ولَوْ ضُمخَتْ بالمِسْكِ لَمْ تَطِبِ
ومُغْضَبٍ رَجَعَتْ بِيضُ السُّيُوفِ بِهِ-حَيَّ الرضَا مِنْ رَدَاهُمْ مَيتَ الغَضَبِ
والحَرْبُ قائمَةٌ فِي مأْزِقٍ لَجِجٍ=تَجْثُو القِيَامُ بِه صُغْراً على الرُّكَبِ
كَمْ نِيلَ تحتَ سَناهَا مِن سَنا قمَرٍ=وتَحْتَ عارِضِها مِنْ عَارِضٍ شَنِبِ
كَمْ كَانَ فِي قَطْعِ أَسبَاب الرقَاب بِها=إلى المُخَدَّرَةِ العَذْرَاءِ مِنَ سَبَبِ
كَمْ أَحْرَزَتْ قُضُبُ الهنْدِي مُصْلَتَةً=تَهْتَزُّ مِنْ قُضُبٍ تَهْتَزُّ فِي كُثُبِ
بيضٌ ، إذَا انتُضِيَتْ مِن حُجْبِهَا=رَجعَتْ أَحَقُّ بالبيض أتْرَاباً مِنَ الحُجُبِ
خَلِيفَةَ اللَّهِ جازَى اللَّهُ سَعْيَكَ عَنْ=جُرْثُومَةِ الديْنِ والإِسْلاَمِ والحَسَبِ
بَصُرْتَ بالرَّاحَةِ الكُبْرَى فَلَمْ تَرَها=تُنَالُ إلاَّ على جسْرٍ مِنَ التَّعبِ
إن كان بَيْنَ صُرُوفِ الدَّهْرِ مِن رَحِمٍ=مَوْصُولَةٍ أَوْ ذِمَامٍ غيْرِ مُنْقَضِبِ
فبَيْنَ أيَّامِكَ اللاَّتي نُصِرْتَ بِهَا=وبَيْنَ أيَّامِ بَدْرٍ أَقْرَبُ النَّسَبِ
أَبْقَتْ بَني الأصْفَر المِمْرَاضِ كاسْمِهمُ=صُفْرَ الوجُوهِ وجلَّتْ أَوْجُهَ العَرَبِ
السَّيْفُ أَصْدَقُ أَنْبَاءً مِنَ الكُتُبِ=فِي حَدهِ الحَدُّ بَيْنَ الجِد واللَّعِبِ
بيضُ الصَّفَائِحِ لاَ سُودُ الصَّحَائِفِ فِي=مُتُونِهنَّ جلاءُ الشَّك والريَبِ
والعِلْمُ فِي شُهُبِ الأَرْمَاحِ لاَمِعَةً=بَيْنَ الخَمِيسَيْنِ لافِي السَّبْعَةِ الشُّهُبِ
أَيْنَ الروايَةُ بَلْ أَيْنَ النُّجُومُ وَمَا=صَاغُوه مِنْ زُخْرُفٍ فيها ومنْ كَذِبِ
تَخَرُّصَاً وأَحَادِيثاً مُلَفَّقَةً=لَيْسَتْ بِنَبْعٍ إِذَا عُدَّتْ ولاغَرَبِ
عَجَائِباً زَعَمُوا الأَيَّامَ مُجْفِلَةً=عَنْهُنَّ فِي صَفَرِ الأَصْفَار أَوْ رَجَبِ
وخَوَّفُوا الناسَ مِنْ دَهْيَاءَ مُظْلِمَةٍ=إذَا بَدَا الكَوْكَبُ الْغَرْبِيُّ ذُو الذَّنَبِ
وَصَيَّروا الأَبْرجَ العُلْيا مُرَتِّبَةً=مَا كَانَ مُنْقَلِباً أَوْ غيْرَ مُنْقَلِبِ
يقضون بالأمرِ عنها وهْيَ غافلةٌ=مادار فِي فلكٍ منها وفِي قُطُبِ
لو بيَّنت قطّ أَمراً قبْل مَوْقِعِه=لم تُخْفِ ماحلَّ بالأوثانِ والصُّلُبِ
فَتْحُ الفُتوحِ تَعَالَى أَنْ يُحيطَ بِهِ=نَظْمٌ مِن الشعْرِ أَوْ نَثْرٌ مِنَ الخُطَبِ
فَتْحٌ تفَتَّحُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ لَهُ=وتَبْرزُ الأَرْضُ فِي أَثْوَابِهَا القُشُبِ
يَا يَوْمَ وَقْعَةِ عَمُّوريَّةَ انْصَرَفَتْ=مِنْكَ المُنَى حُفَّلاً مَعْسُولَةَ الحَلَبِ
أبقيْتَ جِدَّ بَنِي الإِسلامِ فِي صَعَدٍ=والمُشْرِكينَ ودَارَ الشرْكِ فِي صَبَبِ
أُمٌّ لَهُمْ لَوْ رَجَوْا أَن تُفْتَدى=جَعَلُوا فدَاءَهَا كُلَّ أُمٍّ مِنْهُمُ وَأَب
وَبَرْزَةِ الوَجْهِ قَدْ أعْيَتْ رِيَاضَتُهَا=كِسْرَى وصدَّتْ صُدُوداً عَنْ أَبِي كَرِبِ
بِكْرٌ فَما افْتَرَعَتْهَا كَفُّ حَادِثَةٍ=وَلا تَرَقَّتْ إِلَيْهَا هِمَّةُ النُّوَبِ
مِنْ عَهْدِ إِسْكَنْدَرٍ أَوْ قَبل ذَلِكَ قَدْ=شَابَتْ نَواصِي اللَّيَالِي وهْيَ لَمْ تَشِبِ
حَتَّى إذَا مَخَّضَ اللهُ السنين لَهَا=مَخْضَ البِخِيلَةِ كانَتْ زُبْدَةَ الحِقَبِ
أَتَتْهُمُ الكُرْبَةُ السَّوْدَاءُ سَادِرَةً=مِنْهَا وكانَ اسْمُهَا فَرَّاجَةَ الكُرَبِ
جَرَى لَهَا الفَألُ بَرْحَاً يَوْمَ أنْقِرَةٍ=إذْ غُودِرَتْ وَحْشَةَ السَّاحَاتِ والرِّحَبِ
لمَّا رَأَتْ أُخْتَها بِالأَمْسِ قَدْ خَرِبَتْ=كَانَ الْخَرَابُ لَهَا أَعْدَى من الجَرَبِ
كَمْ بَيْنَ حِيطَانِهَا مِنْ فَارسٍ بَطَلٍ=قَانِي الذَّوائِب من آني دَمٍ سَربِ
بسُنَّةِ السَّيْفِ والخطي مِنْ دَمِه=لاسُنَّةِ الدين وَالإِسْلاَمِ مُخْتَضِبِ
لَقَدْ تَرَكتَ أَميرَ الْمُؤْمنينَ بِها=لِلنَّارِ يَوْماً ذَليلَ الصَّخْرِ والخَشَبِ
غَادَرْتَ فيها بَهِيمَ اللَّيْلِ وَهْوَ ضُحًى=يَشُلُّهُ وَسْطَهَا صُبْحٌ مِنَ اللَّهَبِ
حَتَّى كَأَنَّ جَلاَبيبَ الدُّجَى رَغِبَتْ=عَنْ لَوْنِهَا وكَأَنَّ الشَّمْسَ لَم تَغِبِ
ضَوْءٌ مِنَ النَّارِ والظَّلْمَاءُ عاكِفَةٌ=وَظُلْمَةٌ مِنَ دُخَانٍ فِي ضُحىً شَحبِ
فالشَّمْسُ طَالِعَةٌ مِنْ ذَا وقدْ أَفَلَتْ=والشَّمْسُ وَاجِبَةٌ مِنْ ذَا ولَمْ تَجِبِ
تَصَرَّحَ الدَّهْرُ تَصْريحَ الْغَمَامِ لَها=عَنْ يَوْمِ هَيْجَاءَ مِنْهَا طَاهِرٍ جُنُبِ
لم تَطْلُعِ الشَّمْسُ فيهِ يَومَ ذَاكَ على=بانٍ بأهلٍ وَلَم تَغْرُبْ على عَزَبِ
مَا رَبْعُ مَيَّةَ مَعْمُوراً يُطِيفُ بِهِ=غَيْلاَنُ أَبْهَى رُبىً مِنْ رَبْعِهَا الخَرِبِ
ولا الْخُدُودُ وقدْ أُدْمينَ مِنْ خجَلٍ=أَشهى إلى ناظِري مِنْ خَدها التَّرِبِ
سَماجَةً غنِيَتْ مِنَّا العُيون بِها=عَنْ كل حُسْنٍ بَدَا أَوْ مَنْظَر عَجَبِ
وحُسْنُ مُنْقَلَبٍ تَبْقى عَوَاقِبُهُ=جَاءَتْ بَشَاشَتُهُ مِنْ سُوءِ مُنْقَلَبِ
لَوْ يَعْلَمُ الْكُفْرُ كَمْ مِنْ أَعْصُرٍ كَمَنَتْ=لَهُ العَواقِبُ بَيْنَ السُّمْرِ والقُضُبِ
تَدْبيرُ مُعْتَصِمٍ بِاللهِ مُنْتَقِمٍ=للهِ مُرْتَقِبٍ فِي اللهِ مُرْتَغِبِ
ومُطْعَمِ النَّصرِ لَمْ تَكْهَمْ أَسِنَّتُهُ=يوْماً ولاَ حُجِبَتْ عَنْ رُوحِ مُحْتَجِبِ
لَمْ يَغْزُ قَوْماً، ولَمْ يَنْهَدْ إلَى بَلَدٍ=إلاَّ تَقَدَّمَهُ جَيْشٌ مِنَ الرعُبِ
لَوْ لَمْ يَقُدْ جَحْفَلاً ، يَوْمَ الْوَغَى ، لَغَدا=مِنْ نَفْسِهِ ، وَحْدَهَا ، فِي جَحْفَلٍ لَجِبِ
رَمَى بِكَ اللهُ بُرْجَيْهَا فَهَدَّمَها=ولَوْ رَمَى بِكَ غَيْرُ اللهِ لَمْ يُصِبِ
مِنْ بَعْدِ ما أَشَّبُوها واثقينَ بِهَا=واللَّهُ مِفْتاحُ بَابِ المَعقِل الأَشِبِ
وقال ذُو أَمْرِهِمْ لا مَرْتَعٌ صَدَدٌ=للسَّارِحينَ وليْسَ الوِرْدُ مِنْ كَثَبِ
أَمانياً سَلَبَتْهُمْ نُجْحَ هَاجِسِها=ظُبَى السُّيُوفِ وأَطْرَاف القنا السُّلُبِ
إنَّ الحِمَامَيْنِ مِنْ بِيضٍ ومِنْ سُمُرٍ=دَلْوَا الحياتين مِن مَاءٍ ومن عُشُبٍ
لَبَّيْتَ صَوْتاً زِبَطْرِيًّا هَرَقْتَ لَهُ=كَأْسَ الكَرَى وَرُضَابَ الخُرَّدِ العُرُبِ
عَداكَ حَرُّ الثُّغُورِ المُسْتَضَامَةِ عَنْ=بَرْدِ الثُّغُور وعَنْ سَلْسَالِها الحَصِبِ
أَجَبْتَهُ مُعْلِناً بالسَّيْفِ مُنْصَلِتاً=وَلَوْ أَجَبْتَ بِغَيْرِ السَّيْفِ لَمْ تُجِبِ
حتّى تَرَكْتَ عَمود الشرْكِ مُنْعَفِراً=ولَم تُعَرجْ عَلى الأَوتَادِ وَالطُّنُبِ
لَمَّا رَأَى الحَرْبَ رَأْيَ العين تُوفَلِسٌ=والحَرْبُ مُشْتَقَّةُ المَعْنَى مِنَ الحَرَبِ
غَدَا يُصَرفُ بِالأَمْوال جِرْيَتَها\فَعَزَّهُ البَحْرُ ذُو التَّيارِ والحَدَبِ
هَيْهَاتَ ! زُعْزعَتِ الأَرْضُ الوَقُورُ بِهِ=عَن غَزْوِ مُحْتَسِبٍ لاغزْو مُكتسِبِ
لَمْ يُنفِق الذهَبَ المُرْبي بكَثْرَتِهِ=على الحَصَى وبِهِ فَقْرٌ إلى الذَّهَبِ
إنَّ الأُسُودَ أسودَ الغيلِ همَّتُها=يَومَ الكَرِيهَةِ فِي المَسْلوب لا السَّلبِ
وَلَّى، وَقَدْ أَلجَمَ الخطيُّ مَنْطِقَهُ=بِسَكْتَةٍ تَحْتَها الأَحْشَاءُ فِي صخَبِ
أَحْذَى قَرَابينه صَرْفَ الرَّدَى ومَضى=يَحْتَثُّ أَنْجى مَطَاياهُ مِن الهَرَبِ
مُوَكلاً بِيَفَاعِ الأرْضِ يُشْرِفُهُ=مِنْ خِفّةِ الخَوْفِ لامِنْ خِفَّةِ الطرَبِ
إنْ يَعْدُ مِنْ حَرهَا عَدْوَ الظَّلِيم ، فَقَدْ=أَوْسَعْتَ جاحِمَها مِنْ كَثْرَةِ الحَطَبِ
تِسْعُونَ أَلْفاً كآسادِ الشَّرَى نَضِجَتْ=جُلُودُهُمْ قَبْلَ نُضْجِ التينِ والعِنَبِ
يارُبَّ حَوْبَاءَ لمَّا اجْتُثَّ دَابِرُهُمْ=طابَتْ ولَوْ ضُمخَتْ بالمِسْكِ لَمْ تَطِبِ
ومُغْضَبٍ رَجَعَتْ بِيضُ السُّيُوفِ بِهِ-حَيَّ الرضَا مِنْ رَدَاهُمْ مَيتَ الغَضَبِ
والحَرْبُ قائمَةٌ فِي مأْزِقٍ لَجِجٍ=تَجْثُو القِيَامُ بِه صُغْراً على الرُّكَبِ
كَمْ نِيلَ تحتَ سَناهَا مِن سَنا قمَرٍ=وتَحْتَ عارِضِها مِنْ عَارِضٍ شَنِبِ
كَمْ كَانَ فِي قَطْعِ أَسبَاب الرقَاب بِها=إلى المُخَدَّرَةِ العَذْرَاءِ مِنَ سَبَبِ
كَمْ أَحْرَزَتْ قُضُبُ الهنْدِي مُصْلَتَةً=تَهْتَزُّ مِنْ قُضُبٍ تَهْتَزُّ فِي كُثُبِ
بيضٌ ، إذَا انتُضِيَتْ مِن حُجْبِهَا=رَجعَتْ أَحَقُّ بالبيض أتْرَاباً مِنَ الحُجُبِ
خَلِيفَةَ اللَّهِ جازَى اللَّهُ سَعْيَكَ عَنْ=جُرْثُومَةِ الديْنِ والإِسْلاَمِ والحَسَبِ
بَصُرْتَ بالرَّاحَةِ الكُبْرَى فَلَمْ تَرَها=تُنَالُ إلاَّ على جسْرٍ مِنَ التَّعبِ
إن كان بَيْنَ صُرُوفِ الدَّهْرِ مِن رَحِمٍ=مَوْصُولَةٍ أَوْ ذِمَامٍ غيْرِ مُنْقَضِبِ
فبَيْنَ أيَّامِكَ اللاَّتي نُصِرْتَ بِهَا=وبَيْنَ أيَّامِ بَدْرٍ أَقْرَبُ النَّسَبِ
أَبْقَتْ بَني الأصْفَر المِمْرَاضِ كاسْمِهمُ=صُفْرَ الوجُوهِ وجلَّتْ أَوْجُهَ العَرَبِ