المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : آداب الطعام والشراب


سفيرة الاسلام
19-05-2008, 02:26 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين .........أما بعد

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

آداب الطعام والشراب..

قال تعالى: {ياأيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم} –المؤمنون 51-
وقال صلى الله عليه وسلم"يا غلام سمّ الله وكل بيمينك وكل مما يليك" رواه البخاري ومسلم وأحمد وأبو داوود وابن ماجه ومالك و الدارمي.

"الآداب"

1-النهي عن الأكل والشرب في آنية الذهب والفضة:

وقد جاءت الأحاديث بالوعيد الشديد لمن أكل فيهما أو شرب فيهما. فعن حذيفة رضي الله عنه قال(سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لاتلبسوا الحرير ولا الديباج ولا تشربوا في آنية الذهب والفضة، ولا تأكلوا في صحافهما، فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة) رواه البخاري ومسلم وأحمد والترمذي والنسائي وابو داوود وابن ماجه.


فائدة: قال الإسماعيلي : قوله " ولكم في الآخرة" أي تستعملونه مكافأة لكم على تركه في الدنيا، ويمنعه أولئك جزاء لهم على معصيتهم باستعماله. وقال ابن حجر: ويحتمل أن يكون فيه اشارة الى أن الذي يتعاطى ذلك في الدنيا لايتعاطاه في الآخرة كما في شرب الخمر.

2-النهي عن الأكل متكئا أو منبطحا على وجهه:

روي عن أبي جحيفة رضي الله عنه أنه قال(كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لرجل عنده لا آكُل وأنا متكئ.رواه البخاري وأحمد والترمذي وأبو داوود وابن ماجه
قال ابن حجر: ا ختلف في صفة الاتكاء فقيل: أن يتمكن من الجلوس للأكل على أي صفة كان، وقيل أن يميل على أحد شقيه، وقيل أن يعتمد على يده اليسرى من الأرض،... قال: وأخرج ابن عدي بسند ضعيف: زجر النبي صلى الله عليه وسلم أن يعتمد الرجل على يده اليسرى عند الأكل. وقال ابن حجر: وإذا ثبت كونه مكروها أو خلاف الأولى فالمستحب في صفة الجلوس للآكل أن يكون جاثيا على ركبتيه وظهور قدميه، أو ينصب الرجل اليمنى ويجلس على اليسرى. ووجه الكراهة أن هذه الهيئة من فعل الجبابرة وملوك العجم، وهي جلسة من يريد الإكثار من الطعام.

انظر زاد المعاد وفتح الباري


والهيئة الثانية هي أكل الرجل وهو منبطح على بطنه: ففي حديث ابن عمر رضي الله عنهما(نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مطعمين، عن الجلوس علىمائدة يشرب عليها الخمر، وأن يأكل وهو منبطح على بطنه)رواه أبو داوود وصححه الألباني ورواه ابن ماجه.
فائدة: هديه صلى الله عليه وسلم في هيئة الجلوس للأكل: أنه صلى الله عليه وسلم كان يأكل وهو مقعٍ، ويذكر عنه أنه كان يجلس للأكل متوركاً على ركبتيه، ويضع بطن قدمه اليسرى على ظهر قدمه اليمنى تواضعا لربه عز وجل. قاله ابن القيم.
فأما الأولى فقد قال أنس ابن مالك رضي الله عنه(رأيت النبي صلى الله عليه وسلم مقعيا* يأكل تمرا) رواه مسلم وأحمد وأبو داوود والنسائي
*مقعيا: أي جالسا على إليتيه ناصبا ساقيه.
وأما الثانية فعن عبدالله بن بسر رضي الله عنه قال(أهديت للنبي صلى الله عليه وسلم شاة فجثا رسول الله صلى الله عليه وسلم على ركبتيه يأكل فقال أعرابي: ماهذه الجلسة؟ قال: إن الله جعلني عبدا كريما ولم يجعلني جبارا عنيدا)رواه ابن ماجه وحسّن اسناده ابن حجر في الفتح. وقال الألباني "صحيح"

3- تقديم الأكل على الصلاة عند حضور الطعام:

عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال"إذا وضع العشاء وأقيمت الصلاة فابدؤوا بالعشاء" رواه البخاري ومسلم وأحمد والترمذي والنسائي والدارمي.
وقال صلى الله عليه وسلم"إذا وضع عشاء أحدكم وأقيمت الصلاة فابدؤوا بالعشاء ولا يعجل حتى يفرغ منه" رواه البخاري ومسلم وأحمد والترمذي وأبو داوود والدارمي وابن ماجه
والعلة في ذلك لئلا يقوم المرء ونفسه تتوق إلى الطعام فيحصل له من التشويش الذي يذهب معه خشوعه، وليس هذا الأمر خاصا بالعشاء وحده إنما هو في كل طعام تتشوف النفس إليه ويؤيد ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "لاصلاة بحضرة طعام، ولا هو يدافعه الأخبثان" رواه مسلم وأحمد وأبو داوود.
مسألة : إذا حضر الطعام وأقيمت الصلاة فهل يجب الأكل منه لظاهر الحديث أم أن ذلك على الاستحباب؟


من أهل العلم من قيد تقديم الأكل بتعلق النفس وتشوفها إلى الطعام، فإن كانت نفسه تتوق إلى الطعام فإن الأولى في حقه أن يصيب منه حتى يقبل على صلاته وهو خاشع، ومن ذلك قول أبو الدرداء رضي الله عنه (من فقه المرء إقباله على حاجته حتى يقبل على صلاته وقلبه فارغ)
والمختار من ذلك ما ذكره الحافظ ابن حجر فإنه بعد أن ساق ما ساقه من الآثار قال: وفي هذا كله إشارة الى أن العلة تشوف النفس إلى الطعام، فينبغي أن يدار الحكم مع علته وجودا وعدما ولا يتقيد بكل أو بعض. فتح الباري

4-غسل اليدين قبل الطعام وبعده:

لم أقف على سنة صحيحية مرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم يعول عليها في غسل اليدين قبل الطعام. قال البيهقي: الحديث في غسل اليدين بعد الطعام حسن، ولم يثبت في غسل اليدين قبل الطعام حديث. الآداب الشرعية.
ولكن يستحب ذلك لإزالة ماقد يعلق بها من الأوساخ ونحوه التي تضر باليدين، وللإمام أحمد في ذلك روايتان، كراهة واستحباب. وفصّل الامام مالك وقيّد الغسل قبل الطعام بوجود القذر، وصنيع ابن مفلح في آدابه يدل على أنه يذهب إلى استحباب غسلهما قبل الطعام، وعليه جماعة من أهل العلم. وفي الأمر سعة والحمد لله.
وأما غسل اليدين بعد الطعام فقدر رويت فيه آثار صحيحة، منها ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم"من نام وفي يديه غَمَرٌ* ولم يغسله فأصابه شيء فلا يلومن إلا نفسه" رواه أحمد وأبو داوود وصححه الألباني ورواه الترمذي وابن ماجه والدارمي.
*غَمَر: ريح اللحم وما يعلق فيه من دسمه.

وعن ابان ابن عثمان أن عثمان ابن عفان رضي الله عنه أكل خبزا ولحما ثم مضمض وغسل يديه ومسح بهما وجهه ثم صلى ولم يتوضأ. رواه مالك.
فائدة: استحب بعض أهل العلم الوضوء الشرعي قبل الطعام لمن كان جُنُباً. وفي ذلك حديث وأثر، أما الحديث ، فعن عائشة رضي الله عنها قالت (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان جُنُبا فأراد أن يأكل أو ينام توضأ وضوءه للصلاة) رواه البخاري ومسلم وأحمد والنسائي وأبو داوود وابن ماجه والدارمي.


وأما الأثر: فعن نافع: أن ابن عمر رضي الله عنهما كان إذا أراد أن ينام أو يطعم وهو جنب غسل وجهه ويديه إلى المرفقين ومسح برأسه ثم طعم أو نام. رواه مالك

قال الشيخ ابن تيمية: ولم نعلم أحد استحب الوضوء للأكل إلا إذا كان الرجل جنبا. الآداب الشرعية.
تنبيه استدل المحدث الألباني بحديث عائشة ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن ينام وهو جنب توضأ، وإذا أراد أن يأكل غسل يديه) رواه النسائي وأحمد وغيرهما. استدل به على مشروعية غسل اليدين قبل الطعام على الإطلاق لهذا الحديث ولكن في إطلاقه نظر لأمور:

أولها: أن الحديث كان لبيان فعل النبي صلى الله عليه وسلم حال الجنابة من أكل وشرب.
وثانيها: أن بعض الروايات جاءت بلفظ الوضوء وبعضها جاءت بلفظ غسل اليدين لبيان جواز الفعلين.قال السندي في حاشيته: قوله "غسل اليدين" أي أحيانا يقتصر على ذلك لبيان الجواز، وأحيانا يتوضأ لتكميل الحال.
وثالثها: أن الأئمة والمحدثين كمالك وأحمد والنسائي وابن تيمية رحمهم الله وغيرهم –وقد نقلنا كلامهم- لم يذهبوا إلى اطلاق الحديث كما أطلقه العلامة الألباني رحمه الله مع روايتهم لهذا الحديث. مما يدل على أن هذا الأمر عندهم يحمل حال الجنابة، فيبقى الوضوء وغسل اليدين قبل الأكل في هذا الحديث مقيدا بحال الجنابة. والله أعلم.

5-التسمية في ابتداء الأكل والشرب وحمد الله تعالى بعدهما:

من السنة أن يسم الآكل والشارب قبل طعامه وشرابه، ويحمد الله تعالى بعد الفراغ منهما. قال ابن القيم: زللتسمية في أول الطعام والشراب وحمد الله في آخره تأثير عجيب في نفعه واستمرائه ودفع مضرته.
وفائدة التسمية قبل الطعام أنه يحرم الشيطان من المشاركة في الأكل والإصابة منه

عن حذيفة قال:
كنا إذا حضرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم طعاما لم نضع أيدينا، حتى يبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيضع يده. وإنا حضرنا معه، مرة، طعاما. فجاءت جارية كأنها تدفع. فذهبت لتضع يدها في الطعام، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدها. ثم جاء أعرابي كأنما يدفع. فأخذ بيده. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الشيطان يستحل الطعام أن لا يذكر اسم الله عليه. وإنه جاء بهذه الجارية ليستحل بها. فأخذت بيدها. فجاء بهذا الأعرابي ليستحل به. فأخذت بيده. والذي نفسي بيده! إن يده في يدي مع يدها". رواه مسلم وأحمد وأبوداوود
ولفظ التسمية أن يقول الآكل "بسم الله".عن عمر بن أبي سلمة رضي الله عنهما قال( كنت غلاما في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت يدي تطيش في الصحفة فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم "ياغلام سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك" فمازالت تلك طعمتي بعد). رواه البخاري ومسلم وأحمد وأبو داوود وابن ماجه ومالك والدارمي


واذا نسي الآكل أن يسم الله قبل الطعام ثم ذكر في أثنائه فإنه يقول: (بسم الله أوله وآخره) أو (بسم الله في أوله وآخره) عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال"إذا أكل أحدكم فليذكر اسم الله تعالى، فإن نسي أن يذكر اسم الله تعالى في أوله فليقل: بسم الله أوله وآخره " رواه أبو داوود وصححه الألباني ورواه أحمد وابن ماجه

وأما حمد الله بعد الفراغ من الطعام والشارب فقد تعددت ألفاظه عن النبي صلى الله عليه وسلم ومنها:

-الحمد لله كثيرا طيبا مباركا فيه غير مكفّي ولا مودع ولا مستغنى عنه ربنا
-الحمدلله الذي كفانا واروانا غير مكفي ولا مكفور
-الحمد لله الذي أطعمني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة
-الحمد لله الذي أطعم وسقى وسوغه وجعل له مخرجا
-اللهم أطعمت وأسقيت وأقنيت وهديت وأحييت، فلله الحمد على ما أعطيت
فائدة: يستحب الاتيان بألفاظ الحمد الواردة بعد الفراغ من الطعام جميعها فيقول هذا مرة وهذا مرة، حتى يحصل له حفظ السنة من جميع وجوهها، وتناله بركة هذه الأدعية، مع ما يشعر به المرء في قرارة نفسه من استحضار هذه المعاني هذا تارة والأخر تارة.. لأن النفس اذا اعتادت على أمر معين فإنه مع كثرة التكرار يقل معها استحضار المعاني لكثرة الترداد
فائدة أخرى: روى ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال"من أطعمه الله طعاما فليقل: اللهم بارك لنا فيه وارزقنا خيرا منه، ومن سقاه الله لبنا فليقل: اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه، فإني لا أعلم ما يجزئ من الطعام والشراب إلا اللبن" رواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن، ورواه ابن ماجه وحسنه الألباني

6- الأكل والشرب باليد اليمنى والنهي عن الشمال:

مر علينا قوله صلى الله عليه وسلم"ياغلام سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك" وقال صلى الله عليه وسلم "لاتأكلوا بالشمال فإن الشيطان يأكل بالشمال" رواه مسلم واللفظ له وأحمد وابن ماجه ومالك.
قال ابن الجوزي: لما جعلت الشمال للاستنجاء ومباشرة الأنجاس، واليمنى لتناول الغذاء، لم يصلح استعمال أحدهما في شعل الأخرى، لأنه حط لرتبة ذي الرتبة، ورفع للمحطوط فمن خالف ما اقتضته الحكمة وافق الشيطان.
ومع أن الأحاديث في هذا مشهورة ولا تكاد تخفى على عامة الناس الا أن بعض المسلمين –هداهم الله- لا زال متمسكا بهذه الخصلة الذميمة. وإذا قيل لهم في ذلك قالوا: هذا أمر أصبح لنا عادة وصعب أن ننفك منه وما هذا إلا من تزيين الشيطان لهم. روى سلمة بن الأكوع رضي الله عنه أن رجلا أكل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بشماله فقال"كل بيمينك" قال: لا أستطيع. قال: "لا استطعت ما منعه إلا الكبر، فما رفعها إليه. وفي رواية أحمد (فما وصلت يمينه إلى فمه بعد) رواه مسلم وأحمد.
قال النووي: وفي هذا الحديث: جواز الدعاء على من خالف الحكم الشرعي بلا عذر، وفيه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في كل حال حتى في حال الأكل، واستحباب تعليم الآكل آداب الأكل إذا خالفه. شرح صحيح مسلم
تنبيهإذا هناك ثم عذر يمنع من الأكل باليد اليمنى كالمرض والجراحة ونحوهما، فلا حرج في الأكل بالشمال ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها.

7- الأكل مما يلي الآكل:

قال صلى الله عليه وسلم" وكل مما يليك" وعلة النهي في ذلك: أن الأكل من موضع أكل الناس فيه سوء أدب والغالب أن الآكلين يتقذرون من هذا الفعل. لكن قد يعترض معترض فيقول: ما تقولون في حديث أنس ( أن خياطا دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم لطعام صنعه فذهبت مع النبي صلى الله عليه وسلم فقرب خبز الشعير ومرقا فيه دباء وقديد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتتبع الدباء من حوالي القصعة) رواه البخاري واللفظ له ومسلم وأحمد والترمذي. -والدباء هو القرع جاء مصرحا به في رواية أحمد. قال: (قُدمت الى النبي صلى الله عليه وسلم قصعة فيها قرع، قال: وكان يعجبه القرع فجعل يلتمس القرع بأصبعه أو قال بأصابعه) والقديد هو اللحم المملح المجفف بالشمس.-
والجواب عن هذا الاعتراض أنه لاتعارض بين الحديثين ونقول ماقاله ابن عبد البر: ان المرق والادام وسائر الطعام إذا كان فيه نوعان أو أنواع فلا بأس أن تجول اليد فيه للتخير مما وضع على المائدة ، ثم قال معلقا على قوله" وكل مما يليك" : وإنما أمره أن يأكل مما يليه لأن الطعام كله كان نوعا واحدا والله أعلم. كذا فسره أهل العلم.

8- استحباب الأكل من حوالي الصحفة دون أعلاها:

عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال" إذا أكل أحدكم طعاما فلا يأكل من أعلى الصحفة،ولكن ليأكل من أسفلها، فإن البركة تنزل من أعلاها" ولفظ أحمد "كلوا في القصعة من جوانبها، ولا تأكلوا من وسطها، فإن البركة تنزل في وسطها" رواه أبو داوود، وأحمد والترمذي وقال(حديث حسن صحيح) وابن ماجه والدارمي.

وخص الوسط بنزول البركة لأنه أعدل المواضع، وعلة النهي حتى ل يحرم الآكل البركة التي تحل في وسطه، وقد يلحق به ما إذا كان الآكلون جماعة، فإن المتقدم منهم إلى وسط الطعام قبل حافته قد أساء الأدب معهم.

9- استحباب الأكل ب 3 أصابع ولعق اليد بعدها:

عن كعب بن مالك عن أبيه أنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل بثلاث أصابع ويلعق يده قبل أن يمسحها) رواه مسلم وأحمد وأبو داوود والدارمي.

قال ابن القيم: فإن الأكل باصبع أو اصبعين لا يستلذ به الآكل ولا يمريه، ولا يشبعه إلا بعد طول، ولا تفرح آلات الطعام والمعدة بما ينالها في كل أكلة، والأكل بالخمسة والراحة يوجب ازدحام الطعام على آلاته وعلى المعدة، وربما انسدت الآلات فمات، وتغصب الآلات على دفعه، والمعدة على احتماله ولا يجد له لذة ولا استمراء، فأنفع الأكل أكله صلى الله عليه وسلم وأكل من اقتدى به بالأصابع الثلاث.
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما ( أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بلعق الأصابع والصحفة وقال: "إنكم لا تدرون في أيَّه البركة" رواه مسلم واللفظ له وأحمد وابن ماجه.
وفي قوله"إنكم لا تدرون في أيَّه البركة" معناه والله أعلم أن الطعام الذي يحضره الإنسان فيه بركة، ولا يدري أن تلك البركة فيما اكله، أو فيما بقي على أصابعه، أو فيما بقي في أسفل القصعة، أو في اللقمة الساقطة، فينبغي أن يحافظ على هذا كله لتحصل البركة وأصل البركة الزيادة وثبوت الخير والامتاع به. قاله النووي بتصرف.

10- استحباب رفع اللقمة عند سقوطها ومسح ما علق بها وأكلها:

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: قال صلى الله عليه وسلم" إن الشيطان يحضر أحدكم عند كل شيء من شأنه، حتى يحضره عند طعامه،فإذا سقطت من أحدكم اللقمة فليمط ما كان بها من أذى، ثم ليأكلها ولا يدعها للشيطان، فإذا فرغ فليلعق أصابعه فإنه لايدري في أي طعامه تكون البركة " رواه مسلم وأحمد.

وفي هذا الحديث فوائد منها:

أن الشيطان يتربص بالإنسان ويلازمه ويحاول النيل منه، ويرغب في مشاركته حتى في أكله وشربه.
ومنها: اماطة الأذى من تراب ونحوه عن اللقمة الساقطة ثم أكلها وحرمان الشيطان منها، لأنه عدو والعدو ينبغي حرمانه والتحرز منه. ومنها: أن بركة الطعام قد تكون في اللقمة الساقطة فلا يفرط فيها/ ومنها: أن الشيطان يحضر ويلازم الإنسان ولا مدخل للعقل في انكار حضوره كما يزعم أهل العقول المريضة

11-استحباب أكل الطعام بعد ذهاب حرارته:

عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما أنها كانت إذا ثردت (أي أعدت ثريدا) غطته شيئا حتى يذهب فوره، ثم تقول: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول"إنه أعظم للبركة" رواه الدارمي وأحمد وأدخله الألباني في سلسلته الصحيحة
وأقرب المعاني للبركة هنا هو ما يحصل به التغذية وتسلم عاقبته من أذى ويقوي على طاعة الله وغير ذلك، قاله النووي.

12-النهي عن عيب الطعام واحتقاره:

وفيه حديث أبو هريرة رضي الله عنه قال _ ماعاب رسول الله صلى الله عليه وسلم طعاما قط، كان اذا اشتهى شيئا أكله وإن كرهه تركه) رواه البخاري ومسلم وأحمد والترمذي
وعيب الطعام كقولك: مالح، قليل الملح، حامض، رقيق، غليظ، غير ناضج.. ونحو ذلك، قاله النووي. والعلة في ذلك أن الطعام خلقة الله فلا تعاب وفيه وجه آخر وهو أن عيب الطعام يدخل على قلب الصانع الحزن والألم لكونه الذي أعده وهيأه.
مسألة : هل يتعارض هذا الحديث مع امتناع النبي صلى الله عليه وسلم عن أكل الضب، وهل يعد قوله صلى الله عليه وسلم في الضب" فأجدني أعافه" وفي رواية: هذا لحم لم آكله قط" من عيب الطعام؟
لا تعارض بين الحديثين، وليس قوله صلى الله عليه وسلم في الضب من عيب الطعام، بل هو إخبار عن سبب امتناعه، وهو أنه لم يشتهي هذا النوع من الطعام ولم يعتاده. قال النووي: وأما حديث ترك أكل الضب فليس هو من عيب الطعام، إنما هو إخبار بأن هذا الطعام الخاص لا أشتهيه.

13- كراهية التنفس في الاناء والنفخ فيه:

وفي ذلك أحاديث صحيحة، منها قوله صلى الله عليه وسلم"إذا شرب أحدكم فلا يتنفس في الإناء.. الحديث" رواه البخاري ومسلم وأحمد.
ومنها (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يتنفس في الإناء أو ينفخ فيه) رواه الترمذي وقال(حديث حسن صحيح) وأبو داوود
والنهي عن التنفس في الإناء هو من طريق الأدب مخافة تقذيره ونتنه وسقوط شيئ من الفم أو الأنف فيه ونحو ذلك. قاله النووي.
وأما النفخ في الشراب فإنه يكسبه من فم الشارب رائحة كريهة يُعاف لأجلها، ولا سيما إن كان متغير الفم، وبالجملة: فأنفاس النافخ تخالطه، ولهذا جمع صلى الله عليه وسلم بين النهي عن التنفس في الإناء والنفخ فيه. قاله ابن القيم.

14-استحباب التنفس في الشرب ثلاثا وإباحة الشرب دفعة واحدة:

وفيه حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتنفس في الشراب ثلاثا ويقول" إنه أروى وأمرأ وأبرى" قال أنس: فأنا أتنفس في الشراب ثلاثا) رواه البخاري ومسلم وأحمد والترمذي
والمراد بالتنفس ثلاثا هو إبعاد الإناء عن فم الشارب ثم التنفس خارجه.
ويباح الشرب دفعة واحدة ولا كراهة فيه.

15- كراهية الشرب من فيّ السقاء:

عن ابي هريرة رضي الله عنه قال (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشرب من فم القربة أو السقاء.. الحديث)رواه البخاري وأحمد
وفيه النهي الصريح عن الشرب من فم القربة أو السقاء، والذي ينبغي هو صب الشراب في الإناء ثم الشرب منه. وهذا النهي حمله بعض أهل العم على التحريم، وحمله بعضهم على الكراهة وهو الأكثر. وذكر اهل العلم بعض الحكم التي من أجلها جاء هذا النهي. منها: أن تردد نفس الشارب فيه يكسبه رائحة كريهة يعاف لأجلها.
ومنها: أنه ربما يكون في القربة حشرات أو غيرها لايشعر بها فتدخل جوفه فيتضرر بها
ومنها: أنه ربما يخالط الماء من ريق الشارب فيتقذره غيره.
ومنها: ان ريق الشارب ونفسه قد يكون معديا فيمرض غيره.
عن كبشة الأنصارية رضي الله عنها قالت ( دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فشرب من فيّ قربة معلقة قائمافقمت إلى فيها فقطعتها. رواه الترمذي
وقال ابن حجر: ويؤيده ان أحاديث الجواز كلها فيها أن القربة كانت معلقة والشرب من القربة المعلقة أخص من الشرب من مطلق القربة. ولا دلالة في أخبار الجواز على الرخصة مطلقا، بل على تلك الصورة وحدها. وحملها على حال الضرورة أولى من حملها على النسخ.

16- استحباب كون ساقي القوم آخرهم شربا:

ودلالته ظاهرة في حديث قتادة رضي الله عنه الطويل (..... فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصب وأسقيهم حتى ما بقي غيري وغير رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم صب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال "اشرب" قلت : لا أشرب حتى تشرب يا رسول الله. قال : "ان ساقي القوم آخرهم شربا. قال: فشربت وشرب رسول الله صلى الله عليه وسلم.... الحديث) رواه مسلم وأحمد والترمذي

17- استحباب الكلام على الطعام:

مخالفة للعجم فإنهم لا يتكلمون أثناء الأكل. قال اسحاق ابن ابراهيم: تعشيت أنا وأبو عبد الله (أحمد بن حنبل) وقرابة له، فجعلنا لا نتكلم وهو يأكل ويقول: الحمد لله وبسم الله، ثم قال: أكل وحمد خير من أكل وصمت. والظاهر أن أحمد اتبع الأثر في ذلك، فإن من طريقته وعادته اتباع الآثار

18- استحباب الاجتماع على طعام:

لأن اجتماعهم سبب لحصول البركة فيه وكلما زاد عدد الآكلين زادت البركة وفيه قول النبي صلى الله عليه وسلم"طعام الواحد يكفي الاثنين، وطعام الاثنين يكفي الأربعة، وطعام الأربعة يكفي الثمانية" رواه مسلم و أحمد والترمذي.
وقال صلى الله عليه وسلم"فاجتمعوا على طعامكم واذكروا اسم الله عليه يبارك لكم فيه" رواه أبو داوود واحمد وصححه الألباني.

19-كراهية الاكثار من الطعام أو الاقلال منه بحيث يضعف الجسم:

فالاكثار من الطعام يضعف الجسم ويمرضه ويصيبه بالكسل والخمول فيثقل عن فعل الطاعات ويورث القلب القسوة. والاقلال منه يوهن البدن ويضعفه عن فعل الطاعات ونجد العلاج في قوله صلى الله عليه وسلم" ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطن، بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة، فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه" رواه الترمذي وقال (حسن صحيح) وأحمد وابن ماجه.
وقال الفضيل بن عياض: ثنتان تقسيان القلب: كثرة الكلام وكثرة الأكل.

20- تحريم الجلوس على مائدة بها خمر:

عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مطعمين، عن الجلوس على مائدة يُشرب عليها الخمر، وأن يأكل الرجل وهو منطح على بطنه) أخرجه الترمذي والدارمي
والعلة فيه أن الجلوس فيه اشعار بالرضى وإقرار المنكر.

abohmam
19-05-2008, 09:43 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

جزاك الله خيرا على هذا البحث الماتع

نسال الله أن يجعلنا من المتبعين للهدى النبوى الشريف

الدمشقي
20-05-2008, 12:38 AM
جزاكِ الله خيراً
على هذا المجهود الرائع في إعداد الموضوع
في ميزان حسناتكِ بإذن الله

سفيرة الاسلام
30-05-2008, 12:02 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاكم الله خيرا على المرور الطيب

وبارك الله فيكم ا