صلاح أبو إلياس
19-03-2010, 07:00 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحد لله والصلاة والسلالم على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا, وبعد:
أقدم لكم موضوعا من الاهمية بمكان لأستاذنا الفاضل أبي أويس رشيد حفظه الله.
المرأة المسلمة وحرب المصطلحات
( مصطلح "الحرية" أنموذجا )
لما كانت الألفاظ قوالب المعاني كانت المصطلحات – عموما – وسيلة لنقل الأفكار وتوجيه العقل إلى معنى يرسخ فيه، حتى استغل كثير من الناس تلكم الألفاظ المجملة – بعد زخرفتها – لترويج أفكارهم ومذاهبهم.
قال تعالى :{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُواْ مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ }
فكم خرجت من مناهج وأفكار وآراء ونظريات وتوجيهات خاطئة باطلة بعيدة عن الصواب ومجانبة للحقائق الإسلامية والأحكام الشرعية من خلال ألفاظ ومصطلحات محتملة رنانة.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله:" فكل صاحب باطل لا يتمكن من ترويج باطله إلا بإخراجه في قالب حق.
والمقصود: أن أهل المكر والحيل المحرمة يخرجون الباطل في القوالب الشرعية.." إغاثة اللهفان 2/82.
فالمصطلحات – إذن – والألفاظ المحتملة المجملة جرعة سحرية يتناولها فرد أو جماعة، فتحول اتجاه تفكيره أو تفكيرهم من جهة إلى أخرى – إن لم تفقده التفكير أصلا -، وقد يتسلل هذا المصطلح إلى العقل العام دون إدراك خطورته، كأن تطرحه جماعة أو هيئة صاحبة مصلحة أو هوى في شيوعه وانتشاره، فيطرح من خلال وسيلة عامة ككتاب أو إذاعة أو صحيفة أو مناهج دراسية، فيلتقط ويستعمل ويشيع، ولا يمضي وقت قصير حتى تضاف إليه الشروح والحواشي الباطلة، وتظهر انعكاساته الضارة عن طريق تزيينه وزخرفته، فيبدأ يعطي ثماره: فكرا وافدا وثقافة هجينة.
ويمكن الاصطلاح على هذا كله ب " حرب المصطلحات "، وممن لحقته هذه الحرب – وبشراسة – المرأة المسلمة، بحيث هجم عليها الأعداء بجملة من المصطلحات المجملة المحتملة، التي تمثل مفاتيح متعددة لأنواع المعارف التي لها التأثير السلبي على شخصية المرأة المسلمة من جراء ما حملته هذه المصطلحات من معاني هدامة، القصد منها: مسخ هويتها، وتغريبها، وتحريرها من الأحكام الشرعية، وصرفها عن مهمتها الشريفة، وجهودها المنيفة، في خدمة الدين وبناء الأمة.
ومن هذه المصطلحات: مصطلح الحرية كأنموذج، فكلمة الحرية كلمة مغرية، سهلة على اللسان، خفيفة الوقع على الأذن، تنشرح لسماعها الصدور، ويألفها القلب، ويأنس بها الوجدان، لأنها أصل الطبيعة التي خلق الله الناس عليها.
قال الشافعي رحمه الله: في معرض الحديث عن الرق :"...إن أصل الناس الحرية.." كتاب الأم.
وكلمة الحرية هي من أكثر الكلمات شيوعا واستعمالا: الأمر الذي جعلها عرضة للتزييف والتجريد، فأصبحت تعني كل شيء ولا شيء في الوقت نفسه!.
فإن ذيوعها وانتشارها أدى إلى تعدد معانيها بحسب معقول ومرجعية مستعمليها.
قال أحد الحكماء:" من الألفاظ ما يشعر بوجود أفكار عدة لا تتناولها تلك الألفاظ".
وقال كذلك:" إذا شاع اللفظ تشعبت معانيه بحسب معقول مستعمليه "، وهو يعني أنه ربما يفسر هذا اللفظ شخص بخلاف تفسير غيره.
ولذا نادى أعداء المرأة المسلمة بالحرية المطلقة موجهة إليها والتي هي عندهم:" الخلوص من كل قيد والقدرة على الفعل مطلقا".
فهم يرون أن الحرية المطلقة بالنسبة للمرأة شرط ضروري لتقدمها !، وحق أصيل لتنميتها – زعموا - !.
فحرضوا المرأة لتخرج على أحكام الشريعة وحدودها !! بدعوى الحرية ! ، وصوروا لها التقوى والعفاف، والحجاب الشرعي، والصلاة والصيام...، وطاعة الزوج في المعروف قيودا للحرية والانطلاق !!.
ودعوها إلى المحافظة على حقوقها، وقالوا: هذا مقتضى حريتها، فإذا فتشت الأخت الكريمة عن حقيقة ذلك وجدته دعوة إلى إباحية مطلقة، وإشاعة للفاحشة...
ودعوها إلى تلبية رغباتها بدعوى الحرية، فإذا فتشت الأخت الفاضلة عن حقيقة ذلك وجدته من تقديم الإغراءات الدنيوية المثيرة، والزخارف الفانية !، والنماذج الفاضحة الفادحة !، والشهوات المؤججة، وبطون لا تشبع، وزينة وتنافس هابط فتان.
ودعوها إلى الحفاظ على شخصيتها وكيانها كإنسان بدعوى الحرية، فإذا فتشت الأخت المسلمة عن حقيقة ذلك وجدته دعوة لإشعال نار العداوة والبغضاء بينها وبين الرجل تحت قناع أنها على الإطلاق : بنت مكبوتة ! وزوجة مظلومة ! وأم مهدورة ! وأخت مكسورة ! ...
دعوها إلى الإنسانية والانفتاح على الآخر بدعوى الحرية فإذا فتشت المرأة الواعية بكيد أعدائها عن ذلك وجدته دعوة إلى تذويب شخصيتها الإسلامية في شخصية المرأة الغربية.
يدعونك – أختي المسلمة – إلى إبداء رأيك، والتعبير عن فكرك بدعوى الحرية، مع أن حقيقة ذلك: أن أعدائك يريدون صنعك حتى تكوني أداة لهدم أصول وكليات شريعة رب العالمين، ومتمردة على عقائد وأحكام الدين.
دعوها إلى الاجتهاد والنظر مطلقا بدعوى الحرية، فإذا فتشت الأخت المسلمة عن حقيقة ذلك وجدته دعوة إلى تبديل وتحريف أحكام دينها، حتى خرج علينا من الرجال والنساء – خصوصا – من يقول: إن الإسلام ترك المجال واسعا للاجتهاد في القضايا التي تهم المرأة – بالذات – ومن ذلك أمر الحجاب !، بل قيل أن الحجاب أمر عرفي لا شرعي ديني !!.
دعوا المرأة – خصوصا – إلى النقد الحر بدعوى الحرية فبعدما فتشنا عن حقيقة ذلك وجدناه دعوة إلى الانسلاخ عن الدين، والجرأة على حرمات رب العالمين حتى سمعنا امرأة تسب النبي صلى الله عليه وسلم !، والأخرى تلمز أبا هريرة رضي الله عنه !، والثالثة تطعن في الإمام البخاري رحمه الله !، وهكذا ..
دعوها إلى التعايش والتسامح بدعوى الحرية، فإذا فتشت المرأة المسلمة عن حقيقة ذلك وجدت أعدائها يريدون تفريغها من عقيدتها الصحيحة، خاصة عقيدة الولاء والبراء، ووجدت ذلك – كذلك - دعوى للتقارب بين المذاهب الهدامة والأديان..والله المستعان.
إلى غير ذلك من الدعاوى الكاذبة الباطلة التي تخرج المرأة المسلمة من قيود وأحكام الإسلام ومن بحبوحة الحرية الحقة التي ضمنتها الشريعة لها بعدل وحكمة إلى دعاوى الحرية المطلقة الزائفة التي ما ينتج عنها إلا المآسي والبلايا، والمخالفات والرزايا.
حتى اشتهر في العالم قول " مدام رولان ": " أيتها الحرية ! كم من الجرائم قد ارتكبت باسمك؟ " أركان حقوق الإنسان للمحمصاني 73 ، وانظر حقوق الإنسان للترمانيهي 14.
فاحذري أيتها الأخت المسلمة من هذه الحرب الشرسة والتي أنت على أرض معركتها، واحذري مخادعة أعدائك لك، فإن " الحرب خدعة "، واعلمي وبيقين أن الإسلام كفل لك الحرية الحقيقية والحقة، حيث أن حرية الإنسان في التشريع الإسلامي هي: فريضة اجتماعية وتكليف إلهي تتأسس عليها أمانة المسؤولية ورسالة الاستخلاف -أعني استخلاف الله للإنسان في الأرض – التي هي جماع المقاصد الإلهية من خلق الإنسان.
فمن أراد الحرية له ولغيره من غير أن يتخذ الشرع طريقا للرشد و الهداية فهو يمشي في ظلام وعماية، ونهاية أمره التخبط والضلال فلا مندوحة إذن لأحد يدعوا إلى الحرية عن الرجوع إلى الشرع والركون إليه، والانطلاق منه ، فالإسلام كفل الحرية للجميع، أفرادا وجماعات في مختلف المجالات، في أوامر الله ونواهيه.
فالإسلام كما يذكر العلامة السخاوي رحمه الله:" أعطى للناس الحرية وقيدها بالفضيلة حتى لا ينحرف، وبالعدل حتى لا يجور، وبالحق حتى لا ينزلق مع الهوى وبالخير والإيثار حتى لا تستبد به الأنانية، وبالبعد عن الضرر حتى لا تستشري فيه غرائز الشر ".
وعليه فإن كل دعوة للحرية مهما كان حجمها ، وأيا كان منطلقها أو الصائح بها أو الجهة التي خلفها إذا لم تكن قائمة على إتباع الشرع المنزل فهي حرب ضروس ودعوة للتنازع، ورفع للقيود مطلقا، ومناداة للتسيب ، وسلوك لمسلك الضياع والدمار والفوضى.
ولذا فشعار الحرية لا يصلح أن يرفعه بحق إلا من اتخذ الشريعة دليلا، أما من تحرروا من ضوابط الشرع، وتقيدوا بالمقدرات الذهنية، واتخذوا هواجس الأفكار وسوانح الخواطر وزبالات الآراء فكرا وعلما ورأيا، ووضعوا لها الكتب والرسائل وأنفقوا فيها الأنفاس وملئوا بها الصحف مدادا والقلوب سوادا، فيصدق فيهم قول القائل: " إنهم طافوا على أرباب المذاهب ففازوا بأخس المطالب " الفوائد لابن القيم رحمه الله 105.
كتبه: أبو أويس رشيد الإدريسي
الحد لله والصلاة والسلالم على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا, وبعد:
أقدم لكم موضوعا من الاهمية بمكان لأستاذنا الفاضل أبي أويس رشيد حفظه الله.
المرأة المسلمة وحرب المصطلحات
( مصطلح "الحرية" أنموذجا )
لما كانت الألفاظ قوالب المعاني كانت المصطلحات – عموما – وسيلة لنقل الأفكار وتوجيه العقل إلى معنى يرسخ فيه، حتى استغل كثير من الناس تلكم الألفاظ المجملة – بعد زخرفتها – لترويج أفكارهم ومذاهبهم.
قال تعالى :{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُواْ مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ }
فكم خرجت من مناهج وأفكار وآراء ونظريات وتوجيهات خاطئة باطلة بعيدة عن الصواب ومجانبة للحقائق الإسلامية والأحكام الشرعية من خلال ألفاظ ومصطلحات محتملة رنانة.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله:" فكل صاحب باطل لا يتمكن من ترويج باطله إلا بإخراجه في قالب حق.
والمقصود: أن أهل المكر والحيل المحرمة يخرجون الباطل في القوالب الشرعية.." إغاثة اللهفان 2/82.
فالمصطلحات – إذن – والألفاظ المحتملة المجملة جرعة سحرية يتناولها فرد أو جماعة، فتحول اتجاه تفكيره أو تفكيرهم من جهة إلى أخرى – إن لم تفقده التفكير أصلا -، وقد يتسلل هذا المصطلح إلى العقل العام دون إدراك خطورته، كأن تطرحه جماعة أو هيئة صاحبة مصلحة أو هوى في شيوعه وانتشاره، فيطرح من خلال وسيلة عامة ككتاب أو إذاعة أو صحيفة أو مناهج دراسية، فيلتقط ويستعمل ويشيع، ولا يمضي وقت قصير حتى تضاف إليه الشروح والحواشي الباطلة، وتظهر انعكاساته الضارة عن طريق تزيينه وزخرفته، فيبدأ يعطي ثماره: فكرا وافدا وثقافة هجينة.
ويمكن الاصطلاح على هذا كله ب " حرب المصطلحات "، وممن لحقته هذه الحرب – وبشراسة – المرأة المسلمة، بحيث هجم عليها الأعداء بجملة من المصطلحات المجملة المحتملة، التي تمثل مفاتيح متعددة لأنواع المعارف التي لها التأثير السلبي على شخصية المرأة المسلمة من جراء ما حملته هذه المصطلحات من معاني هدامة، القصد منها: مسخ هويتها، وتغريبها، وتحريرها من الأحكام الشرعية، وصرفها عن مهمتها الشريفة، وجهودها المنيفة، في خدمة الدين وبناء الأمة.
ومن هذه المصطلحات: مصطلح الحرية كأنموذج، فكلمة الحرية كلمة مغرية، سهلة على اللسان، خفيفة الوقع على الأذن، تنشرح لسماعها الصدور، ويألفها القلب، ويأنس بها الوجدان، لأنها أصل الطبيعة التي خلق الله الناس عليها.
قال الشافعي رحمه الله: في معرض الحديث عن الرق :"...إن أصل الناس الحرية.." كتاب الأم.
وكلمة الحرية هي من أكثر الكلمات شيوعا واستعمالا: الأمر الذي جعلها عرضة للتزييف والتجريد، فأصبحت تعني كل شيء ولا شيء في الوقت نفسه!.
فإن ذيوعها وانتشارها أدى إلى تعدد معانيها بحسب معقول ومرجعية مستعمليها.
قال أحد الحكماء:" من الألفاظ ما يشعر بوجود أفكار عدة لا تتناولها تلك الألفاظ".
وقال كذلك:" إذا شاع اللفظ تشعبت معانيه بحسب معقول مستعمليه "، وهو يعني أنه ربما يفسر هذا اللفظ شخص بخلاف تفسير غيره.
ولذا نادى أعداء المرأة المسلمة بالحرية المطلقة موجهة إليها والتي هي عندهم:" الخلوص من كل قيد والقدرة على الفعل مطلقا".
فهم يرون أن الحرية المطلقة بالنسبة للمرأة شرط ضروري لتقدمها !، وحق أصيل لتنميتها – زعموا - !.
فحرضوا المرأة لتخرج على أحكام الشريعة وحدودها !! بدعوى الحرية ! ، وصوروا لها التقوى والعفاف، والحجاب الشرعي، والصلاة والصيام...، وطاعة الزوج في المعروف قيودا للحرية والانطلاق !!.
ودعوها إلى المحافظة على حقوقها، وقالوا: هذا مقتضى حريتها، فإذا فتشت الأخت الكريمة عن حقيقة ذلك وجدته دعوة إلى إباحية مطلقة، وإشاعة للفاحشة...
ودعوها إلى تلبية رغباتها بدعوى الحرية، فإذا فتشت الأخت الفاضلة عن حقيقة ذلك وجدته من تقديم الإغراءات الدنيوية المثيرة، والزخارف الفانية !، والنماذج الفاضحة الفادحة !، والشهوات المؤججة، وبطون لا تشبع، وزينة وتنافس هابط فتان.
ودعوها إلى الحفاظ على شخصيتها وكيانها كإنسان بدعوى الحرية، فإذا فتشت الأخت المسلمة عن حقيقة ذلك وجدته دعوة لإشعال نار العداوة والبغضاء بينها وبين الرجل تحت قناع أنها على الإطلاق : بنت مكبوتة ! وزوجة مظلومة ! وأم مهدورة ! وأخت مكسورة ! ...
دعوها إلى الإنسانية والانفتاح على الآخر بدعوى الحرية فإذا فتشت المرأة الواعية بكيد أعدائها عن ذلك وجدته دعوة إلى تذويب شخصيتها الإسلامية في شخصية المرأة الغربية.
يدعونك – أختي المسلمة – إلى إبداء رأيك، والتعبير عن فكرك بدعوى الحرية، مع أن حقيقة ذلك: أن أعدائك يريدون صنعك حتى تكوني أداة لهدم أصول وكليات شريعة رب العالمين، ومتمردة على عقائد وأحكام الدين.
دعوها إلى الاجتهاد والنظر مطلقا بدعوى الحرية، فإذا فتشت الأخت المسلمة عن حقيقة ذلك وجدته دعوة إلى تبديل وتحريف أحكام دينها، حتى خرج علينا من الرجال والنساء – خصوصا – من يقول: إن الإسلام ترك المجال واسعا للاجتهاد في القضايا التي تهم المرأة – بالذات – ومن ذلك أمر الحجاب !، بل قيل أن الحجاب أمر عرفي لا شرعي ديني !!.
دعوا المرأة – خصوصا – إلى النقد الحر بدعوى الحرية فبعدما فتشنا عن حقيقة ذلك وجدناه دعوة إلى الانسلاخ عن الدين، والجرأة على حرمات رب العالمين حتى سمعنا امرأة تسب النبي صلى الله عليه وسلم !، والأخرى تلمز أبا هريرة رضي الله عنه !، والثالثة تطعن في الإمام البخاري رحمه الله !، وهكذا ..
دعوها إلى التعايش والتسامح بدعوى الحرية، فإذا فتشت المرأة المسلمة عن حقيقة ذلك وجدت أعدائها يريدون تفريغها من عقيدتها الصحيحة، خاصة عقيدة الولاء والبراء، ووجدت ذلك – كذلك - دعوى للتقارب بين المذاهب الهدامة والأديان..والله المستعان.
إلى غير ذلك من الدعاوى الكاذبة الباطلة التي تخرج المرأة المسلمة من قيود وأحكام الإسلام ومن بحبوحة الحرية الحقة التي ضمنتها الشريعة لها بعدل وحكمة إلى دعاوى الحرية المطلقة الزائفة التي ما ينتج عنها إلا المآسي والبلايا، والمخالفات والرزايا.
حتى اشتهر في العالم قول " مدام رولان ": " أيتها الحرية ! كم من الجرائم قد ارتكبت باسمك؟ " أركان حقوق الإنسان للمحمصاني 73 ، وانظر حقوق الإنسان للترمانيهي 14.
فاحذري أيتها الأخت المسلمة من هذه الحرب الشرسة والتي أنت على أرض معركتها، واحذري مخادعة أعدائك لك، فإن " الحرب خدعة "، واعلمي وبيقين أن الإسلام كفل لك الحرية الحقيقية والحقة، حيث أن حرية الإنسان في التشريع الإسلامي هي: فريضة اجتماعية وتكليف إلهي تتأسس عليها أمانة المسؤولية ورسالة الاستخلاف -أعني استخلاف الله للإنسان في الأرض – التي هي جماع المقاصد الإلهية من خلق الإنسان.
فمن أراد الحرية له ولغيره من غير أن يتخذ الشرع طريقا للرشد و الهداية فهو يمشي في ظلام وعماية، ونهاية أمره التخبط والضلال فلا مندوحة إذن لأحد يدعوا إلى الحرية عن الرجوع إلى الشرع والركون إليه، والانطلاق منه ، فالإسلام كفل الحرية للجميع، أفرادا وجماعات في مختلف المجالات، في أوامر الله ونواهيه.
فالإسلام كما يذكر العلامة السخاوي رحمه الله:" أعطى للناس الحرية وقيدها بالفضيلة حتى لا ينحرف، وبالعدل حتى لا يجور، وبالحق حتى لا ينزلق مع الهوى وبالخير والإيثار حتى لا تستبد به الأنانية، وبالبعد عن الضرر حتى لا تستشري فيه غرائز الشر ".
وعليه فإن كل دعوة للحرية مهما كان حجمها ، وأيا كان منطلقها أو الصائح بها أو الجهة التي خلفها إذا لم تكن قائمة على إتباع الشرع المنزل فهي حرب ضروس ودعوة للتنازع، ورفع للقيود مطلقا، ومناداة للتسيب ، وسلوك لمسلك الضياع والدمار والفوضى.
ولذا فشعار الحرية لا يصلح أن يرفعه بحق إلا من اتخذ الشريعة دليلا، أما من تحرروا من ضوابط الشرع، وتقيدوا بالمقدرات الذهنية، واتخذوا هواجس الأفكار وسوانح الخواطر وزبالات الآراء فكرا وعلما ورأيا، ووضعوا لها الكتب والرسائل وأنفقوا فيها الأنفاس وملئوا بها الصحف مدادا والقلوب سوادا، فيصدق فيهم قول القائل: " إنهم طافوا على أرباب المذاهب ففازوا بأخس المطالب " الفوائد لابن القيم رحمه الله 105.
كتبه: أبو أويس رشيد الإدريسي