خضر صبح
19-03-2010, 07:05 AM
المبتـــدأ
اسم مرفوع يبتدأ به الكلام ، ويقع في أول الجملة غالبا ، مجرد من العوامل اللفظية ، أو مسبوق بنفي ، أو استفهام ، مستغن بمرفوعه في إفادة المعنى ، وإتمام الجملة .
نحو : محمد طالب . ومنه قوله تعالى والله واسع عليم [1] ومثال المسبوق بنفي : ما قادم الضيف ، ومثال المسبوق باستفهام : أ ناجح عليُّ . 2 ـ ومنه قوله تعالى أ راغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم [2].
ـ ومنه قول الشاعر بلا نسبة :
أمنجز أنتم وعدا وثقت به
أم اقتفيتم جميعا نهج عرقوب
حكمه :
المبتدأ مرفوع دائما، إلا إذا سبق بحرف جر زائد أو شبيه بالزائد ، فيجر لفظا ، ويرفع محلا .
نحو: بحسبك درهم . 3 ـ ونحو قوله تعالى : وما من إله إلا الله [3].
ونحو: " يا رب كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة " .
أقسامه:
ينقسم المبتدأ إلى قسمين :
مبتدأ صريح ، ويشتمل على الاسم الظاهر ، كما في الأمثلة السابقة .
أو الضمير . نحو: أنت مخلص ، وهو مجتهد .
ومنه قوله تعالى: (وهم يصرخون فيها) [4].
وقوله تعالى: (أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين) [5].
مبتدأ مؤول من أن والفعل . نحو : أن تتحدوا أرهب لعدوكم.
ومنه قوله تعالى وأن تصوموا خير لكم [6].
وقوله تعالى : ( وان تعفوا أقرب للتقوى ) [7]
والتقدير: اتحادكم أرهب لعدوكم، وصيامكم خير لكم.
أنواع المبتدأ:
ينقسم المبتدأ بالنسبة لأخذه خبرا إلى نوعين:
1 ـ مبتدأ له خبر. نحو: الحكمة ضالة المؤمن.
الحكمة : مبتدأ، وضالة: خبر.
ومنه قوله تعالى: (أولئك لهم جنات عدن) [8] .
2 ـ مبتدأ ليس له خبر، ولكن له مرفوع يسد مسد الخبر.
نحو: أنائم الطفل، وما محمود البخل.
ومنه قوله تعالى: (أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم) [9].
نائم : مبتدأ، والطفل : فاعل سد مسد الخبر .
ومحمود : مبتدأ ، والبخل : نائب فاعل سد مسد الخبر .
ومنه قول : عبيدة بن الأبرص :
أعاقر مثلُ ذات رحم
أو غانم مثل من يخيب
ما يتفق فيه النوعان :
ـ مجردان من العوامل اللفظية . ـ العامل فيهما معنوي ، وهو الابتداء . ما يختلفان فيه :
1 ـ المبتدأ صاحب الخبر : إما أن يكون اسما صريحا، أو مصدرا مؤولا بالصريح ، ولا يكون المبتدأ الذي لا خبر له في تأويل الاسم ، بل لا بد أن يكون صفة مشبهة بالفعل : كاسم الفاعل ، واسم المفعول ، والصفة المشبهة باسم الفاعل .
2 ـ المبتدأ صاحب الخبر : لا يعتمد على شيء ، أما المبتدأ الذي لا خبر له فلابد أن يعتمد على نفي ، أو استفهام كما مثلنا سابقا . ومنه قوله تعالى : ( ولا مولود هو جاز عن والده شيئا ) [10] . ومنه قوله تعالى : ( أ قريب ما توعدون ) [11]. فمولود مبتدأ نكرة وسوغ الابتداء به اعتماده على نفي ، وجاز نائب فاعل سد مسد الخبر ، أو مبتدأ مؤخر ، ومولود خبر مقدم ، وقيل مولود مبتدأ ، وجاز خبره .
وجوه الإعراب في الاسم المرفوع بعد المبتدأ الذي لا خبر له : في الاسم الواقع بعد المبتدأ المعتمد على نفي ، أو استفهام ، والذي اكتفى بمرفوعه ثلاثة أوجه من الإعراب : ـ
1 ـ إذا كان الوصف المشتق مفردا وتاليه مفردا .
نحو : أ مسافر الرجل ، وما محبوب الكسول . وجاز أن يكون منه قوله تعالى : ( أحق هو ) [12] .
على اعتبار أن " حق " مصدر بمعنى اسم الفاعل ثابت ، فيكون حق مبتدأ ، وهو فاعل ، ويجوز أن يكون " حق " خبر مقدم ، وهو مبدأ مؤخر . جاز فيه وجهان :
أ ـ أن يكون الوصف مبتدأ وما بعده فاعلا ، أو نائبا عن الفاعل سد مسد الخبر . ويكون الفاعل بعد اسم الفاعل ، ونائب الفاعل بعد اسم المفعول .
فمسافر مبتدأ ، والرجل فاعل سد مسد الخبر . ومحبوب مبتدأ ، والكسول نائب فاعل سد مسد الخبر .
ب ـ كما يجوز أن يكون الوصف المشتق خبرا مقدما وتاليه مبتدأ مؤخرا .
فمسافر : خبر مقدم ، والرجل : مبتدأ مؤخر .
2 ـ إذا كان الوصف المشتق مفردا ، وتاليه مثنى ، أو جمعا ، وجب أن يكون الوصف مبتدأ ، وتاليه فاعلا ، أو نائبا عن الفاعل سد مسد الخبر .
نحو : ما مهمل الطالبان ، وما محبوب المقصرون .
مهمل : مبتدأ ، والطالبان : فاعل سد مسد الخبر .
ومحبوب : مبتدأ ، والمقصرون : نائب فاعل سد مسد الخبر .
3 ـ ومنه قول الشاعر بلا نسبة :
أ قاطن قوم سلمى أو نووا ضعنا
أن يضعنوا فعجيب عيش من قطنا
الشاهد في البيت قوله " أ قاطن قوم " إذ اكتفى بالفاعل " قوم " عن الخبر ؛ لكون المبتدأ " قاطن " وصفا معتمدا على الاستفهام . ومثلما رفعت الصفة المشتقة الواقعة مبتدأ ، والمعتمدة على استفهام أو نفي اسما ظاهرا كما في البيت السابق ، فإنها ترفع الضمير الظاهر أيضا .
4 ـ نحو قول الشاعر :
خليليّ ما وافٍ بعهدي أنتما
إذا لم تكونا لي على من أقاطع
فإن رفعت الصفة الضمير المستتر فهي ليست من هذا الباب ، وإنما هي خبر عما قبلها . نحو : محمد لا مجتهد ولا مؤدب .
ففاعل كل من مجتهد ومؤدب ضمير مستتر تقديره : هو . وإن اكتفت بمرفوعها الظاهر فهي خبر مقدم ، وما بعد المرفوع مبتدأ مؤخر .
نحو : ما مسافر والداه أحمد .
مسافر خبر مقدم ، ووالداه فاعل لمسافر ، وأحمد مبتدأ مؤخر .
3 ـ إذا كان الوصف المشتق مثنى ، أو جمعا وتاليه مثنى ، أو جمعا
وجب أن يكون الوصف خبرا مقدما ، وتاليه مبتدأ مؤخرا . نحو : أ مسافران الضيفان ، وما مقصرون المجتهدون . مسافران : خبر مقدم ، والضيفان : مبتدأ مؤخر .
تعدد المبتدأ :
يجوز تعدد المبتدأ وخبره واحد . نحو : صديقك والده أمنيته تحقيقها أن يشفى ابنه .
تعريف المبتدأ وتنكيره :
الأصل في المبتدأ أن يكون معرفة كما مر معنا في جميع الأمثلة ، ما عدا المعتمدة على نفى ، أو استفهام . غير أنه يجوز الابتداء بالنكرة إذا أفادت معنى ، وقد قسم النحاة النكرة التي تفيد معنى إلى قسمين : ـ
أولا ـ النكرة التي تفيد الخصوص وهى :
1 ـ النكرة الموصوفة بوصف مذكور ، أو مقدر ، أو معنوي .
5 ـ مثال الأول قوله تعالى : ( ولعبد مؤمن خير من مشرك ) [13] .
وقوله تعالى : ( ولأمة مؤمنة خير من مشركة ) [14] . 6 ـ ومثال الثاني قوله تعالى : ( وطائفة قد أهمتهم أنفسهم ) [15] .
وقوله تعالى : ( ظلمات بعضها فوق بعض ) [16] . ومثال الثالث : رجيل عندنا .
والتقدير في المثال الثالث : وطائفة من غيركم ، وفي الرابع : ظلمات متراكمة وفي المثال الخامس : رجل وضيع . فالتصغير في المثال الخامس فيه معنى الوصف ودلالته .
2 ـ نكرة مضافة لفظا . نحو : خمس صلوات كتبهن الله على العباد .
3 ـ أن يتعلق بها معمول . نحو : أمر بمعرف صدقة ، ورغبة في الخير خير .
فسوغ الابتداء " بأمر " وهي نكرة كونه تعلق بها الجار والمجرور " بمعروف " ثانيا ـ النكرة التي تفيد العموم : ـ
1 ـ أن يكون المبتدأ نفسه صيغة عموم . نحو : من يقم أقم معه ، ومنه قوله تعالى : ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ) [17] . 7 ـ ومنه قوله تعالى : ( كل له قانتون ) [18] . 8 ـ وقوله تعالى : ( كل يعمل على شاكلته ) [19] . 2 ـ أن يقع المبتدأ النكرة في سياق النفي ، أو الاستفهام . نحو : ما رجل في الدار ، وهل أحد قادم . 9 ـ ومنه قوله تعالى ( أ إله مع الله ) [20] .
ومن النكرات التي يسوغ الابتداء بها أيضا : ـ
1 ـ أن يكون المبتدأ نكرة ، ولا مسوغ للابتداء به ، إلا أن يتقدم عليه خبر شبه جملة ، جار ومجرور ، أو ظرف . في المدرسة زائرون . ومنه قوله تعالى : ( لكل أجل كتاب ) [21] . ونحو : حول البئر أشجار . ـ ومنه قوله تعالى : ( وفوق كل ذي علم عليم ) . أو يتقدم عليه خبر جملة . نحو : صافحك صديقه رجل . ـ ومنه قول طرفة بن العبد :
لخولة أطلال ببرقة تهمد
تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد
ومنه قول زهير :
لهم راح وراووق ومسك
تُعلّ بهم جلودهُمُ وماء
2 ـ أن تكون النكرة معطوفة على معرفة . نحو : محمد ورجل عندنا .
3 ـ أو يعطف عليها بمعرفة . نحو : رجل ويوسف في المنزل .
4 ـ أن يعطف عليها بنكرة مخصصة . نحو : رجل وامرأة طويلة واقفان .
5 ـ أو تعطف على نكرة موصوفة . نحو : تميمي ورجل في المنزل .
12 ـ نحو قوله تعالى : ( قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى ).
6 ـ أن تأتي النكرة جوابا لمن يسأل : من عندك ؟ فتقول : صديق.
التقدير : صديق عندي .
7 ـ أن يقصد بها التنويع ، والتفصيل . نحو : يوم لك ويوم عليك.
6 ـ ومنه قول النمر بن تولب :
فيوم علينا ويوم لنا
ويوم نُساء ويوم نُسَر
ومنه قول امرئ القيس :
فأقبلت زحفا على الركبتين
فثوب لبست وثوب أجر
الشاهد في البيتين " يوم علينا ، ويوم لنا ، وثوب لبست ، وثوب أجر " وكل منها وقع مبتدأ وخبر ، وسوغ الابتداء بالنكرات السابقة أنها أفادت التنويع . أن تفيد الدعاء . نحو قوله تعالى : ( سلام على آل يسن ) . ومنه قوله تعالى : ( وويل للمشركين ) . وقوله تعالى : ( ويل لكل همزة لمزة ) .
ـ ومنه قول عنترة :
فويل لكسرى إن حللت بأرضه
وويل لجيش الفرس حين أُعَجعِج
ـ أن تكون عاملة فيما بعدها رفعا ونصبا وجرا .
نحو : مهذب خلقه محبوب . وإكرام ضيفا واجب . وإخلاص في العمل شرف.
فـ " مهذب ، وإكرام ، وإخلاص " كل منها وقع مبتدأ ، وسوغ الابتداء به مع أنه نكرة أن عمل فيما بعده ، فمهذب عملت الرفع في " خلقه " ، وإكرام عملت النصب في " ضيفا " ، وإخلاص عملت ـ كما يتوهم بعض النحاة ـ في شبه الجملة " في العمل " والصواب عندي أن كلمة " إخلاص " لم تعمل في شبه الجملة ، وإنما شبه الجملة تعلق بها ، والله أعلم .
ـ أن تكون من الألفاظ التي لها الصدارة في الكلام كأسماء الشرط . نحو : من يزرع الخير يجنِ ثماره .
14 ـ ومنه قوله تعالى : ( ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم )4 .
والاستفهام نحو : من زارنا ؟
15 ـ ومنه قوله تعالى : ( ومن أظلم ممن كتم شهادة )5 . 8 ـ ومنه قول زهير :
ومن يك ذا فضل فيبخل بفضله
على قومه يستغن عته ويذمم
وما التعجبية نحو : ما أجمل السماء .
ومنه قول الشاعر :
بنفسي تلك الأرض ما أطيب الربى
وما أجمل المصطاف والمتربعا وكم الخبرية نحو : كم حسنةٍ لك .
1 ـ ومنه قول الفرزدق :
كم عمة لك يا جرير وخالة
فدحاء قد ملكت عليّ عشاري
فكم خبرية ، وتمييزها محذوف ، وعمة مبتدأ ، وجملت ملكت في محل رفع خبر .
ومنه قول عنترة :
كم ليلة سرت في البيداء منفردا
والليلُ للغرب قد مالت كواكبه
أو كأين الخبرية .
نحو قوله تعالى : ( وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير )1 . أو أضيف المبتدأ النكرة إلى ما له الصدارة . نحو : قلم من هذا ؟
أن تقع في أول جملة الحال المرتبطة بالواو ، أو بدونها . نحو : خرجت من المنزل وأنواره مضاءة .
2 ـ ومنه قول الشاعر* :
سرينا ونجم قد أضاء فمذ بدا
محياك أخفى ضوءه كل شارق
3- ومثال الثاني :
قول الشاعر* :
الذئب يطرقها في الدهر واحدة
وكل يوم تراني مُدية بيدي
الشاهد في البيت الأول " ونجم قد أضاء " فنجم مبتدأ ، وقد أضاء في محل رفع خبره ، والجملة في محل نصب حال ، والرابط الواو . والشاهد في البيت الثاني " مدية بيدي " مدية مبتدأ ، وبيدي في محل رفع خبره ، والجملة الاسمية في محل نصب حال من الضمير في تراني .
أن تقع بعد لولا . نحو : لولا رجل لهلك أخوك .
4 ـ ومنه قول الشاعر بلا نسبة :
لولا اصطباري لأودى كل ذي مقة
لما استقلت مطاياهن للضعن
الشاهد " اصطبار " حيث وقعت مبتدأ ، وهي نكرة ، ومسوغ الابتداء بها وقوعها بعد لولا ، وخبرها محذوف وجوبا تقديره : كائن ، أو موجود .
ومنه قول الفرزدق :
ولولا حياء زدت رأسك هزمةً
إذا سُبِرتْ ظلتْ جوانبها تغلي
أن تقع بعد إذا الفجائية . نحو : وصلت فإذا صديق ينتظرني .
إذا اتصل بالنكرة ما له الصدارة : كلام الابتداء: نحو : لعملٌ خيرٌ من قول .
ومنه قوله تعالى ( ولدار الآخرة خير ).
ومنه قول عنترة : ولَلموت خير للفتى من حياته
إذا لم يثب للأمر إلا بقائدِ
إذا أريد بها حقيقة الجنس ، وعموم أفراده . نحو : إنسان خير من بهيمة ، وعالم خير من زاهد ، وثمرة خير من جرادة .
أن تكون النكرة خلفا من موصوف . نحو : أعمى استعان بأعمى ، وضعيف استجار بعاجز ، والتقدير : رجل أعمى ، ورجل ضعيف .
أن يكون ثبوت الخبر لها من خوارق العادة . نحو : شجرة سجدت .
أن تكون محصورة . نحو : ما طالب إلا ناجح . وإنما طالب ناجح .
أن تكون في معنى المحصور بشرط وجود قرينة تهيئ لذلك . نحو : حادث دعاك لقطع الرحلة . أي : ما دعاك لقطع الرحلة حادث.
ونحو : شر هر ذا ناب . وشيء جاء بك .
والتقدير : ما أهر ذا ناب إلا شر . وما جاء بك إلا شيء .
وقدّر أيضا : شر عظيم أهر ذا ناب . وشيء عظيم جاء بك . 19 ـ أن تكون مبهمة مقصودا إبهامها لغرض يريده المتكلم . نحو : زائر عندنا .
ومنه قول امرئ القيس :
مُرَسّعةٌ بين أَرساغه
به عسَم يبتغي أرنبا
أن تقع بعد فاء الجزاء . نحو قولهم : إن ذهب عير فعير في الرباط .
العامل في المبتدأ :
اختلف النحاة حول العامل في المبتدأ ، ولكن الراجح هو : الابتداء . أي : أن العامل فيه معنوي كونه مجردا عن العوامل اللفظية غير الزائدة ، وشبه الزائدة .
وجوب تقديم المبتدأ :
يجب تقديم المبتدأ في ستة مواضع : 1 ـ أن يكون من الأسماء التي لها الصدارة في الكلام كأسماء الشرط والاستفهام وما التعجبية ، وكم الخبرية . نحو : من يقرأ الشعر ينم ثروته اللغوية . ومنه قوله تعالى : ( من يفعل ذلك يلق أثاما ) . ومنه قول زهير : ومن لم يزد عن حوضه بسلاحه
يهدم ومن لا يظلم الناس يظلم
ومثال الاستفهام : من مسافر غدا ؟
ومنه قوله تعالى : ( من أنصاري إلى الله ) .
وقوله تعالى : ( ومن أظلم ممن منع مساجد الله ) .
وقوله تعالى : ( فما خطبكم أيها المرسلون ) . ومنه قول المتنبي : وما الفرقُ ما بين الأنام وبينَه إذا حَذِر المحذورَ واستصعبَ الصعبا
ومثال ما التعجبية : ما أجمل الربيع . ومنه قول جرير :
فما أبصر النارَ التي وضحت له
وراء جُفاف الطير إلا تماريا
ومثال كم الخبرية : كم من كتب قرأت .
ومنه قوله تعالى : ( كم من فئة قليلة غلبت فئة كبيرة )2 . ومنه قول المتنبي :
وكم ذنبٍ مُوَلِّدُهُ دلالٌ
وكم بُعدٍ مُولِّدُه اقترابُ
وقوله أيضا :
كم زورةٌٍ لك في الأعراب خافيةٌٍ
أدهى وقد رقدوا من زورة الذيبِ
3 ـ إذا كان الخبر جملة فعليه فاعلها ضمير مستتر يعود على المبتدأ نحو : أنت تعبث بمقتنياتي . ومحمد يلعب الكرة . ومنه قوله تعالى : ( الله يستهزئ بهم ) . وقوله تعالى : ( قل الله يهدي للحق ) . وقوله تعالى : ( أو من كان ميتا فأحييناه ).
4 ـ أن يكون مقترنا بلا الابتداء " أو ما تعرف بلام التوكيد " . نحو : لأنت أفضل من أخيك .
ومنه قوله تعالى : ( وللدار الآخرة خير للذين يتقون ) 4 . وقوله تعالى : ( ولذكر الله أكبر ) .
وقوله تعالى : ( وللآخرة خير لك من الأولى ) . ومنه قول زهير :
ولأنت أوصلُ ما علمتُ به
لشوابك الأرحام والصِّهر
5 ـ أن يكون كل من المبتدأ والخبر معرفة ، أو نكرة وليس هناك قرينة تعين أحدهما فيتقدم المبتدأ خشية التباس الخبر به .
نحو : أبوك محمد . إن أردت الإخبار الأب .
ونحو : محمد أبوك . إن أردت الإخبار عن محمد .
فإن وجدت القرينة التي تميز المبتدأ عن الخبر ، جاز التقديم والتأخير .
نحو : أبناء مدرستنا أبناؤنا . بتقديم المبتدأ . وأبناؤنا أبناء مدرستنا . بتقديم الخبر . وسواء تقدم المبتدأ، أو الخبر فالدلالة واحدة . ومنه قول الشاعر :
بنونا بنو أبنائنا وبناتنا
بنوهن أبناء الرجال الأباعد
7 ـ أن يكون المبتدأ محصورا في الخبر بما وإلا ، أو بإنما . نحو : ما الصدق إلا فضيلة . وإنما أنت مهذب .
25 ـ ومنه قوله تعالى : ( ما المسيح بن مريم إلا رسول ) .
وقوله تعالى : ( وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور ) .
وقوله تعالى : ( وما محمد إلا رسول ) .
وقوله تعالى : ( إنما نحن مصلحون ) .
وقوله تعالى : ( قل إنما هو إله واحد ) .
وقله تعالى : ( إنما أنت نذير ) .
الدكتور مسعد سعيد
.
اسم مرفوع يبتدأ به الكلام ، ويقع في أول الجملة غالبا ، مجرد من العوامل اللفظية ، أو مسبوق بنفي ، أو استفهام ، مستغن بمرفوعه في إفادة المعنى ، وإتمام الجملة .
نحو : محمد طالب . ومنه قوله تعالى والله واسع عليم [1] ومثال المسبوق بنفي : ما قادم الضيف ، ومثال المسبوق باستفهام : أ ناجح عليُّ . 2 ـ ومنه قوله تعالى أ راغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم [2].
ـ ومنه قول الشاعر بلا نسبة :
أمنجز أنتم وعدا وثقت به
أم اقتفيتم جميعا نهج عرقوب
حكمه :
المبتدأ مرفوع دائما، إلا إذا سبق بحرف جر زائد أو شبيه بالزائد ، فيجر لفظا ، ويرفع محلا .
نحو: بحسبك درهم . 3 ـ ونحو قوله تعالى : وما من إله إلا الله [3].
ونحو: " يا رب كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة " .
أقسامه:
ينقسم المبتدأ إلى قسمين :
مبتدأ صريح ، ويشتمل على الاسم الظاهر ، كما في الأمثلة السابقة .
أو الضمير . نحو: أنت مخلص ، وهو مجتهد .
ومنه قوله تعالى: (وهم يصرخون فيها) [4].
وقوله تعالى: (أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين) [5].
مبتدأ مؤول من أن والفعل . نحو : أن تتحدوا أرهب لعدوكم.
ومنه قوله تعالى وأن تصوموا خير لكم [6].
وقوله تعالى : ( وان تعفوا أقرب للتقوى ) [7]
والتقدير: اتحادكم أرهب لعدوكم، وصيامكم خير لكم.
أنواع المبتدأ:
ينقسم المبتدأ بالنسبة لأخذه خبرا إلى نوعين:
1 ـ مبتدأ له خبر. نحو: الحكمة ضالة المؤمن.
الحكمة : مبتدأ، وضالة: خبر.
ومنه قوله تعالى: (أولئك لهم جنات عدن) [8] .
2 ـ مبتدأ ليس له خبر، ولكن له مرفوع يسد مسد الخبر.
نحو: أنائم الطفل، وما محمود البخل.
ومنه قوله تعالى: (أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم) [9].
نائم : مبتدأ، والطفل : فاعل سد مسد الخبر .
ومحمود : مبتدأ ، والبخل : نائب فاعل سد مسد الخبر .
ومنه قول : عبيدة بن الأبرص :
أعاقر مثلُ ذات رحم
أو غانم مثل من يخيب
ما يتفق فيه النوعان :
ـ مجردان من العوامل اللفظية . ـ العامل فيهما معنوي ، وهو الابتداء . ما يختلفان فيه :
1 ـ المبتدأ صاحب الخبر : إما أن يكون اسما صريحا، أو مصدرا مؤولا بالصريح ، ولا يكون المبتدأ الذي لا خبر له في تأويل الاسم ، بل لا بد أن يكون صفة مشبهة بالفعل : كاسم الفاعل ، واسم المفعول ، والصفة المشبهة باسم الفاعل .
2 ـ المبتدأ صاحب الخبر : لا يعتمد على شيء ، أما المبتدأ الذي لا خبر له فلابد أن يعتمد على نفي ، أو استفهام كما مثلنا سابقا . ومنه قوله تعالى : ( ولا مولود هو جاز عن والده شيئا ) [10] . ومنه قوله تعالى : ( أ قريب ما توعدون ) [11]. فمولود مبتدأ نكرة وسوغ الابتداء به اعتماده على نفي ، وجاز نائب فاعل سد مسد الخبر ، أو مبتدأ مؤخر ، ومولود خبر مقدم ، وقيل مولود مبتدأ ، وجاز خبره .
وجوه الإعراب في الاسم المرفوع بعد المبتدأ الذي لا خبر له : في الاسم الواقع بعد المبتدأ المعتمد على نفي ، أو استفهام ، والذي اكتفى بمرفوعه ثلاثة أوجه من الإعراب : ـ
1 ـ إذا كان الوصف المشتق مفردا وتاليه مفردا .
نحو : أ مسافر الرجل ، وما محبوب الكسول . وجاز أن يكون منه قوله تعالى : ( أحق هو ) [12] .
على اعتبار أن " حق " مصدر بمعنى اسم الفاعل ثابت ، فيكون حق مبتدأ ، وهو فاعل ، ويجوز أن يكون " حق " خبر مقدم ، وهو مبدأ مؤخر . جاز فيه وجهان :
أ ـ أن يكون الوصف مبتدأ وما بعده فاعلا ، أو نائبا عن الفاعل سد مسد الخبر . ويكون الفاعل بعد اسم الفاعل ، ونائب الفاعل بعد اسم المفعول .
فمسافر مبتدأ ، والرجل فاعل سد مسد الخبر . ومحبوب مبتدأ ، والكسول نائب فاعل سد مسد الخبر .
ب ـ كما يجوز أن يكون الوصف المشتق خبرا مقدما وتاليه مبتدأ مؤخرا .
فمسافر : خبر مقدم ، والرجل : مبتدأ مؤخر .
2 ـ إذا كان الوصف المشتق مفردا ، وتاليه مثنى ، أو جمعا ، وجب أن يكون الوصف مبتدأ ، وتاليه فاعلا ، أو نائبا عن الفاعل سد مسد الخبر .
نحو : ما مهمل الطالبان ، وما محبوب المقصرون .
مهمل : مبتدأ ، والطالبان : فاعل سد مسد الخبر .
ومحبوب : مبتدأ ، والمقصرون : نائب فاعل سد مسد الخبر .
3 ـ ومنه قول الشاعر بلا نسبة :
أ قاطن قوم سلمى أو نووا ضعنا
أن يضعنوا فعجيب عيش من قطنا
الشاهد في البيت قوله " أ قاطن قوم " إذ اكتفى بالفاعل " قوم " عن الخبر ؛ لكون المبتدأ " قاطن " وصفا معتمدا على الاستفهام . ومثلما رفعت الصفة المشتقة الواقعة مبتدأ ، والمعتمدة على استفهام أو نفي اسما ظاهرا كما في البيت السابق ، فإنها ترفع الضمير الظاهر أيضا .
4 ـ نحو قول الشاعر :
خليليّ ما وافٍ بعهدي أنتما
إذا لم تكونا لي على من أقاطع
فإن رفعت الصفة الضمير المستتر فهي ليست من هذا الباب ، وإنما هي خبر عما قبلها . نحو : محمد لا مجتهد ولا مؤدب .
ففاعل كل من مجتهد ومؤدب ضمير مستتر تقديره : هو . وإن اكتفت بمرفوعها الظاهر فهي خبر مقدم ، وما بعد المرفوع مبتدأ مؤخر .
نحو : ما مسافر والداه أحمد .
مسافر خبر مقدم ، ووالداه فاعل لمسافر ، وأحمد مبتدأ مؤخر .
3 ـ إذا كان الوصف المشتق مثنى ، أو جمعا وتاليه مثنى ، أو جمعا
وجب أن يكون الوصف خبرا مقدما ، وتاليه مبتدأ مؤخرا . نحو : أ مسافران الضيفان ، وما مقصرون المجتهدون . مسافران : خبر مقدم ، والضيفان : مبتدأ مؤخر .
تعدد المبتدأ :
يجوز تعدد المبتدأ وخبره واحد . نحو : صديقك والده أمنيته تحقيقها أن يشفى ابنه .
تعريف المبتدأ وتنكيره :
الأصل في المبتدأ أن يكون معرفة كما مر معنا في جميع الأمثلة ، ما عدا المعتمدة على نفى ، أو استفهام . غير أنه يجوز الابتداء بالنكرة إذا أفادت معنى ، وقد قسم النحاة النكرة التي تفيد معنى إلى قسمين : ـ
أولا ـ النكرة التي تفيد الخصوص وهى :
1 ـ النكرة الموصوفة بوصف مذكور ، أو مقدر ، أو معنوي .
5 ـ مثال الأول قوله تعالى : ( ولعبد مؤمن خير من مشرك ) [13] .
وقوله تعالى : ( ولأمة مؤمنة خير من مشركة ) [14] . 6 ـ ومثال الثاني قوله تعالى : ( وطائفة قد أهمتهم أنفسهم ) [15] .
وقوله تعالى : ( ظلمات بعضها فوق بعض ) [16] . ومثال الثالث : رجيل عندنا .
والتقدير في المثال الثالث : وطائفة من غيركم ، وفي الرابع : ظلمات متراكمة وفي المثال الخامس : رجل وضيع . فالتصغير في المثال الخامس فيه معنى الوصف ودلالته .
2 ـ نكرة مضافة لفظا . نحو : خمس صلوات كتبهن الله على العباد .
3 ـ أن يتعلق بها معمول . نحو : أمر بمعرف صدقة ، ورغبة في الخير خير .
فسوغ الابتداء " بأمر " وهي نكرة كونه تعلق بها الجار والمجرور " بمعروف " ثانيا ـ النكرة التي تفيد العموم : ـ
1 ـ أن يكون المبتدأ نفسه صيغة عموم . نحو : من يقم أقم معه ، ومنه قوله تعالى : ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ) [17] . 7 ـ ومنه قوله تعالى : ( كل له قانتون ) [18] . 8 ـ وقوله تعالى : ( كل يعمل على شاكلته ) [19] . 2 ـ أن يقع المبتدأ النكرة في سياق النفي ، أو الاستفهام . نحو : ما رجل في الدار ، وهل أحد قادم . 9 ـ ومنه قوله تعالى ( أ إله مع الله ) [20] .
ومن النكرات التي يسوغ الابتداء بها أيضا : ـ
1 ـ أن يكون المبتدأ نكرة ، ولا مسوغ للابتداء به ، إلا أن يتقدم عليه خبر شبه جملة ، جار ومجرور ، أو ظرف . في المدرسة زائرون . ومنه قوله تعالى : ( لكل أجل كتاب ) [21] . ونحو : حول البئر أشجار . ـ ومنه قوله تعالى : ( وفوق كل ذي علم عليم ) . أو يتقدم عليه خبر جملة . نحو : صافحك صديقه رجل . ـ ومنه قول طرفة بن العبد :
لخولة أطلال ببرقة تهمد
تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد
ومنه قول زهير :
لهم راح وراووق ومسك
تُعلّ بهم جلودهُمُ وماء
2 ـ أن تكون النكرة معطوفة على معرفة . نحو : محمد ورجل عندنا .
3 ـ أو يعطف عليها بمعرفة . نحو : رجل ويوسف في المنزل .
4 ـ أن يعطف عليها بنكرة مخصصة . نحو : رجل وامرأة طويلة واقفان .
5 ـ أو تعطف على نكرة موصوفة . نحو : تميمي ورجل في المنزل .
12 ـ نحو قوله تعالى : ( قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى ).
6 ـ أن تأتي النكرة جوابا لمن يسأل : من عندك ؟ فتقول : صديق.
التقدير : صديق عندي .
7 ـ أن يقصد بها التنويع ، والتفصيل . نحو : يوم لك ويوم عليك.
6 ـ ومنه قول النمر بن تولب :
فيوم علينا ويوم لنا
ويوم نُساء ويوم نُسَر
ومنه قول امرئ القيس :
فأقبلت زحفا على الركبتين
فثوب لبست وثوب أجر
الشاهد في البيتين " يوم علينا ، ويوم لنا ، وثوب لبست ، وثوب أجر " وكل منها وقع مبتدأ وخبر ، وسوغ الابتداء بالنكرات السابقة أنها أفادت التنويع . أن تفيد الدعاء . نحو قوله تعالى : ( سلام على آل يسن ) . ومنه قوله تعالى : ( وويل للمشركين ) . وقوله تعالى : ( ويل لكل همزة لمزة ) .
ـ ومنه قول عنترة :
فويل لكسرى إن حللت بأرضه
وويل لجيش الفرس حين أُعَجعِج
ـ أن تكون عاملة فيما بعدها رفعا ونصبا وجرا .
نحو : مهذب خلقه محبوب . وإكرام ضيفا واجب . وإخلاص في العمل شرف.
فـ " مهذب ، وإكرام ، وإخلاص " كل منها وقع مبتدأ ، وسوغ الابتداء به مع أنه نكرة أن عمل فيما بعده ، فمهذب عملت الرفع في " خلقه " ، وإكرام عملت النصب في " ضيفا " ، وإخلاص عملت ـ كما يتوهم بعض النحاة ـ في شبه الجملة " في العمل " والصواب عندي أن كلمة " إخلاص " لم تعمل في شبه الجملة ، وإنما شبه الجملة تعلق بها ، والله أعلم .
ـ أن تكون من الألفاظ التي لها الصدارة في الكلام كأسماء الشرط . نحو : من يزرع الخير يجنِ ثماره .
14 ـ ومنه قوله تعالى : ( ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم )4 .
والاستفهام نحو : من زارنا ؟
15 ـ ومنه قوله تعالى : ( ومن أظلم ممن كتم شهادة )5 . 8 ـ ومنه قول زهير :
ومن يك ذا فضل فيبخل بفضله
على قومه يستغن عته ويذمم
وما التعجبية نحو : ما أجمل السماء .
ومنه قول الشاعر :
بنفسي تلك الأرض ما أطيب الربى
وما أجمل المصطاف والمتربعا وكم الخبرية نحو : كم حسنةٍ لك .
1 ـ ومنه قول الفرزدق :
كم عمة لك يا جرير وخالة
فدحاء قد ملكت عليّ عشاري
فكم خبرية ، وتمييزها محذوف ، وعمة مبتدأ ، وجملت ملكت في محل رفع خبر .
ومنه قول عنترة :
كم ليلة سرت في البيداء منفردا
والليلُ للغرب قد مالت كواكبه
أو كأين الخبرية .
نحو قوله تعالى : ( وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير )1 . أو أضيف المبتدأ النكرة إلى ما له الصدارة . نحو : قلم من هذا ؟
أن تقع في أول جملة الحال المرتبطة بالواو ، أو بدونها . نحو : خرجت من المنزل وأنواره مضاءة .
2 ـ ومنه قول الشاعر* :
سرينا ونجم قد أضاء فمذ بدا
محياك أخفى ضوءه كل شارق
3- ومثال الثاني :
قول الشاعر* :
الذئب يطرقها في الدهر واحدة
وكل يوم تراني مُدية بيدي
الشاهد في البيت الأول " ونجم قد أضاء " فنجم مبتدأ ، وقد أضاء في محل رفع خبره ، والجملة في محل نصب حال ، والرابط الواو . والشاهد في البيت الثاني " مدية بيدي " مدية مبتدأ ، وبيدي في محل رفع خبره ، والجملة الاسمية في محل نصب حال من الضمير في تراني .
أن تقع بعد لولا . نحو : لولا رجل لهلك أخوك .
4 ـ ومنه قول الشاعر بلا نسبة :
لولا اصطباري لأودى كل ذي مقة
لما استقلت مطاياهن للضعن
الشاهد " اصطبار " حيث وقعت مبتدأ ، وهي نكرة ، ومسوغ الابتداء بها وقوعها بعد لولا ، وخبرها محذوف وجوبا تقديره : كائن ، أو موجود .
ومنه قول الفرزدق :
ولولا حياء زدت رأسك هزمةً
إذا سُبِرتْ ظلتْ جوانبها تغلي
أن تقع بعد إذا الفجائية . نحو : وصلت فإذا صديق ينتظرني .
إذا اتصل بالنكرة ما له الصدارة : كلام الابتداء: نحو : لعملٌ خيرٌ من قول .
ومنه قوله تعالى ( ولدار الآخرة خير ).
ومنه قول عنترة : ولَلموت خير للفتى من حياته
إذا لم يثب للأمر إلا بقائدِ
إذا أريد بها حقيقة الجنس ، وعموم أفراده . نحو : إنسان خير من بهيمة ، وعالم خير من زاهد ، وثمرة خير من جرادة .
أن تكون النكرة خلفا من موصوف . نحو : أعمى استعان بأعمى ، وضعيف استجار بعاجز ، والتقدير : رجل أعمى ، ورجل ضعيف .
أن يكون ثبوت الخبر لها من خوارق العادة . نحو : شجرة سجدت .
أن تكون محصورة . نحو : ما طالب إلا ناجح . وإنما طالب ناجح .
أن تكون في معنى المحصور بشرط وجود قرينة تهيئ لذلك . نحو : حادث دعاك لقطع الرحلة . أي : ما دعاك لقطع الرحلة حادث.
ونحو : شر هر ذا ناب . وشيء جاء بك .
والتقدير : ما أهر ذا ناب إلا شر . وما جاء بك إلا شيء .
وقدّر أيضا : شر عظيم أهر ذا ناب . وشيء عظيم جاء بك . 19 ـ أن تكون مبهمة مقصودا إبهامها لغرض يريده المتكلم . نحو : زائر عندنا .
ومنه قول امرئ القيس :
مُرَسّعةٌ بين أَرساغه
به عسَم يبتغي أرنبا
أن تقع بعد فاء الجزاء . نحو قولهم : إن ذهب عير فعير في الرباط .
العامل في المبتدأ :
اختلف النحاة حول العامل في المبتدأ ، ولكن الراجح هو : الابتداء . أي : أن العامل فيه معنوي كونه مجردا عن العوامل اللفظية غير الزائدة ، وشبه الزائدة .
وجوب تقديم المبتدأ :
يجب تقديم المبتدأ في ستة مواضع : 1 ـ أن يكون من الأسماء التي لها الصدارة في الكلام كأسماء الشرط والاستفهام وما التعجبية ، وكم الخبرية . نحو : من يقرأ الشعر ينم ثروته اللغوية . ومنه قوله تعالى : ( من يفعل ذلك يلق أثاما ) . ومنه قول زهير : ومن لم يزد عن حوضه بسلاحه
يهدم ومن لا يظلم الناس يظلم
ومثال الاستفهام : من مسافر غدا ؟
ومنه قوله تعالى : ( من أنصاري إلى الله ) .
وقوله تعالى : ( ومن أظلم ممن منع مساجد الله ) .
وقوله تعالى : ( فما خطبكم أيها المرسلون ) . ومنه قول المتنبي : وما الفرقُ ما بين الأنام وبينَه إذا حَذِر المحذورَ واستصعبَ الصعبا
ومثال ما التعجبية : ما أجمل الربيع . ومنه قول جرير :
فما أبصر النارَ التي وضحت له
وراء جُفاف الطير إلا تماريا
ومثال كم الخبرية : كم من كتب قرأت .
ومنه قوله تعالى : ( كم من فئة قليلة غلبت فئة كبيرة )2 . ومنه قول المتنبي :
وكم ذنبٍ مُوَلِّدُهُ دلالٌ
وكم بُعدٍ مُولِّدُه اقترابُ
وقوله أيضا :
كم زورةٌٍ لك في الأعراب خافيةٌٍ
أدهى وقد رقدوا من زورة الذيبِ
3 ـ إذا كان الخبر جملة فعليه فاعلها ضمير مستتر يعود على المبتدأ نحو : أنت تعبث بمقتنياتي . ومحمد يلعب الكرة . ومنه قوله تعالى : ( الله يستهزئ بهم ) . وقوله تعالى : ( قل الله يهدي للحق ) . وقوله تعالى : ( أو من كان ميتا فأحييناه ).
4 ـ أن يكون مقترنا بلا الابتداء " أو ما تعرف بلام التوكيد " . نحو : لأنت أفضل من أخيك .
ومنه قوله تعالى : ( وللدار الآخرة خير للذين يتقون ) 4 . وقوله تعالى : ( ولذكر الله أكبر ) .
وقوله تعالى : ( وللآخرة خير لك من الأولى ) . ومنه قول زهير :
ولأنت أوصلُ ما علمتُ به
لشوابك الأرحام والصِّهر
5 ـ أن يكون كل من المبتدأ والخبر معرفة ، أو نكرة وليس هناك قرينة تعين أحدهما فيتقدم المبتدأ خشية التباس الخبر به .
نحو : أبوك محمد . إن أردت الإخبار الأب .
ونحو : محمد أبوك . إن أردت الإخبار عن محمد .
فإن وجدت القرينة التي تميز المبتدأ عن الخبر ، جاز التقديم والتأخير .
نحو : أبناء مدرستنا أبناؤنا . بتقديم المبتدأ . وأبناؤنا أبناء مدرستنا . بتقديم الخبر . وسواء تقدم المبتدأ، أو الخبر فالدلالة واحدة . ومنه قول الشاعر :
بنونا بنو أبنائنا وبناتنا
بنوهن أبناء الرجال الأباعد
7 ـ أن يكون المبتدأ محصورا في الخبر بما وإلا ، أو بإنما . نحو : ما الصدق إلا فضيلة . وإنما أنت مهذب .
25 ـ ومنه قوله تعالى : ( ما المسيح بن مريم إلا رسول ) .
وقوله تعالى : ( وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور ) .
وقوله تعالى : ( وما محمد إلا رسول ) .
وقوله تعالى : ( إنما نحن مصلحون ) .
وقوله تعالى : ( قل إنما هو إله واحد ) .
وقله تعالى : ( إنما أنت نذير ) .
الدكتور مسعد سعيد
.