المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ¯°·.¸¸.·° تــــــذكرة نحـــو الغـــــد ¯°·.¸¸.·°


جروح بارده
28-05-2010, 09:20 PM
http://www.a7lashare.net//uploads/images/A7lashare-d22f92e4dc.png

أتذكره ..تقاسيم وجهه العابس الحزين تلفح مخيلتي فتطلب أحاسيسي نور فهم منعش ..
كان وحيدا..مشيته المترنحة في باحة تلك المدرسة القديمة كانت مضحكة ..حتى سحنته كانت كذلك..كانو يدعونه البطريق
في آخر مقعد كان يجلس ..نظره نحو النافذة دوما متجه..حتى صرخات المعلمة لم تجدي نفعا لفك طلاسم حبه استراق النظر للشارع
أسأل نفسي..هل كان فعلا غبي ؟
مع تأكييد كل التلاميذ ذلك..معلمتي كانت تمدحه حين ياتي بحل من العدم لأسئلتها الصعبة..
ينطق ليبدد صراخنا الفارغ بحكمة..ثم يغط في نومه العميق ونظره ناحية النافذة آلي..
أحار في سكونه الصامت..حبي لكسر برودة قلبه وسط تهكم الكل ..بات هاجسي..
أصرخ..هل فعلا كان لا يهتم ؟؟؟؟
وحيدا في مقعد خلف حجرات الدرس كان يجلس..وتجلس امامه دوما هي ..
ورقة وقلم ..
أراه يخط بقلمه الصغير الراثي على صفحات بيض ..ينظر هنيهية لأوراق الشجر وهي تتساقط ناحبة..فيكتب
يقف حين تهب نسمة ريح عاتية... فيتنهد وكأنه يحاول دعم سرعة الرياح بزفيره...
ترى ما كان يكتب ذلك الطفل البدين ؟
يقوم على عجل إن حان وقت الغداء..وكعادته يأكل بنهم دون أن يتنفس فيتطاير الطعام..وتضحك الأفواه ..ولكن يستمر
كان مهرّج الفصل من دون أن ينطق..والصحب غادروه لهجرة دائمة..وجناحه طار على وتر تيار مختلف..
أنا وهو..خطان متوازيان كنا..لاشبه ولا تشابه..ولكن تقاطع التوزاي لقدر.. في طريق يجمعنا نحو البيت ..فكان يسير أمامي يوما..
فسألته : لماذا لبسك الحزن والألم ؟...لم ينطق
مالذي يشغلك افق..وما نطق
وقفت أمامه لأسد المنفد فكدت أطير حين وكزني ..تألمت ولكن تناسيت ما جرى لأنه نطق وقال ما لم يخطر على البال ..قط
قال : *انظر إلى الشمس هناك وهي تغرب..هل تستطيع منعها ان تقع ؟هل ستنتظرها حين تستعيد كرامتها غدا وتشرق ؟
بين وقوعي وكبريائي نور لن تدركه ..فابتعد *
ألجمني..أبكمني..هل يصدر من أمثاله ما سمعت آذاني..هل فعلا نطق فأبهر..هل البطريق يفصح ويبن؟
مر وسار..وتبعته خطواتي إلى مبيته وكان الوقع جلل..السمنة تعني في دساتير الآدميين رفاهية..وما كان طفلا ثريا ولكن مُعدم
ولج بيتا صغيرا يكسوه نبات السدر ويكاد يجعله شجرة مستطيلة الشكل ...
داهم دخوله رجل بطول العمود..وجرّب تأثير صفعة قوية على وجه الطفل مدويا : لما تأخرت أيتها البطة؟ ..وغادر
ربما كان ضربه الولد في طريقة مشابها عنده لإحكام أربطة حذائه...
سقط على الأرض ثم قام ابن العاشرة ..نفظ غبار العتبة ودخل ..فقط دخل..وسمعة صوتا حاني يواسيه ..فانصرفت..
كان مشهدا مخيفا ما رأته عيناي..زاد همي وحارت أسارير وجهي ..وسألتني امي ..وأجبتها
فحكت وكان رجائي لو علمت قبلا ..أن منعتها ..
قصّت علي حكاية أرملة خدعها الزمان فوقفت على عتبات رجل بلا قلب..ومعها صبي ما أكمل شهره الثامن..
فكان لها ذلك الضخم سوطا العذاب..وله الأب ...ولكن بشقه الظلامي الجاني..
مرضت هي.. ومرض صغيرها..وظن البشر أن الطفل صحيح لفرط حجمه ولكن كانت العلة سبب التورم..
حياة بؤس وشقاء..وصمته كان شجاعة دوت بدواخلي احتراما..وبكيت
سالت دموعي حين فهمت قصده والشمس تتسلل لتنام..
بين وقوعه وبين كبريائه...نور لم أدركه..
بين تلطخ ثيابه بالتراب..وبين صبره ...كانت الشجاعة ..
بين تهكم الأقران بشكله..كان يقبع الحزن هناك بين جدران بيته..فهل سيهتم فعلا لضحاتهم...
غاب عن مقعده الخلفي لأيام..واشتاق قلمه وصفحته حبره..حتى الأوراق وقتها غادرت الغضن كلها..وماعادت الريح تصدر صوت الحثيث
وجاء الخبر بعد توالي السويعات والثوان..
وقيل لنا أنه فارق الحياة بعد آلام مريرة ..ومرض انستر داخل جسده كسم زعاف..اكل من طفولته ما أكل..وحين شبع نكث..وقتله
شعور ما انتابني وقتها..أحساسيس تضاربت..بين الحسرة والندم..وبين رغبة إرجاع الزمن للوراء..كنت انا..
تألمت وكل صحبي ..وبكت معلمتي..وخيل إلي أنني أسمع نعي شجرته رحيله وأرواقها..وهمس حروفه يجف ليلحقه..
فتحت دُرجه لأحتفظ بتذكار ما..تسابقت نحو أشيائه المحفوظة كي أسرق خط رجعة..ووجدتها
كراسة صغيرة ..كلماته وهو يخط بالقلم وعيونه نحو الرحيل تتأمل..نحو الشارع وطريقها المتعرج..نحو وجهة ما ..
وفهمت من إبداعه هناك..على أوراقه عظمته..كتب آماله بغد مشرق..بربيع أيام المستقبل ..ليشق من حاضره المظلم قبس القادم
كان يملك حسا اعمق من الحزن ..قلما جبارا حين يدب ..صمت ولكن حبره صرخ..ومشى بترنح ولكن استقام فكره ..فأبدع
قلبت الصفحات وأنا على سريري أنظر ناحية الشارع علي أفهم كلامه وحسبي فعله وهو يرمق الدرب متأملا..
وأنهيت الصفحات العشر ..لأقرأ العنوان الخالد...رأس كبرئائه وهو يقع..وشمسه حين تشرق على الدوام
كُتب على الغلاف /
تذكــــرة نحــــو الغــــــد

م/ن

أبو يوسف
28-05-2010, 09:33 PM
انظر إلى الشمس هناك وهي تغرب..هل تستطيع منعها ان تقع ؟هل ستنتظرها حين تستعيد كرامتها غدا وتشرق ؟

بين وقوعي وكبريائي نور لن تدركه ..فابتعد




ان كنت كالزجاج فالصدمات تهشمك..وان كنت كالحديد فالصدمات تصقلك.

الدمشقي
29-05-2010, 12:12 AM
شــــ لك ــــكراً أخت دلع على الطرح الجميل

تحيتي لكِ

أبو فارس
02-06-2010, 10:09 AM
موفقه بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

مرام الاميرة
03-06-2010, 07:17 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .


موفقة بإذن الله ... لك مني أجمل تحية . :abc_152::abc_152:

abohmam
08-06-2010, 03:45 AM
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك

لك مني أجمل تحية .

جروح بارده
21-07-2010, 03:34 PM
شكرا لكم على هذا الحضور الرااقي

والرد الصاافي

بالتعبير المجازي

لأرواحكم حدائق الزيزفون

:




:abc_152: