المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأساليب


ذوالجناح
05-04-2010, 11:14 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

-مفهومُ الأسلوبِ:


هو المعنى المَصُوغُ في ألفاظٍ مؤلَّفةٍ على صورةٍ تكون أقربَ لنيل الغرضِ المقصود من الكلامِ، وأفعلَ في نفوسِ سامعيهِ.
-أنواعُ الأسلوبِ:ينقسمُ الأسلوبُ إلى ثلاثةِ أقسامٍ :أسلوبٌ علميٌّ وأسلوبٌ أدبيٌّ وأسلوبٌ خطابيٌّ.

-الأسلوبُ العلميُّ:
وهو أهدَأُ الأساليبِ، وأكثرُها احتياجاً إلى المنطقِ السَّليمِ، والفكرِ المُستقيم، وأبعدُها عن الخيال الشِّعْرِي; لأنه يخاطبُ العقلَ، ويُناجي الفكرَ، ويَشْرَحُ الحقائق العلميَّةَ التي لا تخلو من غموضٍ وخفاءٍ.
و أظهَرُ ميزاتِ هذا الأسلوبِ «الوُضُوحُ»، فيجبُ أن يُعنَى فيه باختيارِ الألفاظِ الواضحةِ الصريحةِ في معناها ،الخاليةِ من الاشتراكِ، وأنْ تُؤَلَّفَ هذه الألفاظُ في سُهولةٍ وجلاءِ، حتى تكون ثَوباً شفَّافاً للمعنَى المقصودِ.
أهمُّ مميزاتِ الأسلوبِ العلميِّ :
هدفُه إظهارُ الحقائقَ وكشفِها للسامعِ أو القارئِ
يمتازُ بالوضوحِ والدقةِ والتحديد، والترتيبِ المنطقيِّ
يمتازُ باستخدام الأدلةِ والبراهينَ، والبعدِ عن المبالغة ِ
يمتازُ بالابتعادِ عن الخيالِ والعاطفة
تتخللُه مصطلحاتٌ علميةٌ متصلةٌ بالموضوع الذي يتناولهُ
-مثالُ الأسلوبِ العلميِّ :
وصفُ البركةِ في القصر :
« وفي فناءِ القصر بركةٌ كبيرة ، يزيدُ اتساعها عن مائة متر طولاً في مثلِها عرضاً، وحولَها سورٌ متوسطُ الارتفاعِ ، يستطيعُ الإنسانُ أن يجلسَ على حافتهِ ، ويرى ماءَ البركةِ الذي يتدفقُ إليها بشدةٍ من النهرِ المجاور ، وهو ماءٌ صافٍ ،لا يحجبُ قرارَ البركةِ عن العينِ » .
-نوعا الأسلوبِ العلميِّ :
أسلوبٌ علميٌّ بحتٌ، وهو الذي يُعنَى بعرضِ الحقائقَ العلميةِ دون انصرافٍ إلى جمالِ اللفظ، أو أناقةِ التعبيرِ .
أسلوبٌ علميٌّ متأدبٌ، وهو الذي يضعُ الحقائقَ العلميةَ في عبارةٍ لا تخلو من أناقةٍ في اختيارِ ألفاظِها ، وإنْ كانتْ لا تصلُ في ذلك إلى الأسلوبِ الأدبيِّ .
-مثالُ الأسلوبِ العلميِّ البحتِ :
« الثعابينُ زواحفُ معروفةٌ ، تمتازُ باستطالةِ جسمِها وخلوِّهِ من الأطرافِ ، وهيَ كثيرُ الانتشارِ في جميع أنحاءِ المعمورةِ ، ولا تخلو منها بقعةٌ في العالم إلا نيوزيلندة ، وبعضُ الأجزاء الأخرى ».
-مثالُ الأسلوبِ العلميِّ المتأدبِ :
قال الجاحظُ في كتابه الحيوان يصفُ نوعاً من الثعابينِ :« زعموا أنها إذا انتصَفَ النهارُ واشتدَّ الحرُّ في رمالِ بلعنبرِ، وامتنَعتِ الأرضُ على الحافي والمنتعلِ، ورَمِض الجندبُ، غمستْ هذه الحيّةُ ذنبَها في الرَّمل، ثم انتصبَتْ كأنها رُمحٌ مركوزٌ، أو عودٌ ثابتٌ فيجيءُ الطائِرُ الصغيرُ أو الجرادةُ، فإذا رأى عوداً قائماً وكرِهَ الوُقُوعَ على الرَّملِ لشدَّة حرِّه، وقَعَ علَى رأسِ الحيَّة، على أنّها عُودٌ، فإذا وقَعَ على رأسها قبضَتْ عليهِ، فإنْ كان جرادةً أو جُعَلاً أو بَعْضَ ما لا يُشْبعها مثلُهُ، ابتلعتْهُ وبقيتْ على انتصابِها، وإنْ كان الواقعُ على رأسِها طائراً يُشبِعها مثلُه أكلتْهُ وانصرفَتْ..» .

-الأسلوبُ الأدبيُّ:
الجمالُ أبرزُ صفاتهِ، وأظهرُ مُمَيزاتهِ، ومنشَأُ جمالِه، لما فيه من خيالٍ رائعٍ، وتصويرٍ دقيقٍ، وتلَمُّسٍ لوجوه الشّبهِ البعيدةِ بينَ الأشياء، وإلباسِ المعنويِّ ثوبَ المحسوسِ، وإظهارَ المحسوسِ في صورةِ المعنويِّ.
- أهمُّ مميزاتِ الأسلوبِ الأدبيِّ :
هدفُه إثارةُ عاطفةِ السامع أو القارئِ والتأثيُر في نفسه.
يمتازُ باختيارِ الألفاظ ِوالتأثيرِ فيها.
ويمتازُ بامتزاجِ الفكرةِ بالعاطفةِ.
ويمتازُ بالعنايةِ بصورِ البيانِ من تشبيهٍ واستعارةٍ وكناية ٍ.
ويمتازُ بالحرصِ على موسيقيةِ العبارةِ ، لتصوِّرَ الإحساسَ وتهزَّ المشاعرَ.
-نموذجٌ من الأسلوبِ الأدبيِّ :
يقول البحتريُّ واصفاً البركةَ في قصرِ الخليفة العباسيِّ المتوكلِ:
إذا النُّجُومُ تَرَاءَتْ في جَوَانِبِهَا .... لَيْلاً حَسِبْتَ سَمَاءً رُكّبتْ فيهَا
لا يَبلُغُ السّمَكُ المَحصُورُ غَايَتَهَا .... لِبُعْدِ ما بَيْنَ قاصِيهَا وَدَانِيهَا
يَعُمْنَ فيهَا بِأوْسَاطٍ مُجَنَّحَةٍ ..... كالطّيرِ تَنقَضُّ في جَوٍّ خَوَافيهَا
لَهُنّ صَحْنٌ رَحِيبٌ في أسَافِلِهَا.... إذا انحَطَطْنَ، وَبَهْوٌ في أعَاليهَا
صُورٌ إلى صُورَةِ الدُّلْفِينِ، يُؤنِسُها .... مِنْهُ انْزِوَاءٌ بِعَيْنَيْهِ يُوَازِيهَا
تَغنَى بَسَاتِينُهَا القُصْوَى بِرُؤيَتِهَا .... عَنِ السّحَائِبِ، مُنْحَلاًّ عَزَاليهَا
كأنّهَا، حِينَ لَجّتْ في تَدَفّقِهَا ..... يَدُ الخَليفَةِ لَمّا سَالَ وَادِيهَا
وَزَادَها رُتبةً مِنْ بَعْدِ رُتْبَتِهَا ..... أنّ اسْمَهُ حِيْنَ يُدْعَى من أسامِيهَا
مَحْفُوفَةٌ بِرِياضٍ، لا تَزَالُ تَرَى ..... رِيشَ الطّوَاوِيسِ تَحكِيهِ وَتحكيهَا
وَدَكّتَينِ كَمِثْلِ الشِّعرَيَينِ غَدَتْ ...... إحداهُمَا بإزَا الأخرَى تُسَامِيهَا
إذا مَسَاعي أمِيرِ المُؤمِنِينَ بَدَتْ ..... للوَاصِفِينَ، فَلا وَصْفٌ يُدانِيهَا

مثالٌ آخرُ على الأسلوبِ الأدبيِّ، قالَ أميرُ الشعراء أحمدُ شوقي- رحمه الله - في نهجِ البردةِ:
ريمٌ عَلى القاعِ بَينَ البانِ وَالعَلَمِ .... أَحَلَّ سَفكَ دَمي في الأَشهُرِ الحُرُمِ
يا لائِمي في هَواهُ وَالهَوى قَدَرٌ .... لَو شَفَّكَ الوَجدُ لَم تَعذِل وَلَم تَلُمِ
يا نَفسُ دُنياكِ تُخفى كُلَّ مُبكِيَةٍ ..... وَإِن بَدا لَكِ مِنها حُسنُ مُبتَسَمِ
صَلاحُ أَمرِكَ لِلأَخلاقِ مَرجِعُهُ ..... فَقَوِّمِ النَفسَ بِالأَخلاقِ تَستَقِمِ
وَالنَفسُ مِن خَيرِها في خَيرِ عافِيَةٍ ..... وَالنَفسُ مِن شَرِّها في مَرتَعٍ وَخِمِ
تَطغى إِذا مُكِّنَت مِن لَذَّةٍ وَهَوًى .... طَغيَ الجِيادِ إِذا عَضَّت عَلى الشُكُمِ
إِن جَلَّ ذَنبي عَنِ الغُفرانِ لي أَمَلٌ ..... في اللَهِ يَجعَلُني في خَيرِ مُعتَصِمِ
أَلقى رَجائي إِذا عَزَّ المُجيرُ عَلى ..... مُفَرِّجِ الكَرَبِ في الدارَينِ وَالغَمَمِ
إِذا خَفَضتُ جَناحَ الذُلِّ أَسأَلُهُ ........ عِزَّ الشَفاعَةِ لَم أَسأَل سِوى أُمَمِ
وَإِن تَقَدَّمَ ذو تَقوى بِصالِحَةٍ ....... قَدَّمتُ بَينَ يَدَيهِ عَبرَةَ النَدَمِ

-الأسلوبُ الخطابيُّ:
هنا تَبْرُزُ قوةُ المعاني والألفاظِ، وقوةُ الحجَّةِ والبرهانِ، وقوة ُالعقلِ الخصيبِ، وهنا يتحدثُ الخطيبُ إلى إرادةِ سامعيهِ، لإثارةِ عزائمهِم واستنهاضِ هممهِم، ولجمالِ هذا الأُسلوبِ ووضوحهِ شأْنٌ كبيرٌ في تأْثيره ِووصولهِ إلى قرارةِ النفوسِ، ومما يزيدُ في تأْثير هذا الأُسلوبِ منزلةُ الخطيبِ في نفوسِ سامعيهِ، وقوةُ عارضتِه، وسطوعُ حجَّتهِ، ونبَراتُ صوتهِ، وحسنُ إِلقائهِ، ومُحْكَم ُإِشارتهِ.
-أهمُّ مميزاتِ الأسلوبِ الخطابيِّ:
1-من أظهرِ مميزاتِ هذا الأُسلوبِ التكرارُ، واستعمالُ المترادفاتِ، وضربُ الأمثالِ
2- اختيارُ الكلماتِ الجزلةِ ، ذاتِ الرنينِ
3- تعاقبُ ضروبِ التعبيرِ ، من إِخبارٍ إلى استفهامٍ إلى تعجبٍ إلى استنكارِ
4- مواطنُ الوقفِ فيه قويةٌ شافيةٌ للنفسِ، واضحةً قَوِيّةً.
مثال على الأسلوبِ الخطابيٍّ: خطبةُ أبي بكر ٍ رضي الله عنه لمَّا بويع بالخلافة ِ بعدَ أنْ حَمِدَ اللّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِاَلّذِي هُوَ أَهْلُهُ ثُمّ قَالَ:(1)« أَمّا بَعْدُ أَيّهَا النّاسُ فَإِنّي قَدْ وُلّيت عَلَيْكُمْ وَلَسْت بِخَيْرِكُمْ فَإِنْ أَحْسَنْت فَأَعِينُونِي ؛ وَإِنْ أَسَأْت فَقَوّمُونِي ؛ الصّدْقُ أَمَانَةٌ وَالْكَذِبُ خِيَانَةٌ وَالضّعِيفُ فِيكُمْ قَوِيّ عِنْدِي حَتّى أُرِيحَ عَلَيْهِ حَقّهُ إنْ شَاءَ اللّهُ وَالْقَوِيّ فِيكُمْ ضَعِيفٌ عِنْدِي حَتّى آخُذَ الْحَقّ مِنْهُ إنْ شَاءَ اللّهُ، لَا يَدَعُ قَوْمٌ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللّهِ إلّا ضَرَبَهُمْ اللّهُ بِالذّلّ ،وَلَا تَشِيعُ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطّ إلّا عَمّهُمْ اللّهُ بِالْبَلَاءِ ،أَطِيعُونِي مَا أَطَعْت اللّهَ وَرَسُولَهُ، فَإِذَا عَصَيْتُ اللّهَ وَرَسُولَهُ فَلَا طَاعَةَ لِي عَلَيْكُمْ . قُومُوا إلَى صَلَاتِكُمْ يَرْحَمُكُمْ اللّهُ » .


الخلاصة في علوم البلاغة

الدمشقي
05-04-2010, 11:38 PM
شــــ لك ــــكراً أخي الفاضل ذو الجناح

على هذا النقل المفيد

وفقك الله وسسد خطاك

:abc_022:

أبو يوسف
05-04-2010, 11:44 PM
بارك الله فيك اخي ذو الجناح ، وأسأل الله أن ينعم علينا بجناح آخر لنستمر في العلو

فما أحوجنا لدراسة هذه الأساليب أو حتى مطالعتها لكي نتيقن بأن لغتنا العربية أم اللغات

ولتحميل كتاب الخلاصة في علوم البلاغة


الخلاصة في علوم البلاغة (http://www.islamport.com/nb/lqh/e-Books/1422.rar)

ذوالجناح
06-04-2010, 02:54 PM
جزاكما الله خيرا على المرور

abohmam
06-04-2010, 05:58 PM
بارك الله فيك أخى ذا الجناح على هذا الموضوع المفيد

لك اجمل تحية وبأسلوب أدبي :abc_145:

سالي الفلسطينية
06-04-2010, 06:13 PM
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

الهمام
08-04-2010, 12:30 PM
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

أبو فارس
08-04-2010, 06:54 PM
جزاك الله خيرا

http://img293.imageshack.us/img293/7310/20cv5.gif