ذوالجناح
14-05-2010, 05:37 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
التخصيص والتَّشريك لا الخَصْخصة والتَشرِكة
يعتدي بعض الموظّفين على اللغة العربيّة، فيبتكرون مصطلحات جديدة، ويحاولون فرضها على الناس، مستغلّين في ذلك سلطتهم الإداريّة، وكأنّ تلك السلطة تمنحهم حقوقاً لغويّة ليست لهم. ولجهل كثير منهم بدقائق اللغة وخصائصها، تأتي مصطلحاتهم مجافية للقواعد والأصول، كفعلهم حين حاول بعضهم فرض صيغة «الخِلْيَويّ» المغلوطة، بدل صيغة الخَلَوِيّ الصحيحة، نسبة إلى الخَليّة، وذلك في تسمية الهاتف الجوّال وفق المصطلح السعوديّ.
ونعرض في هذه المقالة لمصطلحين آخرين، هما: الخَصْخَصة والتَّشرِكة، اللذان شاعا هذه الأيام؛ والأوّل ترجمة لكلمة (privatization (privatisation ومعناها، كما هو معروف، جعل مرفق عامّ مِلكاً للقطاع الخاصّ؛ والثاني، على ما يلوح لنا، ترجمة للكلمة الفرنسيّة désétatisation ومعناها تقليص حصّة الدولة من بعض مرافقها إدارةً وتمويلاً، ويُفهم أنّه يقوم، في لبنان، على جعل جزء من المرفق العامّ مِلكاً للقطاع الخاصّ، وإبقاء الجزء الآخر مِلكاً للدولة، أي اقتسام مرفق عامّ بين الدولة والقطاع الخاصّ.
ولا يهمّنا دقّة فهمنا لذينك المصطلحين، ولا معرفة أصلهما الأجنبيّ - ولاسيّما أنّ اشتقاقهما غير صحيح ويفضي إلى اللبس حتماً - ولا مقدار الضرر أو النفع المتأتّي عن تطبيق المفهوم الأوّل أو المفهوم الثاني؛ بل جلّ همّنا أن نناقش الصيغة اللغويّة للمصطلحين ومقدار صحتها.
الواقع أنّ الخَصْخَصة على وزن أدخله اللغويّون العرب في وزن الفَعْلَلَة، وهو في الواقع على زنة فَعْفَعَة، أحياناً، مثل: التَّأْتَأَة؛ وفيه ذكر لصوت بعينه مرّتين؛ وعلى زنة فَعْفَلَة، أحياناً أخرى، مثل: الصلصلة، المأخوذ فعلها صلصل من الثلاثيّ صَلّ، وهي الصوت إذا تضاعف وتردّد. وقد جعل ابن دُرَيْد ذلك تحت عنوان «الثنائيّ الملحق ببناء الرباعيّ المكرّر» يعني الثنائيّ المكرّر الملحق ببناء الرباعيّ. وهو، في الأغلب الأعمّ، حكاية لحرف أو صوت مكرّر لعِلّةٍ في النطق أو للتنبيه أو الأمر أو الزجر أو الشكوى، أو لغير ذلك، مثل: الفَأْفَأة والتَّمتمة والجَعْجَعة (صوت الرحى ونحوها) واللجلجة (التردّد في الكلام) والجهجهة (الزجر) والحمحمة (حكاية صوت البعير أو الفرس إذا طلب العلف أو رأى صاحبه) والنحنحة والخرخرة والزقزقة والخشخشة والزمزمة (تتابع صوت الرعد وغيره) والقهقهة.. الخ. أو لِعَيْبٍ في اللهجة يجعل حرفاً بعينه مخالفاً في النطق لفصيح ما عليه العرب؛ وبسبب تلك المخالفة يبرز ذلك الحرف للسامع أكثر من سواه وكأنّه مكرر باستمرار، ومن ذلك: الكَشْكَشة، وهي وصل كاف الخطاب بشين ساكنة، كقولهم: عَلَيْكَشْ، أي عَلَيْكَ؛ أو إبدال الكاف شيناً، كقولهم: عَيْناشِ، أي عَيْناكِ؛ وقد يسمّون إبدال كاف الخطاب شيناً شنشنةً، وينسبونها إلى اليمن، حيث يقولون، مثلاً: لَبَّيشَ، أي لَبَّيْكَ؛ ومنه العَجْعَجة التي تُجعل الياء المشدّدة فيها جيماً، فيقولون: تَمِيمِج، أي تميميّ.. إلخ. وقد يأتي هذا الوزن للدلالة على الحركة المكرّرة أو المتتابعة، مثل البَصْبصة (تحريك الكلب ذيله يمنة ويسرة) والحفحفة (صوت جناحي الطير) والرفرفة والزعزعة (تحريك الشيء بصورة متكرّرة لقلعه) والزلزلة والسَّلسَلة (تتابع الأشياء واتصال بعضها ببعض) والمطمطة والقلقلة.. إلخ. وربما دلّ على الحركة مطلقاً كالرَّقْرَقة (سير السائل سيراً سهلاً أو دخوله في شيء آخر) والغلغلة (دخول الشيء في الشيء ومخالطته) والكفكفة (ردّ الشيء) والنمنمة (الوَشْي والزخرفة)؛ وهي حركة لو أنعمنا النظر في صورتها لوجدنا أكثرها يرجع إلى معنى التكرار. وقد ترِد لهذه الصيغة معان استثنائيّة خارج هذا السياق، ولا يقاس عليها.
فالفعفعة أو الفعفلة تكون للأصوات المتكرّرة، غالباً، وقد تكون للحركة المتكرّرة، أو ما يوحي الحركة المتكرّرة، أو للحركة مطلقاً. وليس في privatization) privatisation) ما يدلّ على تكرار الصوت أو الحركة، أو على الحركة مطلقاً، وإنّما هي معاملة تجاريّة تقضي ببيع المرفق العامّ للقطاع الخاصّ. ولذلك لا تصحّ ترجمتها بالخصخصة، بل إنّ الترجمة الأخرى القليلة الاستعمال، وهي التخصيص، أصحّ، ومنها التخصيصيّة، وهي النظريّة أو المفهوم الدالّ على تلك المعاملة. ومعنى التخصيص، على ما هو معروف، إفراد الشخص أو الحيوان أو الشيء بمال أو غيره دون سواه، أو حصر الأمر بشيء معيّن، وهو ضد التعميم؛ وتوسّعاً، يمكن جعل هذه الحصريّة نقلاً من المِلك العام إلى المِلك الخاصّ.
أمّا التَّشْرِكة فبدعة غريبة لا وجه لها، وتدلّ على العُجمة. فالتَفْعِلة من أوزان المصادر في الفعل الثلاثي المضعّف العين، وتطّرد في ما كانت لامه معتلّة، مثل: وَصَّى تَوْصِيةً، وسمّى تسميةً، وزَكّى تزكيةً، وذلك لأنّ المصدر القياسيّ للمضعّف العين هو على وزن تفعيل، نحو: عَلّمَ تعليماً، وسدَّدَ تسديداً، لكنّ اجتماع حرف العلّة مع الياء الممدودة يجعل اللفظ ثقيلاً، ولذلك لا يقال، مثلاً، وَصَّى تَوْصِيياً، بل تحذف ياء المدّ الزائدة ويعوّض منها بتاء في آخر الكلمة، فيقال: تَوْصِيَة.
ويكثر هذا الوزن في مصادر الفعل المهموز اللام لشبه الهمزة بحرف العلّة، وذلك لأنّها تُقلب حرف علّة إذا خُفِّفت؛ لكن يستوي في هذا المهموز استعمال صيغتي التفعِلة والتفعيل، غالباً، فيقال: جَزَّأَ تَجْزِئَةً وَتَجْزِيئاً، وخَطّأَ تخطئة وتخطيئاً، وقد يكتفى بصيغة التفعِلة وحدها، أحياناً قليلة، نحو: هنّأَ تهنئةً، وعَبّأَ تَعْبِئةً.
أمّا في غير المعتلّ والمهموز فلا تستعمل صيغة التفعِلة إلاّ نادراً، وبما لا يجوز القياس عليه، مع مشاركة صيغة التفعيل لها، ومن ذلك: جَرَّبَ تَجْرِبةً وتَجْريباً، وذكّر تَذْكِرَةً وتذكيراً. ووردت كلمة «تَكْرِِمَة» مصدراً لكرّم، لكنّها جاءت في الحديث الشريف بمعنى الموضع من الفراش أو السرير الذي يخصّ به صاحب المنزل من يريد إكرامه. وسبب ندرة التفعِلة وشذوذها في غير المعتلّ اللام ومهموزِها أنّها وزن مستعمل للضرورة، تعويضاً من التفعيل، لصعوبة أن تجتمع الياء مع حرف علّة أو ما يحتمل أن يُقلب حرفَ علّة، فهي ليست وزناً أصيلاً، بل ضرب من الإعلال بالحذف.
وفعل شَرَّكَ غير معتلّ اللام ولا مهموزها، ولذلك لا يجوز جعل مصدره على وزن تفعِلة (أي تَشْرِكَة)، وهذا المصدر لم يرد في أي مرجع موثوق. وقد استُعمل فعل شَرَّكَ في العربيّة بمعنى أشركه في التركة، من الشِرْك وهو الحصة أو النصيب، وبمعنى: جعَل للنعل شِراكاً، أي رباطاً؛ واستُعمل للمعنى الأخير مصدر التشريك، ولا مانع من استعمال المصدر نفسه للمعنى الأول. فلو أردنا قياس الإشراك في المال العامّ على الإشراك في التركة، على بعد ما بينهما، لجاز أن نجعل التشريك اسماً لذلك العمل، مقابلاً للتخصيص الذي هو ضرب آخر من بيع المال العامّ. فيكون التخصيص بيعاً كاملاً للمرفق العامّ، والتشريك بيعاً جزئيّاً له مع شراكة في إدارته والمنفعة منه.
د.مصطفى الجوزو - مجلة العربي أبريل 2010
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
التخصيص والتَّشريك لا الخَصْخصة والتَشرِكة
يعتدي بعض الموظّفين على اللغة العربيّة، فيبتكرون مصطلحات جديدة، ويحاولون فرضها على الناس، مستغلّين في ذلك سلطتهم الإداريّة، وكأنّ تلك السلطة تمنحهم حقوقاً لغويّة ليست لهم. ولجهل كثير منهم بدقائق اللغة وخصائصها، تأتي مصطلحاتهم مجافية للقواعد والأصول، كفعلهم حين حاول بعضهم فرض صيغة «الخِلْيَويّ» المغلوطة، بدل صيغة الخَلَوِيّ الصحيحة، نسبة إلى الخَليّة، وذلك في تسمية الهاتف الجوّال وفق المصطلح السعوديّ.
ونعرض في هذه المقالة لمصطلحين آخرين، هما: الخَصْخَصة والتَّشرِكة، اللذان شاعا هذه الأيام؛ والأوّل ترجمة لكلمة (privatization (privatisation ومعناها، كما هو معروف، جعل مرفق عامّ مِلكاً للقطاع الخاصّ؛ والثاني، على ما يلوح لنا، ترجمة للكلمة الفرنسيّة désétatisation ومعناها تقليص حصّة الدولة من بعض مرافقها إدارةً وتمويلاً، ويُفهم أنّه يقوم، في لبنان، على جعل جزء من المرفق العامّ مِلكاً للقطاع الخاصّ، وإبقاء الجزء الآخر مِلكاً للدولة، أي اقتسام مرفق عامّ بين الدولة والقطاع الخاصّ.
ولا يهمّنا دقّة فهمنا لذينك المصطلحين، ولا معرفة أصلهما الأجنبيّ - ولاسيّما أنّ اشتقاقهما غير صحيح ويفضي إلى اللبس حتماً - ولا مقدار الضرر أو النفع المتأتّي عن تطبيق المفهوم الأوّل أو المفهوم الثاني؛ بل جلّ همّنا أن نناقش الصيغة اللغويّة للمصطلحين ومقدار صحتها.
الواقع أنّ الخَصْخَصة على وزن أدخله اللغويّون العرب في وزن الفَعْلَلَة، وهو في الواقع على زنة فَعْفَعَة، أحياناً، مثل: التَّأْتَأَة؛ وفيه ذكر لصوت بعينه مرّتين؛ وعلى زنة فَعْفَلَة، أحياناً أخرى، مثل: الصلصلة، المأخوذ فعلها صلصل من الثلاثيّ صَلّ، وهي الصوت إذا تضاعف وتردّد. وقد جعل ابن دُرَيْد ذلك تحت عنوان «الثنائيّ الملحق ببناء الرباعيّ المكرّر» يعني الثنائيّ المكرّر الملحق ببناء الرباعيّ. وهو، في الأغلب الأعمّ، حكاية لحرف أو صوت مكرّر لعِلّةٍ في النطق أو للتنبيه أو الأمر أو الزجر أو الشكوى، أو لغير ذلك، مثل: الفَأْفَأة والتَّمتمة والجَعْجَعة (صوت الرحى ونحوها) واللجلجة (التردّد في الكلام) والجهجهة (الزجر) والحمحمة (حكاية صوت البعير أو الفرس إذا طلب العلف أو رأى صاحبه) والنحنحة والخرخرة والزقزقة والخشخشة والزمزمة (تتابع صوت الرعد وغيره) والقهقهة.. الخ. أو لِعَيْبٍ في اللهجة يجعل حرفاً بعينه مخالفاً في النطق لفصيح ما عليه العرب؛ وبسبب تلك المخالفة يبرز ذلك الحرف للسامع أكثر من سواه وكأنّه مكرر باستمرار، ومن ذلك: الكَشْكَشة، وهي وصل كاف الخطاب بشين ساكنة، كقولهم: عَلَيْكَشْ، أي عَلَيْكَ؛ أو إبدال الكاف شيناً، كقولهم: عَيْناشِ، أي عَيْناكِ؛ وقد يسمّون إبدال كاف الخطاب شيناً شنشنةً، وينسبونها إلى اليمن، حيث يقولون، مثلاً: لَبَّيشَ، أي لَبَّيْكَ؛ ومنه العَجْعَجة التي تُجعل الياء المشدّدة فيها جيماً، فيقولون: تَمِيمِج، أي تميميّ.. إلخ. وقد يأتي هذا الوزن للدلالة على الحركة المكرّرة أو المتتابعة، مثل البَصْبصة (تحريك الكلب ذيله يمنة ويسرة) والحفحفة (صوت جناحي الطير) والرفرفة والزعزعة (تحريك الشيء بصورة متكرّرة لقلعه) والزلزلة والسَّلسَلة (تتابع الأشياء واتصال بعضها ببعض) والمطمطة والقلقلة.. إلخ. وربما دلّ على الحركة مطلقاً كالرَّقْرَقة (سير السائل سيراً سهلاً أو دخوله في شيء آخر) والغلغلة (دخول الشيء في الشيء ومخالطته) والكفكفة (ردّ الشيء) والنمنمة (الوَشْي والزخرفة)؛ وهي حركة لو أنعمنا النظر في صورتها لوجدنا أكثرها يرجع إلى معنى التكرار. وقد ترِد لهذه الصيغة معان استثنائيّة خارج هذا السياق، ولا يقاس عليها.
فالفعفعة أو الفعفلة تكون للأصوات المتكرّرة، غالباً، وقد تكون للحركة المتكرّرة، أو ما يوحي الحركة المتكرّرة، أو للحركة مطلقاً. وليس في privatization) privatisation) ما يدلّ على تكرار الصوت أو الحركة، أو على الحركة مطلقاً، وإنّما هي معاملة تجاريّة تقضي ببيع المرفق العامّ للقطاع الخاصّ. ولذلك لا تصحّ ترجمتها بالخصخصة، بل إنّ الترجمة الأخرى القليلة الاستعمال، وهي التخصيص، أصحّ، ومنها التخصيصيّة، وهي النظريّة أو المفهوم الدالّ على تلك المعاملة. ومعنى التخصيص، على ما هو معروف، إفراد الشخص أو الحيوان أو الشيء بمال أو غيره دون سواه، أو حصر الأمر بشيء معيّن، وهو ضد التعميم؛ وتوسّعاً، يمكن جعل هذه الحصريّة نقلاً من المِلك العام إلى المِلك الخاصّ.
أمّا التَّشْرِكة فبدعة غريبة لا وجه لها، وتدلّ على العُجمة. فالتَفْعِلة من أوزان المصادر في الفعل الثلاثي المضعّف العين، وتطّرد في ما كانت لامه معتلّة، مثل: وَصَّى تَوْصِيةً، وسمّى تسميةً، وزَكّى تزكيةً، وذلك لأنّ المصدر القياسيّ للمضعّف العين هو على وزن تفعيل، نحو: عَلّمَ تعليماً، وسدَّدَ تسديداً، لكنّ اجتماع حرف العلّة مع الياء الممدودة يجعل اللفظ ثقيلاً، ولذلك لا يقال، مثلاً، وَصَّى تَوْصِيياً، بل تحذف ياء المدّ الزائدة ويعوّض منها بتاء في آخر الكلمة، فيقال: تَوْصِيَة.
ويكثر هذا الوزن في مصادر الفعل المهموز اللام لشبه الهمزة بحرف العلّة، وذلك لأنّها تُقلب حرف علّة إذا خُفِّفت؛ لكن يستوي في هذا المهموز استعمال صيغتي التفعِلة والتفعيل، غالباً، فيقال: جَزَّأَ تَجْزِئَةً وَتَجْزِيئاً، وخَطّأَ تخطئة وتخطيئاً، وقد يكتفى بصيغة التفعِلة وحدها، أحياناً قليلة، نحو: هنّأَ تهنئةً، وعَبّأَ تَعْبِئةً.
أمّا في غير المعتلّ والمهموز فلا تستعمل صيغة التفعِلة إلاّ نادراً، وبما لا يجوز القياس عليه، مع مشاركة صيغة التفعيل لها، ومن ذلك: جَرَّبَ تَجْرِبةً وتَجْريباً، وذكّر تَذْكِرَةً وتذكيراً. ووردت كلمة «تَكْرِِمَة» مصدراً لكرّم، لكنّها جاءت في الحديث الشريف بمعنى الموضع من الفراش أو السرير الذي يخصّ به صاحب المنزل من يريد إكرامه. وسبب ندرة التفعِلة وشذوذها في غير المعتلّ اللام ومهموزِها أنّها وزن مستعمل للضرورة، تعويضاً من التفعيل، لصعوبة أن تجتمع الياء مع حرف علّة أو ما يحتمل أن يُقلب حرفَ علّة، فهي ليست وزناً أصيلاً، بل ضرب من الإعلال بالحذف.
وفعل شَرَّكَ غير معتلّ اللام ولا مهموزها، ولذلك لا يجوز جعل مصدره على وزن تفعِلة (أي تَشْرِكَة)، وهذا المصدر لم يرد في أي مرجع موثوق. وقد استُعمل فعل شَرَّكَ في العربيّة بمعنى أشركه في التركة، من الشِرْك وهو الحصة أو النصيب، وبمعنى: جعَل للنعل شِراكاً، أي رباطاً؛ واستُعمل للمعنى الأخير مصدر التشريك، ولا مانع من استعمال المصدر نفسه للمعنى الأول. فلو أردنا قياس الإشراك في المال العامّ على الإشراك في التركة، على بعد ما بينهما، لجاز أن نجعل التشريك اسماً لذلك العمل، مقابلاً للتخصيص الذي هو ضرب آخر من بيع المال العامّ. فيكون التخصيص بيعاً كاملاً للمرفق العامّ، والتشريك بيعاً جزئيّاً له مع شراكة في إدارته والمنفعة منه.
د.مصطفى الجوزو - مجلة العربي أبريل 2010